تحتفل منظمة الصحة العالمية في الأول من شهر إبريل من كل عام باليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد الذي يصيب حوالي 67 مليون شخص، بهدف التعريف بهذا المرض وارتفاع معدلات الإصابة به لدى الأطفال في جميع مناطق العالم. تقول الدكتورة سهام خيري، رئيس مجلس أمناء مؤسسة ابني للتوحد: إن التوحد هو اضطراب وليس مرض كما هو شائع ويؤثر ليس فقط على السلوكيات ولكن على جميع وظائف الجسم فهو خلل وظيفي يتميز بالقصور أو ضعف القدرة على إقامة علاقات اجتماعية وضعف القدرة على التواصل وقصور في التخيل واللعب التخيلي، ومرض التوحد ليس له علاقة بالقدرات العقلية، كما أنه ليس مرضاً نفسياً كما هو شائع والتوحد أكثر شيوعاً بين الصبيان عن البنات والنسبة هي أربعة أولاد لكل بنت واحدة أو تزيد، وينتشر بالتساوي في كل الأعراق والأجناس وبين كل الطبقات الاجتماعية ولا يوجد سبب محدد للتوحد حتى الآن، وما يتداول عن الأسباب لا يزيد علي كونها نظريات ما زالت تحت البحث والإثبات، فهناك من يتهم التطعيمات واللقاحات أو الفطريات أو حساسية لبعض الأطعمة أو خللاً مناعياً بصفة عامة، ولكن لم يثبت بالدليل القاطع السبب المحدد لكل الأطفال مجتمعين وهناك سمات مميزة للتوحد ولكن ليس بالضرورة أن تكون ظاهرة جميعها على كل أطفال التوحد وهي تختلف من طفل لآخر وهي رفرفة العين أو فرط الحركة أو نظرة العين الجانبية، ولذلك يسمى التوحد «إعاقة بصمة الإصبع» لأنه لا يوجد طفل مثل الآخر، ومن هنا صعوبة التشخيص، وقد تقدم تشخيص التوحد في الآونة الأخيرة وأصبح ميسراً من سنة إلى 15 شهراً، مما أتاح فرصة للتدخل المبكر الفوري للعلاج، وبالتالي تكون النتائج ممتازة وتتيح للطفل الاندماج بشكل كامل في المجتمع، ومن هنا ترجع أهمية التدخل المبكر الفوري للعلاج، حيث أصبحت نتائجه تزيد على 90% تحسناً في حالة الطفل، ولذلك ينصح الأب والأم بسرعة اللجوء للطبيب النفسي أو طبيب الأطفال عند ملاحظة ضعف استجابة أطفالهم للمداعبة أو اللعب الاجتماعي أو التواصل البصري أو عدم القدرة على التاشير لطلب شيء يريده خلال العام الأول من عمر الطفل لتشخيص طفلهم في هذه السن المبكرة. وتضيف الدكتورة سهام خيري، أن التدخل العلاجي للتوحد يحتاج إلى فريق عمل كبير لتطبيق البرنامج كاملاً ويشمل فريق العمل في المقام الأول الأسرة والمحيطين بالطفل، فالفهم الواعي والتعاون الجيد مع الاخصائيين ضرورة لصالح الطفل والطبيب النفسي أو طبيب الأطفال ومركز متخصص لعلاج التوحد، حيث يوجد فريق عمل متكامل يعطي برنامجاً مصمماً فردياً واحداً لواحد بشكل مستمر في بيئة منظمة لعدد ساعات تتراوح بين 25 و40 ساعة أسبوعياً مع استخدام وسائل تعليمية مبسطة ومتنوعة ومتدرجة الصعوبة، حيث يشتمل البرنامج في المقام الأول على تعديل السلوك وتنمية القدرات والمهارات وتخاطب وتنمية مهارات التواصل وتنمية مهارات رعاية الذات والاعتماد على النفس واللعب التفاعلي والتفاعل الاجتماعي والفنون من رسم وموسيقى والأعداد والتأهيل المهني من رحلات ومعسكرات وترفيه والدمج المجتمعي والدراسي وتغذية علاجية مساعدة، والإرشاد الأسري هو حجر الزاوية في العلاج، ثم تأتي أهمية دور المراكز المتخصصة والمدارس والإعلام وجميع أجهزة الدولة في رفع نسبة الوعي بالتوحد من خلال الندوات والمنشورات والأفلام والتثقيف المستمر.