سؤال يلح علىَّ ويؤرقني: هل المنافقون الذين باعوا ضمائرهم وكرامتهم ودائما يطبلون ويزمرون لرؤسائهم ويصورون الفشل انجازا، والفساد منتهي الضمير والشرف، والغباء المتناهي عبقرية، والجمود استقراراً، والخيانة وطنية، والتخلف عن الأمم تقدماً وازدهاراً.. هؤلاء هل لهم أنوف تشم وجلود تحس؟!!.. أشك في ذلك. لأن النفاق كثر وانتشر في حياتنا وتغلغل في مؤسسات الدولة وتمترس وتخندق واصبح للأسف أمراً واقعاً ومريراً.. أظلم الماضي وأضاع الحاضر وكرس الخوف على المستقبل، لأنه ابتعد عن حدود المجاملة وأصبح المنافق مغموساً فيه حتى اذنيه، ونرى المنافق يتمسح برئيسه ويكاد أن يلعق حذاءه ويتلون كالحرباء بكل لون، ويغير جلده وكلامه حسب الظروف والقيادات والمكان والزمان والمواقف، ويأكل على كل الموائد ويتحدث بكل لسان ويرقص في كل الأفراح، ويبكي في كل الأتراح سعياً للحصول على أية مكاسب لا يستحقها على حساب من يستحق. ونسى المنافق ما كان يتعلمه من حكم وأمثلة في تراثنا المصري والعربي من نوعية «من جد وجد».. أو «من زرع حصد».. و«من طلب العلا سهر الليالي»، فكل هذه أصبحت بالنسبة له شعارات بالية. ورفع بدلاً منها شعارات أخرى مثل «من نافق رزق».. و«إن كان لك حاجة عند الكلب قوله يا سيدي» و«اليد اللي ما تقدرش تضربها بوسها شخصية فذة». و«اللي له ظهر ما ينضربش على قفاه». ودائما نجد حول المسئول دوامة من المنافقين والأفاقين وكذابين الزفة.. الذين لا يستحون من نفاقهم الكريه والظاهر حتى لمن ليس له عينان!! هؤلاء المنافقون وحملة المباخر يملكون مصطلحات غريبة ويتشدقون بالاكاذيب ويقدمون فروض الولاء والطاعة لأي مسئول يجعلونه كالطاووس المنفوش ويتحول من حمل طائع الى ذئب جائع. والمنافق لا يستطيع قول الحقيقة لرئيسه لأنه يجبن ويخشى عاقبة الأمور فلا يستطيع أن يهمس بها الا همساً أو عندما يذهب الى منزله ويخبر زوجته بأن رئيسه هذا رجل غبي جاهل حمار يعطل المراكب السايرة! ويخرب البيوت العمرانة، وأن دولاب العمل لا يتحرك الا بوجوده لأن المدير يغرق في شبر مية، ولو أن «دارون» عالم الأجناس رآه سوف يغير من نظريته من أن الإنسان أصله «قرد» ويؤكد بأن أصله حمار بسبب هذا المدير، ومع هذا نجده يقول لرئيسه «لو فيه عدل كان سعادتك دلوقتي جالس في الوزارة» و«طبعاً يقصد أبو زعبل، أو أرميدان، وممكن ليمان طره»! وغيره يقول دا فرحتي ومتعتي يقصد «مصيبتي وبلوتي» أن أجلس مع معاليك وأتعلم!! ومنافق يجزم بأن مصر مافيهاش «طبعاً يقصد مقرفهاش» غير اثنين سعادتك الأول وأحمس قاهر الهكسوس - يقصد سعادته والبلهارسيا -! وهكذا يستمر النفاق.. من نوعية نحن في انتظار شروق شمس حكمتك.. قاصدا «غروب سحنتك» أو يقسم قائلا: قرارات سيادتك السديدة - «المكعبلة»..! أو مثلاً ارشادات سعادتك نبراس ينور حياتنا «يقصد كوارث بتدمر حياتنا»! وآخر ينافق رئيسه على طريقة العوالم والطبالين ويقول له «والله انت اللي فارسهم» ويقصد اللي «واكسهم»!! وغيره يعلن بأن «مفيش حاجة تتم إلا في وجودك.. وطبعا بيتمني يقول له: بأنه مفيش حاجة تتم في وجودك». ومنافق يتمسح ويتقرب لرئيسه ويقول يااااه أنا عرفت لبواسير معاليك دهان إنما إيه هيريح سعادتك عالأخر! ويخليك ما تشتكيش من البواسير أبداً.. ويتمنى في قرارة نفسه ويقول بلسان حاله «يا سلام لو أن الدهان كان منقوعاً في شطة سوداني على بطاس أمريكاني وتهري بواسيره ونستريح منه!!. عفواً عزيز القارئ.. ومازال النفاق مستمراً!