تساءلت مجلة " فورين بوليسى " الأمريكية عن سبب تراجع ترتيب مصر بشكل مذهل فى معظم التقارير الدولية الخاصة بالتنافسية أو السعادة أو حتى الشفافية. وقالت المجلة إنه على الحكومة فى مصر أن تتعامل مع هذه التقارير بشىء من الاهتمام ، حيث أنها مؤشر مهم يقيس أوضاع البلاد . وعلقت المجلة على التقرير العالمى الذي صدر مؤخرا عن المنتدى الاقتصادي العالمي للتنافسية 2013-2014 الذى صنف مصر كأسوأ بلد في العالم في جودة التعليم الابتدائي . ويستند التقرير إلى مؤشر التنافسية العالمية للمنتدى الاقتصادى العالمى ، وهو مجموع من 114 مؤشرات مجمعة تحت 12 فئة من " محفزات الإنتاجية والازدهار ، " بما في ذلك المؤسسات والأسواق المالية والجاهزية التكنولوجية ، و الصحة والتعليم وغيرها. وأشارت المجلة إلى أن تصنيف مصر الكلى جاء فى المرتبة 118 ، وهو ما يعد تراجعا بمعدل 11 مركزا مقارنة بالعام الماضي , وأبدت المجلة دهشتها من وجود مصر في الجزء السفلي فى القائمة فى ترتيب أقل من جميع البلدان الأخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، حيث حلت وراء قطر والإمارات العربية المتحدة ، التي هي من بين أعلى 20 دولة الأكثر قدرة على المنافسة ، كما أنها حلت وراء بقية شمال أفريقيا ، بما في ذلك المغرب فى المركز ( 77 ) ، تونس ( 83 ) ، و الجزائر ( 100 ) و فقط اليمن في المرتبة السفلى ( 145 ) . وبطبيعة الحال هناك ما هو أكثر سوءا بالنسبة لما يخص مصر في التقرير من الإحصاءات الكئيبة على التعليم الابتدائي ، ولكن هذا هو الترتيب التي لفت انتباه معظم وسائل الإعلام والجمهور . وقالت المجلة إن ترتيب مصر فيما يخص التعليم الابتدائى صادم جدا. وأعربت المجلة عن دهشتها من عدم وجود أى رد فعل أو أي بيان علني من الدولة المصرية - على الرغم من أننا نعلم جيدا أن الحكومة تراقب عن كثب مثل هذه التصنيفات ، لربما يكون هناك شيء يمكن التباهى به , ولكن يبدو أنها لم تجد ما يمكن التباهى به ، لذلك اختارت الصمت. ومع ذلك ووراء الأبواب المغلقة ، يمكن سماع بعض المسؤولين الحكوميين وهم يطعنون في منهجية التقرير. وهم ليس بالضرورة مخطئين فى ذلك فمنهجية تقرير التنافسية أبعد ما يكون عن الكمال ، فهى تعتمد على مزيج من البيانات الموضوعية التي جمعت من المصادر الإحصائية الدولية و المحلية، وكذلك أيضا على دراسات استقصائية التى يقوم بها واضعو التقرير داخل كل بلد ، والمجيبون على الاستقصاء ليسوا خبراء في كافة المجالات التى يسألون عنها, كما هناك أن انطباعات ومواقف تحكم آراء المستقصين وقد لا تعبر عن واقع حقيقى. ولكن هذا لا يعني أن نظام المدارس الابتدائية في مصر ليس سىء, ولكن هل هو حقا الأسوأ جدا على هذا الكوكب ؟ وبصرف النظر عن مؤشر التعليم الابتدائي ، هناك العديد من القطاعات الأخرى تنذر بالخطر في أسفل الترتيب , حيث تصنف مصر أيضا في القاع في كفاءة سوق العمل . في الواقع فإن التقرير يقدم بعض التوصيات من أجل التغيير, بالإضافة إلى إصلاح سوق العمل (زيادة المرونة والكفاءة , ويشير واضعو التقرير إلى كيفية العجز المالي المرتفع نسبيا في البلاد والدين العام و الذى يرمى بثقله على بيئة الاقتصاد الكلي . ووراء كل هذا هو مناخ من عدم الاستقرار السياسي الشديد وسوء الأوضاع الأمنية ، مما يقوض التنمية الاقتصادية و يؤثر بشكل كبير على تصنيفات مصر. والمنتدى الاقتصادي العالمي لديه القليل لتقديم المشورة فى ذلك ، وما لاشك فيه أن استمرار العنف يترك عشرات الضحايا كل أسبوع ، وعدم وجود أي ضغوط محلية و دولية حقيقية يعني أنه من غير المرجح أن تهدأ في أي وقت قريب . كما أن حظر التجول الذي فرضته الحكومة منذ أوائل شهر يوليو - والتي، بالمناسبة - دمر الموسم السياحي الصيفي - لم يجعل الأمور سهلة للمصريين . كما أن حظر التجوال يرسل برسالة سلبية للخارج. ولم يكن تقرير الأممالمتحدة عن السعادة أفضل حالا ، حيث أكد التقرير أن المصريين لا يتمتعون بالحياة كثيرا في هذه الأيام , فقد حلت مصر في المرتبة 130 ، وجاءت الصومال فى المرتبة ( 100 ) ، والعراق ( 105 ) ، وبورما ( 121 ) ، و حتى جمهورية الكونغو الديمقراطية التي مزقتها الحرب جاءت فى المرتبة 117 , ومن بين البلدان التي شملتها الدراسة 156 ، وكانت مصر أيضا أكبر انخفاض في مستويات السعادة من سنة إلى سنة , ويشير التقرير إلى أن هذه الخسارة هى أكبر من الخسارة في الدخل.