في الوقت الذي تناطح فيه تنظيم الإخوان وأنصاره في دستور 2012 المعطل من أجل ترسيخ مبدأ الإسلام مصدر التشريع، وهو المبدأ الذي تنص عليه أغلب الدساتير في الدول الإسلامية، بما في ذلك دستور 2013 المعدل المزمع الاستفتاء عليه في 13-14 من يناير الجاري صادق المجلس الوطني التأسيسي التونسي (البرلمان) يوم السبت الماضي على الفصول الخمسة الأولى من الدستور الجديد لتونس ورفض مقترحات بتضمين الدستور نصا يعتبر الاسلام “المصدر الاساسي” للتشريع. وقد صوت بنعم على ذلك 146 عضواً من أصل 149 نائباً شاركوا في التصويت، وهو ما يميط اللثام عن الوجه الحقيقي لتنظيم الإخوان المسلمين الدولي القائم على المنفعة والمصلحة مع التشدق بالدين إذا لزم الأمر. وينص الفصل الأول من الدستور التونسي على أن "تونس دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الاسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها. لا يجوز تعديل هذا الفصل”. وقد أضاف المجلس التأسيسي عبارة جديدة لنص الدستور القديم الصادر سنة 1959 وهي أنه “لا يجوز تعديل هذا الفصل”، مما يؤكد تعمد المشرع إلغاء مبدأ الإسلام مصدر التشريع الأساسي في الدولة ليدحض بذلك ادعاءات تنظيم الإخوان بشأن سعيهم لترسيخ دولة الشريعة. دليل آخر على نفعية وانتهازية تنظيم الإخوان الدولي بتونس، والذي لديه استعداد كامل للتخلي عن مبادئه المزعومة من أجل الكرسي هو أن حركة النهضة الإخوانية الحاكمة وصاحبة أغلبية المقاعد في المجلس التأسيسي (90 مقعدا من إجمالي 217) طالبت في 2012 بتضمين الدستور نصا يعتبر الشريعة الاسلامية مصدرا أساسيا من مصادر التشريع في تونس، إلا أنها تراجعت وتخلت عن ذلك المطلب في مارس 2012 ووافقت على اقتراحات المعارضة بإبقاء الفصل الأول من دستور 1959 دون تغيير إعمالاً لمبدأ "كله يهون من أجل السلطة".