من وجهة نظرى أن أهم رحلة حجاج مصريين وصلت إلى الأراضى المقدسة هى الرحلة التى وصلت أمس وعلى متنها أسر شهداء الشرطة ضحايا الإرهاب الغاشم الذى طالهم وضحوا بأرواحهم فى سبيل استقرار وعزة الوطن.. شهداء الشرطة الكثيرون الذين اغتالهم الإرهاب الأسود، كانت لفتة رائعة من وزارة الداخلية أن يتم تكريم أسرهم بأداء فريضة الحج، سواء كانوا زوجات ترملن أو أمهات أصبن بالثكل أو آباء تعرضوا للحسرة على فراق أبنائهم الأعزاء أو أبناء فقدوا آباءهم الأبطال، هى فعلاً لفتة تعدت حدود الروعة أن تتذكرهم الداخلية فى أداء شعيرة الحج.. فليس هناك أفضل من أن تتذكر الشرطة أبناءها الشهداء الذين راحوا ضحية الغدر والخيانة وهم يؤمنون حياة الناس، ويقاتلون الإرهاب الغاشم الذى يطول البلاد. فى مشهد غطت عليه الروحانية تم استقبال الرحلات التى جاء فيها أسر شهداء الشرطة بمطار الملك عبدالعزيز بمدينة جدة.. وفى استقبال هذه الأسر تم استحضار مواقف الشهداء العظيمة، ورصاصات الغدر التى نفذت إلى صدورهم وهم يقومون بتوفير الأمن وصد عدوان الإرهاب الذى لا يعرف خلقاً ولا ديناً.. فى دقائق الصمت الرهيبة والبعثة المصرية برئاسة اللواء مصطفى بدير الرئيس التنفيذى ومساعد وزير الداخلية، مر الشريط المر لمواقف الشهداء الذين اغتالهم الإرهاب فى ربوع مصر، وتذكرت على الفور المواقف التى كانوا فيها يقدمون أرواحهم فداء للوطن أولاً وللمصريين ثانياً حتى يهنأوا بحياة آمنة مطمئنة. تذكرت فى دقائق الاستقبال أثناء وصول أسر الشهداء، كل الأخبار التى كنا ننشرها فى «الوفد» لضحايا الإرهاب ولا يزال جهاز الشرطة يقدم أبناءه فداء للوطن من أجل عودة الحياة الطبيعية للبلاد.. ولقد كانت دموع البعثة تجرى على الخدود وهم يستقبلون هذه الأسر التى قدمت أبناءها فداء للوطن، فهذه أم ثكلى حط الله على قلبها الصبر والتؤدة، وهذا أب مكلوم حبس الحسرة فى فؤاده وهذه زوجة مترملة اختارت أن تفدى وطنها بزوجها.. فرحلة حج أسر الشهداء وراءها قصص وحكايات سطرها ضباط شهداء من أجل رفعة مصر وعزتها ورفعتها وعبورها إلى بر الأمان. رحلة الحج لأسر الشهداء لفتة إنسانية رائعة قدمتها الدولة لهم وهم يحتاجون أكثر من ذلك، وأقترح أن يكون هناك راتب خاص لأسر الشهداء وليس المعاش المقرر قانوناً فقط.. رحلة الحج واحدة من كثير يجب أن تقدمه الدولة لأسر الشهداء سواء كانوا ضباطاً أو أمناء أو جنوداً.. فالشعب المصرى مدين للشهداء بالكثير ويجب أن يكون هناك دخل مادى محترم لأسرهم يكفيهم عوز الحياة وظروف الحياة القاسية.. ما فعلته الدولة بحق أسر الشهداء هو قليل من كثير يجب أن تفعله الحكومة، والبداية هى ما فعلته الداخلية من أداء شعيرة الحج.. فالشهداء لهم فى رقابنا حقوق ويجب تقديمها إلى أسرهم بدون انقطاع.. رحم الله شهداء مصر وأجزل لهم العطاء، ومنح ذويهم حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً.