وجّه المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء الجديد، أولى خطاباته إلى الشعب المصرى عقب توليه المنصب ليعرض على الشعب خطته وتعهداته لهم خلال الفترة المقبلة. ودعا محلب جميع الشعب المصرى إلى العمل والإنتاج ووقف التظاهرات والإضرابات ورفع مطالبهم من خلال ممثليهم، قائلا: حان وقت العمل والإنتاج .. لا صوت يعلو الآن فوق صوت البناء والتنمية.. لنوقف أى أنواع من الاعتصامات والاحتجاجات والإضرابات، ودعونا نبنى وطننا ". فيما تعهد إلى الشعب بتلبية مطالبهم على أن يكون فى أولوياته فرض الأمن ومواجهة الإرهاب، وتوفير المتطلبات الأساسية التى تحقق الحد الأدنى من المعيشة الكريمة، والتركيز على المشروعات القومية وجذب الاستثمار من أجل استعادة الاقتصاد، و توفير مناخ سياسى ديمقراطى، إضافة إلى الإصلاح المؤسسى والإدارى. وإليكم نص الخطاب: "أتحدثُ إليكم اليومَ وأنا أتولى مسئوليتي، بعد أن قدر اللهُ تعالى وكلفنى السيدُ المستشار الجليل رئيسُ الجمهورية بتحمل الأمانة فى هذه اللحظةِ الفارقةِ من عمر الوطن.. وفى هذه المرحلة التى ينظرُ اليها البعضُ بمنظار الإحباط واليأس إلا أننا نراها مرحلةَ صناعة الأمل، ونسعى لأن نجعلها مرحلةَ البدء فى مستقبلٍ أفضلِ يستحقُه الشعب العظيم. أُدركُ تماما أن المسئوليةَ كبيرةٌ، والتحدياتِ أكبر، ولكننى معتمد على الله، ومتوكل عليهِ، ثم على بنى وطنى الذين هزموا الهزيمةَ، وانتصروا دائمًا بعون الله فى جميع المعاركِ التى فُرضت عليهم.. سنقومُ معًا بتحدى الأزمات واقتحامِ الصعابِ لنصلَ بسفينة الوطنِ إلى بر الأمان، سبيلُنا فى ذلك المصارحةُ والشفافيةُ والوضوحُ والعملُ المتواصلُ ليلَ نهار بكل أمانةٍ وإخلاصٍ؛ لتحقيق أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو .. تلك الأهداف التى تتمثل فى: التأسيس للحريةِ والعدالةِ الاجتماعيةِ والكرامةِ الإنسانيةِ، فضلًا عن التأكيد على القرارِ الوطنى المستقل والدولةِ المدنيةِ الحديثة، والالتزامِ باستكمال استحقاقِ خارطةِ الطريق، وإعمال نص الدستورِ الذى أقره جموع شعبنا العظيم فى يناير الماضى. إن الحكومةَ تدعو كافةَ أبناءِ الشعب إلى الإسهامِ فى بناء الوطنِ، من خلالِ جديةِ العملِ وجودةِ الإنتاجِ والتفرغِ للبناء والتعمير، وتمد يد العون الى كل فئات الشعب فى إطار القانون وما تقتضيهُ نصوصُ الدستور. ونلتزم أمام الله وشعب مصرَ فى الفترة المقبلة بالتعهدات التالية: أولًا: فرضُ الأمن ومواجهةُ الإرهاب بكل الأدوات والسبل القانونية الحاسمة، والسعى إلى استعادة الاستقرار وانضباط الشارع، وفرض القانون حفاظا على الدم المصرى النفيس وأرواح المصريين، مع الالتزام بالحفاظ على حقوق الإنسان وترسيخ الديمقراطية. ولا يفوتنا فى هذا المقام أن نحيى أرواح شهدائنا الأبرار من رجال القوات المسلحة والشرطة، كما نحيى أرواح شهداء الوطن ونترحم عليهم، ونجدد التزامنا الواضح تجاه كل أسر الشهداء والمصابين، وليس أمامنا سبيل لرد جميلِ الشهداءِ إلا بعبورِ بلدنا من المنعطف الضيق الذى تمر به إلى آفاق مستقبل زاهر. إن المعركة التى تتصدى لها مصر ضد قوى الشر والإرهاب ليست فقط دفاعًا عن مصالح وأمن مصر وحدها، وإنما أيضا هى معركة نخوضها بالنيابة عن المنطقة كلها.. وسوف ننتصر فى هذه المعركة بإذن الله تعالى.. والخطر الذى نواجهه الآن ليس بعيدا عن غيرنا مما يقتضى وقفة جماعية إقليمية ودولية متشاركة ضد الإرهاب الذى يهدد مصر والإنسانية، ونعول على الدور الوطنى للأزهر الشريف والكنيسة المصرية، ودور العلماء والمفكرين والمثقفين فى مواجهة الفكر التكفيرى وكل ألوان التشدد والتطرف، ونعمل على دعم كل ما يسهم فى نشر الوسطية والتسامح الدينى، واللحمة التاريخية بين أشقاء الوطن. ثانيا: السعى إلى إيجاد الحلول العاجلة لكافة المتطلبات الأساسية التى تحقق الحد الأدنى من المعيشة الكريمة لشعب مصر فى إطار محدودية الإمكانيات، ملتزمين فى ذلك بتحقيق العدالة فى التوزيع. ثالثا: سنولى كل الاهتمام فى هذه المرحلة الفارقة للمشروعات القومية الكبرى؛ لكونها الجسر الذى نعبر به لمستقبل أفضل، وعلى رأسها مشروع تنمية قناة السويس، والامتداد العمرانى شمالًا وشرقا وغربا بمشروعات تنموية فى كل المجالات حتى نصل بالمساحة المعمورة من 5.5% إلى 30%، ويجب من الآن وبجدية وعمل دؤوب الاهتمام والإعداد للارتقاء بالتعليم الفنى والمهنى؛ لأن هذه المشروعات القومية ستبنى بأيدى شبابنا.. وإن إعداد الأيدى العاملة الماهرة والفنيين المميزين سيكون عاملا حيويًا فى جذب الاستثمارات، وسبيلًا مضمونًا لخلق فرص عمل للشباب بالداخل والخارج. رابعًا: السعى إلى معالجة الاختلالات الهيكيلية فى بنية الاقتصاد المصرى، واستعادة توازناته الداخلية والخارجية، وتوفير المناخ الاستثمارى الملائم لجذب الاستثمارات المحلية والدولية وخلق فرص العمل اللائق التى تحتوى الجميع.. سنعمل على حسن التوظيف لطاقات الشباب سواء فى المواقع القيادية والتنفيذية.. مع الاستفادة من تجارب ذوى الخبرة، إيمانًا منا بتواصل الأجيال وتوافر الخبرات وتسليم الرايات. خامسًا: ضمان توفير مناخ سياسى ديمقراطى بحياد ونزاهة وبالتزام كامل بنصوص الدستور والقانون. سادسًا: سنعمل على توزان علاقاتنا الخارجية ونولى بعدنا العربى والإقليمى والإفريقى عناية خاصة. سابعًا: سنولى عناية خاصة للإصلاح المؤسسى والإدارى، والحفاظ على أصول الدولة والقطاع العام وتنميته، والحفاظ على حقوق العاملين، وسنعمل بقوة للقضاء على أى بقايا للفساد والفاسدين، ولن نتستر على مفسد أو مرتش أو مضيع لحقوق الوطن مهما كان موقعه. أمامنا تحديات كالجبال، ولكن لدينا إيمان راسخ بالله وبوطننا وبأبناء شعبنا العظيم وبإرادتهم الصلبة التى لا تنكسر. وأخيرا أتوجه بالتحية والشكر إلى زملائى الوزراء، الذين استمروا فى أداء مهامهم الموكلة إليهم، وإلى الزملاء الوزراء الجدد الذين قبلوا أن يتحملوا المسئولية فى هذه الظروف الدقيقة التى تمر بها البلاد وأتمنى لهم التوفيق، كما أتوجه بكل الشكر إلى زملائى الوزراء الذين أدوا بكل شرف وأمانة واجبهم الوطنى فى ظروف صعبة ووسط تحديات كبيرة. كما أتوجه بكل الشكر للأستاذ الدكتور حازم الببلاوى – رئيس مجلس الوزراء السابق – الذى تعلمت منه الكثير وأقدره وأحترمه. شعب مصر العظيم … أوجه لكم كلمة من القلب والوجدان.. أناشد من خلالها فيكم الوطنية والضمير الحى وحب الوطن.. حان وقت العمل والإنتاج.. لا صوت يعلو الآن فوق صوت البناء والتنمية.. لنوقف أى أنواع من الاعتصامات والاحتجاجات والإضرابات، ودعونا نبنى وطننا.. أعى تماما ضغوط الحياة ومتطلبات المعيشة، وأدرك أن هناك بعض الأمور التى تحتاج لأن يُستجاب إليها برؤية جديدة.. وستُؤخذ مطالبكم بمنتهى الجدية.. ولكنى أعلم أيضًا مدى حبكم للوطن ورغبتكم فى إعلاء شأنه وبنائه.. ارفعوا مطالبكم من خلال ممثليكم حتى لا تتوقف عملية البناء.. وسنصل لحل عادل ومُرضٍ لجميع الأطراف بالاتفاق مهتدين فى ذلك بنبراس العدالة الاجتماعية التى نسعى جميعًا لتحقيقها، وأسترشد بالآية الكريمة: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۖ ۖ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" حمى الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء…" شاهد الفيديو: