تتكرر الخلافات الزوجية وتتنوع أسبابها وظروفها، الزوجان العاقلان هما من يتمكنان من اجتيازها ومحاولة حلها في هدوء، لكن للأسف فإن بعض هذه الخلافات تتحول إلي جرائم قتل، لا يدفع ثمنها القاتل أو القتيل وحده بل يعاني من آثارها كل أفراد الأسرتين فيما بعد طيلة العمر خاصة الأبناء حين يكبرون ويعرفون ان أمهاتهم قتلوا آباءهم أو العكس. تبدأ مريم اعترافاتها فى جريمة قتل زوجها بقولها: على الرغم من أننى تزوجته عن قصة حب طويلة وارتبطت به بعد ان أقنعت أهلى به رغم انهم كانوا يرفضون هذه الزيجة، إلا أننى عشت معه أياماً سعيدة لا يمكننى إنكارها ولكن تلك الأيام لم تدم طويلاً وسرعان ما انتهت لتبدأ أسود أيام حياتي أيام لم أكن أتوقعها، والتى بدأت مع تدهور عمل زوجى حيث إنه يعمل ميكانيكياً، وأصبح غير قادر على تحمل نفقات البيت وسد احتياجاتنا وعندما كنت أطلب منه شراء بعض متطلبات المنزل يتعدى عليّ بالضرب المُبرِح ويقولى «أجيب منين»، وعلى الرغم من ذلك كنت أواسيه وأطمئنه بأنى سأظل دائما بجواره وسأتحمل معه لكن متطلبات الحياة والأيام دائما كانت اقوى مننا، وتتابع المتهمة كلامها قائلة: فقد كانت أيامى معه كلها جحيما، ولم أهنأ يوماً أو أشعر بطعم السعادة، وانتهت الحياة بيننا بقتله.. وأطلب من الله أن يرحمه ويسامحني، لأننى كنت أحبه! مريم هى ربة منزل تقطن منطقة «الهرم»، وتبدو عليها علامات البساطة، لكن جريمتها كانت تفتح العديد من التساؤلات، وسردها مزيدا من التفاصيل أزاح الغبار عن جريمتها، حيث تواصل سردها قائلة: «أنا امرأة بسيطة طول عمرى بحلم بالبيت الهادئ وزوج يحبني.. تعرفت على زوجى فى أحد الأفراح، ونشأت بيننا علاقة حب انتهت بتقدمه لطلب يدي، لكن أهلى رفضوه بينما تمسكت أنا به، وقلت لهم لن أتزوج غيره، ومع إلحاحى الشديد وافق أهلي، وبالفعل تم زواجنا. وتصل قاتلة زوجها إلى ذروة تفاصيل القصة، تقول: كان زوجى مدمناً تعاطى البرشام وتناول الكحوليات، ولم أكن أعلم عنه ذلك وبعد ان عرفت واجهته لكنه أنكر في البداية ولكن مع زيادة تكرار سؤالى عليه اعترف بادمانه للمخدرات وإنفاق أمواله عليها فطلبت منه أكثر من مرة أن يبتعد عن البرشام، لكنه رفض ورغم ذلك ظللت صابرة وتحملت ما هو فوق طاقتى، بينما كان يصر على إهانتى وضربى يومياً، حتى أنه كان يختلق أى سبب ليتشاجر معي، كما أنه كان يطلب منى ان أنزل إلى العمل كخادمه لإعانته على شرب المخدرات وتوفير نفقات المنزل وطبعاً لم أكن أستطيع أن أشكو لأهلي، لأننى تزوجته رغماً عن إرادتهم. وفى لحظات توقفها عن نوبة البكاء التى لازمتها أثناء حديثها كانت تهدأ لدقائق لتعاود استكمال سرد التفاصيل: توسلت إليه وطلبت منه عدم ضربى مرة أخرى لأننى تعبت من اعتدائه المستمر عليّ، إلا أن قسوته وعدم مراعاته لشعوري، جعلتنى أكرهه وأتمنى له الموت فى كل لحظة. تلتقط مريم أنفاسها، وتستعيد شريط الحادث من ذاكرتها، لتصل إلى يوم الحادث فتقول: كان زوجى عائداً من العمل وطلب منى إحضار الغداء وكان فى ذلك الوقت أخى نائماً بالداخل ولم يكن يعلم بوجوده فتوجهت الى المطبخ لإحضار الطعام ولكن اكتشفت انه لايوجد شىء لتحضيره فخرجت اليه وطلبت منه أى أموال لشراء بعض الطعام فنهرنى بشدة وتعدى على بالضرب وكأنى أنا السبب فى حالة الفقر وليس إدمانه المخدرات فسمع أخى صوت بكائى وخرج مسرعا وعندما علم بالأمر توجه لزوجى ودارت بينهما مشادة كلامية تطورت إلى مشاجرة، ووجدته يقول لي: «إنتِ جيباه يضربنى وجرنى على الأرض وأوسعنى ضرباً، وسارع إلى المطبخ واستل سكيناً وقال لي: «أنا هاقتلك وارتاح منك»، وهنا تدخل شقيقي لفض المشاجرة بيننا، وأثناء محاولته أخذ السكين من يده انغرست بصدره فسقط على الأرض مُضرجاً فى دمائه. ومات في لحظة.. وتحولت إلي قاتلة «أنا ندمانة على قتل زوجى عشان كنت أحبه والشيء الوحيد الجميل اللى طلعت به من الدنيا»، رغم كل أفعاله ولكن هي إرادة الله. تلقى مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة اللواء محمود فاروق إخطاراً من الأهالي بالعثور على جثة عامل داخل شقته مقتولا، وانتقل نائب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة اللواء مجدي عبدالعال لمكان الواقعة وتبين من المعاينة ان المجنى عليه يدعى شاهين محمد عامل ومقيم بالهرم وعثر عليه مقتولا. وبوضع خطة بحث بإشراف اللواء جرير مصطفى مدير المباحث الجنائية وتوصلت التحريات أن وراء ارتكاب الواقعة زوجة المجنى عليه ربة منزل وشقيقها وأنهما ارتكبا الجريمة بسبب تكرار الخلافات الزوجية بين الطرفين وتم إعداد حملة أمنية مكبرة بإشراف العميد مصطفى عصام رئيس مجموعة الأمن العام بالجيزة والمقدم محمد عبدالواحد رئيس مباحث قسم الهرم وتوصلت القوات لمكان تواجد المتهمة وتم ضبطها واعترفت بارتكابها الواقعة.