الحياة حق مقدس كرم به الإنسان في الدنيا فلا يمكن لأي شخص التنازل عن هذا الحق او التخلي عنه انها جريمة. "جريمة قتل النفس" التى تعتبر من أبشع الجرائم، وقد اتفقت جميع الديانات السماوية على أن الحياة هبة من الخالق لا يحق لأحد غير الله أن يتصرف فيها، ولكن حياة الإنسان قد تمر بظروف صعبة عندما يُصاب بأمراض معضلة أو مستعصية قد تصل به إلى حالة من العجز أو اليأس من الشفاء، مع ما يرافقها من آلام مبرحة لا تُحتمل، ومن هذا المنطلق الذى يبدو أنه إنسانى، تبارت عدة تشريعات اوروبية وأمريكية، لإجازة القتل الرحيم أو الموت الطبى لهؤلاء المرضى بمرض لا شفاء أو فى حالة الحوادث الخطيرة فسمحت الدنمارك منذ العام 1992 للدانماركيين أن يعدوا وصية طبية في حالة الإصابة بأمراض لا شفاء منها أو في حالة الحوادث الخطرة، كما أجازت استراليا الموت الرحيم العام 1999 وكذلك هناك دولتان في العالم أقرتا قانونًا يجيز الموت الرحيم في الحالات المستعصية، هما هولندا عام 2001، وبلجيكا عام 2002. ووفقا لهذا التقرير على موقع «شارل أيوب» فتعريف مصطلح الموت الرحيم في ظل وجود القوانين والأديان يعنى إنهاء عذاب مريض استحال شفاؤه، بواسطة أساليب طبية غير مؤلمة.. إنه وضع حدٍ لحياة إنسان مريض بمرض لا شفاء منه، فالقتل الرحيم أو الموت الرحيم هو التعبير الطبي العلمي المعاصر، لما يعني تسهيل موت الشخص المريض الميؤوس من شفائه بناء على طلب مقدم من طبيبه المعالج. وعدة بعض القوانين التي أخذت بهذه المسألة أنه يتم تنفيذ الموت الرحيم في الحالات المرضية. وهناك الكثير من المرضى ممن يعانون حالات مرضية مستعصية وينتظرون الموت للتخلص من عذابهم وأوجاعهم ويطلبون من الطبيب المعالج «اعطيني دواء يخلصني من الحياة»، وذلك من شدة المرض الذي لا يمكن منه شفاء. وفي حالات يطلب أحد الأقرباء من الطبيب إراحة المريض من عذابه، خاصة إذا كان في حالة «كوما» وغيبوبة دائمة من كثر حبه بالشخص المريض ولا يقدر مشاهدته بهذه الحالة المرضية، وهذا الواقع طرح مسألة القتل الرحيم التي باتت واحدة من القضايا الخلافية في العالم من ناحية شرعيتها ومحاولة تبريرها أخلاقيًا ودينيًا وقانونيًا. و«القتل الرحيم» تعبير يوناني الأصل ويعني الموت الجيد أو الموت اليسير أو الموت الكريم.. وهذا الأخير ليس جديداً، إذ إن الشعوب والقبائل البدائية كانت تمارسه، فكانت مثلاً تقتل الكسيح لأنه يعيق القبيلة في تنقلاتها أو تدفن أصحاب الامراض المعدية أحياءً لأسباب وقائية. و في المدن اليونانية القديمة SAPARTANS كانوا يقلتون أصحاب البنية البدنية الضعيفة وذلك لكي لا تعيقهم في الحروب. ومنهم من يرى أن مصدر فكرة الموت الرحيم مأخوذة من الطب البيطري (فالحيوانات التي لا تنتج تُقتل).. ويرى البعض الآخر أنها مأخوذة من معاقل النازية والعنصرية، حيث إن الفكر النازي كان يعتمد أن الطفل الذي يولد يحمل تشوهات خلقية يتم التخلص منهم وذلك من أجل إيجاد عرق صافي خالي من الأمراض، وتنسب فكرة الموت الرحيم في الطب إلى الفيلسوف الإنجليزي بيكون (BACON) الذي يقول: «إن على الأطباء أن يعملوا على إعادة الصحة للمرضى، وتخفيف آلامهم. ولكن إذا وجدوا أن شفاءهم لا أمل فيه، ترتَّب عليهم أن يهيئوا لهم موتاً هادئاً وسهلاً». وفي مقولة شهيرة لأفلاطون وجهها الي كبير القانونين اليونانيين «غلوكون» حيث قال له: «إن على كل مواطن في دولة متدينة، واجباً يجب أن يقوم به، لأنه لا يحق لأحد أن يقضي حياته بين الأمراض والأدوية.. وعليك أن تضع قانونًا واجتهادًا، كما نفهمه نحن، مؤداه وجوب تقديم كل عناية للمواطنين الأصحاء جسمًا وعقلاً، أما الذين تنقصهم سلامة الأجسام فيجب أن يُتركوا للموت». وكذلك، دعا أنصار الفلسفة النازية أمثال نتشيه والقسس كاريل، الى القضاء على المرضى والضعفاء المصابين بعاهات جسدية أو عقلية، معتبرين أنهم جراثيم تعبث بالمجتمع. وهناك عدة طرق للقتل الرحيم: الطريقة الأولى: القتل الفعَّال أو المباشر، كإعطاء المريض جرعة قاتلة من دواء معد لذلك، وهو على أشكال: الحالة الاختيارية أو الإرادية وتكون بناء على وصية مكتوبة مسبقاً من المريض، والحالة اللاإرادية عندما يكون المريض فاقدًا الوعي فيقوم الطبيب بتقدير حالة المريض. الطريقة الثانية: «ولكن هي من اكثر الطرق إجراماً وتأخذ وجهان وتعتبر جريمة قتل من ناحية أو تحريض على الانتحار وهذه جريمة معاقي عليها بالقانون اللبناني»، وهي المساعدة على الانتحار, كإطلاق النار في الرأس، أو القفز من مكانٍ عالٍ. الطريقة الثالثة: القتل غير المباشر، عبر إعطاء المريض عقاقير لتهدئة الآلام وبمرور الوقت يكون لهذه العقاقير مضاعفات في إحباط التنفس وتثبيط عمل عضلة القلب، وفي النهاية الموت. الطريقة الرابعة: هي القتل غير الفعال، ويتم ذلك برفض علاج المريض أو إيقاف العلاج اللازم كالأجهزة الحيوية للمحافظة على الحياة، أو إيقاف عمل الآلة، أو تخفيف كمية الأكسجين، أو إعطاء المريض أدوية خاصة على مراحل تؤدي الى توقف عمل القلب. ولا تزال الدول التى تنفذ القتل الرحيم تواجه رفضاً قاطعاً من رجال الدين، فكل الأديان السماوية تجرم هذه الفعلة وتحرم قتل النفس، وهذا النوع من القتل الطبى مرفوض تماماً فىالدول العربية، إذ تعتبر التشريعات العربية حالة القتل الرحيم أو القتل إشفاقًا جريمة من الجرائم الخاصة التى لها عقوبتها بالسجن وفقاً لقوانين هذه الدول. وفى النهاية الروح لا يأخذها إلا من وضعها.