حوار - محمد عبدالفتاح-أماني زكي في وقت حرج.. تحمل اللواء صلاح الدين الشربيني مسئولية قطاع الأمن المركزي في أواخر فبراير الماضي ، في قلب الغضب الشعبي علي أجهزة الأمن التي تصدت للثوار وخاصة قوات الأمن المركزي. في هذا الحوار مع »الوفد الأسبوعي« يكشف اللواء صلاح الشربيني كثيرا من أسرار تلك الفترة الحرجة، كما يكشف عن الأعداد الحقيقية لقوات الأمن المركزي وطبيعة عملها، وتحول طبيعة هذا العمل في الفترة المقبلة، والانتقال من مهمة قمع المتظاهرين - كما يؤكد - إلي القضاء علي البلطجة والإرهاب وتجارة المخدرات. »الشربيني« يوضح هنا أنه لا عودة للحلول الأمنية كما كان يجري في عهد النظام السابق، مشيرا إلي ضرورة العمل وفقاً لأجندات ذات أهداف محددة حتي تتعافي مصر بأسرع وقت ممكن.. وهذا نص الحوار: ما أعداد قوات الأمن المركزي الحقيقية؟ - عدد القوات الضاربة في الشرطة يتم أخذها من القوات المسلحة وعدد المجندين الملحقين إجمالا 290 ألفاً منهم 118 ألف عسكري في حيز العمل وثلث القوة في اجازة مستمرة أي ما يقرب من 40 ألفاً.. وصافي القوة 80 ألف عسكري علي مستوي الجمهورية من أسوان إلي الإسكندرية في معسكرات قائمة بذاتها ومنتجة وبها كافة الحرف وتعمل أيضا علي تأمين نفسها ولا مساس للإجازة الخاصة بهؤلاء.. يتبقي 80 ألف ثلثهم لتأمين المعسكرات والأعمال الإدارية.. والقوة الضاربة ما يقرب من 50 ألفا والمعدل النظري يشمل 29 محافظة أي 2000 مجند لكل محافظة وهذه القوة الحقيقية وهي بالكاد تنفذ مهامها. وما حجم تلك القوات في العاصمة؟ - في الاحداث الأخيرة كان هناك نحو 17 ألف مجند في الشارع وتشمل الاعداد القاهره الكبري وكانوا مكلفين بتنفيذ المهام الخاصة بتأمين المنشآت ومنع وصول المتظاهرين لبعض المناطق الحيوية ويتم توزيعهم طبقا للكثافة السكنية والميادين المهمة، وهذا الرقم لن يكون خاطئا بأي حال من الأحوال لانه خارج عن القوات المسلحة وهؤلاء يستخرجون شهادتهم من وزارة الدفاع. وما مبررات حالة التراجع الملحوظ للأمن المركزي في الفترة الأخيرة؟ - الأمن المركزي مازال يعمل بكامل قوته وهذا تم بعد الأسبوع الأول من الأحداث وليس هناك تراجع للأمن المركزي ولم يعد من أهدافنا قمع المتظاهرين بل مواجهة البلطجة والخارجين عن القانون لنتجنب خطيئة النظام السابق الذي أرغمنا علي التدخل في المشاكل السياسية وعلاجها بقرار أمني.. حاليا نعمل في إطار تأكيد التواجد الأمني بشكل مضاعف قبل 25 يناير ولكن القوات الخاصة تظهر لتختفي وليس مطلوبا منه ان يتواجد باستمرار في الشارع الآن، ومكان جندي الأمن المركزي حاليا في كل الطرق الطويلة الموصلة للمدن ونتواجد مع المباحث الجنائية بشكل دائم لإعادة الأمن. رغم ذلك لا يلحظ المواطنون هذا التواجد بالشكل المطلوب؟ - لا يمكن ان يعمل الأمن إلا في مناخ مساعد، فغير منطقي ان يتواجد شرطي عند كل عقار أو منطقة فهو مكلف بمهمة محددة في مواجهة الخارجين علي القانون وسواء كان مناخ إعلامي أو أي ظروف تعوق تنفيذ المهام فالأمن لا يعمل بمعزل عن المجتمع فلابد ان يساند الأمن المجتمع والمجتمع يبادله نفس المساندة. ولكن لابد إظهار الفعالية والقوة؟ - لا نستطيع ان ننفي بعض الشيء ان مازال هناك تأثير نتيجة أحداث يناير والتي وصلت إلي حد تقييد استخدام القوة في تنفيذ المهام ولكن ما حدث في مجلس الوزراء الذي أتاح لنا حق استخدام القوة في الإطار الشرعي والقانوني كان دافعاً مهماً ومعنوياً أعطي الحق للشرطي في تنفيذ مهامه وحرية للتحرك مما نتج عنه رفع معنوياته... تحقيق الأمن لا يكون بالنوايا الحسنة وإنما هو إجراءات تنفيذية ولابد من القانون ليضفي الشكل الرسمي علي القوة. ولكن يبدو ان عملكم يجري بصورة نمطية؟ - هذا غير صحيح.. والدليل انه خلال الأيام الماضية شاركنا بحجم القوات التي بلغت 219 مأمورية اشترك بها ألف و 432 ضابطاً و449 و22 ألفاً و800 مجند و1323مهمة للاعتصامات الفئوية و85 مباراة كرة قدم وتأمين 1316 مهمة للصحراء وأخري. وما نتائج هذه الحملات؟ - نتجت عنها ضبط رشاشات متعددة و555 طلقة، و131 فرد خرطوش و358 سلاح أبيض 1600 طلقة وماكينة لتصنيع أسلحة خرطوش، ألف و310 متهم من وسيارات ترحيلات و5 تماثيل أثرية، و12 ألف مخدر وكميات افيون ومليون و500 الف جنيه مصري وتعديات علي 27 ألفاً 777 فدان و152 تعديات علي أراض زراعية وإزالة التعدي علي ما يزيد علي 500 مسكن. ولكنها ضعيفة مقارنة بحالة الانفلات الأمني؟ - أهدافنا تعدلت بعد الثورة فلم تعد مهمتنا عرقلة التظاهر السلمي أو التشريفات وأهدافنا ترتكز علي مواجهة الشغب والإرهاب والمخدرات وكل ما يعرقل أمن المواطن ولا يمكن ان نحقق طفرة في يوم وليلة وإنما نحن نتقدم ونأخذ خطوات للأمام حتي ان التدريب والاعداد الخاص بالقوات أصبح مهما في مثل هذه الظروف والنمط الطبيعي في جميع دول العالم ان الشرطة تستمد قوتها من السلطة وإذا قويت السلطة والمؤسسة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاعلامية ستقوي الشرطة بالضرورة، ولا يمكن ان تستمد السلطة قوتها من الشرطة وإلا عدنا للخلف كما كنا نعيش في دولة بوليسية لذلك أصبح التوجه الأساسي هو اتباع الشرع والقانون ومراعاة الحريات وحقوق الإنسان ونوعي الضابط الآن بهذا ونركز علي ان الأمور تبدلت وفي النهاية عند تحقيق الهدف ترتفع المعنويات. ما دور الأمن المركزي تجاه البؤر الإجرامية؟ - يعمل بمعني القوة الضاربة فهي الأداة التنفيذية لكل المأموريات الخاصة بالقطاعات سواء المخدرات أو البحث الجنائي نحن مجرد أداة تنفيذ. ما هي ترتيباتكم لمواجهة هذه البؤر؟ - نعتمد علي قوات خاصة ولا يمكن ان تعمل إلا في مساندة شعبية وهي بؤر محددة وتتوالي العمل فيها بخطط مكتملة.. هناك حساسية تجاه تواجد الأمن المركزي في ميدان التحرير.. كيف تتعاملون مع هذا الأمر؟ - الأساس الفني لتنفيذ المهم هو ان يظهر ليختفي، وميدان التحرير أصبح له خصوصية ولكن هناك الآن تنسيقاً يتم بين المأموريات علي مراحل مختلفة والميدان أصبح رمزا للثورة وهذا إجراء يتم من خلال البحث الجنائي بالاتفاق مع المديرية والمرافق. وكيف تعالجون غياب الأمن في المحافظات؟ - هناك بعض الأماكن تعاني ونضع لها رؤية مستقبلية ولكن الخطة بالنسبة لها ستأتي لان هناك أولويات نعمل تبعا لها. هل هناك تعاون بين الأمن المركزي والمحافظات؟ - هذا قرار يخص مؤسسات دولة ولابد من تعاون كامل مع المحافظة والمحليات ولا يمكن ان تقحم الشرطة نفسها في كل المشاكل الاقتصادية وغيرها من جديد ونحن الآن نحاول السيطره علي الموقف جغرافيا وداخليا علي مستوي الإدارات، وأنا متفائل بأخذ خطوة للأمام والمواطن بدأ يستشعر بذلك. لو كنت قائدا لقطاع الأمن المركزي خلال أحداث يناير .. تري ماذا كنت فاعلا؟ - في حالة وجود خطة تصويرية تحدد المخاطر والأهداف وتقدير الموقف والرؤية سيسهل الحل الموقف لم يكن مشكلة أمنية ولكن كانت مشكلة سياسية ولم تكن أمنية تحتاج ان تعالج بقرار سياسي وليس أمنيا. وقصة الانسحاب؟ - استحالة فلم يحدث انسحاب ولم يكن هناك أمر انسحاب وليست هناك مقارنة بين المكلفين بالمهمة وبين الاعداد التي قامت بالثورة. وماذا عن تسليح القوات؟ - تسليح قوات الشرطة علي مستوي العالم يحكمها القواعد الفنية والقانونية ليتيح لرجل القانون استخدام القوة لتنفيذ القانون بجانب الإجراء الفني أي التدرج في استخدام القوة وما يحل بالحوار لا نستخدم فيه اليد وما يحل بالأيدي لا يحل بالسيوف واستخدامها في مصر ليس بدعة. هل تم استيرادها من إسرائيل؟ - غير صحيح ولا علاقة لها اطلاقا بعملنا. وحقيقه الرصاص المطاطي الذي اطلق علي المظاهرات ولم يطلق علي البلطجية؟ - من حق رجل الشرطة استخدام القوة في إطار القانون وفي مهام كثيرة ضربنا البلطجية ولم يتردد الضابط في استخدام سلاحه عند الضرورة في ضرب النار وساعدنا مجلس الوزراء بتأكيده علي حقنا في الدفاع الشرعي واستخدام القانون مازال موجودا في حالتين من حق رجل الشرطة استخدامه كدفاع عن النفس أو تنفيذ أحكام. وماذا عن عربات الأمن المركزي التي تم إشعال النار بها؟ - لم تعنينا الخسائر المادية في مقابل البشرية لانهم الأهم والقائم عليهم القطاع بشكل عام وتقدر تلفيات الوزارة بنحو 85 سيارة محروقة و16 تلفيات والمجمل 200 سيارة وبدأنا في استكمالهم للعودة مرة اخري . ما حصيلة إصابات القطاع بين الضباط؟ - 184 ضابطا مصابا ومتوفي و27 فرداً بخلاف 2 وفيات وإصابة 475 مجندان و4 وفيات ويوميا هناك إصابات ناتجة عن البلطجة. وكيف يتسني الدفاع عن أقسام الشرطة حاليا من وجهة نظرك؟ - لسنا خائفين إطلاقا ومستعدين لاستخدام القوة بكامل قوتنا وما حدث هو وضع استثنائي لن يتكرر فالخطأ كان في تقدير الموقف قبل الإجراءات التنفيذية وعمل سيناريوهات أصبح أمراً ضرورياً. ألا تخشي البلطجة التي تضرب مصر بعنف؟ - الأمن المركزي لا ينفصل عن تاريخه منذ 69 وحتي الآن واجهنا ما لا يتخيله بشر وواجهنا الإرهاب وقضينا عليه ولا نخشي البلطجية ولا المخدرات ولدينا القوة ولكن الإجراءات الأمنية تأخد وقتها ومع تماسك المؤسسات سينصلح الأمن فهذا التماسك يعطي قوة للشرطة. وكيف يتم تأهيل الأفراد التابعين للقطاع؟ - أولا الإعداد البدني والنفسي والمعنوي وتعريفه علي حق المواطن في التظاهرالسلمي والحريات والحفاظ علي الشرعية القانونية في استخدام القوة لإرسال الأمن إلي المواطن بالتنسيق مع كل أجهزة الشرطة. لماذا يكره الضباط عقب تخرجهم الانضمام للأمن المركزي؟ - بعد 25 يناير هناك أعداد كبيرة تقدمت لتكون ضمن صفوف الأمن المركزي والمعيار يكون للأقدمية.. كما أن الأمن المركزي عمل جماعي ولابد أن يكون له مواصفات بدنية، اختياره أولا ويتم متابعته فيما بعد ونحن علي خط أفقي واحد. هل أنت راض عن رواتب أفراد وضباط الأمن المركزي؟ - الأمن جزء من المجتمع وما ينطبق علي المجتمع ينبطق علي الشرطة وفي الفترة الأخيرة حدث تحسن في الرواتب ومعلن في كل وسائل الإعلام وهناك حالة من الرضا. نلاحظ أن جندي الأمن المركزي ضعيف البنيان؟ - يخضع المجند لتدريب ورعاية بدنية وصحية ليست بسيطة وهناك قوات لها مهمات خاصة وتكون بمواصفات قوية. هل هناك ضغوط تتعرض لها سيناء وهناك خلل أمني بها؟ - سيناء مقسمة وهناك منطقة (ج) نتولي حراستها مع إسرائيل لحوالي 500 كيلو متر تبدأ من رفح شمالا وحتي حدود جنوب طابا وفقا لمعاهدة السلام، وبدأت الحملات في منطقه سيناء والعريش الآن. وكما أشرت مسبقا إلي انه لابد من المعالجة السياسية والاجتماعية قبل الاتجاه إلي المعالجة الأمنية فعلي سبيل المثال إذا تحدثنا عن سيناء كبدو فهم لهم كل الاحترام والتقدير لان لهم مطالب اقتصادية واجتماعية محددة ومن غير المنطقي ان أحملهم مربع الاتهام الكامل لكل ما يحدث هناك خاصة انهم ذوو حس وطني وشاركوا في الحروب بشكل قوي وإذا كان جزء خارجاً علي القانون فليحاسب أيضا. وهنا ننتقل إلي جزئية مهمة وهي ان الدولة التي لاتملك أجندة للتعامل ذات أهداف ونمط محدد لا يمكن أن تكون دولة وعلاقات الدول لا تقوم علي العواطف وإنما علي مصالح، ففي حالة فقدان الأجندة ستفقد المصالح كما حدث مع السودان وليبيا وما حدث مسبقا من فتنة قبلية للبدو في سيناء كان موجهاً وما حدث من فتنة طائفية يرفضه مجملا وتفصيلا الطرفان المسلم والمسيحي كان له أهداف خاصة.. كل هذه ملامح أدت الي الغضب الشعبي وإندلاع الثورة ولا ننسي ان الفتنة الاجتماعية كانت القصة الاساسية لهذا المشهد وتم اقحام الشرطة في كل الحلول مما سبق ذكره لذلك تحملت كل أخطاء النظام السابق. وحتي أحول الأهداف المتناثرة الي هدف واحد لابد ان يعيش معي المجتمع . وما رسالتك للبلطجية؟ - ستتعامل الشرطة مع كل الخارجين علي القانون عاجلاً أم آجلا بحزم في إطار استخدام القانون والشرعية للضرب علي أيدي البلطجة من حديد. وكيف تنظر لطريقة اللواء منصور العيسوي في إدارة وزارة الداخلية؟ - هو أفضل شخص لهذه المرحلة لانه مستمع جيد ومن يحسن الاستماع يحسن اتخاذ القرار الصحيح وقراراته مدروسة. ما رأيك في ائتلاف ضباط الثورة؟ - لديهم بعض العذر لبعض الوقت وليس لكل الوقت فهم جزء من المجتمع ثاروا معه وكان لابد من دعوتهم مرة أخري لان الأمر قد انتهي. الأمن المركزي له مهمة جديدة في المباريات فلماذا لم يستخدم الحزم؟ - لا تهاون إطلاقا مع الخارجين عن القانون ومهما كانت القوة موجودة فهناك محددات فنية في استخدامها ونحتاج حكمة للتعامل ولابد من الديمقراطية التي تعني السلوك وليست انتخابات بمعني التركيز علي قبول الآخر وهذا دور الإعلام والثقافة. هل هناك استعدادات لتأمين المباريات القادمة؟ - مستعدين لتأمين أي مهمة بكامل قوتنا. وماذا عن التواجد الأمني في المناطق الساحلية مع دخول المصايف؟ - نعمل بالتنسيق في خطط موجودة فلا نعمل بشكل مستقل وإنما تابع للمديرية لانها تملك الخطة ونعد أنفسنا بالفعل للأمور المستقبلية. ما خطتكم لمواجهة أي محاولة لإقحامكم في السياسة؟ - ما حدث قبل 25 يناير لن يعود بنا للوراء ونحن أكبر جهاز سيلقي الراحة من تطبيق القانون، فستكون الشرطة أكثر مؤسسة تعمل براحة مطلقة لانها تستمد قوتها من سلطة ديمقراطية وستحرص علي أن تكون واجهة مشرفة لها. شاهد الفيديو