ألزم الدستور مجلس النواب في أول دور انعقاد له بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا وفقا للمعايير الدولية، كما يصدر مجلس النواب قانوناً لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية، كما يصدر مجلس النواب بتكليف من الدستور أيضا قانونا بتنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، بما يضمن إلغاء الندب الكلي والجزئي لغير الجهات القضائية. هذه التكليفات التي أصدرها الدستور لمجلس النواب لأول مرة وغيرها من السلطات الجديدة لمجلس النواب في مقدمتها سلطته في محاكمة رئيس الجمهورية وعزله تفرض ضرورة التأني في مناقشة قانوني الحقوق السياسية ومجلس الشعب المطروحين علي ساحة البحث حالياً لأهميتها في تشكيل مجلس النواب القادم، ولهذا أقترح تأجيل إصدار تعديلات القانونيين في الوقت الحالي الذي تنشغل فيه كل الأجهزة بالاستعداد لإجراء الانتخابات الرئاسية التي لم يتبق علي اجرائها الا أسبوعان. وأدعو الرئيس عدلي منصور المسئول عن السلطة التشريعية حالياً أن يقرر تأجيل الإصدار النهائي لمشروعي القانونين ويترك مهمة إصدارها للرئيس الجديد إصدار التعديلات المطلوبة لتشكيل مجلس النواب الذي سيتعامل مع مجلس النواب في المستقبل، لا مانع من استمرار المناقشات والبحث في اللجنة الوزارية التي شكلها «منصور» حول مشروعي القانونين، وتأخذ اللجنة وقتها في البحث والدراسة، للوصول الي النظام الأمثل لإجراء الانتخابات البرلمانية بما يحقق أهداف الدستور في اقامة نظام سياسى علي أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة، وعلي أساس تعيين رئيس مجلس الوزراء من الحزب أو الائتلاف الحائز علي أكثرية مقاعد مجلس النواب، نصوص الدستور تقتضى من المشرع البحث عن النظام الذي يقوي الأحزاب السياسية في المستقبل، وينقذها من حالة الضعف الحالية التي فرضتها عليها الأنظمة السياسية السابقة، وفرضت حكم الحزب الواحد وتنكرت لمبدأ تداول السلطة. الدستور لم يفرض نظاما محددا لاجراء الانتخابات البرلمانية وترك مهمة اختيار النظام المناسب للقانون للاختيار بين الفردي أو القائمة أو المختلط وإذا أجريت الانتخابات بالنظام الفردي فسوف تأتي ببرلمان يسيطر عليه المستقلون ويعيدنا إلي أجواء دستور 71، ونظام القائمة يقوى الأحزاب السياسية ويخلق ظهيرا سياسيا للرئيس القادم يجعله لا يعتمد فقط علي الظهير الشعبي غير المضمون، وللحصول علي مزايا الفردي والقائمة فإن الأفضل هو اجراء الانتخابات بالنظام المختلط بنسب متقاربة إن لم تكن متساوية. إن الظهير السياسي للرئيس القادم مطلوب في هذه المرحلة فهو من ناحية ينفذ مطالب الدستور ومن ناحية أخري يمنع الوقوع في فراغ سياسي مرة أخري. هناك سيناريو لإفشال الدولة المصرية وإسقاطها وفي حالة استمرار ضعف الأحزاب السياسية فإن البديل الجاهز هم الإخوان كما حدث بعد ثورة 25 يناير، مطلوب مرة أخري من الرئيس عدلي منصور الذي يترك المسئولية خلال أيام ويستعد الشعب المصري والعربي والعالم المحب للسلام لتكريمه علي الفترة التي تولي فيها المسئولية باقتدار وحب لهذا البلد أن يتأني في هذين القانونين ويترك أمر إصدارهما للرئيس القادم، ليبدأ بهما مشواره الرئاسي، ويفكر في الخريطة البرلمانية من نتيجة الاقتراع عليه. إن التصريحات التي صدرت عن مؤسسة الرئاسة حول دراسة استبعاد بعض الفئات من الترشح للانتخابات البرلمانية تؤكد أن تعديل قانون الانتخابات لن تكون مهمة سهلة تتوقف علي مجرد اختيار النظام الأمثل لإجراء العملية الانتخابية أو مجرد تقسيم الدوائر، ولكن هناك شروطاً جديدة للترشح ستضاف الي قانون الحقوق السياسية أو قانون مجلس الشعب، هذا الأمر وغيره ولأهمية البرلمان القادم فإن هناك حاجة الي التأني في إصدار قانونه خاصة أن الوقت غير مناسب حاليا لاتخاذ قرار نهائي بشأن الانتخابات، إن سلق القوانين كان آفة الأنظمة السابقة، والنتيجة اننا ورثنا غابة من القوانين المقيدة لا نعرف كيف نتصرف فيها. لن نخسر شيئاً إذا منحنا الفرصة لقانون الانتخابات يستوي علي نار هادئة، النار العالية تحرقه.