فى الوقت الذي تلجأ فيه الحكومة ممثلة فى وزارة المالية لفتح صفحة جديدة مع مجتمع الأعمال والشركات بصدور القرار الجمهوري الأخير بالتصالح فى المنازعات الضريبية، ترفض مصلحة الضرائب إغلاق الصفحة القديمة التى تحمل دائماً عنواناً رئيسياً مفاداه «الحصيلة أولاً»!!، ويظهر ذلك حالياً فى التضارب الكبير الذى يتم داخل المصلحة ومأمورياتها الضريبية بشأن تطبيق التعديلات الجديدة لقانون الضرائب رقم 91 لسنة 2005 والتي وردت في القانون الجديد رقم 20 لسنة 2013، حيث تتعمد مأموريات الضرائب القيام باجتهادات خاطئة فى تطبيق التعديل التشريعى الخاص بالمادة 136 من باب أحكام التهرب الضريبى، وتلجأ إلى العمل بهذه المادة بأثر رجعي رغم إلغائها ضمن تعديلات القانون الأخيرة واستبدالها بفقرة جديدة تم إضافتها للمادة 87 مكرر بباب أحكام الفحص، والسبب فى ذلك ان المادة القديمة الملغاة تنص على نسب غرامات أكبر من المادة الواردة فى التعديل الجديد، وذلك فى حالة إذا أدرج الممول مبلغ الضريبة في الإقرار الضريبي بأقل من قيمة الضريبة المقدرة نهائياً!!، بل وتشهد مأموريات المصلحة تناقضات كبيرة فى تطبيق تعديلات القانون، حيث تعمل كل مأمورية وفقاً لاجتهاداتها الشخصية فى تطبيق القانون، بعضها يعمل بصيغة القانون القديم والبعض الآخر يعمل وفقاً للتعديلات الجديدة!، الأمر الذى أدى إلى تصاعد الخلافات حالياً بين مصلحة الضرائب والممولين، مما يهدد بزيادة الدعاوى القضائية بين الطرفين بسبب تلك الخلافات، وبالتالى التأثير على الحصيلة نفسها لعدم سدادها نتيجة عدم حسم تلك الخلافات مع الممولين، بالإضافة إلى تعارض هذا الفكر من المصلحة مع توجهات وزارة المالية المعلنة بالسعى لحسم الخلافات القديمة أمام 52 لجنة أنشأتها الوزارة لفض تلك المنازعات. وأكد المحاسب القانونى أشرف عبد الغنى رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية أن الخلافات بين الممولين ومصلحة الضرائب بدأت بسبب اصرار الإدارة الضريبية حالياً على تطبيق احكام المادة 136 الملغاة على سنوات المحاسبة الضريبية ما قبل 2013 بدعوى ان تلك المادة كانت سارية خلال تلك السنوات، موضحاً أن التفسير الذى ذهبت إليه الإدارة الضريبية فى تطبيق هذه المادة يخالف التعديل التشريعى الجديد الذى ألغى تلك المادة بنص جديد يعد «كاشفاً وليس منشئاً»، بما يعنى انه لا يجوز تطبيق النص القديم الملغى من تاريخ سريان التعديل الجديد على جميع السنوات الضريبية التى لم يتم فحصها ولم يتم ربط الضريبة عليها حتى 31 ديسمبر 2013 إضافة الى الحالات الجديدة بعد صدوره. وطالب «عبدالغنى» الإدارة الضريبية ممثلة فى وزارة المالية ومصلحة الضرائب بسرعة العمل على اصدار تعليمات تنفيذية تحدد ضوابط واضحة لتطبيق التعديل الخاص بالمادة 136 بالنسبة لكافة الحالات وبما يتفق مع التفسير القانونى الصحيح للتعديل التشريعى الجديد، ووفقاً للقواعد القانونية المتعارف عليه والمستقرة حسما للخلاف، واتساقاً مع تصريحات وزير المالية مؤخراً التى تسعى إلى تصفية كافة النزاعات الضريبية القديمة وفتح صفحة جديدة مع الممولين، ومنعاً لتحول الخلافات الشديدة القائمة حاليا بين الممولين وبعض مأموريات الضرائب إلى نزاعات جديدة امام المحاكم. وأوضح الخبير الضريبي عادل بكري أن «المادة 87 مكرر» هي تعديل للمادة 136 من باب العقوبات في القانون 91 لسنة 2005، والتى كانت شبه مجمدة، ووضعها في المادة رقم 87 مكرر، لتصبح مادة مفعلة، مشيرا الى ان المادة 136 كانت تنص على أنه «إذا أدرج