بعد أن طالبت الدكتور صابر عرب وزير الثقافة بالاستقالة على صفحة «آراء حرة» بصحيفة الوفد، من منطلق قلقي وتخوفي أن تتحول وزارة الثقافة إلى عدة عشائر تتحكم فيها عشيرة واحدة تسمى المجلس الأعلى للثقافة، كان اللقاء معه قبل التشكيل الوزاري الجديد بأسبوع تقريبا، احترمت دعوة الرجل للمناقشة الحرة وسعة صدره، وفي ذهني إثارة قضية العشيرة، بالطبع لا أقصد العشيرة الإخوانية التي لفظناها وتحملنا مرارتها مدة عام كامل، ومازالت تداعياتها في الشارع المصري كريهة على النفس والوجدان، بل أقصد كل عشيرة أخرى في أي موقع من حياتنا، وما أكثرها، تحتكر كل شيء وتستبد به وتفرض وصايتها عليه وتقدره في ضوء درجة تبعيته لها، توزع المغانم والمهام على المنتمين لها وحدهم، لا فرق بينها وبين العشيرة الإخوانية في الشكل والبنية اللهم إلا في التوجه والمسار . والحق أن الدكتور صابر لا يتحمل وحده وزر الشكل العشائري للوزارة وخصوصا المجلس الأعلى للثقافة، عندما نقض الدكتور شاكر عبد الحميد الوزير السابق عهده بوضع آليات جديدة لعضوية المجلس وصولا لمنصب الأمين العام تعتمد على مبدأ الانتخاب ترك لصديقه أمين المجلس أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة الذي عينه بناء على توصية صديقهما الشاعر الدكتور حسن طلب مدرس الفلسفة بجامعة حلوان مهمة التصرف في المجلس على هواه، ذهب شاكر وبقى الأمين وجاء الدكتور صابر، ولأنه لا توجد صداقات دائمة، فإنه بمجرد إقالة شاكر انقلب عليه شاعرنا الدكتور حسن طلب وكتب رسالة إلى د. صابر عرب الوزير الجديد «صحيفة الأهرام 13 مايو 2012» ندد فيها بصديقه القديم باعتبار أنه نظر على أن الأمد الذي سيبقى فيه وزيرا لن يتجاوز بضعة أشهر وبالتالي فقد رضي بالإياب ومع الإياب لقب وزير سابق دون أن يتولى إصلاح ما أفسده الدهر، واختتم رسالته بتهنئة الدكتور صابر وأمله أن ينجز ما لم ينجزه سلفه وأن يسأله عن الموظفين الكبار بالوزارة الذين يتقاضون مبالغ ضخمة يعرفهم شاكر تمام المعرفة، ولم ينس الإشادة بصديقه أمين المجلس في مواجهة فلول الوزارة موجها نصيحته للوزير بأن يتعاون معه في وضع حد لحرية المنح والمنع في الجوائز وسواها من المغانم, فالنزاهة و الموضوعية من قيم الثقافة. ومنذ هذا التاريخ والأمين العام يقوم بواجبه خير قيام، اختار أعضاء اللجان ومقررها على هواه، جامل أعضاء قسم الفلسفة بآداب القاهرة الذي يعمل به وضم عشرة أعضاء منهم إلى لجنة الفلسفة على حساب جامعات مصر كلها ومنهم من أدانته الجامعة بتهمة السرقة العلمية وجعله محكما وفاحصا لجوائز الدولة، فالأمين العام لا يعترف بمبدأ الانتخاب لسابق تجربته في جامعته، أوجد لبعض أنجال المقربين منه والمؤيدين له مواقع ووظائف بالمجلس حلا لمشكلة البطالة، ومن منطلق الصداقة حافظ على بقاء بعض أساطين اللجان القدامى في دورات سابقة دون أي تغيير . تحدثت مع الدكتور صابر في كل شيء وعندما طلبت منه تفسير محاولة سلب اختصاصاته كوزير بزعم حق المجلس في وضع السياسات والأهداف والخطط صرح لي بأن هناك من يعطي نفسه حقوقا ليست له. استقالت حكومة الببلاوى, ورفض بعض الأصدقاء ترشيح دكتور عرب للثقافة و شن شاعرنا الدكتور حسن طلب هجومه الضارى على الدكتور عرب وندد بالدكتورة إيناس عبد الدايم مؤكدا تقديره العميق لصديقه الأمين العام كواحد من كبار أصحاب النزاهة في لقاء تليفزيوني مع الكاتب إبراهيم عيسى، ويأتي شاعرنا الكبير عبد المعطي حجازي ويكتب بدوره مقاله المدهش عن المجلس الأعلى للثقافة وبرلمان المثقفين بالمصري اليوم 7/3/2014 منددا بمعايير منح جوائز الدولة والدور المحدود للمجلس ومؤيدا لمشروع الأمين العام بأن يتولى المجلس مهمة وزير الثقافة، تحيا الصداقة، يا شاعرنا الكبير، المجلس الأعلى للثقافة لا يصلح برلمانا عادلا، لأنه ببساطة ليس منتخبا، اللهم إلا إذا كان من صنيعة الأصدقاء والعشيرة، أعان الله مصر على مثقفيها وعشائرها والأصدقاء . جامعة طنطا