في الوقت الذي يقوم الجيش المصري بمعاونة الشرطة بحملة أمنية مكثفة في شبه جزيرة سيناء لمهاجمة الأوكار والبؤر الإرهابية، اغتالت الأيدي الآثمة جنودنا الأبرياء بطريق العريش - رفح أثناء عودتهم إلي القاهرة بعد أن أصبحت سيناء مرتعا للإرهاب والخارجين علي القانون. لقد سالت دماء هؤلاء الجنود علي أيدي جماعات إرهابية يفعلون جرائمهم باسم الدين، والدين منهم براء، فإلي متي سيظل جنودنا في سيناء يدفعون الثمن وكيف يمكن مواجهة هذا الإرهاب الذي ينتشر هناك؟ في البداية يجب أن نشير الي أن الإرهاب انتشر في سيناء بعد الإفراج خلال هذا العام عن المئات من الإرهابيين والقتلي، فقاموا بقتل العديد من جنودنا في الأمن المركزي والعديد من ضباط وجنود الجيش، والمؤسف أن تلك الجماعات نمت بشكل كبير حتي صارت تشكل خطراً كبيراً علي أمن الوطن، وأصبح لزاما الضرب بيد من حديد لحماية سيناء والسيادة المصرية. وطالب بعض رجال الشرطة والجيش وكذلك بعض علماء الدين والاجتماع بالقصاص من قتلة الجنود وعدم التهاون في تطبيق القانون بقوة وحزم. يقول اللواء عادل العبودي، مساعد وزير الداخلية السابق: إذا أردنا القضاء علي الإرهاب فيجب أن تكون هناك محاكمات سريعة وعادلة وتطبيق القانون بحزم مع ضرورة الوصول لمن يقوم بتمويل تلك الجماعات الإرهابية. كما يجب أن نكون علي علم بأن أمريكا هي المستفيد مما يحدث الآن وقد تكون هي وراء ذلك، خوفاً من أن يتم فضح أمرها إذا ما تحدث «مرسي» وجماعته فنحن لم نشهد مثلاً من قبل عند حبس «مبارك» أي محاولات أمريكية للتعاطف معه، لكنها تقوم الآن بالوقوف بجانب الإرهاب بعد أن أفسدت ثورة يونيو مخططاتها. باختصار إن الإرهاب لن ينتهي في الوقت الحالي لأن له جذوراً عميقة، والأمر يتطلب حكومة قوية للقضاء عليه ومعرفة من الذي يقف وراءه، فالشرطة والجيش صارا مستهدفين الآن، وما يحدث هو عمليات انتقامية يجب التصدي لها بكل قوة. وأضاف «العبودي»: يجب أن تتم جيداً مراقبة أعضاء جماعة الإخوان المتواجدين بالسجون الآن وتسجيل زياراتهم بالصوت والصورة لمنع تسريب أي معلومات ولمعرفة أي خطط يحاولون تدبيرها مسبقا. فالأجهزة الأمنية لم تشهد في تاريخها سقوط ضحايا منها بهذا الشكل، لذا يجب القيام بتطهير شمال سيناء من جميع البؤر الإرهابية، والتأكد من عدم وجود أي منافذ مفتوحة إلي غزة، هذا بالإضافة الي ضرورة تأمين الحدود مع ليبيا لمنع تهريب السلاح ووضع حد لتسلل الجماعات التكفيرية الي مصر وأخيرا فإن الرئيس المعزول هو الذي فتح الباب لدخول تلك الجماعات الي مصر. يقول اللواء د. أحمد عبدالحليم، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن ما يحدث الآن من عمليات إرهابية في سيناء، إنما الهدف منها هو زعزعة الأمن ومحاولة يائسة لإقناع الدولة بعودة «المعزول»، لكن لن يتحقق الهدف منها، بدليل ما أعلنه المتحدث العسكري من أن تلك العمليات ستزيدنا إصراراً علي مواجهة الإرهاب.. إذن فالجيش سيقوم بتكثيف حملاته من أجل القبض علي العناصر التكفيرية المسلحة والخارجين علي القانون، فهناك مخطط إخواني لإثارة الفوضي وقد تلقوا توجيهات بذلك من خلال خطاب مرسي الذي وجهه لهم وهو داخل السجن.. وطالب اللواء أحمد، المواطن المصري بأن ينتبه ويقوم بالإبلاغ في حالة ملاحظته أى جسم غريب أو حركة غير عادية يشعر بها حتي نتمكن سوياً من القضاء علي الإرهاب. وحول الرأي الشرعي في تلك الجريمة، يقول الشيخ شوقي عبداللطيف، نائب وزير الأوقاف سابقاً: إن تلك الجماعات تتخذ الدين كستار لتنفيذ أفعالهم الانتقامية، والإسلام من هؤلاء براء، فهم يشوهون صورة الإسلام ويسيئون إليه، إن ما حدث في العريش يعد جريمة الحرابة أو الإفساد في الأرض أو قطع الطريق فهذا هو توصيفها الدقيق في الإسلام، يقول الله تعالي: «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم»، لذا يجب معاقبة هؤلاء بأقسي عقوبة، وعلي قوات الأمن والجيش أن تردع أمثال هؤلاء وتستخدم في هذا ما لم يلزم من القوة من أجل القضاء عليهم. وطالب الشيخ «شوقي» المواطنين المخدوعين بهؤلاء الذين ينتسبون إلي الإسلام بأن يفيقوا من غفلتهم ويكونون علي علم بأن هؤلاء يتاجرون بالدين لتحقيق مكاسب شخصية، وأخيراً أن مصر الآن مستهدفة هي وأبناؤها وهذا الأمر يجب أن يعلمه جيداً من يتعاطف مع تلك الجماعات. وحول أسباب انتشار الفكر الإرهابي، يري الدكتور رشاد عبداللطيف، أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية، أن غياب التنشئة الاجتماعية الصحيحة سواء في الأسرة أو المدرسة أدي إلي انتشار مثل هذا الفكر التكفيري، فضلاً عن غياب التثقيف الديني، وقد استغلت تلك الجماعات غياب الخدمات الاجتماعية في بعض المناطق، واحتياج الناس الغلابة، وقاموا بالدور الذي كان يجب علي الدولة أن تقوم به، فكسبوا بذلك تأييد الفئة من الناس، وبدأوا يزرعون أفكارهم بين هؤلاء البسطاء. ومن ناحية أخري، فإن الأسر التي يخرج منها المتطرف دينياً، تكون هي أيضاً «مغيبة» ولا تدري عنه شيئاً، إلا عندما يتم القبض عليه، ومما يلفت النظر هو أن تلك الجماعات وجدت بسهولة الأماكن التي يمكنهم الاختباء فيها بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية، فاختبأوا في المناطق العشوائية والأماكن الصحراوية مثل العريش وصحراء السلوم، وترعرعوا فيها مثل الجراثيم، تلك المناطق تخلي فيها المجتمع عن دوره، معتقداً أن الاهتمام بالحضر هو الأهم، وكانت هذه هي الطامة الكبري، هذا بالإضافة إلي تشجيع بعض الأسر ذوي الميول المتطرفة وبعض أساتذة الجامعات أيضاً لمثل هذا الفكر الإرهابي.. كل هذا أعطي لتلك الفئات الشعور بالقوة والمساندة للتمادي في عمليات القتل والإرهاب.