رسميا.. اعتماد جداول امتحانات النقل والشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الثاني 2025 ببني سويف    بعد شكاوى المواطنين.. الحكومة: توجيه وزير البترول ببحث حقيقة أزمة البنزين    إستونيا تمنع الرحلات المتجهة إلى موسكو في 9 مايو من استخدام مجالها الجوي    ميرتس وماكرون يدعوان الهند وباكستان إلى التهدئة    تفاؤل في مران ريال مدريد بعد سقوط برشلونة الأوروبي    الأرصاد تكشف موعد ذروة الموجة الحارة    شارك الحجيج فرحتهم.. محافظ القليوبية يُسلِم ملابس الإحرام لحجاج الجمعيات الأهلية (صور)    «ضربوه لأن رجله بتوجعه ومقدرش يجري».. القبض على والدَي تلميذ اعتديا على زميل ابنهما داخل ملعب المرج    نقل والدة «أوس أوس» للعناية المركزة بعد تعرضها لوعكة صحية (تفاصيل)    آيساب روكي يكشف سبب حمل ريهانا المتكرر    محافظ أسوان ينيب السكرتير العام لحضور ختام فعاليات مهرجان أفلام المرأة    إنقاذ حياة طفل.. فريق جراحى بأورام المنوفية ينجح فى إجراء عملية استئصال ورم ضخم    رأس المال السوقي يخسر 25 مليار جنيه.. مؤشرات البورصة تهبط بختام جلسة اليوم    رئيس مسار بعد التتويج بدوري السيدات: هدفنا المساهمة في تطوير كرة القدم المصرية    جوندوجان يحلم بأن يكون مساعدًا ل "الفيلسوف"    بالصور.. ملك أحمد زاهر تتألق في أحدث ظهور لها    ضبط 3507 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    بينها «أخبار اليوم» .. تكريم رموز الصحافة والإعلام في عيد العمال    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    "الشباب في قلب المشهد السياسي".. ندوة تثقيفية بالهيئة الوطنية للانتخابات | صور    "التعليم" تعلن إطلاق مسابقة للمواهب في مدارس التعليم الفني    5 أبراج تُعرف بالكسل وتفضّل الراحة في الصيف.. هل أنت منهم؟    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    جوتي ساخرًا من برشلونة: أبتلعوا الأهداف مثل كل عام    الهلال الأحمر المصري يشارك في النسخة الرابعة من منتدى «اسمع واتكلم»    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    البابا تواضروس يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    عمر طلعت مصطفى: العمل الاحترافي يجذب 400 ألف سائح جولف لمصر سنويًا    محافظ الدقهلية يلتقي المزارعين بحقول القمح ويؤكد توفير كل أوجه الدعم للفلاحين    أوبرا الإسكندرية تقيم حفل ختام العام الدراسي لطلبة ستوديو الباليه آنا بافلوفا    كندة علوش: دوري في «إخواتي» مغامرة من المخرج    قطاع الفنون التشكيلية يعلن أسماء المشاركين في المعرض العام في دورته 45    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    وظيفة قيادية شاغرة في مصلحة الجمارك المصرية.. تعرف على شروط التقديم    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    وزير التعليم العالي يستقبل وزير خارجية جمهورية القمر    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    فيديو.. خالد أبو بكر للحكومة: مفيش فسخ لعقود الإيجار القديم.. بتقلقوا الناس ليه؟!    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    وكالة الأنباء الفلسطينية: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي لمدرستين في مخيم البريج ومدينة غزة إلى 49 قتيلا    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبراء يحذّرون من ثورة ثالثة
العمال..ثورتان بلا أمل
نشر في الوفد يوم 01 - 05 - 2014

جاءت ثورة يناير لتزيل الغبار عن الجوهر النضالي للشعب المصري، ولتتوج حراكاً عمالياً جديداً من اعتصامات واضرابات العمال والتي بدأت في الصعود منذ عام 2006، حراكاً نظمته وقادته الطبقة العاملة الكادحة والمظلومة فى آن واحد،
حراكاً لعب دورا مركزيا في الأيام الثلاثة الأخيرة من اعتصام الملايين في ميدان التحرير في إجبار الديكتاتور مبارك على التنحي، بعدما طالت الحركة الاحتجاجية للعمال معظم البلاد، وفزع القائمون على الحكم من تجذر هذه الحركة فاختاروا التضحية بمبارك بدلا من أن تطيح الحركة بنظامه كله، ولكن بعد مرور أشهر قليلة على الثورة تبين للعمال أن أوضاعهم كما هي، بل تزداد سوءا، حتى جاءت ثورة عارمة أكثر شدة وازاحة حكم الإخوان الذي سعى بالدماء للسطو على الحكم، ومن ثم بدأت موجات الاحتجاجات الواحدة تلو الأخرى، والتي لم تهدأ حتى الآن، آخذة في التصاعد ولم يقف فيها الوعي لدى العمال عند مطالبهم المادية المباشرة أو التى يحاولون فيها تحسين ظروف معيشتهم، بل امتد الأمر للشأن العام، أو المطالب السياسية، والتى يأتي على رأسها التطهير للقيادات الفاسدة، ومحاسبة المسئولين عن الفساد المالي والإداري، وبالتالي محاسبة المسئولين عن الظلم الذي طال العمال في كافة مناحي حياتهم، وهو ما يشير إلى أن وعي العمال يتصاعد وفي طريقه للتسييس.. واليوم ونحن نعيش العام الثالث بعد الثورة ما زلنا نجني أشواك نظام المخلوع والمعزول متمثلا في النظام الحالي الذى أعاد مصر إلى القائمة السوداء لدى منظمة العمل الدولية وهي القائمة التى يسجل فيها الدول الأسوأ ضد العمال، وتتساءل القيادات العمالية والنقابية أين قانون النقابات الجديد المسمى بقانون الحريات النقابية فى ظل تصاعد آلة القمع في مواجهة الاحتجاجات العمالية والتى وصلت حد فض اعتصام شركة أسمنت بورتلاند بالإسكندرية بالكلاب البوليسية، كذلك لماذا يستمر مسلسل فصل العمال على خلفية ممارسة حقهم فى الإضراب أو الاعتصام، بل الوصول إلى حد الحكم بالسجن على العمال بتهمة ما يسمى التحريض على الاضراب؟ ولماذا يوجد آلاف من العمال المفصولين بعد إغلاق مصانعهم، أو انتهاء عقودهم المؤقتة، ولماذا تسكت الدولة على إغلاق ما يقرب من 4000 مصنع دون رادع لرجال الأعمال أو حافظ لحقوق العمال؟ ويتساءل الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة ما المانع حتى الآن فى إصدار القوانين التى من شأنها تحسين أوضاع العمال مثل قانون الحد الأدنى والأقصى للأجور، وقانون جديد للعمل، بل على العكس تصدر قوانين ضد مصالح العمال مثل قوانين تجريم الاضرابات، أو تسن قوانين لتحصيل الضرائب من الفقراء وتترك الأغنياء من المستثمرين ورجال الأعمال معفيين منها؟ وقال الاتحاد فى تقرير له إن الإجابة على هذه الأسئلة جميعا توجه أصابع الاتهام إلى الحكومة الحالية، بل الحكومات السابقة على قيام الثورة وبعدها، مؤكدة أنها تعمل ضد مصلحة العمال ولصالح أقلية من المستثمرين والأغنياء ورجال الأعمال الذين لا هم لهم سوى المزيد من الأرباح باعتصار دماء وعرق العمال والفقراء، وأن ما يحدث الآن يعيد إلى أذهاننا أيام ما قبل سقوط مبارك، فالاضرابات العمالية فى كل مكان، والاحتجاجات على اختيارات المحافظين الجدد تلهب الشوارع بالمحافظات، وأوضاعنا تسير من سيئ إلى أسوأ فى ظل الانقطاعات المتكررة للكهرباء، والأزمة الطاحنة فى الوقود.
- ناجى رشاد بشركة مطاحن جنوب القاهرة والجيزة يؤكد انه بالرغم من ان حقوق العمال أهدرت فى ظل نظام مبارك إلا أن ثورة يناير قامت على اكتاف العمال البسطاء فى معظم شركات القطاع العام ضد الظلم والفساد والكبار الذين استولوا على اموال الدولة وتركوا الفتات للفقراء فخرجوا من كل البقاع من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ثم جاء حكم الإخوان المسلمين لتطلق شرارة جديدة فسقط حكم المرشد مؤكدا انه للأسف الشديد وبعد قيام ثورتين مازال العاملون تنتهك حقوقهم الضائعة بل أكثر شراسة من العهود السابقة.
وأضاف «رشاد» حكومة عاطف عبيد بدأت فى طريق الخصخصة لتكون أداة لذبح العمال حتى جاء القضاء الإدارى لينصف العامل ويسترد حقوقه المشروعة منذ بداية عام 2008 وحتى الآن، وحكومة محلب التى جاءت بعد ثورتين أثبتت هى الأخرى فشلها فى إيجاد حلول عاجلة للأزمات التى يتعرض لها العامل يوميا، وقال رشاد ان الحكومة وقفت عاجزة امام الفساد الذى استفحل فى شركات الدولة الكبيرة «والخصخصة» حصنت هذا الفساد بقانون جديد أصدره «محلب» بالاشتراك مع وزير الصناعة وذلك بمنع الطعن على قرارات البيع التى تقوم بها الحكومة وجعلت الطعن مقتصراً فقط على طرفى العقد أى الحكومة والطرف المشترى وبذلك سلبت حق العامل بالطعن أو أى جهه أخرى خارج طرفى العقد، مؤكدا ان هذا القانون ما هو إلا مجرد وسيلة لتقنين الفساد، متسائلا ألم تكن هذه الحكومة مؤقتة حتى تصدر هذا القرار الذى يضيع فيه حق العامل؟!
وأضاف: ان وزير القوى العاملة تخصص لمساعدة رجال الأعمال وذلك بهدف ترسيخ الرأسمالية بحجة تشجيع الاستثمار ولم تنفذ الحكومة عهودها بتطبيق الحدين الأدنى والأقصى واكتفت بزيادة جهاز الشرطة والنيابة، الأمر الذى زاد سخط وغضب معظم الفئات العمالية ضد حكومة «الببلاوى» فخرجت المظاهرات الفئوية فى كل المحافظات من جديد والآن حكومة «محلب» تسير على نفس النهج مما ينذر بكارثه لا تقدر كل الحكومات تلاشيها.
وعن وزارة القوى العاملة قال محمد رشاد، القيادة العمالية ان «أبوعيطة» افشل وزير قوى عاملة وغير منحاز للعاملين بل جهوده فقط للمستثمرين الأغنياء بعيدا عن الطبقة الكادحة فحتى الآن لم يطبق قانون الحد الأدنى للاجور واكتفى بفئة معينة من الجهاز الإدارى بالدولة التى تجمع الجباية للحكومة من ضرائب وتأمينات وجمارك، وأضاف أيضا ان القانون 12 فى مادته 34 طالب بضرورة مجلس قومى للأجور ووضع حد أدنى مناسب يتفق مع الأسعار إلا انه للاسف الشديد مجرد ديكور لا يساهم فى حل أزمات العمال، مؤكدا ان كل الأنظمة لم تتعلم الدرس ولا تتعظ، وقال ان 1500 اضراب للعمال خلال 3 شهور فترة تولى حكومة «الببلاوى» رقم غير مسبوق وهو لم يحدث فى عهد مبارك وسطوة الإخوان، وما زالت الاضرابات مستمره محذرا من اندلاع ثورة جديدة ثالثة إذا استمر الحال للأسوأ.
