يتعرض قصر مكرم باشا عبيد ابن محافظة قنا، وأحد رموز الوطنية المصرية في القرن العشرين وأحد أقطاب حزب الوفد المصري، إلي إهمال شديدة يقوده إلي الانهيار كان مملوكًا للعائلة القبطية الشهيرة في صعيد مصر، تهدده بمعاول الهدم في ظل غياب منظومة واضحة للحفاظ علي الأهمية التاريخية لتلك المباني التي شهدت مولد زعماء مصريين لعبوا دورا بارزًا في الحركة الوطنية المصرية ومقاومة الاستعمار الإنجليزي. فالقصر التاريخي الذي يقع في قلب مدينة قنا، بجوار مديرية الأمن، والذي يعود تاريخه إلي حقبة الأربعينيات من القرن الماضي، يتعرض حاليا لمحاولات محوه بما يحمل من قيمة تاريخية ومعمارية بارزة، ووفق مصادر فإن هناك محاولات حثيثة لهدم القصر المبني علي مساحة 6 قراريط لبناء برج سكني بدلا منه. فقد تقدم احد مفتشي الآثار التابعين للآثار الإسلامية والقبطية ببلاغ إلى الشرطة، يتهم فيه الملاك الذين اشتروا القصر بمحاولة هدمه وحرقه تمهيدًا لإزالته، واكتشف المسئولون وجود عبوات وقود داخله بغرض حرقه وإتلافه تمهيدًا لحرقه وإزالته بعد ذلك. وكشف أثريون ل«الوفد» أن القصر المملوك لعائلة مكرم عبيد يعود تاريخه لحقبة الأربعينيات من القرن الماضي، وانه يستخدم حاليا كمقر لمدرسة سيدي عمر الابتدائية، وتم تسجيله ضمن المباني ذات الطراز المميز التي يجب أن تحافظ عليه الدولة سنة 1999 ومعه 27 مبني آخر بمدينة قنا وحدها وفق حصر منطقة آثار قنا، وان قرار هيئة الآثار في ذلك الوقت تم الطعن عليه قضائيا وانتهي الأمر بعدم دستوريته، وقررت «الآثار» عدم الإشراف عليه منذ عامين، بعد أن ظلت تشرف عليه لمدة 8 سنوات. ولفت الأثريون أن القصر التاريخي تم بيعه من قبل ورثة مكرم عبيد في أربعينيات القرن الماضي، وأنه كان مؤجرًا لوزارة التربية والتعليم منذ ذلك التاريخ، حتي قام الملاك برفع دعاوي قضائية لإخلائه وانتهي النزاع القضائي لصالح الملاك الذين قاموا بشراء القصر من أسرة الزعيم المصري. من جانبه كشف الباحث وائل نصر الله، أن القصر له قيمة معمارية وتاريخية، وهو أحد العمائر الأثرية ذات الطراز الذي شاع استخدامه في القرن الماضي في قصور الوجهاء والساسة في عهد أسرة محمد علي، مردفًا أن قصر مكرم عبيد تم بناؤه علي الطراز الأوربي ويتكون من طابقين وفناء متسع وتوجد به تفاصيل معمارية مميزة مثل البرافانات، والأعمدة ذات الطراز الكورنثي، والمداخل الرخامية، وأن السلم الرئيسي على الطراز «المروحي» وأنه زين بزخارف خشبية علي طراز «ألركوكو» و«الباروك»، وعن زخارف أسقف القصر أورد «نصر الله» أنها تنوعت ما بين زخارف بنائية و، ذات موضوعات رسومات مسيحية ويشمل بعضها رسم للسيد المسيح عليه السلام وهو يمسك بيديه الإنجيل، وأن مبني القصر يحتوى علي سلمين أحدهما لأصحابه والآخر للخدم. وأن القصر هو أحد ثلاثة مبانٍ مملوكة لأسرة مكرم عبيد بقنا ومنها مبني سفينة دوس، وآخر ملاصق له، وكاتدرائية مار مرقس بشارع مصطفي كامل. وكشفت مصادر ب «الآثار» أنه تم رفع تقرير لهيئة الآثار قبل سنوات يطالب بتحويل قصر مكرم عبيد ومعه مستشفي «حميات قنا» و» استراحة الملك فاروق» التي كانت تستخدم كمقر لكلية التربية التابعة لجامعة جنوب الوادي، ولكن الهيئة في ذلك الوقت لم تتخذ الإجراءات لتحويلهم إلى أثار، مما أصبح يهدد بهدمها في أي وقت. وعن تاريخ القصر ذكر الباحث باسم علي، أن القصر تعود أهميته التاريخية والحضارية أنه كان مملوكًا لأحد زعماء الحركة الوطنية المصرية فضلا عن أثريته وتفاصيله المعمارية الفريدة، وانه شهد ميلاد وليم مكرم عبيد سنة 1889 من القرن الماضي، الذي عمل بالمقاولات، وحقق ثروة كبيرة واشترى منها 900 فدان من أملاك الدائرة السنية أسرة محمد علي ، وتلقي مكرم عبيد تعليمه بمدرسة التوفيقية بقنا، ثم التحق بالمدرسة الثانوية في محافظة أسيوط وتخرج منها 1905 وحصل شهادة القانون من جامعة أكسفورد البريطانية في 1908، ثم حصل علي درجة الدكتوراه من فرنسا بعدها بسنوات، وتوفي في 5 يونيو 1961 بعد صراع مع مرض السرطان، ورحلة ثرية في العمل الوطني والحزبي في «الوفد» قبل انشقاقه عليه. وندد باحثون ومثقفون بمحافظة قنا، بما يتعرض له قصر مكرم باشا عبيد، أحد رموز الحركة الوطنية المصرية، من تدمير وهدم، وطالب دوائر ثقافية بتدخل المسئولين للإبقاء علي التاريخ الإنساني لمدينة قنا.