تابع المجتمع الدولى باهتمام بالغ الزيارة الناجحة التى قام بها المشير عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع والسفير نبيل فهمى وزير الخارجية إلى روسيا الاتحادية، الوزن الدولى والإقليمى للبلدين جعل الانظار تتجه إلى القاهرةوموسكو لمتابعة نتائج اللقاءات بين المشير ووزير الخارجية والرئيس الروسى بوتين ووزير دفاعه، فمصر تعتبر بوابة الوطن العربى والحاكمة للاستقرار فى الشرق الأوسط، وروسيا الاتحادية ثانى أكبر قوة اقليمية، وفاعل رئيسى فى أمور الشرق الأوسط، وهناك علاقات صداقة ممتدة بين البلدين منذ أربعينات وخمسينات القرن الماضى، والزيارة كانت تهدف إلى تعزيز أواصر هذه العلاقة، وحققت أهدافا تصب فى مصلحة البلدين. الظروف الحالية تسمح بخلق مناخ سياسى جديد بين البلدين، الدبلوماسية المصرية ترغب فى تعزيز استقلالية القرار الخارجى وتوسيع بدائل استراد السلاح بعد 33 سنة من الاعتماد على الولاياتالمتحدةالأمريكية فى هذا المجال، وروسيا هى الدولة الثانية بعد أمريكا فى تصدير السلاح، وتبلغ مبيعاتها 26٪ من اجمالى مبيعات السلاح فى العالم بحوالى 15 مليار دولار، ويهمها كسب السوق المصرى الذى يحتاج إلى تطوير سلاحه والبحث عن الجديد من التقنيات الحديثة. روسيا تؤرقها المنظمات الإرهابية والمتطرفة، ومصر تواجه إرهابًا أسود يمثل لها معضلة كبيرة وتبذل الجهود للسيطرة عليه، وترغب روسيا فى أن تبقى مصر قوية ومستقرة لأنه إذا نجحت مصر فى استئصال الخلايا الإرهابية فإن ذلك سيكون فى مصلحة روسيا لتأمين استثماراتها ومصالحها، بل سيكون استقرار مصر فى مصلحة العالم أجمع، لأن الإرهاب ليس له وطن ولا دين، واستئصاله سيعود بالاستقرار على المجتمع الدولى والإقليمى بالكامل. لم تلجأ مصر إلى استيراد احتياجاتها من الأسلحة إلى روسيا صديقتها القديمة لاستبدال الطرف الأمريكى بالروسى، ولكن ذهبت إليها لإضافة شركاء جدد، واستثمار الرصيد التاريخى الصلب من العلاقات بين البلدين، فالعلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفيتى القديم ومصر بدأت عام 43، وتم توقيع أول اتفاقية اقتصادية بين البلدين عام 48 حول مقايضة القطن المصرى بحبوب وأخشاب من الاتحاد السوفيتى، وقدم الاتحاد السوفيتى لمصر المساعدات فى تحديث قواتها المسلحة وتشييد السد العالى بعد ثورة 23 يوليو، وبلغت العلاقات ذروتها بين البلدين فى الخمسينات حيث ساعد آلاف الخبراء السوفيت فى إنشاء المؤسسات الانتاجية فى مصر ومنها السد العالى فى أسوان، ومصنع الحديد والصلب فى حلوان، ومجمع الألومنيوم فى نجع حمادى، ومد الخطوط الكهربائية من أسوان إلى الإسكندرية، وتمت فى مصر مشروعات صناعية بمساهمة الاتحاد السوفيتى، وزودت القوات المسلحة المصرية منذ الخمسينات بالأسلحة السوفيتية، وتوترت العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتى فى عهد السادات، وانقطعت عام 81، وعادت تدريجيًا، وكانت مصر فى طليعة الدول التى أقامت علاقات دبلوماسية مع روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتى عام 91. زيارة السيسى وفهمى إلى روسيا تاريخية لأنه لأول مرة فى تاريخ السياسة المصرية يسافر وزيرا الدفاع والخارجية معا إلى الخارج، وتكون إلى موسكو، وهذا تسليم من مصر بمكانة روسيا الاتحادية، تم خلال الزيارة بحث ملفات مهمة. مثل الإرهاب واسلحة الدمار الشامل وأزمة سوريا، وجاءت الزيارة ردًا على زيارة وزيرى الدفاع والخارجية الروسيين إلى القاهرة فى نوفمبر الماضى، هذه الزيارة لا يجب قصرها فى اتجاه واحد وهو التسليح، وإن كان هو السبب الرئيسى للزيارة، ولكنها امتدت إلى الجانب الاقتصادى لإصلاح القطاع العام الذى انشأه عبدالناصر وتأهيل مصانعه، وتطوير توربينات السد العالى. شعب روسيا رحب بالزيارة واعتبرها تاريخية وتم استقبال السيسى وفهمى بوفد رئاسى روسى يليق بمكانة مصر، وتحدث بوتين بشكل واضح، معلنًا تمنيات روسيا فى أن يصبح السيسى رئيسًا لمصر، وقال إن ترشح السيسى للرئاسة قرار مسئول، ويضمن استقرار مصر، وتمنى بوتين التوفيق للسيسى فى تحمل مسئولية الشعب، وتوقع بوتين فى محله لأن السيسى هو الرجل الأقوى والقادر على تحقيق الاستقرار فى مصر، وإذا استقرت مصر استقر العالم.