استقبل عبد الفتاح السيسي، المرشح لرئاسة الجمهورية، وفدًا من الفنانين مساء أمس الأحد للتواصل معهم، والاستماع لرؤيتهم حول مستقبل الفن والإبداع خلال المرحلة القادمة، ودور الفنون المختلفة فى النهوض بمستوى ثقافة المواطنين، وتشكيل جزء كبير من الوعى لديهم. وتقدم السيسي فى بداية اللقاء بخالص العزاء لأسرة الفنان حسين الإمام، ولكل فنانى مصر، داعيًا الله أن يسكن الفقيد فسيح جناته. وأكد السيسي أن الفن له دور كبير جدًا فى تحسين الحالة التى نعيشها الآن، لافتًا إلى أن الفن والثقافة والوعى هم حائط الصد أمام التطرف والتشدد، وعندما يتراجع دورالفن تظهر دائمًا مشكلات عديدة، موضحًا أن السينما المصرية فى القرن الماضى كانت تعد ثانى مصادر الدخل القومى المصرى بعد محصول القطن. ووجه السيسي شكرًا خاصَّا للفنانة فاتن حمامة لحرصها على المشاركة فى اللقاء، قائلاً: "لا يمكن أن يفوتنى أبدًا أن أوجه كلمة شكر خاصة لكِ". ولفت السيسي إلى أن دور الفن تراجع كثيرًا خلال الفترة الماضية، بالمقارنة بما كان عليه فى الفترات السابقة، مؤكدًا أن الأمم المتقدمة تحاول التسويق لصورتها الخارجية، وتحاول دائمًا من خلال الفن والرسالة الإعلامية الهادفة تصدير صورتها إلى مختلف دول العالم، حيث تتم صياغة تلك الرسائل بعناية كبيرة، لتعلى من دور القيم فى المجتمع وتغرس معانى طيبة داخل نفوس الشباب والأطفال بشكل غير مباشر، موضحًا أن المجتمعات الغربية تقدم أفضل صورة لها من خلال أفلامها وموادها الدرامية التى تعرضها فى مختلف دول العالم، انطلاقًا من وعيها بخطورة الدور الذى تقدمه للمواطن. وأوضح السيسي أن مصر تحتاج إلى رفع مستويات الوعى الفكرى والثقافى، إلى جانب دعم البناء الاقتصادى والسياسى، كما حدث مع الأمة الألمانية التى عرف عنها الجودة والإتقان فى مختلف دول، وكذلك الأمة اليابانية التى عرف الجميع عنها الانضباط والالتزام. وقال السيسي إن الأمم تقدم حاضرها ومستقبلها من خلال الفن، والأفلام التى تم إنتاجها حول الحرب العالمية الأولى والثانية، ساهمت بشكل كبير جدًا فى تقديم تلك البلاد بصورة معينة ساعدت على نموها وتطورها خلال مراحل التطور والتقدم الإنسانى الذى تحقق عبر تاريخها، داعيًا إلى ضرورة أن تكون هناك أفلام ومواد درامية عن حرب أكتوبر والتحديات التى واجهتها مصر، ولابد أن تتم كتابة التاريخ والواقع الذى نعيشه بكل دقة وعناية، حتى لا يأتى أحد ليزيف هذا التاريخ أو يُنقصه حقه. وأكد السيسي أن هناك محاولات من جانب البعض لتشكيل حالة من عدم الاستقرار داخل الدولة المصرية، موضحًا أن ما دفعه للترشح لرئاسة الجمهورية هو إدراك حجم التحدى الحقيقى الذى تعيشه مصر فى الوقت الراهن، لافتًا إلى أن الفترة الماضية تفجرت فيها مشكلات ضخمة جدًا، بحيث أصبح الأمر لا يقبل التجربة مرة أخرى أو المغامرة بمستقبل هذالوطن، قائلاً: "التجربة للمرة الثالثة ستكون صعبة جدًا". وأوضح السيسي أن إدارة الدولة ليست أمرًا يسيرًا، وكل كلمة من أى مسئول يجب أن يكون لها حساب، والأمر عندما يتعلق بمصلحة الوطن يجب أن تكون كل كلمة صادقة ولا تحتمل التأويل أو المغالطة، مؤكدًا أن الوضع الراهن يحتاج إلى اصطفاف حقيقى من كل أبناء الشعب المصرى، وأهل الفن والثقافة هم أقدر الناس على تشكيل وعى حقيقى لدى المواطن بما يدور حوله من تحديات وقضايا. وأضاف: "الكثير من الناس يمكنهم تزيين الكلمات، واللعب