كالعادة غرقت مصر في «شبر ميه»، تصرفات المسئولين ليس فيها جديد، الوضع كما هو، لا جديد بعد الثورة، لم يتغير شيء، الروتين مازال سيد الموقف، شوارع مصر غرقت، وتحرك المسئولون وواجهوا المشكلة بالتصريحات علي طريقة «كله تمام». شاء قدري أن أقود سيارتي وقت هطول الأمطار لفترة طويلة، وأقسم إنني لم أجد أي سيارة لشفط المياه، كما يزعم المسئولون، فتحت الراديو وسمعت أحد كبار المسئولين في البلدية يقول إن عشرات السيارات تشفط المياه في منازل الكباري وأماكن تجمعات المياه فضلا عن مئات العمال لتصريف المياه بشكل عاجل، وللأسف اكتشفت عودة «أبو لمعة» الشهير ب«الفشر» علي عباد الله، لست أدري علي من يضحكون، أي مسئول لديه ذرة من ضمير، ويخاف الله أن يتحدث كذباً. أزعم أن قيادات المحليات والبلدية، يجب أن تحال إلي التحقيق بسبب الإهمال الشديد، والكذب في كلامهم، لا يعقل بعد ثورتين أن يظل الفساد حاكما بأمره في قطاع المحليات، لا يعقل أن تعجز سلطة الدولة عن تطهير هذا القطاع من الفساد، تخيلوا معي أن معظم الازمات التي يتوجع منها المصريون بسبب إهمال وفساد المحليات. 3,5 مليون موظف وعامل في المحليات، يشكلون أكثر من نصف عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة، تضاعفت مرتباتهم خلال الثلاثة أعوام الماضية، دون أن تقابلها زيادة في العمل والإنتاج، ودون أن يتطهر المفسدون من الفساد، والنتيجة ما نراه من أشياء مؤسفة، لا شفافية في القول أو الفعل، لا قدوة، لا مساءلة، لا ضوابط حضارية وقانونية فى اختيار قيادات المحليات، كل شيء كما هو, والضحية هو المواطن المصري المسكين. من يريد أن يستخرج رخصة بناء أو توصيل مرافق عامة، أو إقامة منشأة صناعية صغيرة، أو ورشة يأكل منها حلالا، عليه أن يدور في فلك الفساد، وإلا يتوقف حاله، ويندم علي احتكاكه بموظفين يعطلون المصالح التي لا يدفع صاحبها المعلوم؟ ولعل ذلك يفسر هجوم البسطاء علي احتلال الأرصفة والأماكن العامة، لينضموا إلي مملكة الباعة الجائلين، بعد أن فشلوا في التعامل مع المحليات أو البلدية كما يقولون. وأتصور أن ما حدث من تكاسل وإهمال وكذب تجاه التعامل مع مياه الأمطار، إنذار خطر كبير، وفرصة للحكومة أن تطهر هذا الجهاز الكبير من الفساد، وأذكر أن حكومة عصام شرف قد أوشكت علي تطهير هذا الجهاز من رموز الفساد، وأعدت بالفعل قائمة بأسماء المتهمين بالفساد. وفقا للبلاغات التي تلقتها النيابة، ولكن رحلت الحكومة فجأة، وقبل رحيلها رحل المتحدث الرسمي لمجلس الوزراء حينما أعلن عن إعلان الاسماء خلال ساعات، ولكنه رحل بسبب ذلك، واحترنا وقتذاك في تفسير الاستقالة المفاجئة للمتحدث، ولكن لم نحتر في الإجابة وبصوت عال إنه الفساد الضاغط علي الحكومة، أو عش الدبابير الذي أطاح بمجلس الوزراء كله لمجرد اقترابه منه، وسكتت القضية بل نامت ملفاتها في أدراج ثلاجة الحكومة، حتي الآن، وظل الفساد سيد الموقف للأسف الشديد، وأريد أن أنبه الي أن كلامي عن الفساد في قطاع المحليات، لا يعني أن هناك شرفاء نحترمهم، ورغم قلتهم، فإنهم مظلومون لأن صوتهم ضعيف أمام حيتان الفساد، إلي هؤلاء كل الاحترام، ولن يضيعهم الله. المشهد لم ينته بعد ومازالت الأمطار تهطل وكل يوم تنكشف الحقيقة، حقيقة أن البلد به حكومة ضعيفة، لا تحاسب أحداً، ووزراء لا يسمع عنهم أحد، وحينما نسمع عن أحدهم، فليس بإنجاز قدمه، ولكن بكارثة وقعت في وزارته، الحكومة مازالت تعمل بطريقة رد الفعل، تنتظر حتي تقع الأزمة، ثم تواجهها بعقد مزيد من الاجتماعات وتشكيل اللجان.