وعي نقابي
ومن جهة أخرى دشن عدد من النشطاء النقابيين المهتمين بالنهوض بالحركة العمالية «الشبكة المصرية للحقوق العمالية» والتي تهدف إلى دعم وتطوير وتمكين وتعزيز قدرات الحركة العمالية ونشر وتوعية التوحيد في ثقافة حقوق العمال والوعي النقابي في وسائل الإعلام المختلفة، وتقديم الدعم القانوني والثقافة القانونية للنقابات والاتحادات العمالية أيًا كان انتماؤها والمشاركة وإبداء الرأي والمقترحات والتوصيات اللازمة بشأن المسائل المتعلقة بحقوق العمال، إضافة إلى تقديم الدعم والمساندة الإعلامية للنقابات والمجموعات العمالية.
وقالت مروة خليل المتحدث الإعلامي للشبكة انها تتكون من 10 كيانات نقابية تنظيمية ممثلة تمثيلاً حقيقياً للدفاع عن حقوق العمال، كما ترحب بانضمام كل الكيانات النقابية لعضويتها، مضيفة أنه تم الإعلان عن بداية عمل الشبكة في بيان لها أصدره مؤسسوها خلال اجتماعهم التأسيسي.
أكد وائل أبوبكر المنسق العام ل«المصرية للحقوق العمالية» أن الشبكة ستمتاز باستقلالية أعضائها داخليًا مع إيمانها بالعمل الجماعى للدفاع عن الحقوق العمالية، مشيرا إلى بعض القضايا التي تتبناها الشبكة ومنها المطالبة بقانون عمل جديد يواكب التطورات في العلاقة بين العامل وصاحب العمل ويحقق ما طالب به المجتمع المصرى في 25 من يناير و30 من يونية من حرية وعيش وعدالة اجتماعية، وذلك ما استمدته الشبكة من رؤيتها ورسالتها المعلنة على جميع كيانتها التنظيمية، وأضاف «أبوبكر» أن الشبكة تسعي إلى تنفيذ برامج وأنشطة جماعية تحقق تقدماً ملموساً في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال، مشيرا إلي ان الشبكة ستقوم بدعم ونشر وتقديم والمشاركة في بناء وتأسيس منهجيات جديدة في العمل العمالى، وتتبني منهج الدعوة وكسب التأييد للقضايا العمالية والنقابية، وتتبني منهج المفاوضة الجماعية بين العمال وأصحاب الأعمال، كما تشارك في وضع وتنفيذ برامج وخطط تدريب تخدم الحركة النقابية وتحسن المستوي المهني والفني والوظيفي، وذلك بالتعاون الدائم والمستمر من خلال توطيد الصلة وتطوير آليات التعاون بين المنظمات والاتحادات الإقليمية والدولية، كل ذلك من أجل تحسين القدرات المؤسسية للنقابات العمالية والمجموعات العمالية.
تحولت إلي مذبحة للتخلص من الشركات المتعثرة
«الخصخصة» شردت 1٫5 مليون عامل
اتجهت الدولة المصرية خلال حقبة الخمسينات والستينات من القرن المنصرم اتجاهًا اقتصاديًا اشتراكيًا بامتياز حيث أبقت الدولة على مساحة ضئيلة للقطاع الخاص واحتكرت هي باقي السوق دون منازع أو منافس، فقد قامت الدولة بتأميم ومصادرة الأملاك الخاصة للمواطنين المصريين ولم يتغير هذا المشهد إلا مع نهاية الثمانينات حين بدت ملامح الضعف على معدلات نمو الاقتصاد المصري، وبالتحديد في العام 1987 توقفت مصر عن دفع ديونها الخارجية ودخلت مع البنك الدولي في برنامج تثبيت مدته 18 شهراً وأعقبته جدولة ديونها ولم يحقق ذلك نتائج إيجابية وتوقفت مصر مرة ثانية عن سداد ديونها في العام 1991، مما أدى إلى دخول مصر في اتفاقية مع البنك الدولى مدتها ثلاث سنوات تمر بمرحلتين مرحلة سياسات التثبيت والأخرى برنامج سياسات التكييف الهيكلي، كان ذلك بداية برنامج الخصخصة الذى بدأ فى العام 1991 إلا ان حكومة الدكتور «عبيد» وقتها حولت هذا النظام الذى كان أهم أهدافه انعاش الاقتصاد إلى مذبحة للتخلص من الشركات التى فشلت الدولة فى انقاذها من التعثر. وأوضح بعض المختصين أن سياسة الخصخصة يتم تطبيقها عندما تخسر الشركات التابعة للدولة وتكون إدارتها عبئا عليها، وتصبح الشركات التابعة لإدارة الدولة فاشلة وخاسرة باستمرار وهو غالبا ما تلجأ اليه الحكومات للتخلص من فشلها، وهو ما دفع الدكتورة عالية المهدي الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية و بمعاونة باحثين آخرين إلي إجراء بحث علي عينة من الشركات التي تمت خصخصتها شملت 27 شركة من إجمالي 165 شركة شملتها عمليات الخصخصة، وقالت ان نتائج البحث انتهت إلي ان تجربة البيع لاتحاد العمال المساهمين لا ينصح بها بسبب قلة الخبرة وعدم قدرتهم علي إجراء عمليات التطوير وضخ رءوس الأموال لعمليات الاحلال والتجديد وان ثلث الشركات التي تمت خصخصتها قللت عدد العاملين وشردتهم وأن الجهاز المركزي للمحاسبات أعلن عن ضياع نحو عشرين مليار جنيه من أموال الخصخصة، دون وجود مستندات تكشف بنود صرفها...
