في 12/10/2013 طالعتنا جريدة الأهرام برأي الدكتور أسامة الغزالي حرب في عموده كلمات حرة تحت عنوان «العمال والفلاحون!» في قضية غاية في الأهمية أثيرت في لجان إعداد الدستور.. بداية الدكتور أسامة حرب قامة علمية وثقافية وفكرية كبيرة ولكني أختلف معه جذرياً في معظم مرائيه السياسية.. لقد كان إقرار جمال عبدالناصر لتضمين وضع هذه النسبة بالدستور بدلاً من وضعها في قانون خطأ جسيماً خرج فيه وبه عن منطق المساواة بالعدل والقانون إلى الإذعان بالدستور!.. لم يكن لهذه النسبة ضرورة لا في حينها ولا في أي وقت أو مكان بعد ذلك.. بل كانت في حقيقة الأمر، بعيداً عن ظَاهِرِه، بمثابة زرع بذرة فتنة كبرى في أرض الوطن وإشعال شرارة بين مختلف طوائف الشعب، وإن كبرى الحرائق والنيران تبدأ بمستصغر الشرار!.. أسباب الرفض لدكتاتورية الرأي البغيضة لهذا القرار حفلت بها مقالات عديدة لي بجرائد حزبية ومستقلة وسأختصر هذا المقال على ما جاء بمقال د. أسامة فيما يلي: (1) يتساءل د. أسامة عن نسبة الخمسين في المائة للعمال والفلاحين ومصيرها بين الإبقاء أو الإلغاء أو التغيير.. وغاب عنه أو فاته أن يقول إن نسبة الخمسين في المائة على الأقل للعمال والفلاحين، كما حدد أن المطروح هو الإبقاء أو الإلغاء أو التغيير.. لا أدري لماذا التزيد ب «أو التغيير».. في خط واحد مستقيم ينبغي أن يكون المطروح هو إبقاء أم إلغاء فقط بلا فذلكة تبرير أو إبرار لتحسين أو تجميل النص!.. (2) تعقيباً على ما أبداه السيد عبدالفتاح إبراهيم رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، يقول د. أسامة إن من حقه، بل من واجبه الدفاع عن الحقوق السياسية للعمال والفلاحين، ورداً على الاثنين وهذه العبارة لم يمانع أحد أو يمنع قانون أي حق لأي عامل أو فلاح في التصويت أو الترشيح على أي من المقاعد النيابية أو التشريعية لا من قبل 1952 ولا من بعدها.. والأولى بالنقابة أن تهتم برفع مستوى العمال حرفياً ومادياً واجتماعياً!. (3) يواصل د. الغزالي قائلاً «إن إقرار جمال عبدالناصر ونظام يوليو لقاعدة تخصص 50% من مقاعد البرلمان للعمال والفلاحين جاء في حينه بالقطع تحقيقاً وترسيخاً لمبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية بين كل المصريين».. إذاً الدكتور يقطع بأن ذلك كان ترسيخاً لمبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية في حين أنه كان انحيازاً بيئياً بلا عقل ولا منطق ضد المساواة وضد العدالة الاجتماعية نفسها.. يا دكتور الرعاية الاجتماعية غير العدالة الاجتماعية!.. (4) يقول د. حرب لم يكن عبدالناصر متجاوزاً في ذلك أبداً لقواعد عامة عرفتها بلدان أخرى لمعالجة ظواهر متشابهة.. أبدل الدكتور ظواهر متطابقة بظواهر متشابهة والتطابق غير التشابه!.. وقبل وبعد ذلك فمصر ليست الولاياتالمتحدة أو الهند أو كندا. (5) عبر عن التمييز الإيجابي بالإنجليزية Positive discrimination أو ب Affirmative action وتجاوز عن العمل على التغيير بينهما.. (6) ما جاء عن الكوتة Quota غير دقيق بحسبان الأخذ بها من عدمه وغير مقنع.. الكيف لا يتبع الكم أبداً ولا ينبغي له والأمر لا يقاس بالعدد، فالعمال أكثر من المهندسين والتلاميذ أكثر من المدرسين والطلبة أكثر من الأساتذة والدكاترة والممرضين والممرضات وعمال المستشفيات أكثر من الأطباء والكومبارس أكثر من الممثلين والمبدعين.. وهلم جراً!.. (7) أيضاً حكاية.. «وفقما يتجه الإجماع الشعبي» التي وردت في سياق رأي د. أسامة الغزالي.. كلمات أقرب وصف يصح لها أنها كلمات مطاطة والكارثة فيها أن تُتخذ مطية لإهدار حق الإجماع الشعبي وأن تكون قيدا على حريات الناخبين بمن فيهم «العمال والفلاحين» وإلاَّ فكيف يتخطى، في أي قائمة انتخابات نزيهة، من ترتيبه الخامس مثلاً الثاني والثالث والرابع لأنهم من الفئات وهو من العمال وعلى رأسه الريشة؟!.. وأخيراً وليس آخراً «كوتة إيه وليه»؟!.. إن دستور 23 لم يميز بين عالم وجاهل ولا بين غني أو فقير وكل ما اشترطه في المرشح هو إجادة القراءة والكتابة!.. وفي النهاية ومرة أخرى.. أسباب عدم الأخذ بمثل هذه الشطحات اللإانسانية عديدة لها مجال آخر عند الحديث عن الصحة النفسية!!..