الممول مبلغ الضريبة في الإقرار الضريبي بأقل من قيمة الضريبة المقدرة نهائياً، يعاقب بغرامة تتراوح نسبتها أولاً: 5% من الضريبة المستحقة على المبلغ الذي لم يتم إدراجه، إذا كان هذا المبلغ يعادل من 10% إلى 20% من الضريبة المستحقة قانونا، وثانياً 15% من الضريبة المستحقة على المبلغ الذى لم يتم إدراجه، إذا كان يعادل أكثر من 20% إلى 50% من الضريبة المستحقة قانونا، وثالثاً 80% من الضريبة المستحقة على المبلغ الذى لم يتم إدراجه، إذا كان يعادل أكثر من 50% من الضريبة المستحقة قانونا. وأضاف أن التعديلات الجديدة للقانون 91 لسنة 2005 والتي جاءت في القانون رقم 20 لسنة 2013 والمنشور في الجريدة الرسمية رقم 20 مكرر بتاريخ 18-05- 2013، ألغت هذه المادة، وأضافت بدلا عنها المادة 87 مكرر، وتنص على انه إذا أدرج الممول مبلغ الضريبة فى الإقرار الضريبى بأقل من قيمة الضريبة المقدرة نهائياً، سواء بموافقة الممول عليها أو باستنفاد طرق الطعن العادية بشأنها، يلتزم بأداء مبلغ إضافى للضريبة النهائية يعادل نسبة 5% من الضريبة التى لم يتم إدراجها إذا كان الفرق بين الضريبة المدرجة بالإقرار وبين الضريبة النهائية يعادل من 10% إلى 20% من مقدار الضريبة النهائية، و15% من الضريبة التى لم يتم إدراجها إذا كان الفرق بين الضريبة المدرجة بالإقرار وبين الضريبة النهائية يعادل أكثر من 20% إلى 50% من مقدار الضريبة النهائية، و40% من الضريبة التى لم يتم إدراجها إذا كان الفرق بين الضريبة المدرجة بالإقرار وبين الضريبة النهائية يعادل أكثر من 50% من مقدار الضريبة النهائية. ولا تسرى أحكام هذه المادة على الحالات التى لا ينطبق عليها نظام الفحص بالعينة وفقاً لنص المادة (94) من قانون الضريبة على الدخل. وأضاف أنه وفقا لهذا التعديل فإنه سيتم تطبيق هذه العقوبة من خلال مأموريات الضرائب بدلا عن تطبيقها عن طريق قطاع مكافحة التهرب الضريبي، وذلك بعد ان تم إلغاؤها من باب العقوبات. وأضاف انه رغم ان هناك جانباً إيجابياً في هذا التعديل الذى جعل المادة واضحة وسهلة التطبيق، وتلزم الممول بتحرى الدقة عند كتابة الاقرار، إلا أن هذه المادة ستؤدي الى تحميل الممول بعبء إضافي وبإهدار عمل اللجان الداخلية والدفع بالممول الى الاحتكام للمحاكم، مما سيزيد من أمد النزاع وصعوبة حله، وبالتالي ضياع جزء كبير من الحصيلة الضريبية تحتاج إليه الخزانة العامة للدولة في الوقت الراهن. وطالب المحاسب القانوني محمد الغمراوى بضرورة وضع ضوابط وقواعد واضحة تتفق مع التفسير الصحيح للتعديل التشريعى للمادة 136 بالمادة 87 مكرر وتفعيل دور لجان فض المنازعات التي تم تشكيلها وفقا لأحكام القانون لتسوية هذه المنازعات، لأن نجاحها في إنهاء تلك المنازعات سيؤدي إلي توفير حصيلة ضريبية فورية لخزانة الدولة، في ظل الحاجة الماسة حاليا لدعم التنمية والنشاط الاستثماري بعد ثورة يناير وتقليص عجز الموازنة العامة للدولة. كما طالب بفتح الباب أمام تسوية جميع المنازعات القضائية بما سيحقق عدة فوائد للإدارة الضريبية والممولين علي حد سواء بتحصيل عشرات المليارات من الجنيهات لصالح الخزانة، كما سينهي نزاعات الممولون مع المصلحة بطرق ودية يسددون من خلالها مستحقات الدولة دون أن يقع ظلم عليهم أو يحملهم بأعباء مالية إضافية، فضلاً عن تسوية جزء كبير من المتأخرات الضريبية المتراكمة منذ سنوات طويلة، وبما سيؤدى إلي ترسيخ مبدأ فتح صفحة جديد مع الممولين لإرساء مبادئ تغيير السياسة الضريبية وأسلوب التعامل مع دافعي الضرائب.