يعيش حالياً الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح الرئاسي السابق حالة من عدم الاستقرار السياسي مع قرب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقرر فتح باب الترشح لها خلال الأسابيع الماضية. وقد نجح «أبوالفتوح» خلال الانتخابات الرئاسية الماضية في استقطاب عدد كبير من الشباب معتمداً علي جلساته معهم خلال الحملة علي إقناعهم بعدم انتمائه لجماعة الإخوان برغم أنه كان قيادياً بالجماعة لقرابة 40 عاماً، وهو ما كان يستوجب علي مؤيديه أن يفهموا صعوبة التنصل التام من أفكار الجماعة بعد كل هذه السنوات بها. والآن يعود المشهد الرئاسي هذه المرة مختلفاً تماماً عما سبق، حيث إن ظاهرة تعاطف المواطنين مع أنصار التيار الديني والمتشدقين والمتاجرين باسم الدين قد اختفت تماماً بعد وصول جماعة الإخوان للسلطة وما فعلوه بمصر والمصريين، لولا إرادة الشعب المصري التي خرجت في ثورة 30 يونية لتعيد ثورة 25 يناير إلي مسارها الصحيح. وبالتالي يعاني «أبوالفتوح» الآن من كونه ليس قيادياً سابقاً بجماعة الإخوان فقط، وإنما كونه محسوباً علي التيار الديني بشكل عام وهو ما يلفظه المصريون الآن بعد خداع المتأسلمين للشعب من ناحية، وظهور شخصية المشير عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة التي ينتظر المصريون ترشحه لرئاسة الجمهورية، وهو ما سيطيح بأحلام الحالمين بمنصب رئيس الجمهورية بمجرد إعلان ترشحه كونه الأكثر شعبية في الشارع الآن. وفي الأيام الماضية، كثر الحديث عن ترشح عبدالمنعم أبوالفتوح في الانتخابات الرئاسية برغم كل ما يحدث علي الساحة وما يشهده الشارع المصري تجاه التيار الديني بشكل عام، ومن ثم عقد أبوالفتوح عدداً من اللقاءات الذي حاول من خلالها العودة للمشهد السياسي، كان من أبرزهم لقاءه بالسيد عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين للحديث حول الوضع الراهن. ويظهر في شخصية «أبوالفتوح» الآن أنه لم يعد قادراً علي تصدر المشهد بمفرده ومن ثم لجأ للاستناد إلي بعض الشخصيات للعودة للمشهد ربما تخوفاً من الانتقادات التي يواجهها في حال ظهوره بمفرده، وهذه الطريق ربما سيلجأ إليها أبوالفتوح خلال الفترة القادمة وقبل الانتخابات الرئاسية، مما استوجب تحليل شخصيته. تقول الدكتور نادية رضوان، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بورسعيد: إن الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح يبحث الآن عن زعامة يعتمد بشكل كبير فيها علي فلول الرئيس المعزول محمد مرسي وأعضاء جماعة الإخوان وعدد من الرافضين للوضع الحالي بحكم المصالح التي كانت تربطهم بنظام الإخوان. وتري «رضوان» أن «أبوالفتوح» يراهن علي عدم ترشح المشير عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة لرئاسة الجمهورية ومن ثم يعتقد أبوالفتوح إمكانية انقسام القوي المدنية حول المرشحين الآخرين علي أن يسعي لكسب ود أعضاء التيار الديني الذي هو جزء منهم - بحسب قولهم. وحذرت «رضوان» من حالة التشرذم بين القوي المدنية في حالة عدم ترشح المشير السيسي قائلة: «أبوالفتوح يغامر مرة أخري حتي لو ترشح المشير السيسي فإن أبوالفتوح سيسعي لترشيح نفسه ليلتف حول أنصار الديني ليصبح بمثابة زعيم الإسلاميين وهذا هو الدور الذي يبحث عنه منذ أن كان في جماعة الإخوان». ولم تر أستاذة علم الاجتماع أي فارق بين عبدالمنعم أبوالفتوح وبين جماعة الإخوان الذي كان أحد قياداتها لأعوام طويلة، واصفة إياه بأنه «الوجه الآخر من العملة للإخوان مثل السلفيين تماماً»، مشيرة إلي أن أنصار التيار الديني لن يتخلوا عن حلم السلطة بسهولة. ووصفت «رضوان» محاولات «أبوالفتوح» وأنصاره بالسعي لتصدر المشهد في الانتخابات الرئاسية والوصول لكرسي الرئاسة ب «اليائسة والفاشلة»، في الوقت الذي طالبت فيه القوي المدنية باتخاذ موقف موحد تجاه الأوضاع السياسية بشكل عام والانتخابات الرئاسية بشكل خاص سواء ترشح المشير السيسي أم لا. أما الدكتور سوسن فايد، أستاذ علم النفس والاجتماع السياسي، فتري أن شخصية الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح أصبحت في مأزق كبير بعد أن كشفت الأحداث النقاب عن جماعة الإخوان وأنصار التيار الديني بشكل عام ومعرفة الشعب المصري لحقيقة أمورهم. وتري الدكتور سوسن فايد أن شخصية الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح لا تستطيع الخروج من الأفكار التي تبناها في جماعة الإخوان قائلة: «عبدالمنعم أبوالفتوح الآن غير قادر علي توصيف نفسه، وبالتالي يبحث عن تقنين دوره السياسي في المستقبل». وتضيف سوسن فايد أن الفترة القادمة لم يكن فيها لعبدالمنعم أبوالفتوح سوي طريق واحد وهو محاولة لعب دور إيجابي تجاه السلطة الحاكمة ربما يتمثل هذا الدور في محاولة استقطاب أنصار جماعة الإخوان الذين يؤمنون بأفكارها ولا علاقة لهم بالأعمال الإرهابية أو التمويل الخارجي لعدم حدوث صدام بينهم وبين السلطة الحاكمة في الفترة الحالية. وتفسر الدكتورة سوسن فايد لجوء عبدالمنعم أبوالفتوح للقاء بعض الشخصيات العامة الآن بأنه «غير قادر علي العودة للمشهد بمفرده وبالتالي فهو يلجأ إلي شخصيات أخري تفتح له آفاقاً جديدة أو يكون لهذه الشخصيات قبول شعبي في الشارع وبالتالي فهو يسعي للعودة من خلال هذه الشخصيات».