في الوقت الذي يتظاهر فيه الملايين من أصحاب المعاشات لتحديد حد أدنى للمعاش يتوافق والسنوات التي ضاعت من عمرهم في خدمة البلاد، وفى الوقت الذي يضرب فيه العمال فى المصانع والأطباء فى المستشفيات من اجل زيادة رواتبهم مائة جنيه، وزيرة التضامن تصرف لقاضيين 80% من راتبهما بمجلس الدولة من اجل الحضور يوماً أو يومين فى الأوقات غير الرسمية لوزارة التضامن، ليس هذا فحسب بل إن السيدة «والى» نصت فى قرارها على أن تكون نسبة ال80% على الشامل من مرتبهما وليس على الأساسي، وهذا القرار يذكرنا بوزراء سابقين لها صرفوا مكافأة توازى المرتب على الشامل كبدل لحضور جلسة واحدة، هذه القرارات السفيهة التي تهدر المال العام من المسئول عنها؟ الأخ محلب رئيس الحكومة لا يترك فرصة إلا ويطالب الشعب المصرى بالصبر وترشيد الإنفاق، ويؤكد أن الدولة (ولديه كل الحق) لا تمتلك الأموال لتلبية رغبات ومطالب جميع المواطنين، فى الوقت الذى ينفق فيه بعض من عملهم وزراء بدون حساب ولا رقابة ولا عقاب، الملايين يصرخون من الجوع فى المحافظات وبعض الأشخاص يصرفون أكثر من راتب من أموال الدولة، لماذا؟ مبرر السيدة «الوالى» وغيرها من الوزراء الفاشلين أن القضاة سوف يحصنون قرارات وتعاقدات الوزارات والهيئات من الزلل والعوار، وأن قرارات الانتداب توفر على الدولة ملايين الجنيهات قد تضيع فى قضايا أو تحكيم بسبب عقود وقرارات يشوبها العوار، للسيدة «الوالى» ومن يقول قولها كل الحق ولكن لأصحاب هذا الرأي نقول: ما هي العلامة أو الأمارة على هذا الكلام، أغلب عقود وقرارات الحكومة مليئة بالثغرات، ولنا فى عقود عمر أفندى والشركات والمصانع التى خصخصتها الدولة نموذج ومثال، والأوفر للشعب ولخزانة الدولة الخاوية أن تدرب أولادها خريجي كليات الحقوق أوفر وأكرم، فلو ساهمت كل وزارة بمليون جنيه سنويا وأسسوا مركز لتدريب العاملين فى الشئون القانونية على كتابة وصياغة العقود والقرارات، سوف توفر للدولة الملايين، بالإضافة إلى بنائها الكوادر التى تمتلك أدواتها العلمية والقانونية. وإلى أن تفكر الحكومة فى هذا المركز يتبقى لنا سؤال وهو: من أين أتت الوزيرة بنسبة ال80% على الشامل؟، قد نصحها بعض مساعديها، وقد استقتها من قرارات مماثلة بالوزارة صدرت فى السابق، لكن المفترض أن مصر تمر بظروف استثنائية، وخزينة الدولة خاوية، والقرارات السابقة كانت تصدر فى عصر فساد وسرقة المال العام، وهذه الفترات بالعقل وبالمنطق الثورة قامت لكى تغيرها وتقضى عليها، أما أنك تعيدين إنتاجها مرة أخرى، هذا يعنى شيئا واحدا هو أنك تحاولين إعادة العصر الفاسد مرة أخرى، ونحن لن نسمح لك بهذا. ولكي أغلق عليك باب المبررات التافهة، أقول لك إن قانوني تنظيم القضاء ومجلس الدولة لم يحددا مبلغا بعينه لندب القضاة، فالمادة 61، من قانون تنظيم السلطة القضائية (رقم 46 لسنة 1972)، نصت على التالي: «يجوز ندب القاضي مؤقتا للقيام بأعمال قضائية أو قانونية غير عمله أو بالاضافة إلى عمله وذالك بقرار من وزير العدل بعد أخذ رأى الجمعية العامة التابع لها وموافقة مجلس القضاء الأعلى على أن يتولى المجلس المذكور وحده تحديد المكافأة التي يستحقها القاضي عن هذه الأعمال بعد انتهائها». والمادة 88، من قانون مجلس الدولة (رقم 47 لسنة 1972) أجازت: «ندب أعضاء مجلس الدولة كل الوقت أو في غير أوقات العمل الرسمية أو إعارتهم للقيام بأعمال قضائية أو قانونية لوزارات الحكومة و مصالحها أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة و ذلك بقرار من رئيس مجلس الدولة بعد موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية على أن يتولى المجلس المذكور وحده تحديد المكافأة التي يستحقها العضو المنتدب أو المعار عن هذه الأعمال». أما بالنسبة إلى الهيئات أو اللجان التي يرأسها أو يشترك في عضويتها بحكم القانون أحد أعضاء مجلس الدولة فيكون الندب لها بقرار من رئيس المجلس. مازال السؤال قائما: هل للحكومة أن تنفق أموالنا بسفه والشعب الكادح مطالب بترشيد الإنفاق وارتداء الملابس الداخلية القطنية والاكتفاء بخمسة أرغفة عيش فى اليوم؟