لم يعد السؤال فى مصر هل سيرشح القائد العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح السيسى نفسه لمنصب رئيس الدولة بل متى سيعلن إقدامه على هذه الخطوة. ولثانى مرة فى ثلاثة أيام قالت وسائل إعلام محلية يوم الإثنين إن السيسى حسم أمر ترشحه نهائيا. وفى وقت لا يوجد فيه مرشحون واضحون للمنصب، ظل المصريون يتكهنون بشأن نيات القائد العسكرى الذى عزل الرئيس الإسلامى محمد مرسى فى يوليو مع اقتراب الانتخابات الرئاسية التى قد تجرى فى إبريل. وسيكون من شأن ترشح السيسى زيادة الانقسام بين المصريين الكثيرين الذين يعتقدون أن يدا قوية مطلوبة لتسيير البلاد فى جو أزمة وبين الإسلاميين الذين يقع عليهم الجانب الأكبر من حملة على المعارضة. وقال مسئول فى الأجهزة الأمنية تحدث إلى رويترز طالبا ألا ينشر اسمه "على الأرجح سيعلن السيسى أنه سيخوض انتخابات الرئاسة." وأضاف "قيادة الجيش عبرت فى اجتماع عقد فى الآونة الأخيرة عن تأييدها لترشحه". وصارت مسألة نيات الترشح عند السيسى أكثر إلحاحا منذ أعلنت السلطات التى يدعها الجيش أن الانتخابات الرئاسية ستسبق الانتخابات التشريعية التى كان مقررا أن تجرى أولا. ولم يقل الجيش شيئا فى العلن بشأن نيات السيسى التى كانت المسألة البارزة خلال الفترة الانتقالية التى تلت عزل مرسى بعد احتجاجات شوارع حاشدة على حكمه يوم 30 من يونيو. وردا على تقرير لمحطة تلفزيون قال إن السيسى سيترشح لشغل المنصب أصدر الجيش بيانا يوم السبت قال فيه إن الجيش لم يصدر شيئا بهذا الشأن عبر مصادر مجهلة وحث وسائل الإعلام على اتباع القواعد المهنية فى التغطية. لكنه لم ينف بوضوح العناصر الرئيسية للتقرير الذى تلا فى برنامج حوارى على محطة تلفزيون إم.بي.سى مصر. وجاء فى التقرير أن السيسى سيخوض الانتخابات الرئاسية وأن الفريق صدقى صبحى رئيس أركان القوات المسلحة سيحل محله فى منصب وزير الدفاع والقائد العام للجيش. وما من شك فى أن السيسى سيكسب الانتخابات، وهو ما سيعيد عقارب الساعة إلى الوراء عندما كان رجال من الجيش يكسبون الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية وهو الوضع الذى أنهاه مرسى بفوزه فى انتخابات عام 2012. ورغم أن السيسى يتمتع بتأييد واسع بين المصريين الذين يشعرون بالسعادة لأنهم رأوه ينهى حكم مرسى فإنه فى نظر مناوئيه الإسلاميين شرير لأنهم يرونه العقل المدبر لانقلاب دموى أطاح بأول رئيس فاز بالمنصب فى اقتراع حر. وشنت الحكومة التى يدعمها الجيش حملة على جماعة الإخوان المسلمين التى ينتمى إليها مرسي، مما دفعها للعودة للعمل السرى وأثار مخاوف من حالة عدم استقرار قد تطول. وألقى القبض أيضا على معارضين علمانيين بارزين فيما كان ضربة للحريات السياسية. لكن مؤيدى السيسى يرون أنه الرجل القوى المطلوب لتحقيق الاستقرار بعد ثلاث سنوات من الاضطراب. وظهرت صوره فى لافتات وعلى أغلفة قطع الحلوى وجعلته وسائل الإعلام بطلا، وأنتج منتجون أغانى يتردد فيها اسمه واسم الجيش. وفى آخر تصريحات علنية له عما إذا كان سيخوض الانتخابات الرئاسية ترك السيسى (59 عاما) الباب مواربا بقوله لصحيفة كويتية فى مقابلة نشرت يوم 21 من نوفمبر : لنر ما تأتى به الأيام. وقال قريبون من تفكير السيسى إنه يدرك ما تقتضيه فكرة أن يخوض انتخابات رئاسة دولة تواجه أزمات سياسية واقتصادية ولكن فى الوقت الذى لم يتبق فيه وقت لتقديم مرشح آخر للشعب يقول محللون إنه ليس أمامه اختيار. وليس مرجحا فى رأى محللين وسياسيين أن يعلن السيسى الذى تلقى تدريبا فى الولاياتالمتحدة عزمه على الترشح قبل استفتاء على تعديلات دستورية مقرر إجراؤه فى 14 و15 من يناير ويعد جزاء مهما من خطة المرحلة الانتقالية. والاستفتاء هو المرة الأولى التى يدلى فيها المصريون بأصواتهم منذ عزل مرسى ويعتبر اقتراعا بالثقة فى خارطة الطريق وفى السيسى وفى التعديلات الدستورية نفسها. وتنبأ رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى محمد أبو الغار بأن يعلن السيسى ترك مناصبه الرسمية للترشح للمنصب بعد الاستفتاء. وبعد ذلك سيعد للانتخابات. وأضاف أبو الغار الذى ينتمى رئيس الوزراء المؤقت حازم الببلاوى لحزبه أن هذا هو ما يرجح حدوثه. وتوقع أبو الغار أيضا ألا يخوض أى مرشح ليبرالى أو يسارى الانتخابات إذا رشح السيسى نفسه. ولم يعلن أحد من المرشحين الذين خاضوا الانتخابات مع مرسى ترشحه للانتخابات الجديدة. وقال حزب النور السلفى الذى جاء ثانيا فى الانتخابات التشريعية السابقة إنه لن يتقدم بمرشح للرئاسة. وتتناقض ندرة المرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة مع وفرتهم فى انتخابات عام 2012 وكان بينهم القائد الأسبق للقوات الجوية الفريق أحمد شفيق والسياسى اليسارى حمدين صباحى والأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح وهو إسلامى معتدل. وقال أستاذ العلوم السياسية فى جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد إن الانتخابات الرئاسية قد تتحول إلى "استفتاء رئاسي" على السيسى أكثر من أن تكون منافسة حامية. واضاف "أنا متأكد من أنه سيكون هناك مرشحون آخرون لكنى لا أعتقد أنه سيكون هناك أى مرشحين جادين لديهم الشجاعة أو الجرأة لمنافسة السيسي".