موقف «الوفد»
حزب الوفد أول من رحب بعملية الخصخصة منذ البداية، مؤكدا فى تقرير له أن التخصيصية هي جوهر الإصلاح الاقتصادي ومحوره الأساسي، بل إن القطاع العام بحجمه المستفحل وفروعه المتنوعة وأنشطته الممتدة إلى معظم الميادين الإنتاجية والخدمية يشكل قوة ضاغطة على أنشطة القطاع الخاص؛ ويهدد في نفس الوقت نسبة كبيرة من موارد المجتمع بسبب سوء تنظيمه وفساد إدارته وجنوحه إلى الدعم والاحتكار، ولما كان العامل الأيديولوجي قد لعب دورا كبيرا في فرض القطاع العام، وكان هذا العامل يشكل في نفس الوقت حافزا قويا على دعم السلطة السياسية المطلقة بالسلطة الاقتصادية من خلال القطاع العام، ويتيح بالتالي تركيز السلطتين معا في قبضة واحدة. ولكن رغم الموقف المبدئي بالحزب المؤيد للتخصيصية والرافض للقطاع العام فإن الحزب وضع العديد من التحفظات على خطة الحكومة في الخصخصة أولها عدم تغير المناخ السياسي وإشراك المسئولين الذين خربوا وأفسدوا القطاع العام في عملية بيعه، ومن الاعتراضات الوفدية أيضا السرية التي تفرضها الحكومة على تحركاتها وخططها للبيع والجهات الموكل إليها عملية التقييم وعدم خضوع الإجراءات الحكومية للرقابة البرلمانية والشعبية، ورغم الموقف المبدئي للوفد المؤيد للقطاع الخاص فإن الحزب قسم مشروعات القطاع العام الحالية إلى مشروعات يمكن بيعها وأخرى يستحيل بيعها وبالتالي ضرورة تصفيتها، ومشروعات سوف تظل في ملكية الدولة وبالتالي ينبغي تنظيمها وترشيدها. ويرى الوفد ألا تزيد نسبة اكتتاب غير المصريين في المشروعات المبيعة علي 49% في المشروع الواحد حتى تظل مقاليد الثروة القومية في أيد مصرية، كما يرى الحزب تخصيص نسبة من الأسهم للعاملين تسد قيمتها على أقساط وكذلك إنشاء صندوق لدعم العاملين في الشركات المبيعة ضد إخطار البطالة.
المعاش المبكر
كمال عباس المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية يؤكد ان «الخصخصة» أثرت سلبا على حقوق العمال لفشلها فى تحقيق أهداف النظام وتداعياتها للحفاظ على حقوقهم حيث تم بمقتضاها التفريط فى عدد كبير من المصانع كان يجب إصلاحها دون بيعها ومثال على ذلك شركات الاسمنت الأكثر تأثرا بنظام الخصخصة حيث تم تشريد آلاف العمال دون رحمة بالرغم من انها ثروة قومية تحافظ على سوق العقارات، مضيفا ان هناك أكثر من 1700 عامل أغلبهم فى سن العمل دون سن الأربعين تحولوا إلى معاش مبكر وارتفعت نسبة البطالة حتى أصبح الأب والابن معا يقطنان فى المنزل ويبحثان عن عمل، وقال «عباس» ان العمال ايضا فقدوا المزايا العينية التى كانوا يحصلون عليها بسبب تدهور اوضاع الشركة، مضيفا انه منذ منتصف الثمانينات حتى أوائل التسعينات ارتفع معدل الدين الخارجي إلى 52 مليار دولار وعجزت الحكومة عن السداد وزادت نسبة البطالة، مما دفع الدولة للجوء إلى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لبدء عملية إصلاح شامل وعلاج المشاكل الاقتصادية مقابل تطبيق حزمة من سياسات المؤسستين، وقامت لجان فنية ببيع العديد من المؤسسات الصناعية والتجارية كخطوة أولى لتنفيذ مشروع الخصخصة، وفي عام 1994 تم بيع مصنع النصر لتصنيع المراجل البخارية لشركة كندية ولكنها قامت ببيعه مرة أخرى لجهة مصرية قامت بتصفية المصنع واحتفظت بملكية الأرض، وتشير إحصاءات إلى المكاسب المالية الكبيرة التي حققتها هذه الشركات في ظل استخدامها للغاز المبيع لها بأسعار مدعمة، واستخدمت بعض الشركات التي اشترت المصانع سياسات أضرت بالعمال وحقوقهم وأثرت على حياتهم الاجتماعية، مثل سياسة المعاش المبكر في حالة مصانع الغزل والنسيج في كفر الدوار.
خسائر فادحة
ومن جهة أخرى كشف تقرير حقوقي عن عمليات فساد صاحبت عملية بيع شركات القطاع العام في إطار برنامج الخصخصة، حيث لوحظ أن الرقم الذي حدده كبار الخبراء لعملية البيع يبلغ 320 مليار جنيه إجمالي بيع 314 شركة، بينما كانت حصيلة بيع 326 شركة هي 32 مليار جنيه فقط. وأشارت المعلومات التي جاءت في تقرير لمركز الأرض لحقوق الإنسان إلي أن إجمالي ما جري بيعه من شركات في القطاع العام هو 314 شركة وحتي عام 2006 كانت 236 شركة، وكانت حصيلة البيع 32 مليارا و737 مليون جنيه، حيث تمت تصفية 33 شركة وبيع 48 شركة للمستثمرين وبيع أصول 36 شركة إلي جانب بيع وحدات إنتاجية وتأجير 25 شركة، وأكد التقرير أن العمال هم الضحية الأولي للخصخصة التي بدأت الحكومة تعيد النظر فيها دون التحقيق مع الفاسدين والذين حصلوا علي عمولات مقابل التفريط في المال العام، وذكر أنه تم تشريد ما يقرب من مليون ونصف المليون عامل كانوا يعملون بالقطاع العام ولم يتبق منهم إلا 400 ألف الآن!
وقال د. إبراهيم العيسوي الخبير الاقتصادي ان السياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام الحاكم فشلت في إنجاز المهمة الرئيسية المطروحة علي مجتمعنا وشعبنا، ألا وهي الخروج من التخلف والتبعية، وتحقيق التنمية الشاملة والاستقلال الوطني، مضيفا انه من النتائج السلبية التي أسفر عنها تطبيق سياسات فتح الاقتصاد ودمجه في الاقتصاد الرأسمالي العالمي والانحياز للرأسمالية المصرية علي حساب مصالح جماهير العمال والفلاحين وشرائح واسعة من الطبقة الوسطي، من خلال الانخفاض الكبير الذي طرأ علي الأجور الحقيقية، مضيفا أن الخصخصة لا تمثل إضافة لجهود التنمية ، فهي مجرد نقل أصل من الأصول من الملك العام إلي الملك الخاص دونما زيادة في قيمة هذا الأصل ووجود قطاع عام قوي ضروري للتنمية السريعة مثلما هو ضروري للتخطيط الجيد الذي هو أحد متطلبات التنمية الجادة والسريعة، فالقطاع الخاص أضعف من أن ينهض بمهام التنمية وان التنمية في بلاد نامية مثل بلادنا لا يمكن أن تترك للسوق ودروس التاريخ تفيد بأنه لا تنمية دون دور نشط للدولة.
من الوفد إلي ثورة 2013
الحركة العمالية تاريخ من النضال في كل العصور
سنوات طويلة من النضال عاشها عمال مصر، فبعد أن شهدوا حالة من الرخاء، حصلوا خلالها علي مكاسب حقيقية في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، تدهورت أوضاعهم علي مر الأنظمة السابقة، فمرت الطبقة العاملة في السنوات الماضية بمساوئ عديدة وساءت أوضاعهم بعد أن انتهجت الدولة سياسات اقتصادية فاشلة، أدت لانهيار القلاع الصناعية، فساءت أوضاع العمال بعد إغلاق المصانع، وتشريد من بها من عمالة، وتصاعدت الموجات المتتالية من الاضرابات العمالية التي بلغت نحو 3 آلاف إضراب في عهد الرئيس مبارك ثم تدهورت أوضاعهم أكثر بعد الثورة.
لتظل صرخاتهم تدوي في كل مكان لاستعادة حقوقهم بعد أن تجاهلتها الحكومات ليظل عمال مصر في نضال مستمر.
كان عصر الزعيم الرحل جمال عبدالناصر، هو العصر الذهبي للعمال، فعندما تولي الحكم سعي لمنحهم مكاسب فعلية، حيث اهتم بالعمال عن طريق إصدار قوانين الإصلاح الزراعي، وتحديد الملكية الزراعية التي كانت الخطوة الأولي، وقام بتحسين الأوضاع الاقتصادية للعمال، حيث قام ببناء أكبر صرح صناعي، فأنشأ العديد من القلاع الصناعية كالمصانع الحربية ومصانع النسيج في المحلة، وأنتجت تلك المصانع العديد من الأدوات الكهربائية والملابس، كما أنشأ مصانع الألومنيوم، فضلاً عن مصانع الحديد والصلب بحلوان، كما شغل العمال مناصب أعضاء في مجالس إدارات الشركات، وحصلوا علي حصة من الأرباح، كما قام بالسيطرة علي مصادر الإنتاج من خلال تأميم البنوك الخاصة والأجنبية، فضلا عن تأميم قناة السويس، بعد امتناع البنك الدولي عن إعطاءه قروض، فسعي بعدها لبناء السد العالي الذي أسهم في توفير الطاقة الكهربائية في مصر، وكانت لتلك السياسات نتائج إيجابية علي حياة العمال، إذ أسهمت في تحسين أوضاعهم المعيشية، فعاشوا حياة كريمة، وتوافرت فرص العمل، وازدهرت الحياة الاقتصادية وأحوال الطبقة العاملة، وبمجرد تولي الرئيس الراحل أنور السادات انقلبت الأوضاع وتبددت الأحوال، إذ لم تستمر حالة الرخاء كثيراً، فسرعان ما ساءت أوضاع العمال، عندما تبني سياسة الانفتاح الاقتصادي فقام بقلب النظام الاشتراكي في الاقتصاد إلي النظام الرأسمالي، وانهارت الصناعة المصرية، وازدادت معدلات البطالة، إلي أن تولي الرئيس حسني مبارك لتسير الأوضاع من سيئ إلي أسوأ، حيث انتهج سياسة خصخصة شركات القطاع العام، فشهد عهده تردياً لأوضاع العمال، وتم إغلاق ما يزيد علي 12 ألف مصنع، فازدادت البطالة وتفاقمت خاصة بعد أن اهتم برجال الأعمال الذين سعوا للتخلص من العمال بشتي الطرق فخرج عدد كبير من العمال علي المعاش المبكر، وشهد عام 1994 الماضي أولي موجات الاضرابات العمالية من عمال شركة غزل كفر الدوار، والذي واجهه الأمن بقوة وقتها، وفي عام 2006، عادت موجات الإضرابات مرة أخري، والتي بدأت بعمال غزل المحلة، واستمرت ثلاثة أيام، مطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية والحصول علي أرباحهم السنوية، وكان تجاهل نظام مبارك لأوضاع العمال، أحد أسباب ظهور موجات من الانفجارات المتتالية للعمال، حتي وصل عدد الاضرابات في عهده لنحو 3 آلاف اضراب وارتفعت معدلات البطالة، وتشريد العمال، ليظل عمال مصر في نضال مستمر مع الحكومة علي مدار سنوات طويلة لم تنته للآن.
