انطلاق دورة «إعداد الداعية المعاصر» بمشاركة وفود 6 دول    محافظ أسيوط يستقبل رئيس القومي للطفولة والامومة خلال زياتها لافتتاح مقر للمجلس    «المصدر» تنشر لائحة النظام الأساسي للنقابة العامة للعاملين بالتعليم والبحث العلمى    مصر تفتتح المقر الرئيسي لأكاديمية «شباب بلد» بمركز شباب الجزيرة لتمكين 13 مليون شباب وفتاة    تحسين مستوى المعيشة فى الريف..حياة كريمة تغير شكل قرى الصف وأطفيح    البورصة المصرية تخسر 21.5 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 16 ديسمبر 2025    الدفاع المدني في غزة: إدخال الكرفانات الحل البديل لإنقاذ النازحين من خطر الأمطار    2800 شركة صينية في مصر باستثمارات تتجاوز 8 مليارات دولار.. واهتمام مصري بتعزيز التعاون في الذكاء الاصطناعي والرقمنة    المتحدثة باسم خارجية الصين: علاقتنا مع مصر نموذج يحتذى به عربيا وإفريقيا    بريطانيا تتعهد بتقديم 805 ملايين دولار لدعم الدفاع الجوي الأوكراني    حماس: 95% من الشهداء بعد وقف إطلاق النار مدنيون.. ولا يحق لإسرائيل استهداف رجال المقاومة    حكم لصالح مبابي ضد باريس سان جيرمان بسبب مستحقاته المتأخرة الضخمة    جماهير زاخو تفوز بجائزة FIFA للمشجعين 2025 لمبادرتها الإنسانية    غزل المحلة: لدينا أكثر من 90 ألف دولار عند الأهلي.. وشكونا بلوزداد ل فيفا    وزارة الخارجية تتابع حادث غرق مركب بالقرب من ميناء جزيرة كريت اليونانية على متنها مواطنين مصريين    ونش عملاق يتدخل لرفع حاويات قطار بضائع سقطت فجأة بطوخ    قبيصى: أستعدادات مكثفة وتعليمات مشددة لأمتحانات الفصل الدراسي الأول بالفيوم 2026    هل تتزوج حورية فرغلي في السر دون علم الجمهور.. الفنانة تجيب؟    خلال الجلسة الختامية للندوة الدولية الثانية.. إطلاق ميثاق الفتوى والكرامة الإنسانية    السبت.. عائشة بن أحمد في حوار مباشر مع جمهور مهرجان القاهرة للفيلم القصير    زيادة 50% لمخصصات العلاج على نفقة الدولة في موازنة 2025-2026    جامعة قناة السويس تُنفذ قافلة تنموية شاملة بأبو صوير    وزير التعليم ومحافظ أسوان يتفقدان 6 مدارس بإدارة إدفو لمتابعة انتظام العملية التعليمية (صور)    تأجيل محاكمة المتهمين بإنهاء حياة تاجر الذهب أحمد المسلماني بالبحيرة ل 12 يناير للمرافعة    قرار جديد من النيابة فى واقعة تعرض 12 طفلا للاعتداء داخل مدرسة بالتجمع    «برومتيون» الصينية تؤسس مصنع للإطارات باستثمارات 300 مليون دولار    محمد مصطفى كمال يكتب: الترويج السياحي من قلب المتحف الكبير.. حين تتحول الرؤية إلى ممارسة    موقف ليفربول، ترتيب الدوري الإنجليزي بعد الجولة ال 16    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    ب 90 مليون جنيه، محافظ بني سويف يتفقد مشروع أول مدرسة دولية حكومية    هل تلتزم إدارة ترمب بنشر ملفات إبستين كاملة؟ ترقّب واسع لكشف الوثائق قبل الجمعة    محافظ أسوان: صرف علاج التأمين الصحي لأصحاب الأمراض المزمنة لمدة شهرين بدلا من شهر    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    أستاذ طب أطفال بجامعة القاهرة: المرحلة الأولى لبرنامج رعاية داخل 8 جامعات    توروب يتمسك بمستقبل الأهلي: شوبير عنصر أساسي ولا نية للتفريط فيه    وزارة الأوقاف: التفكك الأسرى وحرمة المال العام موضوع خطبة الجمعة القادمة    وزير الرياضة يبحث مع السفير الإماراتي تعزيز التعاون المشترك    