شهدت الولاية الثانية فى حكم الرئيس الأمريكى "باراك أوباما" – التى بدأت رسميًا فى نهاية 2012 – تغيرًا فى السياسة الخارجية الأمريكية بعد تولى "جون كيرى" حقيبة الخارجية خلفًا ل"هيلارى كلينتون" ولا سيما حيال المنطقة العربية ، وقد اتسمت هذه السياسة بالتراجع والانحسار للنفوذ وفى بعض الأحيان بخيبة الأمل. وتأتى منطقة الشرق الأوسط فى مقدمة استراتيجيات السياسة الأمريكية لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بأمن إسرائيل – الطفل المُدلل لأمريكا – ومنها ما يتعلق بالرغبة فى السيطرة على مصادر الطاقة وتقليص الخصوم. السياسة الخارجية الأمريكية والأزمة السورية وتداعياتها على الخليج والسعودية. ظهر على أرض الواقع اتجاه فى الأوساط السياسية والأكاديمية الأمريكية والغربية ومن المختصين بالشأن الأمريكى يؤكد تراجع تأثير السياسة الخارجية الأمريكية فى أزمات منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والأزمة السورية التى اندلعت فى مارس 2011 وراح ضحيتها حتى الآن الآف القتلى، وإصابة وتشريد الملايين، وعلى الرغم من ذلك كله لم تحرك أمريكا ساكنًا واكتفت بالتلويح بشن ضربة عسكرية على أهداف ومواقع سورية ولكنها لم تُنفذ تهديداتها مُكتفيةً بإرسال فريق من المفتشين التابع للأمم المتحدة لتحرى صحة ما إذا كان النظام السورى يمتلك أسلحة كيميائية أم لا. وهو ما لم تتوقعه دول الخليج والسعودية التى تُعد طرفا لا يمكن إغفاله فى الصراع الدائر فى سوريا، وفى تسويته سلميا، وفى إعادة بناء سوريا بعد الأسد، بل اعتبرته انسحابًا أمريكيًا من المنطقة لأن سوريا – التى تتمتع بأهمية كبيرة فى الإقليم – تُمثل أهمية كبيرة لدول الخليج، حيث تُعد الحالة الثانية بعد اليمن التى تخشى من تأثيراتها على الأوضاع الداخلية لدول الخليج، كما تشير تقييمات مراكز الفكر الأمريكية، خاصة معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إلى أهمية دور مجلس التعاون فى حسم الصراع فى سوريا لصالح المعارضة المسلحة. توقعت دول الخليج والسعودية السُنية أن يكون امتلاك أسلحة كيميائية لدى سوريا دافعًا لدول الغرب للإطاحة ببشار الأسد الذى تدعمه إيران ذات الأغلبية الشيعية، ولكنها أدركت أنه لا يوجد توافق دولى حول التدخل العسكرى فى سوريا، أو رغبة أمريكية فى قيادة هذا التدخل؛ ورغم ذلك، فإنها حتى الآن تعمل على الحفاظ على مستوى ما من الضغط الدولى على الأسد، من خلال التحرك فى إطار مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، حيث تقدمت الكويت، والسعودية، وقطر، والأردن، والمغرب بمشروع قرار أقره المجلس فى 28 سبتمبر 2012 ، طالب بتمديد ولاية لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة له، والتى توثق انتهاكات النظام السوري، وتقديم تقريرها خلال دورة المجلس العام المقبل. وبذلك تبقى "حدود" الدور الخليجى مرتبطة بديناميكيات صراع النفوذ "التقليدي" بين دول الخليج، خاصة السعودية وإيران، وبمدى رغبة المجتمع الدولى فى تفعيل هذا الدور فى اتجاه التسوية السلمية للصراع فى إطار إقليمي. دور السياسة الخارجية الأمريكية فى إتمام اتفاق إيران النووى استقبلت دول الخليج وفى مقدمتها السعودية إتفاق إيران النووى الذى أبرمته مع مجموعة ال(5+1) باستياء شديد معتبرين هذا الاتفاق بمثابة خطر على منطقة الشرق الأوسط. وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى السعودى عبد الله العسكر – تعقيبًا على إتفاق إيران النووى الذى تم فى مؤتمر جنيف – إن النوم سيجافى سكان منطقة الشرق الأوسط بعد الاتفاق، فى إشارة إلى حالة عدم الارتياح الشديد التى تسود دول الخليج بسبب التقارب بين الغرب وطهران. ففى ظل غياب الموازن الإقليمى التقليدى الذى كان يمثله العراق - سواء على صعيد القدرات التقليدية أو حتى النووية- أصبح الدور الأمريكى فى المنطقة يقوم بوظيفتى الردع والموازن الإقليمى فى مواجهة إيران، كان الرهان الخليجى قائمًا على استمرار حالة العداء بين إيران من جانب والولاياتالمتحدةالأمريكية من جانب آخر، أو فى أقصى تقدير توجيه ضربة عسكرية ضد إيران، يدلل على ذلك، أنه منذ احتلال العراق وخروجه من معادلة توازن القوى فى المنطقة، أى منذ عقد كامل تقريبًا، لم تُقدِم دول مجلس التعاون الخليجى على اتخاذ خطوات توحى باستعدادها للمرحلة التى يتراجع فيها الاهتمام الأمريكى بشئون المنطقة، أو تتبدل فيها أولويات السياسة الأمريكية على النحو الذى