آخر هبوط في 8 بنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه اليوم الإثنين 19 مايو 2025    بكام طن الشعير؟.. أسعار الأرز «عريض ورفيع الحبة» اليوم الإثنين 19 مايو في أسواق الشرقية    استشهاد 148 فلسطينيا خلال 24 ساعة في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    تفاصيل حرائق مروعة اندلعت فى إسرائيل وسر توقف حركة القطارات    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز 2024-25 قبل مباريات اليوم الإثنين    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يتلقى خسارة مذلة أمام أورلاندو سيتي    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    بيان هام بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين 19-5-2025    هاريس تتمنى الشفاء العاجل لبايدن بعد تشخيص إصابته بالسرطان    اليوم.. الرئيس السيسي يلتقي نظيره اللبناني    خلل فني.. ما سبب تأخر فتح بوابات مفيض سد النهضة؟    من بين 138 دولة.. العراق تحتل المرتبة ال3 عالميًا في مكافحة المخدرات    بتهمة فعل فاضح، حجز حمادة عزو مشجع مالية كفر الزيات    نجل عبد الرحمن أبو زهرة يشكر للرئيس السيسي بعد اتصاله للاطمئنان على حالة والده الصحية    طريقة عمل صوابع زينب، تحلية مميزة وبأقل التكاليف    فرنسا تطالب إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات لقطاع غزة بشكل فوري وواسع دون أي عوائق    معروف بدعمه للغرب.. فوز نيكوسور دان برئاسة رومانيا بأكثر من 54% من الأصوات    السفارة الأمريكية فى ليبيا ترحّب بتشكيل لجنة الهدنة فى طرابلس    مصرع شخص وإصابة آخر في حادث تصادم أعلى كوبري الفنجري    تأجيل محاكمة المتهمين بإنهاء حياة نجل سفير سابق بالشيخ زايد    تعرف على موعد طرح كراسات شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية بمشروع "سكن لكل المصريين"    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    تحرير سعر الدقيق.. هل سيكون بداية رفع الدعم عن الخبز؟    ملف يلا كورة.. أزمة عبد الله السعيد.. قرارات رابطة الأندية.. وهزيمة منتخب الشباب    محمد رمضان يعلق على زيارة فريق «big time fund» لفيلم «أسد».. ماذا قال؟    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستاتا    بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟    الكنائس الأرثوذكسية تحتفل بمرور 1700 سنة على مجمع نيقية- صور    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى 2025 فى مدن ومحافظات الجمهورية    هل توجد زكاة على المال المدخر للحج؟.. عضوة الأزهر للفتوى تجيب    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    مصرع شابين غرقا أثناء الاستحمام داخل ترعة بقنا صور    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    القومى للاتصالات يعلن شراكة جديدة لتأهيل كوادر مصرفية رقمية على أحدث التقنيات    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    أكرم القصاص: نتنياهو لم ينجح فى تحويل غزة لمكان غير صالح للحياة    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    أسعار الذهب اليوم الإثنين 19 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    الأهلي ضد الزمالك.. مباراة فاصلة أم التأهل لنهائي دوري السلة    إطلالات ساحرة.. لنجوم الفن على السجادة الحمراء لفيلم "المشروع X"    المستشار القانوني للمستأجرين: هناك 3.5 ملايين أسرة معرضة للخروج من منازلهم    تعيين 269 معيدًا في احتفال جامعة سوهاج بتخريج الدفعة 29 بكلية الطب    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    البابا لاون الثالث عشر يصدر قرارًا بإعادة تأسيس الكرسي البطريركي المرقسي للأقباط الكاثوليك    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    9 وزارات تدعم الدورة الرابعة لمؤتمر CAISEC'25 للأمن السيبراني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنه مجتمع المعوقين
نشر في الوفد يوم 18 - 03 - 2014

ليست الأزمة في أن يفقد الإنسان عضواً من أعضاء جسمه أو حاسة من حواسه، ليست الأزمة في أن يعيش أبكم أو أصم أو أعمى أو أعرج أو أبتر، لأنه برغم مصابه يستطيع أن يقدم