على مشاعر المواطن، ولكنى أحب الصدق، لأن الله يحبه، وأتعامل مع الجميع بصراحة، واستُدعِيت للموقف الراهن عندما شعرت أن هناك خطرًا كبيرًا على وطنى، يستوجب ضرورة تلبية النداء لإنقاذ مصر وبناء مستقبلها". وأشار المرشح الرئاسى إلى أن أخطر ما يواجه مصر فى الوقت الراهن هو أزمة تشكيل الوعى لدى المواطن، خاصة بعدما تعرضت منظومة الوعى لعملية تزييف واضحة خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن أولى خطوات حل مشكلات مصر فى الوقت الراهن هى التحرك نحو تشكيل وعى حقيقى لدى كل مواطن، وجزء كبير من تلك المهمة يقع على عاتق الفنانين والمثقفين ورجال الإعلام. وذكر السيسي خلال اللقاء أنه فى حاجة حقيقية لمشاركة الشباب فى المشروع التنموى الطموح الذى يطرحه فى برنامجه الانتخابى، مؤكدًا أنه يحتاج إلى شباب كفء ومخلص أمين، داخل جميع مؤسسات الدولة، سواء فى الوزارات المختلفة أو بالمحافظات، أو فى رئاسة الجمهورية، فالحالة الصعبة التى يعيشها المصريون تتطلب جهودًا شابة للقفز من دائرة الفقر، والسعى نحو مستقبل أفضل . ودعا السيسى خلال لقائه بالفنانين كل جموع الشعب المصرى إلى ضرورة المشاركة بكثافة فى الانتخابات الرئاسية، واختيار من يرونه أصلح لتلك المهمة، للتأكيد على أن ما حدث فى 30 يونيو كان تعبيرًا حقيقيًا عن إرادة المصريين نحو التغيير، بعدما خرجت ملايين غير مسبوقة إلى الشوارع فى ثورة شعبية هائلة، داعيًا الفنانين والمفكرين وأجهزة الإعلام إلى ضرورة تشجيع المواطنين وتعبئتهم على المشاركة فى الانتخابات الرئاسية بقوة. من ناحية أخرى قالت الفنانة قاتن حمامة موجهة حديثها للمشير عبد الفتاح السيسي: "أنا متفائلة بالمستقبل، وأشعر أن هناك أملاً قادمًا لهذا البلد .. ربنا يوفقك". ومن جانبه قال الفنان عادل إمام إن الحس الثقافى موجود داخل الشخصية المصرية على مدار التاريخ الحضارى والإنسانى الطويل للمصريين، والفن موجود بأصالته داخل المواطن المصرى، موضحًا أن المصرى دائمًا يستدعى الغناء فى حالاته المختلفة، سواء فى الأفراح أو الأحزان. وأوضح "إمام" أن قصور الثقافة كانت تقوم بدور حقيقى فى إنتاج كم كبير جدًا من المبدعين والمفكرين والكتاب خلال فترة الخمسينيات والستينيات، حيث كان الفن عنصرًا ثقافيًا مهمًا، ومكونًا رئيسيًا فى منظومة الوعى المصرى، داعيًا إلى ضرورة استعادة دور قصور الثقافة لدورها الفنى مرة أخرى خلال المرحلة المقبلة، قائلاً: "نحن فى بلد عظيمة ومبدعة على طول تاريخها، ويجب أن نترك الفن ليعبر عن نفسه". ووجه الفنان هانى مهنى الشكر والتقدير للمشير عبد الفتاح السيسي، موضحًا أن الكلمات تعجز عن وصف رجل عظيم استدعته مصر ليقف إلى جوارها فى أزمتها ومحنتها، واستجاب لندء المصريين ووقف إلى جوارهم. وأضاف مهنى: "السينما فى القرن الماضى كانت تعكس المجتمع المصرى الراقى المتحضر، دون أن تعرض البلطجة والزوايا السلبية داخل المجتمع، مثل العشوائيات والفقر والسلوكيات غير المقبولة اجتماعيًا ودينيًا"، موضحًا أن الدول الغربية على الرغم من أن بداخلها مشكلات ونقائص عديدة إلا أنها لا تركز عليها فى الأفلام والمواد الدرامية التى تعرضها وتصدرها إلى دول العالم. وقال الفنان محمد صبحي إن إيمان الدولة بالفن سمعنا عنه فقط قبل أن نولد، وفى عصر كان يوصف فيه الفن على أنه "عيب"، ولكنه كان فى الفترة ذاتها قوة اقتصادية وصناعة