بدأت ملامحه تتجسد الآن. المشكلة التى تعانى منها دول مجلس التعاون الخليجى بعد الاتفاق النووى الأخير هى مشكلة "انكشاف استراتيجي"، ربما تحدث عنها للمرة الأولى وبشكل صريح الأمير تركى الفيصل بن عبد العزيز آل سعود، الرئيس السابق للاستخبارات السعودية. وتبدو ملامح هذه المشكلة فى ثلاثة أبعاد رئيسية، البعد الأول: هو خروج العراق من معادلة توزان القوى فى المنطقة؛ البعد الثاني: أن الاتفاق النووى الأخير كشف بوضوح عن عدم قدرة دول مجلس التعاون الخليجى على الاعتماد - لأجل غير مسمى- على الدور الأمريكى الموازن لإيران؛ على الرغم من أنه لا يوجد ما يؤكد على أن التفاوض الخاص بالاتفاق النووى الأخير قد شمل القضايا الإقليمية التى يسعى الإيرانيون منذ سنوات إلى إدراجها فى المباحثات النووية، وخاصة ما يتعلق بدور إيران الإقليمي. أما البعد الثالث؛ يتمثل فى "تآكل" الرهان الخليجى على الدور التركى كموازن لإيران فى المنطقة، فالتوجه الخليجى الذى تشكل خلال السنوات القليلة الماضية للتقارب مع تركيا، لإفساح المجال لتوازن قوى إقليمى جديد، تلعب تركيا فيه دور الموازن الاقليمى لإيران، بات اليوم على المحك، بعد أن تسبب اختلاف المواقف بشأن دول الربيع العربي، وخاصة مصر، فى خلق فجوة ثقة عميقة مع أنقرة، تبدو تركيا أقرب فيها إلى إعادة النظر فى سياستها الإقليمية منها إلى الاستجابة لمتطلبات العلاقة مع دول الخليج، بل قد تشهد الفترة القادمة حدوث تقارب تركي-إيراني. هذه المشكلة ثلاثية الأبعاد تعكس بشكل واضح مدى القصور فى التفكير الاستراتيجى الخليجي. تداعيات الاتفاق النووى الإيرانى على سورياوالعراق أشادت الحكومة العراقية بالاتفاق، واعتبره رئيس الوزراء نورى المالكى "خطوة كبيرة على صعيد أمن واستقرار المنطقة واستبعاد بؤر التوتر فيها" معربًا عن تأييد العراق الكامل لهذه الخطوة "واستعداده لدعمها بما يؤمن استكمال المراحل المتبقية وإشاعة أجواء الحوار والتفاهم والحلول السلمية". كما أعربت الحكومة السورية - وهى حليف قديم لإيران- عن سعادتها بالاتفاق. تجسس أمريكا على العالم فضيحة تكشفها تسريبات سنودن شهدت الولاية الثانية للرئيس "باراك أوباما" انكشاف العديد من فضائح التجسس التى تدين الولاياتالمتحدة بشكل أو بأخر ومن أبرزها الوثائق السرية التى سربها "ادوارد سنودن"، عميل المخابرات الأمريكية السابق، الذى سرّب تفاصيل برنامج التجسس "بريسم" أو تحديدًا برامج المراقبة السرية التى تقوم بها الولاياتالمتحدة إلى الصحافة علاوةً على قيامه بتسريب مواد مصنفة على أنها سرية للغاية من وكالة الأمن القومى فى يونيو 2013 مما استدعى القضاء الأمريكى أن يوجه له رسميًا تهمة التجسس وسرقة ممتلكات حكومية ونقل معلومات تتعلق بالدفاع الوطنى دون إذن والنقل المتعمد لمعلومات مخابرات سرية لشخص غير مسموح له بالاطلاع عليها. واستكمالًا لمسلسل الإحراج الذى وُضعت فيه الولاياتالمتحدة جراء برامج التجسس والمراقبة السرية كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية فى أكتوبر 2013 عن وثيقة سرية جديدة سربها "سنودن" تشير إلى أن وكالة الأمن القومى الأمريكية تجسست على المحادثات الهاتفية ل35 من زعماء العالم. وتشير الوثيقة إلى أن وكالة الأمن القومى تحض المسؤولين البارزين فى مواقع مختلفة كالبيت الأبيض والبنتاغون والوكالات الحكومية على أن يقدموا مالديهم من أرقام هواتف تخص السياسيين البارزين حول العالم لإضافتها إلى قاعدة بياناتها. وقد ألقى هذا الموضوع بظلاله على أعمال قمة الاتحاد الأوروبى التى عُقدت فى بروكسل، بعد الكشف عن احتمال تجسس الاستخبارات الأمريكية على الهاتف المحمول للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وكذلك اتصالات ملايين المواطنيين الفرنسيين مما استلزم عقد اجتماع ثنائى بين ميركل والرئيس الفرنسى "فرنسوا هولاند" اتفقا فيه على تنسيق مواقفهما من واشنطن والمطالبة بأتفاق جديد على حظر التجسس. واعتبر المراقبون هذه القضية حساسة بصفة خاصة بالنسبة لألمانيا ليس فقط لأن الحكومة تقول إن لديها دليلا على تعرض الهاتف الشخصى للمستشارة الالمانية للمراقبة، لكن لأن فكرة التنصت فى حد ذاتها تعيد فى الأذهان ذكريات ما كانت تفعله الشرطة السرية فى ألمانياالشرقية سابقا حيث نشأت ميركل. وقد لجأ المحلل الإستخباراتى "إدوارد سنودن" إلى روسيا بعد أن قدم طلبًا للجوء السياسى إليها وتمت الموافقه عليه وهو ما أثار نوعًا من التوترات بين البلدين