غدًا.. المصريون بالداخل يدلون بأصواتهم في جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    الإسكان تعلن تخصيص قناة رسمية للتواصل مع المستثمرين والمطورين العقاريين    بيان – الزمالك يعلن التعاون مع النيابة العامة وثقته في الحلول لاستمرار النادي    فوز 24 طالبًا في أيام سينما حوض البحر المتوسط بمكتبة الإسكندرية    نقل جثمان طالب جامعى قتله شخصان بسبب مشادة كلامية فى المنوفية إلى المشرحة    تفاصيل افتتاح متحف قراء القرآن الكريم لتوثيق التلاوة المصرية    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    مَن تلزمه نفقة تجهيز الميت؟.. دار الإفتاء تجيب    «لديه بعض المشاكل».. دغموم يكشف سبب عدم انتقاله للزمالك    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجه القبلي بسبب الإصلاحات    برلماني بالشيوخ: المشاركة في الانتخابات ركيزة لدعم الدولة ومؤسساتها    الجيش الأوكراني يعلن إسقاط 57 مسيرة روسية    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب مدينة "كراتشي" الباكستانية    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    جلال برجس: الرواية أقوى من الخطاب المباشر وتصل حيث تعجز السياسة    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية باسم يوسف تفتح ملف "الانتحال" مجدداً
نشر في الوفد يوم 31 - 03 - 2014

بعد أن اعترف الطبيب والإعلامى باسم يوسف أخيراً باقتباس طرح لكاتب أجنبى دون ذكر اسم صاحب هذا الطرح ليثير جدلاً واسعاً ومستمراً على وسائل التواصل الاجتماعى فإن هذا الاعتراف يفتح مجدداً "ملف الانتحال".
ترجع القضية إلى موضوع يتعلق بالأزمة الأوكرانية أغفل فيه باسم يوسف ذكر اسم الكاتب الأصلى للطرح الذى نقله ووقع عليه باسمه، فيما كاد يكون مجرد ترجمة للطرح الذى كتب بقلم الكاتب البريطانى "بن جودا"، وهو من المتخصصين فى الشأن الروسى.
كان باسم يوسف اعتذر لقراء الجريدة التى نشر بها هذا الموضوع المنتحل، وأقر بأن ما حدث هو "خطأ مهنى"، وقال فى مقالة بجريدة الشروق "قررت الامتناع عن الكتابة لبعض الوقت"، مضيفاً "تعاملت مع الموضوع بقدر كبير من البلاهة والتسرع والمكابرة والاستهبال".
أردف يقول: "أتحمل المسئولية كاملة، واستحق كل كلمة هجوم"، مؤكداً على أنه ارتكب "خطأً جسيماً"، فيما سلم بأنه "فقد ثقة الكثيرين بلا رجعة"، بينما تتواصل ردود الأفعال والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعى بالشبكة العنكبوتية.
وفيما يكابد باسم يوسف محنة "ضبطه متلبساً بالانتحال"، فإن الكاتب والصحفى الشهير فريد زكريا كان قد تعرض لمحنة "مشابهة" فى صيف عام 2012.
ومع ذلك فإن هذا الكاتب الأمريكى، والمنحدر من أصل هندى الذى يعد نموذجاً "للكاتب النجم بمقاييس وسائل الإعلام والميديا"، لم يكن أول من هوى فى هذه الخطيئة، ويبدو أنه لن يكون الأخير فى مسلسل متصل الحلقات منذ زمن بعيد وطال أسماء كبيرة فى مجالات متعددة فى الغرب والشرق معاً.
و"محنة فريد زكريا" الذى اعترف بدوره علانية بانتحاله مقاطع من طرح لكاتبة وأكاديمية أمريكية استمرت مع سلسلة من العقوبات السريعة، على رغم اعتذاره عما فعله حينئذ، وهى محنة تظهر الفارق الجوهرى بين خطيئة السطو على أفكار الآخرين أو كلماتهم وعباراتهم دون أى إشارة لذلك وبين التفاعل والبحث الحميد الذى يتيح إمكان عرض هذه الأفكار والكلمات مع الإشارة الصريحة والواضحة لصاحب الأفكار والكلمات.
