محافظ الشرقية يُهنئ رئيس الجمهورية بحلول عيد الأضحى المبارك    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ بالمحافظات خلال العيد    توقعات بانخفاض الأسعار العالمية ل6 سلع استراتيجية خلال يوليو المقبل    الجيش الإسرائيلي: اعتراض 11 طائرة معادية انطلقت من لبنان    كوريا الجنوبية وأوزبكستان تتفقان على مواصلة تعزيز الشراكة الإستراتيجية    وسام أبو علي يغيب عن قمة الأهلي والزمالك    رئيس دينية غرفة شركات السياحة: خطة محكمة لتصعيد حجاج السياحة إلى مشعر عرفات    الاستعلام عن صحة 4 أشخاص أصيبوا في حريق شقة سكنية بالوراق    تفاصيل إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق في الهرم    "المسرح التجريبي" يكرم "بانوراما برشا" الحائز على جائزة العين الذهبية بمهرجان كان    مقام سيدنا إبراهيم والحجر الأسود في الفيلم الوثائقي «أيام الله الحج»    يلقيها الشيخ بندر بليلة.. خطبة الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة (بث مباشر)    سرايا القدس تقصف مركزا للقيادة والسيطرة لجيش الاحتلال في محور نتساريم    بايدن يتجول بعيدا فى قمة ال "G7" ورئيسة وزراء إيطاليا تعيد توجيهه.. فيديو    تبدأ من 220 جنيها| تعرف على أسعار اللحوم الحمراء بمنافذ التموين    منتخب الطائرة الشاطئية يخوض التصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس بمشاركة 4 لاعبين    تشكيل ألمانيا المتوقع ضد اسكتلندا في افتتاح كأس الأمم الأوربية 2024    «العمل» يناقش آليات تنفيذ إعلان المبادئ للمُنشآت مُتعدِّدة الجنسيَّة بجنيف    إزالة مخالفات بناء بمدن 6 أكتوبر والشروق والشيخ زايد وبنى سويف الجديدة    وزير الإسكان: جار إجراء التجارب لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح    الأرصاد: الموجة الحارة وصلت ذروتها والقاهرة تسجل 43 درجة اليوم فى الظل    سيدة تتهي حياتها بسبب خلافات أسرية بالمنيا    ضبط لصوص المواد البترولية من أحد خطوط البترول بالقليوبية    "السكة الحديد" تخصص عددا من القطارات لخدمة أهالي النوبة    «التعاون» تُصدر تقرير استراتيجية دعم العمل المشترك بين بلدان الجنوب    وزارة الثقافة تعلن فعاليات برنامج عيد الأضحى بقطاعاتها.. اعرف التفاصيل    مهرجان المسرح التجريبي يكرم فريق بانوراما برشا الفائز بالعين الذهبية في كان    وزير التنمية المحلية يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 14 يونيو 2024    الكشف على 902 مواطن فى قافلة طبية مجانية بدشنا فى قنا ضمن "حياة كريمة"    الكشف على 902 مواطن في قافلة طبية مجانية بدشنا ضمن «حياة كريمة»    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    البوكس أوفيس لأفلام عيد الأضحى، ولاد رزق 3 وأهل الكهف واللعب مع العيال    جامعة قناة السويس تنظم تدريبًا لتأهيل طلابها لسوق العمل    يوم التروية.. أفضل الأعمال المستحبة والأدعية المستجابة    الحجاج يرتدون ملابس الإحرام اليوم.. والبعثة الرسمية: حجاجنا بخير    مواقيت الصلاة.. موعد آذان المغرب يوم عرفة 2024    الأغذية العالمي: موسم الأمطار يعرقل تقديم الدعم بالسودان    32 ألف كادر طبى لخدمة الحجاج.. ومخيمات عازلة للضوء والحرارة    «غرفة أزمات مركزية».. خطة وزارة الصحة لتأمين احتفالات عيد الأضحى وعودة الحجاج    إجراء مهم من «هيئة الدواء» للتعامل مع نواقص الأدوية خلال عيد الأضحى    الجيش الأمريكى يعلن تدمير قاربى دورية وزورق مسير تابعة للحوثيين    «لن نراعيه»| رئيس وكالة مكافحة المنشطات يُفجر مفاجأة جديدة بشأن أزمة رمضان صبحي    كاميرا القاهرة