أوضاع صعبة
أحمد بهاء شعبان، الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، يقول: النضال طوال النصف الأول من القرن الماضي مع صعود الحركة الوطنية، والطبقة العاملة مع مطالب الاستقلال كان من أجل تحسين ظروف العمل، لان الأوضاع كانت قاسية، فلا تأمينات ولا معاشات، ونشطت الحركة اليسارية في الأربعينيات، وطرحت برامج كثيرة لتطوير أوضاعهم، لكن الحكومات المتعاقبة ورجال الأعمال لم يهتموا بالعمال إلا من منظور استغلالهم من أجل تحقيق مزيد من الأرباح، وعندما جاءت حكومة الوفد قبل ثورة 1952 أصدرت قانون العمل لحماية حقوق العمال، وفي عهد الزعيم عبدالناصر، وبعد الثورة بنحو 45 يوما، اتخذ جمال عبدالناصر، أهم الإجراءات وأصدر قانوناً للحد من الملكية أو الإصلاح الزراعي، فنزع ملكيات كبار الاقطاعيين، ووزعها علي الفلاحين لتوسيع القاعدة الاجتماعية للثورة، وتم عمل الجمعيات التعاونية لتوفير السماد والتقاوي، كما اتخذ العديد من الإجراءات في الستينيات حققت انجازات منها ضمانات الحياة الكريمة ورواتب محترمة، وسكن معقول، وتأمين صحي ومشاركة العمال في مجالس الإدارات بالشركات، وحصة من الأرباح، فضلاً عن إقامة نوادٍ للترفيه كما قام بعمل قاعدة صناعية ضخمة، حيث تم بناء أكثر من 1000 مصنع، أهمها مصانع الألومنيوم والحديد والصلب، ومصانع النسيج، والتوسع في بناء قلاع صناعية مثل مصانع الورق، والملابس، وكلها أدت إلي تطور الطبقة العاملة، وتطور وعيها، وتحسين ظروفها الاجتماعية والاقتصادية، ولم ير عمال مصر أفضل من تلك المرحلة، وفي عهد الرئيس أنور السادات، بدأ الانقلاب الكامل علي توجهات الرئيس جمال عبدالناصر السياسية والخارجية، فانحاز السادات للطبقة الرأسمالية، فبدأ بتقليص الخدمات والمكاسب التي حصل عليها العمال، وكانت الضربة الموجعة مع انتهاك سياسات الإصلاح الاقتصادي، والتي كانت مضادة للسياسة الاشتراكية التي أسسها جمال عبدالناصر، فقام بإطلاق حرية رأس المال لرجال الأعمال الأجانب والفاسدين والذين كانوا يأتون بشروطهم التي أهمها التخلص من الطبقة العاملة، وتقليص أجورهم والتخلص منهم بقسوة بلا ضمانات، حيث تم إلغاء قوانين العمل والتأمين الصحي، ما أضر بالعمال والمكاسب التي حصلوا عليها من قبل، فتدهورت أحوالهم، إلي أن ساءت تماماً في عهد الرئيس حسني مبارك ووصلت ذروتها قبل ثورة 25 يناير، عندما حاصر العمال مجلسي الشعب والشوري، تعبيراً عن يأسهم وإحباطهم، فتصاعدت حدة الاحتجاجات العمالية، واستمرت حالة التدهور في أوضاعهم حتي عهد المخلوع محمد مرسي، ومنذ بداية الثورة وحتي الآن تم إغلاق 5 آلاف مصنع وتشريد العمال، وازادت الأوضاع الاقتصادية سوءاً، في ظل زيادة معدلات البطالة، لذا فإنه من الضروري ان يتم تدارك الأمر حتي لا تحدث انفجارات.
أحمد عودة المحامي، عضو الهيئة العليا بالوفد، يقول: النظام الرأسمالي في عهد الملكية لم يكن يهتم بمراعاة حقوق العمال، حتي جاءت حكومة الوفد التي تولت المسئولية من 10 يناير 1950 إلي 26 يناير 1952، فأصدرت قانون عقد العمال الفردي لحماية حقوق العمال، ومحاربة الإجراءات التعسفية، والفصل التعسفي، وكذلك قانون إنشاء النقابات العمالية، ومن هنا بدأ المد المصري من أجل تأكيد وترسيخ حقوق العمال، حتي جاءت حركة يوليو 1952، ومررنا بأزمة مارس 1954، وحاول جمال عبدالناصر أن يستقطب فئات العمال ليكونوا سندا له، فراح يزيد من ضمانات حماية حقوقهم، وقام بتأميم المصانع إلي أن جاء عصر الرئيس الراحل أنور السادات فحاول إحداث نهضة صناعية فقام بعمل منشأة صناعية بالمدن الجديدة، فأنشأ العديد من المصانع في مدن السادات والعاشر من رمضان والسادس من أكتوبر، وتم توسيع دائرة العمالة، والقضاء علي البطالة، إلي أن جاء عصر الرئيس محمد حسني مبارك الذي غض بصره عن أحوال العمال، فبدأ عصر الخصخصة، وسرقة مصانع القطاع العام، فأغلق العديد من المصانع وسادت حالة من الفوضي، وتم تشريد عدد كبير من العمال، فضلاً عن سرقة أموال التأمينات والمعاشات، فتصاعدت حدة الاضرابات العمالية، والوقفات الاحتجاجية للمطالبة بحقوقهم كما شهد عصره نظام المعاش المبكر، فكان عصر مبارك من أسوأ العصور التي مرت علي العمال، ليظل الوضع يسير إلي الأسوأ بعد الثورة حيث نواجه مزيداً من البطالة، والكساد الاقتصادي، وإغلاق المصانع، وتدمير الاقتصاد المصري، حتي أصبحت مصر بلداً «خرب».
