خسارة الإخوان المسلمين السيطرة على نقابة الأطباء المصريين، خسارة فادحة تتخطى مجرد فقدان مقاعد مجلس مؤسسة مهنية. فهي تعني فقدان التحكم في ينابيع الأموال التي كانت تتدفق إلى النقابة عبر لجان الإغاثة، ومركزا لنشر فكر الجماعة في مصر ودول أخرى. بدأ توغل الجماعة في النقابة قبل نحو 4 عقود، وسيطرت عليها بالكامل منذ 28 عاما حتى أصبح مقرها، في شارع القصر العيني في وسط القاهرة ويعرف باسم "دار الحكمة"، قلعة حصينة من قلاع الإخوان المسلمين. ميزانية النقابة سرية منذ سيطر الإخوان على النقابة. أسوة بميزانية الجيش الذي ينتقدونه. فلا يعرف عن ميزانية النقابة بمجملها أو بنودها، ولا أوجه إنفاقها أحد من أعضائها سوى مجلس النقابة الذي فرض حولها تعتيما كاملا، كما أكد مصدر من النقابة لسكاي نيوز عربية. وتوقع المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه "ان تظهر مفاجآت تكشف الجهات التي استفادت فعليا من الأموال التي كانت تتدفق على النقابة عبر لجان الإغاثة، وهي تقدر بمئات الملايين ولها هدف معلن هو مساعدة المنكوبين في أماكن الكوارث والحروب مثل أفغانستان وغزة والصومال والبوسنة وأخيرا سوريا". وأكد المصدر "أن جزءا كبيرا من تمويل الجماعة يتم من خلال أموال النقابات التي يسيطرون عليها، ومنها بالخصوص نقابات الأطباء والمهندسين والمحامين، وهو ما يفسر الإستماتة على الفوز بمجالسها". ويتوقع أن تبدر من الأعضاء التسعة المنتمين للجماعة والباقين في المجلس "معارضة شرسة ومحاولات عنيفة لتعطيل كل محاولات تيار الاستقلال للكشف على الميزانيات السابقة للنقابة ومعاقبة أي انحرافات مالية". "لكن تيار الاستقلال مصمم على استعادة زمام الأمور وتصويب دفة قيادة النقابة، واستخدام الأموال لتحسين مستوى الخدمات المقدمة للأطباء وتنمية مهاراتهم ومساندتهم". نقابة الأطباء شكلت أيضا مركزا لنشر فكر الجماعة وتيارات أكثر تشددا. أتاح جوهر العمل الطبي، القائم على الإسعاف، التقرب من الناس في مصر وبلدان أخرى عن طريق بعثات علاج وإغاثة إلى أكثر المناطق خطرا وبعدا وتهميشا في الأرض، وهو ما خلق تعاطفا بين سكان هذه المناطق المنكوبة وأعضاء هذه الوفود. وبعد إعلان النتيجة قال عمرو الشورى، الفائز بمقعد مجلس النقابة عن قوائم الاستقلال، إن نجاح قوائم الاستقلال "جاء نتيجة نفور الأطباء من الممارسات غير المهنية لجماعة الإخوان التي سيطرت على النقابة لعشرات السنوات، وهي ممارسات تضمنت استغلال النقابة لتحقيق مكاسب سياسية للجماعة". كما أكد الشورى أن تيار الاستقلال يحمل أجندة تصب في مصلحة الأطباء وأنه لم يأت لإسقاط الإخوان أو غيرهم بل في سبيل العمل على الارتقاء بنشاط النقابة. وفي تصريح لسكاي نيوز عربية، اعتبر مصدر من أنصار جماعة الإخوان في نقابة الأطباء أن "هذه اتهامات باطلة". وأكد "هناك كشوف توثق دخل وإنفاق النقابة تعرض على ذوي الاختصاص الذين تصادف أنهم كانوا من أنصار الجماعة لمدة 3 عقود". وعن استخدام التيارات الإسلامية لنشر فكرها في دول أخرى وتحقيق مكاسب سياسية، قال المصدر "هل يعاقب الإسلاميون لكونهم الوحيدين الذين قبلوا الذهاب إلى التهلكة ؟". وأضاف "من الطبيعي أن يشعر المنكوب بالتعاطف مع من يخاطر بحياته من أجل انقاذ أبنائه من الموت أو من يثبت أطراف اصطناعية لمن بترت ساقه في انفجار لغم". بسيطرة تيار الاستقلال على النقابة يصبح له الحق في تشكيل هيئة المكتب، بما يعني استحواذه على مناصب الأمين العام، والوكيل، وأمين الصندوق، ومقرري اللجان الفرعية، بما فيها اللجنة الإعلامية ولجان الإغاثة والشباب والحريات والتعليم الطبي، ويحق له إلغاء وإقرار بعض اللجان الجديدة أو المجمد نشاطها. "النقابات المهنية ، وهي استمرار طبيعي للجامعات، هي بمثابة نقطة بديلة سعت جماعة الإخوان من خلالها لفرض انتشارها ووجودها السياسي والمجتمعي، ومحاولة تعويض المعوقات السياسية التي فرضها النظام الحاكم ضدها"، حسب الموسوعة الرسمية للجماعة. ويقول عبدالمنعم ابو الفتوح، أحد أبرز قيادات نقابة الأطباء، إن فكرة الانتشار في النقابات المهنية بزغت بعد حملة الاعتقالات التي قادها الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 ضد معارضيه، لا سيما من التيار الإسلامي. كانت انتخابات التجديد النصفي لمجلس نقابة الأطباء عام 1984 أول انتخابات تخوضها الجماعة، وفاز مرشحوها جميعا، فكانوا 7 من أصل 24 عضوا وتلى ذلك انتخابات نقابة المهندسين عام 1986.