الإخبارية تنقل صورة حية لطواف الحجاج حول الكعبة.. فيديو    أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 14-6-2024 في قنا    صفارات الإنذار تدوي في كريات شمونة بسهل الحولة والجليل الأعلى شمالي إسرائيل    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكائه في مباراة سموحة وبيراميدز    إنبي: زياد كمال بين أفضل لاعبي خط الوسط في مصر.. ولا أتوقع تواجده في الأولمبياد    تنسيق مدارس البترول 2024 بعد مرحلة الإعدادية (الشروط والأماكن)    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    باسل عادل: لم أدع إلى 25 يناير على الرغم من مشاركتي بها    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    طريقة عمل الفشة في خطوات سريعة قبل عيد الأضحى.. لذيذة وشهية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 14 يونيو: انتبه لخطواتك    مودرن فيوتشر يكشف حقيقة انتقال جوناثان نجويم للأهلي    مستقبلي كان هيضيع واتفضحت في الجرايد، علي الحجار يروي أسوأ أزمة واجهها بسبب سميحة أيوب (فيديو)    خطة فلسطينية لليوم التالي لوقف الحرب في غزة    يورو 2024| أصغر اللاعبين سنًا في بطولة الأمم الأوروبية.. «يامال» 16 عامًا يتصدر الترتيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد العزيز التويجري يكتب : الإسلام والسياسة ومعايير القياس
نشر في الوفد يوم 13 - 03 - 2014

في خضم الأحداث العاصفة والخطيرة الجارية على الصعيدين الإقليمي والدولي، تبرز قضايا فكرية في الساحة الإسلامية لا بد من التوقف عندها ومن إيلائها مقداراً كبيراً من الاهتمام. والقضية التي شغلتني هذه المرة، هي هذا المصطلح الذي أرى أنه ركب تركيباً غير سليم: «الإسلام السياسي». فقد قرأت المقال الذي كتبه الدكتور رضوان السيد في «الشرق الأوسط»، يوم الجمعة 21/2/2014، حول مصطلح الإسلام السياسي، مبدياً فيه اعتراضه على ما قاله فضيلة الدكتور الشيخ صالح بن حميد، في ندوة عُقدت في إطار مهرجان الجنادرية، عن الإسلام السياسي والسلفية، حيث يرى بن حميد أن «هذا المصطلح لا معنى له، فقد اخترعه الأجانب للإساءة إلى الإسلام»، بينما يرى السيد أن «الخلاف حول هذا المصطلح وحول مقولة الإسلام دين ودولة ما كان يستحق النقاش لولا أن هذه المقولات تحولت إلى أحزاب وحركات وتنظيمات تقاتل وتناضل في كل الجهات فتقسم المجتمعات حتى في عباداتها وتشتت الدول وتزيل السكينة والتوادّ...».
ثم قرأت المقال الذي كتبه بن حميد ونشرته «الشرق الأوسط» في 25/2/2014، في الرد والتعقيب على مقال السيد، والذي وجدته مثالاً للمقالات الجادة التي تلتزم النزاهة والأمانة والموضوعية، مع ما يتمتع به أصحابها من غزارة علم وسلامة منطق وسعة صدر.
ولعل أول ما أودّ أن أبدأ به وأشدد عليه، أن الإسلام اسمٌ للرسالة الخاتمة للرسالات الإلهية، وهو اسمٌ مفردٌ لا تلحق به أوصاف ليست معبرة عن حقيقته، ولا يُجزّأ في موضوعات أو مجالات تخل بقدسيته وشموله. لذلك، فإن القول بوجود إسلام سياسي، أو إسلام اقتصادي، أو إسلام معتدل وآخر متطرف، أو إسلام مسالم وآخر إرهابي، أو غير ذلك من المسمّيات، هو قولٌ يَتعَارَضُ مع حقيقة الإسلام الدّين الحقّ الذي بعث الله به نبيّه محمداً، (صلّى الله عليه وسلّم)، هدايةً للعالمين ورحمةً لهم. والأصح أن تُنسب الأفكار والاجتهادات والمواقف والممارسات والأحزاب والحركات والتنظيمات إلى أصحابها، لا أن يُنسب الإسلام إليها، لأنها أفكار واجتهادات ومواقف وممارسات متعددة ومتباينة، بينما الإسلام واحد محجته بيضاء لا يزيغ عنها إلاَّ هالك، كما قال الرسول الكريم، صلوات الله وسلامه عليه.
وكما هو معلوم لدى المختصين في علوم الشريعة، فإن السياسة تنظيم لشؤون الحياة، وتحقيق للعدل، وجلب للمصالح، ودرء للمفاسد. وقد جعل الفقهاء الأصوليون «درء المفاسد» مقدماً على «جلب المصالح». وفي الحالين معاً، يكون كل عمل يُقصد به تحقيق المصالح للأمة ودرءُ المفاسد عنها، وفقاً لما وضَعَهُ الشرع من ضوابط، يعدُّ، في حقيقة الأمر، عملاً يرتقي إلى درجة الواجب شرعاً، على تعدّد مجالات هذا العمل، ووفق مقتضى التطور الذي يعرفه المجتمع الإسلامي.
وها هو الإمام ابن قيم الجوزية، رحمه الله، يقول في كتابه العمدة «إعلام الموقعين عن رب العالمين»: «إن الشريعة مبناها وأساسُها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدلٌ كلُّها، ورحمةٌ كلُّها، ومصالح كلُّها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أُدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدلُ الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظلّه في أرضه، وحكمته الدّالةُ عليه وعلى صدق رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أتمَّ دلالة وأصدقها».
ويقول الفقيه الحنبلي ابن عقيل: «والسياسة ما يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم يضعه الرسول ولا نزل به وحي». وهذا يدل على عدم انغلاق مفهوم الدولة في الإسلام، فهو منفتح على كل جديد ومفيد ومحقق لمقاصد الشريعة.
وفي تراثنا الفقهي والعلمي الغنيّ التليد، كمٌّ كبيرٌ من المؤلفات التي بحثت السياسة الشرعية والأحكام السلطانية، ومحصت المسائلَ المرتبطة بالحكم وبالسياسة العامة للدولة، مما خلّف لنا زاداً معرفياً غنياً جديراً بأن نعود إليه، ونستلهمه، ونستفيد منه في تأصيل العمل العام الهادف إلى إصلاح المجتمع وتقدمه وتطوره والنهوض به، أياً كانت المناهج المعتمدة فيه والطرق السالكة إليه ما لم تخرج عن سبيل الحق والعدل والفضيلة.
فعلى هذا الأساس إذاً، يُنظر إلى هذه الأحزاب والحركات والتنظيمات التي ينسبها أصحابها إلى الإسلام، والتي لا يجوز أن يُنسب الإسلام إليها، ويحكم عليها بالشروط المعتمدة في المنهج الإسلامي، وما إذا كانت المقاصد المرعية هي خدمة المجتمع الإسلامي والنهوض به من النواحي كافة، وحفظ المصالح العامة، وحماية الهوية الروحية والثقافية والحضارية، وإقامة العدل، بالضوابط المحكمة وبالوسائل الحكيمة، في غير ادعاء أو شطط، أو تشدّد، أو تعسّف.
وتلك هي بعضٌ من قواعد السياسة الشرعية المستندة إلى الرؤية السياسية الواعية التي تفتح السبل المؤدية إلى إدراك المقاصد الشرعية، والمفضية إلى تحقيق المصالح المرسلة التي تجلب الخير والصلاح والفلاح والمنفعة العامة للمجتمع الإسلامي. ومن خلال هذه المنهجية الموضوعية، ننظر إلى العمل السياسي، سواء أكان قائماً على أسس إسلامية ثابتة، أم منطلقاً من مرجعية يقول أصحابها إنها إسلامية.
والقضية في عمومها، وفي البدء والختام، تتطلب معالجةً متبصرةً، تنأى عن الأحكام المسبقة، وعن الإسقاطات الفكرية، وعن التعصّب للرأي والإقصاء للمخالف.
ولذا فإنني أتفق مع فضيلة الدكتور الشيخ بن حميد في ما ذهب إليه من أن مصطلح الإسلام السياسي دخيل على الفكر الإسلامي ومشوّه للإسلام الذي هو واحد لا يتجزّأ، فما وافق صحيحَ الدين فهو منه، وما خالفه مردودٌ على من ادّعاه مهما يكن وضعه وصفته.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.