توقف 5000 مصنع بسبب التدهور الأمني ونقص التمويل:
أين مصنعي؟ .. أين عمري؟

تحقيق - نشوة الشربيني:
اليوم.. عيد العمال حيث تحتفل الطبقة العاملة في مصر بتكريم «العامل» الكادح، ومع ذلك لا يزال عمال مصر يواجهون شبح التشرد بعد إغلاق 4500 مصنع متعثر، بسبب نقص التمويل اللازم لتشغيل المصانع، حيث توقف بعضها عن العمل، نتيجة الأحداث التي مرت بها مصر خلال الأعوام الثلاثة الماضية، والتردي الاقتصادي الذي صاحب حركة التغيير داخل المجتمع، وانعكس هذا سلباً علي قطاع الصناعة ككل. وأكد رجال السياسة والاقتصاد، أن أكثر من 87% من أسباب التعثر تمويلية، ما يتطلب وجود برنامج شامل لمساندة المصانع المتعثرة وإعادة تشغيل الطاقات التصنيعية المعطلة والمتعثرة، وبما يسهم في دعم مناخ الاستثمار في مصر.
ورغم مئات الاعتصامات والاحتجاجات العمالية، فإن الحكومة لا تزال صامتة، والاقتصاد يترنح، ومن أمسكوا بزمام هذا الملف بعد ثورة يناير 2011، لم يتعاملوا معه بالجدية والمسئولية، وخاصة فيما تعلق بالأجور والرواتب، لارتباط هذا المطلب بسد جوع أفقر فئة من فئات الشعب المصري وهي فئة العمال، بالإضافة إلي إصلاح شئونهم النقابية والاقتصادية والاجتماعية.
الملف العمالي، لم تعالج أسبابه بما يساعد على احتواء تداعياته، وتم التعامل معه بعشوائية وتجاهل والتفاف علي الحقوق المشروعة لذوي الدخل المحدود وكافة العاملين المهمشين بالدولة.
الأجور أولاً
نبيل زكي، أمين الشئون السياسية، المتحدث الرسمي باسم حزب التجمع، يطالب بتطبيق الحدين الأدني والأقصي للأجور بما‮ ‬يضمن حياة كريمة للعمال والموظفين في مصر، ويكفل تقريب الفروق بين الدخول، إضافة إلي الاستقلالية النقابية، وتثبيت العمالة المؤقتة التي طالما عملت دون أن تحصل علي أي حقوق، إلي جانب حماية الصناعة الوطنية، خاصة بعد انتشار السلع الأجنبية بكثرة في‮ الأسواق ‬المصرية،‮ ‬ما ساعد علي‮ ‬إغلاق العديد من المصانع المحلية الصناعة في‮ ‬مصر، خاصة في‮ ‬مصانع الغزل والنسيج، وكان من باب أولي‮ ‬فتح مجالات جديدة للاستثمار مثل بناء مصانع وخطوط إنتاج جديدة لتشغيل الأيدي‮ ‬العاملة المصرية، ما‮ ‬يعود بالفائدة علي‮ ‬الاقتصاد المصري،‮ ‬وإعادة النظر في‮ ‬سياسة الخصخصة،‮ ‬فنحن لسنا ضد القطاع الخاص، بل‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يؤدي‮ ‬دوراً‮ ‬في‮ ‬خدمة الصناعة المصرية، وهذا ليس معناه بيع مؤسسة رابحة وناجحة، مع أهمية الاستفادة من التجارب السابقة للمصانع المتعثرة.
الحال أسوأ
أما القيادي العمالي ناجي رشاد فيقول: لابد أن يعلم الجميع أن حال عمال مصر بعد ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير أسوأ مما كان، خاصة بعد توقف المصانع وتجمد حركة الإنتاج وانشغال صانع القرار بالأمور السياسية عن شئون العمال ومشاكلهم التي تمس‮ «‬لقمة العيش‮»، ناهيك عن استمرار التهميش والظلم وكأنهم فئة غير موجودة في الدولة، وتعبيراً عن ثورة الغضب داخلهم استمرت الاحتجاجات والاعتصامات، وخصوصاً منذ اللحظة الأولي للثورة العظيمة ومازال آلاف العمال المهمشين في كل مؤسسات الدولة، يطالبون بإصلاح حقيقي لشئونهم النقابية والاقتصادية والاجتماعية.‬
وأضاف «رشاد»: ما يحلم به العمال هو تطبيق شعار الثورة «عيش – حرية – عدالة اجتماعية – كرامة إنسانية»، حتي لا يشعر العامل بأن كرامته مهانة داخل بلده بسبب السعي لتوفير ما يفي بالاحتياجات الأساسية للمعيشة، كما أن كافة القوانين والدساتير المصرية تنص علي ضرورة وضع حد أدني للأجور مع وجود مجلس قومي للأجور، حتي يمكن بحث جميع مشاكل العمال، وإعطاء الحقوق المشروعة لعمال مصر الكادحين في كل شركة عامة أو خاصة، كما أننا في حاجة ملحة لقانون الحريات النقابية لكي يختار العمال نقاباتهم بإرادتهم الحرة، لأنه للأسف الشديد لا يزال عمال مصر رقماً مجهولاً بالنسبة لصانع القرار الحكومي. أما عن قانون العمل «12» لعام‮ ‬2003‮ ‬والذي كان سيفاً‮ ‬علي رقاب العمال لصالح صاحب العمل، فلابد من تغييره فوراً‮ ‬بما‮ ‬يضمن استقراراً وأماناً للعامل تجاه العمل، والحد من استغلال سلطات صاحب العمل في شأن قرارات الفصل التعسفي. وطالب «رشاد» الدولة بضرورة وضع جدول زمني محدد لتنفيذ المطالب الفئوية وعلي رأسها تطبيق حد أدني لأجور العمال.
