صيحات الموت تناديكم.. الرصاص بانتظاركم.. لا مكان آمنًا يحميكم.. كل خيارات القتل أمامكم.. القلب والرأس والوجه هدف مباح لديكم.. أقلامكم وكاميراتكم لن تمنع أقداركم المحتومة، ولن تدافع عنكم.. أحلامكم قصيرة الأجل مثل أعماركم. لا مفر من دفع ضريبة الحياة ثمنًا لنقل الحقيقة، ولا هروب من استحقاقات الدم الواجبة عليكم.. فالموت أقل ثمن تقدمون، والدماء أرخص بكثير مما تعتقدون.. أرواحكم معلقة بالسماء، وأجسادكم الطاهرة مستباحة وشاهدة على ما يفعله الجبناء. مشهد الموت يتسع ويزداد ساعة بعد أخرى.. يبتكر له كل يوم صورة جديدة.. قدركم أيها الإعلاميون والصحفيون أن تكونوا مختلفين عن الآخرين، حتى في طريقة قتلكم التي ليست من اختياركم.. إزهاق أرواحكم هذه المرة ليس عن طريق "ملك الموت"، ولكنه بأيدي الأشقياء، الذين لا تأخذهم بكم أي رحمة أو شفقة أو وخزة ضمير أو تمنعهم حرمة النفس التي حرَّم الله قتلها!. أيها الإعلامي.. أيها الصحفي، أنت على موعد مع الشهادة، فلا تخرج إلى عملك قبل أن تترك وصيتك، وتودِّع مَن تحبهم، بعد أن تمطر عليهم دموع اللاعودة، فاحجز مقعدك من الآن، وعليك أن تختار أي موتة تفضلها، فالموت لن يهملك، والقدر لن يتركك، إلا أن تكون فريسة لملاحقة خفافيش القتل وسماسرة الدم. إن الإرهاب الهمجي، لا يعدو كونه إعلانًا مدفوع الثمن، وأنتم "الإعلاميون والصحفيون" لستم سوى أثمان بخسة تقدم قربانًا على مذبح الحرية ونقل الحقيقة، فلا تبتئسون بما كانوا يصنعون، لأن الحياة البرزخية أفضل بكثير من العيش في ذل وعار، وأنتم تدركون يقينًا أن اللعنة على كل ساكت أخرس، أو خائف مرتعب، يخشى في قولة الحق لومة لائم. قائمة شهداء "الكلمة والحقيقة" تطول، وطابور المصابين على امتداد مساحة الوطن كله، فهل نستحضر الماضي القريب، أم أبعد من ذلك!؟.. الذاكرة لا تتسع لأكثر مما حدث، والقلب لا يحتمل أوجاعًا أخرى، بعد استشهاد صلاح الدين حسن وأحمد عاصم وحبيبة عبدالعزيز، مرورًا ب"مايك دين" ومصعب الشامي وأحمد عبدالجواد وتامر عبدالرؤوف ومحمد سمير ومصطفى الدوح، وليس انتهاء بالشهيدة ميادة أشرف. عندما يحتفل العالم في الثالث من مايو، بالذكرى الحادية والعشرين لليوم العالمي لحرية الصحافة.. هذا اليوم المخصص للدفاع عن حرية التعبير وسلامة الصحفيين في وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية والإلكترونية.. تُرى؛ كيف سيكون الاحتفال هذا العام، بعد شلالات الدماء التي أريقت في الأشهر الأخيرة!؟. إننا على يقين من أنه لا يمكن تحقيق حرية الصحافة، إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرة، تكون مستقلة وآمنة، بعيدًا عن الانتهاكات والملاحقات والاعتقالات، وفي منأى عن فوهات أسلحة خفافيش الظلام وقناصة القتل وسماسرة الدم، لأن "السترات الواقية" لن تحجب أو تمنع طلقات الخزي والعار.