وثقّت الباحثة سوزان عابد لضابط من الجيش المصرى، زار الأراضى الحجازية بصحبة آلة التصوير الفوتوغرافى الخاصة به، ليكون بذلك أول من قدم لنا أدب الرحلات مزودًا بصور فوتوغرافية عن الحجاز. جاء ذلك فى العدد السابع عشر من مجلة "ذاكرة مصر"، المجلة ربع سنوية، صادرة عن مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، الذى صدر "اليوم الثلاثاء" عن مكتبة الإسكندرية، وهى مجلة ثقافية تعنى بتاريخ مصر الحديث والمعاصر، تستكتب شباب الباحثين والمؤرخين وتعرض لوجهات نظر مختلفة ومتنوعة. الجدير بالذكر أن كان لمصر السبق فى أن تكون أولى المدن الإفريقية "حسبما ورد بالمجلة" التى تعرف الصور الفوتوغرافية عقب اختراع آلة التصوير بشهرين، عندما التقطت أول صورة فوتوغرافية فى الإسكندرية فى 4 نوفمبر 1839م لمحمد على باشا فى قصر رأس التين؛ كان لها أيضًا السبق فى أن يكون أحد رجالها العظام هو أول من التقط صورًا فوتوغرافية وبانورامية للمدينة المنورة والكعبة المشرفة؛ لينقل لنا صورة حية لشعائر الحج والعمرة وأقدس الأماكن التى تشتاق القلوب لزيارتها. إنه محمد صادق باشا الرحالة المصرى، الضابط والمهندس والجغرافي.. رجل ألمَّ بعلوم كثيرة مكنته من أن ينقل لنا صورة استطاع فيها أن يوقف الزمن لثوانٍ معدودة هى لحظة التقاطه لأشهر الصور الفوتوغرافية على الإطلاق لمكة المكرمة والمدينة المنورة. محمد صادق باشا ضابط ورحالة مصرى، ولد فى القاهرة عام 1822م، والتحق بالمدرسة الحربية بالخانكة التى صقلت فيه العديد من المواهب؛ فطلبة المدرسة الحربية لم تكن دراستهم مقصورة على فنون القتال والاستراتيجيات العسكرية فحسب، بل كانوا أيضًا يدرسون الرسم والطبوغرافيا وتقنيات رسم الخرائط والمساحة. ولنبوغ صادق باشا وتفوقه تم اختياره ليكون من ضمن أعضاء البعثة العلمية المسافرة إلى باريس ليتلقى فنون الحربية هناك، وكان برفقته فى هذه البعثة اثنان من أبناء إبراهيم باشا بن محمد على؛ وهما الخديوى إسماعيل والأمير أحمد. ثم عاد إلى مصر فى عهد محمد سعيد باشا وعُين مدرسًا للرسم فى المدرسة الحربية بالقلعة؛ الأمر الذى ساعد صادق باشا فى أن يكون ذا عقلية متفتحة يواكب مستجدات العصر ويحرص على اقتناء أدوات القياس الحديثة.