مؤكداً أنه لن تعود المصانع للعمل إلا بإرادة الحكومة، كما ان العمال هم المسمار الأول في نعش الرئيس القادم.
شعور بالأسي
أحمد عودة‮ - ‬الخبير القانوني، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد‮ يقول‮: أغلق العديد من المصانع نتيجة الأزمة الاقتصادية الطاحنة وعدم توافر السيولة المالية والخصخصة وتسريح العمالة المصرية وعدم تصريف المنتجات التي تملأ المخازن وأياً ما كان السبب، فإن إغلاق أي مصنع يدعو للأسي والحزن، ومن ثم يجب علي المهندس «محلب» المشهود له باتخاذ القرارات السريعة والجريئة والمثمرة سرعة الالتفات إلي تشغيل عجلة الإنتاج والمصانع المغلقة أو المعطلة بأقصي طاقاتها الإنتاجية ومساعدة أي مستثمر يرغب في بناء مشروعات استثمارية جديدة من أي نوع، لأننا في حاجة إلي تشغيل الشباب والقضاء علي البطالة وانطلاق عجلة الإنتاج لكي نجني ثمار ثورة مصر.‬‬
كما طالب بإعادة النظر في سياسة الخصخصة التي عفي عليها الزمن، مع ضرورة إجراء تعديلات جذرية في قوانين العمل وكذلك قوانين التنظيمات النقابية، وذلك بما يتواكب مع الظروف المالية، مع عودة حقوق العمال وحقوق أصحاب العمل من ناحية أخري،‮ ‬وهذه المسألة تحتاج إلي تعديلات في قوانين النقابات العمالية بل والنقابات المهنية أيضاً،‮ ويجب أن تكون ضمن المطالب الأساسية في مجال إعادة تنظيم الدولة وعلاقات العمل والمنظمات النقابية في العهد الجديد.‬
الدكتور أحمد يحيي عبدالحميد، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة السويس، يؤكد أن تدهور الأوضاع الاجتماعية والمطالب الفئوية والاقتصادية، أثرا سلباً علي حركة الاستيراد والتصدير وتوفير المواد الخام وقطع الغيار، وكان لذلك أثر واضح ومباشر علي توقف العديد من المصانع عن العمل وتشريد عمالها وعدم قدرتها علي الإنتاج والمساهمة في دعم الاقتصاد المصري.
وذكر أن الحكومات المتتالية التي جاءت بعد ثورة يناير 2011 لم تدرك خطورة ذلك واهتمت بالجانب السياسي علي حساب الجانب الاقتصادي، وكان نتيجة ذلك توقف مئات المصانع وتشريد آلاف العمال والعجز في الإنتاج، ومازال عجز التمويل قائماً حتي الآن، وبالطبع فإن استمرار هذه الحالة سوف يؤدي إلي مزيد من البطالة والصراعات الفئوية والمطالب العمالية، ما يدعونا وبقوة إلي معالجة أسباب هذا التوقف وإعطاء الصناعة الوطنية أولوية أولي علي حساب أي شىء آخر، فلا سبيل لنا من أجل تجاوز المحنة الاقتصادية سوي العمل والإنجاز وتشغيل المصانع والاستفادة بالطاقات الشبابية.
ويقترح الدكتور «عبدالحميد» توجيه المساعدات والأموال والمنح والقروض لتدعيم المصانع المتعثرة وعددها ما يقرب من 5000 مصنع، وتشجيع الرابح منها وتصفية المصانع الخاسرة، فهذه المشكلة التي تواجه المصانع هي مشكلة إدارة بالدرجة الأولي، فلم تستطع الإدارات المختلفة التعامل مع الظروف الطارئة «إدارة الأزمة»، وارتكنت إلي الحلول التقليدية في انتظار مساندة الدولة وتقديم الدعم لها.
وتابع: علي الإدارات المختلفة إذا أرادت ان تنجح في عملها أن تبحث عن إجراءات وأساليب غير تقليدية لتجاوز الأزمة، فمن غير المعقول أن يتظاهر عمال المصانع، مطالبين بالأرباح والرواتب وهم لا يعملون ولا ينتجون.. فعلينا العودة للعمل والإنجاز فهذا هو السبيل الوحيد لإعادة الحياة لتلك المصانع ولإنعاش الاقتصاد المصري وتجاوز حالة الركود التي تمر بها مصر.
وأتمني أن تصدق الحكومة الحالية فيما نشر علي لسان المهندس «محلب» في دعم هذه المصانع ومعالجة مشاكلها وإعادة تشغيلها لإعادتها للحياة الاقتصادية مرة أخري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.