الكثير والكثير فيبهر العالم بإبداعه السياسي والعلمي والأدبي والفني ويجعل من عجزه قوة، ومن انكساره انتصاراً ومن يأسه أملاً ينتشر عطره في الوجود، والأمثلة أكثر من أن تحصى: هوميروس الشاعر اليوناني العظيم وصاحب أشهر ملحمتين في التاريخ «الإلياذة والأوديسا» والمولود في القرن التاسع قبل الميلاد، كان أعمى ومع ذلك بقي اسمه ملء الأسماع والأبصار إلى يومنا هذا، بشار بن برد رائد مدرسة التجديد في الشعر العباسي وأبوالعلاء المعري مؤلف ديوان اللزوميات الذي لا مثيل له في تراثنا الشعري، والدكتور طه حسين عميد الأدب العربي كلهم كانوا من المحرومين من نعمة البصر، بيتهوفن وضع أجمل سيمفونياته «الخامسة والتاسعة» بعد أن أصيب بالصمم، هلين كلر عرفها العالم كله لأنها تحدت عجزها ورغم أنها لم تكن تسمع ولا ترى ولا تتكلم تعلمت وعلمت ووضعت مؤلفات شهد بتميزها النقاد والباحثون، روزفيلت الرئيس الأمريكي الوحيد الذي انتخب 4 مرات من سنة 1932 – 1945 وقائد الانتصار الحقيقي لدول الحلفاء على دول المحور في الحرب العالمية الثانية كان هو الآخر مشلولاً، وكل هؤلاء وغيرهم أعطوا رسائل لمن يتصورون أنفسهم الأسوياء بأن الإعاقة لا تعوق من أصيب بها ولا يحق لصاحبها أن يسلم نفسه لها ويؤمن بأن الله العادل عندما يحرم الإنسان شيئا يعوضه بأشياء ويعطيه ميزات لم تكن تتوافر له أبداً لولا إصابته بعلة الإعاقة، يقول الشاعر بشار بن برد:
عميت جنينا والذكاء من العمى فجئت عجيب الظن للعلم موئلا
وغاض ضياء العين للعلم رافداً بقلب إذا ما ضيع الناس حصلا
وشعر كنور الأرض لا أمت بينه بقول إذا ما أحزن الشعر أسهلا
ففي هذه الأبيات جعل بشار من عماه ميزة لأنه مكَّنه من الانصراف عن الأشكال والمظاهر الخارجية إلى التأمل الباطني العميق في الأشياء وعبر عن مفهوم التأمل بكلمة الظن الذي يقود إلى العلم، وإذا كان الناس يرون ظواهر الأشياء بنور أبصارهم فإن بشار الكفيف قد تسرب نور بصره إلى قلبه ليمده بالعلم أي أنه استبدل بالبصر البصيرة فكان قلبه أحفظ وأوعى، كما ربط بشار في الأبيات بين الذكاء والعمى ليجعل الذكاء ناشئاً من العمى وخص العميان به دون غيرهم والخلاصة أن بشار جعل من عاهته ميزة تفاخر بها، بل اعتبر أن العمى الحقيقي هو طول السكوت على الجهل، يقول:
شفاء العمى طول السؤال وإنما تمام العمى طول السكوت على الجهل
وما أجهل مجتمع ينظر إلى قوة الإنسان أو عجزه بحسب ما يتمتع به الجسد من القوة والعافية وغيرها من الأمور الجائزة في الغابة فقط، ما أجهل مجتمع يتصور نفسه سليماً صحيحاً بينما يهمش أكثر من 15% منه بحجة أن أعضاءه معوقون عاجزون غير قادرين على العطاء من حقهم التسول ومن واجب المجتمع المن عليهم بما تيسر له من فائض الشفقة والرحمة.
أي مجتمع هذا الذي يرى كماله وقوته في ضعف الآخرين؟.. أي مجتمع هذا الذي يهدر طاقات ملايين المعوقين ويدفعهم بقوة نحو اليأس والإحباط والعجز والإحساس بالضعة ويتركهم فريسة للعطالة والبطالة وقلة الحيلة؟.. للأسف الشديد كل ما يدعيه مجتمعنا هذا من دعم للمعوقين هو محض كلام فارغ واستثمار رخيص يوظفه بعض الوزراء لضمان بقائهم في السلطة و بعض جمعيات المجتمع المدني للحصول على تبرعات بالملايين التي لا يعلم إلا الله كيف تنفق وإلى أية جيوب تذهب؟.. وبعض الإعلاميين ممن يطوقون لمغازلة القراء أو المشاهدين أو المستمعين، كل ما يدعيه مجتمعنا من دمج للمعوقين هو كذب وكذب وكذب فمن أين بهذا الدمج المزعوم دون وجود إحصاء علمي لحصر المعوقين في مصر ومعرفة نوعية إعاقتهم و ما يتمتعون به من قدرات جسمية ونفسية؟.. كيف سيحدث الدمج والمعوقون محرومون من الحد الأدنى للحياة الكريمة محرومون من العمل والمعرفة والمناصب والطرق الآمنة وغيرها من الأمور التي من المفترض أن تعينهم على الشعور بإنسانيتهم؟.. يا سادة، معوقون كثيرون حصلوا على أعلى الدرجات العلمية ولا يزالون في بيوتهم ينتظرون اللحظة التي يستشعرون فيها بوجودهم أو يشعرهم مجتمعهم بوجودهم، معوقون كثيرون يمتلكون الإرادة والصبر والإيمان والتحدي ولا يملكون الواسطة، وللأسف تقدمت بهم السن دون عمل أو أمل فتحولوا من أشخاص بداخلهم حب للحياة إلى شخصيات مشوهة لا تُكن لهذا المجتمع إلا كل الكره والحقد وغير ذلك من صنوف الشر، بمنتهى الصراحة ليست أزمة المعوقين فيما فقدوه من أعضائهم وحواسهم، لكن أزمتهم في مجتمعهم المجرد تماماً من الإحساس عندما تصور نفسه مجتمعا سوياً عفياً مع أنه في حقيقة الأمر مجتمع للمعوقين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.