وزراء الاعلام في الدول العربية اشبه بالسفن منتهية الصلاحية , معظمها يغرق بالركاب وقليل منها ينجو , الدول العربية وهي الوحيدة في العالم التي لا تزال تصر علي بقاء وزارات الاعلام - عرفت كلا النوعين من الوزراء , وكانت النتائج فورية , عرفنا وزراء اعلام من نوعية "ابو لمعة " اشهرهم سعيد الصحاف وزير اعلام صدام حسين الذي ظل يؤكد ان جنوده الاشاوس يطاردون الامريكيين علي الحدود وسوف يذبحون من يسقط منهم ويعلقون رؤؤسهم علي اسوار بغداد , كان الصحاف يقول ذلك دون ان يرجف له جفن بينما كانت الكاميرات تسجل مشاهد الاشاوس وهم يفرون بملابسهم العسكرية الرثة من وحداتهم ويسلمون اسلحتهم للامريكيين . عرفنا وزراء ايضا مثل صفوت الشريف صاحب الشعار الاعلامي الشهير " السيادة الاعلامية " والذي ظل يردده طوال 20 عاما حتي جاءت قناة لقيطة مثل الجزيرة فاجهزت علي هذه الخرافة التي كدنا ان نصدقها وادركنا ان مصر لم تفقد سيادتها الاعلامية فحسب بل فقدت ايضا كرامتها وقيمها بسبب النظام المهترئ الذي اتي به وبامثاله ووضعهم في صدارة المشهد . الصحاف وصفوت الشريف ابناء مدرسة اعلامية واحدة وضع منهجها وزير الاعلام النازي " جوبلز " وتقوم علي مبدأ " اكذب وكرر الكذب باستمرار الي ان يتحول الي حقيقة ويصدقه الناس " ولسوء الحظ فاكثر من تولي هذا المنصب في عالمنا العرب كانوا من انبغ تلاميذ جوبلز وفاقوا كل اقرانهم في العالم , في كل الاحوال غرق رموز اعلام جوبلز في قاع البحر وسوف تلاحقتهم الاتهامات بالعار حتي يرث الله الارض ومن عليها . في الجانب الاخر وفي حالات نادرة رزق العرب بوزراء اعلام امنوا بقانون رياضي بسيط وهو ان اقصر طريق بين نقطتين هو الطريق المستقيم فكانوا رسل خير لحكامهم قبل شعوبهم وافلحوا في توجيه دفة السفينة الي شاطئ السلامة بحكمة يحسدون عليها . وزير الاعلام الكويتي الشيخ سلمان الحمود الصباح من هذه النوعية . كنت ضمن وفد اعلامي كبير توجهنا الي الكويت لمتابعة فعاليات الدورة الخامسة والعشرين لمؤتمر القمة العربية الذي يختتم اعماله خلال ساعات واتيحت لنا فرصة اللقاء بهذا الوزير الودود الذي خص وفد مصر بلقاء مطول بدا فيه امامنا نموذجا مطورا لوزير اعلام عربي يملك افضل صفتين تضمنان النجاح لاي مسئول : الصدق والصفاء . ولأن قطر بجزيرتها المارقة وسياستها الطائشة كانت مدار حديث الاعلاميين طوال الفترة التي سبقت لقاء الزعماء فقد كان من الطبيعي ان يركز الحوار مع الوزير عليها , وبعد ان افاض في شرح ابعاد الموقف وكشف عن جانبا من المساعي الهادئة التي تتم في الغرف المغلقة للوصول الي المشهد الذي ينتظره الجميع بخروج الرئيس عدلي منصور يدا بيد مع الشيخ تميم بن حمد حاكم قطر يتوسطهم امير الكويت الشيخ صباح الاحمد - اثني علي الاعلام المصري وجدد رؤية الكويت لمصر كعمق استراتيجي لا غني عنه لدول الخليج ليدعو الاعلاميين المصريين الي دعم مساعي بلاده لانجاح المؤتمر وتناول المشهد العربي من زاوية واسعة لا تتوقف عند قضية قطر . اللهجة التصالحية التي تحدث بها الشيخ سلمان الحمود وتفوح منها رائحة الثقة والصدق كانت كفيلة بتهدئة الخواطر انتظارا لمفاجأة سارة تقدمها قمة الكويت للشعوب العربية , فالقلم في يد الكاتب يمكن ان يتحول الي مطرقة من الفولاذ تقضي علي الاخضر واليابس كما يمكن ان يصبح باقة ورد تطفئ النيران وتخمد اللهيب , المهم ان نصل الي الهدف المنشود في كلا الحالتين , ولا يزال الاعلام المصري كبيرا برجاله وقادرا علي مد حبال الصبر الي ابعد مدي مع الاشقاء الصغار حتي وان تعددت اخطائهم . وزير الاعلام الكويتي يقود حملة اصلاحية لمنظومة الاعلام الكويتي مدفوعا ببرنامج عمل متكامل للتنمية اقرته حكومة رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك و تسانده القيادة الكويتية وبدأت ملامحه تتضح في مدينة الكويت التي تحولت الي خلية نحل في السنوات الاخيرة , وسوف يترأس الوزير في مايو المقبل اجتماعات مجلس وزراء الاعلام العرب بالقاهرة وهو عازم علي ان يضع بصماته علي هذه منظومة الاعلام العربي التي تعاني الفوضي كما وضعها علي اعلام بلاده الذي بدأ يستعيد مكانته الرائدة سريعا علي الساحة العربية . الكويت كسبت بالشيخ سلمان الحمود وزير اعلام من خارج مدرسة جوبلز واستعاد الاعلام العربي املا كاد يتلاشي في نظام اعلامي جديد .