كبرى، موضحًا أن الوضع الآن يحتاج إلى علاج حقيقى، ولا قيمة للديمقراطية والحرية فى مجتمع يسيطر عليه الانفلات الأخلاقى، فلا قيمة لأن نكسب كثيرًا ونخسر اخلاقنا، مهما كانت النتائج أو الأرباح التى نجنيها. من جانبه قال الفنان نور الشريف إن أكثر ما يشغله فى المرحلة الراهنة هو الاقتصاد، وكيفية استعادة الاستقرار الاقتصادى لمصر فى المرحلة الراهنة مرة أخرى، داعيًا المشير السيسي إلى ضرورة وضع خطة عاجلة لإنقاذ الاقتصاد المصرى، والتصدى لأى مطالبات فئوية يمكنها أن تؤثر على عجلة الإنتاج والتنمية، فلو بحث كل مواطن على مصلحته الشخصية فقط فلن يكون هناك أمل لهذا البلد، مؤكدًا أن الرئيس القادم يجب أن يتعامل مع المواقف المختلفة بقدر كبير من الصراحة والصرامة، حتى لا نقع فيما وقع فيه السابقون من أخطاء يتحمل الشعب المصرى نتيجتها اليوم، وقد يدفع ثمنها أيضًا الأجيال القادمة. وقال الفنان محمود الجندي إن الفن وصناعة السينما فى الوقت الراهن يحتاجان إلى الكثير من الجهد والوقت لاستعادة دورهما الريادى مرة أخرى، على رأسها الموارد الاقتصادية اللازمة، مؤكدًا أن المرحلة الراهنة تحتاج إلى ضرورة أن يكون للفن دور أكبر فى دعم قضايا الوطن، والتعبير عن همومه ومشكلاته. من ناحية أخرى قال المخرج محمد فاضل أن الفن هو القادر على تشكيل الوعى واستعادة دور المواطن القادر على العمل والعطاء، مؤكدًا أنه لن تكون هناك تنمية حقيقية دون فن حقيقى يقدم المجتمع بصورة مختلفة، ويطرح رؤية متطورة لجميع القضايا والتحديات التى تواجه مصر فى الوقت الراهن. وبيّن المخرج محمد فاضل أن إنتاج الأفلام والمسلسلات أصبح إنتاجًا استثماريًا ضخمًا وصناعة كبيرة تحتاج إلى تطوير، خاصة وأن صناعة الفن يستفيد منها الكثير إلى جانب الفنانين أنفسهم، داعيًا إلى ضرورة أن تتبنى الدولة خلال الفترة المقبلة توجهًا لدعم الإنتاج الفنى المحترم، والإعلام القومى الذى يعد داعما لجميع توجهات الدولة، ورؤيتها نحو التقدم والتنمية التى تنشدها مستقبلاً، موضحًا أنه لا يمكن للفن أن يقوم بدور حقيقى دون إعلام جيد. وقال الفنان يوسف شعبان إن الشعب المصرى يثبت دائمًا أنه على قدر المسئولية، ويمكنه فعل المستحيل، إذا صح حاكمه قائلاً: "إذا صح الحاكم لدى المصريين كانوا أعظم شعوب الأرض". من جانبه أكد الفنان جلال الشرقاوى أن الشعب المصرى بدعم من جيشه العظيم حقق معجزة عظيمة عندما أطاح بنظام الإخوان الإرهابى، الذى كان سيؤدى بالبلاد إلى حرب أهلية وخراب ودمار، قائلاً: "الشكر لله والتقدير والحب للمشير عبد الفتاح السيسي الذى أنقذ البلاد من السقوط". وبيّن الشرقاوى أن الدولة لم تبنِ مسرحًا واحدًا منذ ثورة يوليو 1952، بالإضافة إلى أن السنوات الأخيرة الماضية شهدت إغلاق 30 مسرحًا، مطالبًا بضرورة عودة دور المسرح والسينما والموسيقى مرة أخرى من أجل خلق منظومة فنية متكاملة يمكنها التأثير فى قلب وعقل المواطن المصرى، ويجب أن تتكاتف الدولة مع المبدع والفنان. وقالت الفنانة صابرين إن حضور الفنانين لقاء المشير السيسي ليس من أجل عرض مشكلات أو قضايا، ولكنهم حضروا لمعرفة ما يمكن أن يقدموه لمصر خلال المرحلة المقبلة، والدور الذى يمكن من خلاله استعادة الريادة المصرية فى المجالات المختلفة، مؤكدة أن المرحلة الراهنة لا تحتاج إلى مطالبات فردية، ولكن تحتاج إلى تكاتف وتعاون من جانب كل أبناء الشعب المصرى.