فريد زكريا، الهندى الأصل، يوصف بأنه من أشهر الكتاب والصحفيين الأمريكيين، ودرس فى جامعتى يال وهارفارد، وهو مؤلف لكتب عدة حققت مبيعات عالية، كما أنه كاتب ومحلل ومعلق "مطلوب" فى الصحافة المكتوبة والشبكات التلفزيونية.
كانت مجلة "تايم" الأمريكية المرموقة أعلنت فى خضم هذه القضية عن تعليق مقالات فريد زكريا بعد كشف سرقته لعمل كاتبة أخرى بأحد مقالاته، فيما حذت شبكة "سى إن إن" التلفزيونية حذو التايم وقررت تعليق برنامجه الأسبوعى.
بدأت القصة – حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز - من خلال موقع "نيوز باسترز" الإلكترونى الذى رصد تشابهات كبيرة بين مقال لفريد زكريا ومقال لكاتبة وأكاديمية أمريكية فيما لم تقصر المواقع المنتشرة على شبكة الإنترنت فى نقل ما ذكره هذا الموقع الإخبارى لتتحول القصة لفضيحة مدوية عبر الشبكة العنكبوتية.
إذا كانت شبكة الانترنت بما تحتويه من معلومات غزيرة وسريعة تسهل الانتحال، كما يرى البعض، فإنها فى الوقت ذاته تسهل فضح القائمين بالانتحال.
اعتبر الكاتب والناقد الأمريكى ديفيد زوارويك أن "فريد زكريا يستحق العقاب الحاسم والسريع، لأن الانتحال بات خطيئة مهلكة فى عالم الصحافة، وكأنها لعنة لا خلاص منها"، فيما اتخذ هذا الكاتب والناقد موقفاً صارماً حيال زكريا بقوله: "لا يعنينى إن كان الشخص الذى قام بالانتحال ذكياً أو غبياً وإنما ما يهمنى ضرورة عقاب كل من يسطو على أفكار الآخرين أو كلماتهم".
قال فريد زكريا: "بعض الصحفيين أشاروا إلى أوجه تشابه بين أجزاء من مقال لى حول قضية السيطرة على السلاح الذى نشر فى مجلة تايم وبين أجزاء من مقال لأستاذة التاريخ بجامعة هارفارد "جيل ليبور" كانت مجلة ذى نيويوركر قد نشرتها فى شهر أبريل المنصرم".
أضاف زكريا: "كانوا على حق فقد ارتكبت خطأً جسيماً وأتحمل وحدى المسؤولية كاملة، واعتذر لأستاذة التاريخ جيل ليبور.. اعتذر عن هذا الخطأ لمجلة تايم كما اعتذر لقرائى".
كانت متحدثة باسم مجلة تايم قد اعتبرت أن ما حدث من فريد زكريا "يعد انتهاكاً للمعايير الخاصة بكتاب الأعمدة فى المجلة"، موضحة أن هذه المعايير تعنى "ألا يكون ما يطرحه الكتاب فى أعمدتهم واقعياً فحسب وإنما أيضاً أصيلاً وبكلمتهم وتعبيراتهم هم".
إذا كان الكاتب والناقد ديفيد زوارويك قد ذهب فى سياق فضيحة زكريا إلى أنه "نظراً لعدم وجود أخلاق وقيم فى الصحافة اليوم فإن الانتحال قد استشرى "فإن قضية الانتحال فى الواقع قديمة وليست أبداً وليدة اليوم ثم أنها تشمل مجالات متعددة من بينها الموسيقى والرسائل الجامعية والأبحاث العلمية والأوراق الأكاديمية، كما شهدت وتشهد قاعات المحاكم دعاوى واتهامات بالانتحال.
فى كتاب صدر بعنوان "أدونيس منتحلاً" للباحث العراقى كاظم جهاد سلسلة من الاتهامات للشاعر والكاتب السورى الأصل على أحمد سعيد الشهير "بأدونيس"، وكلها تتعلق "بالانتحال" والاقتباس والنقل الحرفى.
