بعد أن نص الدستور المصرى الجديد على تخصيص نسبة 1% من ميزانية الدولة للبحث العلمى، و كما هو الحال لا يتم تنفيذ هذا النص الدستورى و مثله من النصوص، يلجأ أصحاب العقول المبدعة فى مصر فى البحث عن مموليين لمشروعاتهم التى تصب فى النهاية لخدمة البلد. فبدلا من تفرغ كامل قواهم العقلية للإبتكار و الإبداع فى مجالهم ليرفعوا مصر إلى العالمية فى مجال التكنولوجيا، يضطرون إلى التوقف عن مشروعهم من أجل البحث عن ممول جديد يساهم فى تكلفة المشروع كى يستطيعوا تنفيذه على أرض الواقع. هذا هو حال أول فريق إفريقى عربى مصرى يغزو مجال الفضاء و ينافس الدول المتقدمة و المخضرمة فى هذا المجال، و يتشكل هذا الفريق من 19 مهندسا، 18 منهم طلاب فى الفرق الثانية بهندسة القاهرة و مهندس فى الفرقة الثانية فى الجامعة الألمانية، تتنوع تخصصاتهم ما بين الميكانيكا و الطيران و الفضاء و الإتصالات وتصميم ميكانيكى. فضلا عن عدد من المعيدين الذين آثروا هذا المجال الهندسى عن غيره و أيضا عدد من دكاترة الكلية من المتخصصون فى هذا المجال، والذين لا يبخلون على الفريق بأى معلومة يدركونها فى هذا المجال، ويتم تنفيذ هذا المشروع الأول من نوعه فى الشرق الأوسط بأسره بل و فى القارة الإفريقية أجمع، فى مركز بحوث الفضاء بكلية الهندسة جامعة القاهرة. و يقول المهندس حامد جمال رئيس هذا الفريق و الذى أسندت إليه مهمة اختيار أعضائه، أن المسابقة التى شارك فيها الفريق افتتحت منذ عام 2007 و الهدف منها تصنيع 24 "روبوتا" يصعد إلى الفضاء بصحبة رواد الفضاء و المطابق عددهم لعدد الروبوتات فى الرحلة التى من المقرر إقلاعها إلى كوكب المريخ فى 2024 و المعروفة ب" رحلة الذهاب بلا عودة". وأضاف جمال أن هذه المسابقة تم طرحها على كافة الجامعات فى شتى دول العالم لتقدم كليات الهندسة نماذجا لتصنيع هذا الروبوت على ان يتم اختيار الافضل بالنسبة للمعايير التى يضعوها و يتم تصنيعه، لافتا الى ان المشرفين على هذه المسابقة مهندسون فى وكالة ناسا الفضائية. وتابع طالب الهندسة أن المسابقة تضم 31 فريقا من 4 قارات، و من ثم فإن الأمر لا يعد سهلا، ففضلا عن أنه سيتم اختيار أفضل جهاز تم اختراعه من قبل كافة الفرق المشاركة فحسب، فإن مصر لأول مرة تغزو مثل هذا المجال، و هو ما جعلنا نواجه صعوبة فى جمع المعلومات الخاصة بالمسابقة و الشروط و المواصفات المطلوبة و كيفية الاعداد لها و التعامل معها. و في سياق متصل أكد جمال أن الفريق المصرى ليس لديه ما يخسره فى هذه المنافسة، فمصر غير متواجده على خريطة تكنولوجيا الفضاء بالنسبة لكافة دول العالم، فكوننا نشارك فى هذه المسابقة ونثبت التواجد المصرى و العربى فهذا يعد انجازا كبيرا فى حد ذاته. و تابع جمال أن الفكرة فى إرسال روبوتا إلى الفضاء برفقة رائد الفضاء يكون لمعاونته و القيام بالمهام الصعبة على الإنسان، أما على صعيد آخر فإنه يمكن إطلاق روبوتا بمفرده و هذا ينفى المخاطرة بحياة رائد الفضاء، فإن تغيير الضغط الجوى و درجة الحرارة من أبرز و أخطر المشكلات التى تواجه رواد الفضاء، و فى الوقت ذاته يستطيع الإنسان من الأرض أن يتحكم فى كل شئ وفقا لما يراه و توجيه الروبوت للمهام المطلوبة منه. كما أشار جمال إلى أن الفريق انتهى من المرحلة الأولى فى تصميم الروبوت، والتى استغرقت سنة و ثلاثة أشهر، و لكن هذا الوقت نظرا لأن الفكرة جديدة و المجال جديد و كان أعضاء الفريق لا يعون طبيعة العمل بصورة كاملة. و تابع أن التصميم النهائى من المقرر تسليمه فى 2018، و أعد الفريق خطة لإنهائه على 9 مراحل، و يتم التطوير فى كل مرحلة عما سبقها، و بصفة خاصة فى حجم الروبوت و وزنه، كى يكون صغيرا و خفيفا و تسهل حركته، و من المقرر أن يسافر الفريق إلى "يوتا" فى شهر مايو المقبل لعرض آخر النتائج، ثم السفر إلى بولندا فى شهر سبتمبر القادم لاستكمال المسابقة. أما بشأن كيفية اختيار فريق العمل، فأكد المهندس حامد على أن الفريق تم اختيار كل عضو وفقا لكفائته فى مجاله، و قدرته على التكيف و الإنتاج مع فريق عمل لا يعرفه مسبقا، لافتا إلى أنه قد شارك و أحد معيدى القسم فى مسابقة أقيمت فى إيران لتصنيع روبوتات صغيرة و حصل على المركز الخامس، فضلا عن اشتراك أحد أعضاء الفريق في مسابقة فى اليابان و حصل على المركز الأول. فضلا عن الروح المتواجدة بين فريق العمل و الاشتراك فى تحقيق هدف واحد، الأمر الى جعله يتوقع أن يكون التصميم المصرى ضمن أفضل 10 تصميمات يتم تقديمها. و أشار جمال إلى أن السوق فى مصر لهذا المجال سيئة للغاية، الأمر الذى اضطرهم إلى السفر إلى بورسعيد لشراء "المواتير" وإلى الاسكندرية لشراء البطاريات المطلوبة. و عن أبرز المشكلات التى واجهها الفريق حتى الآن، فيتصدرها الروتين الحكومى فى مصر، إذ أن البنك الأهلى قد ساهم بدفع 40 ألف جنيه للمشروع فى 22 فبراير الماضى إلا أنهم لم يحصلوا عليهم حتى الآن بسبب روتين تخليص الأوراق اللازمه لذلك من الكلية. كما أن كل الفرق المشاركة من كافة الدول يكون لهم طائرة خاصة أو تنقلهم طائرة حربية، فى حين أنه حينما حاولوا التفاوض مع إحدى شركات الطيران الكبرى فى مصر للحصول فقط على تخفيض فى قيمة التذاكر باءت محاولتهم بالفشل! و تابع أن المشكلة الثانية هى التكلفة الخاصة بالمشروع، إذ أنهم حتى الآن تكلفوا 14 ألف جنيه، و النفقات تزداد فى كل مرحلة، مما يضطرهم من وقت لآخر للبحث عن ممول جديد يدعم جزء من المشروع، و المشكلة الأخيرة هى توفير الأمن، إذ أنهم يتعرضون للكثير من المخاطر أثناء حملهم لأجزاء من المشروع، و تستوقفهم لجان الشرطة دائما و إلقاء التهم إلى أن يتم التأكد من الموضوع. و على الصعيد الآخر دعمتهم الهيئة العربية للتصنيع بالمصانع التى يقومون فيها بتصنيع مشروعهم، و أشار جمال إلى ترحيبه بإذا ما قبلت الحكومة بتقديم يد العون للمشروع و محالوة تبينه رغم أن هذا الأمر يصعب حاليا.