ماذا قدمت أمريكا لمصر طوال السنوات الطويلة الماضية، حتي نتحدث عن استثماراتها المزعومة التي تلاعب بها البلاد حالياً؟!.. ما المنفعة التي استفاد منها المصريون علي يد الولاياتالمتحدة حتي نتعشم فيها خيراً في المستقبل؟!.. ما العائد علي المصريين من العلاقات الامريكية الوطيدة مع القاهرة طوال العقود الماضية حتي نتفاءل بمزاعم الامريكيين في المستقبل؟!.. لا يستطيع أي مسئول وطني أن يجيب عن هذه الاسئلة بالايجاب لصالح المصريين، فالامريكيون يأخذون أكثر بكثير مما يعطون، والمعونات المزعومة لمصر، مجرد طُعم لفرض السيطرة الامريكية علي الشأن المصري.. ودائماً ما تتدخل أمريكا في شئون أي دولة عربية من ناحيتين الاولي هي تحقيق الديمقراطية، والاستثمار الذي لا يتعدي قطاع البحث عن البترول والغاز. ومصر التي قادت أعظم ثورة في التاريخ الحديث لا تأبه أبداً بأي نموذج ديمقراطي تقدمه الولاياتالمتحدة والمصريون أوعي بكثير مما تتخيله أمريكا بشأن تطبيق الديمقراطية الامريكية المزعومة ولم يعد أمام واشنطن للتدخل في الشأن المصري إلا الدخول من باب الاستثمار داخل البلاد.. وهي عملية مشكوك فيها، لان الاستثمارات الامريكية لا تفيد مصر بشيء يذكر علي الاطلاق، ويخطئ من يظن أن هناك أدني أمل في أي استثمار أمريكي.. وقد جربت مصر خلال عهدي الرئيسين الراحل السادات والمخلوع مبارك، هذه الاستثمارات الامريكية ولم تعد بفائدة علي الشعب المصري من قريب أو بعيد. ولما فطن المصريون للألاعيب الامريكية بشأن المزاعم الديمقراطية والاستثمارات المكذوبة، لم يعد أمام واشنطن للتدخل في الشأن المصري، سوي الجمعيات الاهلية التي راحت تمولها بالاموال الطائلة، وتغدق عليها بشكل كبير حتي تندمج داخل المجتمع المصري، ولتكون ذات تأثير قوي ينفذ أي مخطط للامريكان.. ولا نكون مبالغين الآن اذا قلنا أن هناك مرشحين محتملين لرئاسة الجمهورية الآن تمولهم أمريكا وتدفعهم دفعاً الي المضي في طريق الوصول الي كرسي الرئاسة.. أمريكا الآن تلعب نفس اللعبة التي جرت في العراق، مع اختلاف ان مصر قادت ثورتها بنفسها والعراق دولة تم احتلالها وذبح رئيسها صدام حسين. الحقيقة المرة التي يجب قولها بدون لف أو دوران هي أن أمريكا تقود حالياً الثورة المضادة في مصر، سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة، المباشرة من خلال زعمها الحرص علي مصر ودعمها للديمقراطية في البلاد وفرض نموذج بهذا الشأن يرفضه كل عقلاء الامة، وغير المباشرة من خلال دعم الجمعيات الاهلية واغداق الاموال عليها لمناوئة أي قرار وطني يهدف الي صالح الوطن... أو علي الاقل نقل تبعية الولاء الي أمريكا وليس للوطنيين من أبناء مصر. الذي لا تعرفه أمريكا أن طبيعة الشعب المصري تختلف كلياً عن طبائع كل شعوب المنطقة العربية، فالذي تفعله الولاياتالمتحدة في الخليج مثلاً لا ينطلي علي الشعب المصري، والذي تفعله مع العراق وايران لا ينفع مع المصريين.. أبناء النيل لهم طبيعة خاصة أهمها أن أي ألاعيب لا يمكن أن تخيل عليهم أو تبعدهم عن ولائهم للوطن، فلا ينفع معهم ديمقراطية مزيفة ولا استثمارات مكذوبة.