وعلى رغم أن بعض الباحثين يعتبرون أدونيس واحداً من أكبر الشعراء العرب فإن الباحث العراقى كاظم جهاد يعتبر فى المقابل أدونيس واحداً من أكبر المنتحلين فى الثقافة العربية، وأن سرقاته الأدبية تتنوع ما بين النقل من المتصوف الشهير "النفرى" إلى الشاعر والناقد الفرنسى بودلير، فضلاً عن سارتر وديريدا وبول فاليرى والناقدة سوزان برنار.
قال مؤلف الكتاب إن أدونيس وهو يأخذ عن النقاد ومنظرى اللغة الشعرية قد ذهب الى حد الانتحال الكامل، كما هو الحال فى دراسته التى نشرها بعنوان "محاولة فى تعريف الشعر الحديث"، وهى فى الواقع منقولة حرفياً عن الناقد الفرنسى البيريس.
يضيف كاظم جهاد: "مع الوقت بدأت تتكشف مصادر الاستحواذ الأدونيسى على نصوص الآخرين وهو استحواذ تتضافر جميع القرائن والمعايير لتبرهن على دخوله فى باب الانتحال".
بل إن اتهامات الانتحال طالت شخصيات فى قامة المفكر عبدالرحمن بن خلدون المؤرخ الشهير، الذى يوصف بأنه المؤسس الحقيقى لعلم الاجتماع، حيث سعى الدكتور محمود إسماعيل أستاذ التاريخ الإسلامى عبر دراسة مستفيضة لإثبات أن "ابن خلدون قد قام بانتحال نظريات جماعة إخوان الصفا" فى المقدمة الخلدونية الشهيرة التى تعد من أبرز أعمال هذا المفكر والمؤرخ الكبير.
فى كتابه بعنوان: "نهاية أسطورة.. نظريات ابن خلدون مقتبسة من رسائل إخوان الصفا"، ثم فى كتاب آخر بعنوان: "هل انتهت أسطورة ابن خلدون؟"- بدأ الدكتور محمود إسماعيل منهمكاً فى محاولاته لإثبات أن عبدالرحمن بن خلدون مارس السطو على أفكار ونظريات جماعة إخوان الصفا وهى جماعة فكرية - فلسفية متعددة الاهتمامات ظهرت فى القرن الثالث الهجرى بالبصرة ساعية للتوفيق بين العقيدة والأفكار الفلسفية، فيما جاءت جهودها الفكرية الفلسفية الأساسية فى 52 رسالة عرفت برسائل إخوان الصفا.
وإذا كان الدكتور محمود اسماعيل معنى بتصحيح التاريخ العربى الإسلامى، فالمشكلة فى هذا النوع من الاتهامات أن المدعى عليه ليس بمقدوره الدفاع عن نفسه، لأنه ببساطة غادر الحياة الدنيا منذ قرون طويلة، ثم إن اتهامات من هذا النوع لقامة كبيرة مثل ابن خلدون أثارت غبار معارك ثقافية فى المشرق والمغرب العربى.
لكن هل يصل الأمر للحد الذى ذهب إليه ديفيد زوارويك وهو أن "كل من يسطو على أفكار الآخرين أو كلماتهم يتعين أن يقبل انتهاء دوره أو حياته كمصدر للخطاب الفكرى أو الأخلاقى".. على أى حال كان الحكيم المصرى القديم أمنوبى محقاً عندما قال فى تعاليم أسهمت فى بناء الضمير الإنسانى منذ فجر التاريخ: "لا تستعمل قلمك فى الباطل.. لا تغمس قلماً فى المداد لتفعل ضرراً.. ولا تؤلف لنفسك وثائق مزيفة".
ترى ما رأى باسم يوسف فى كلمات ديفيد زوارويك ناهيك عن نصائح وتعاليم هذا الحكيم المصرى القديم؟!.. والسؤال الأهم: "هل تستمر لعبة الانتحال ويبقى الملف مفتوحاً أم يكون باسم آخر المنتحلين؟".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.