أخيراً انعقدت الإرادة الدولية، وأقر مجلس الأمن قراراً بالإجماع ينص علي تفكيك ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية، فيما يعد أول قرار يتبناه مجلس الأمن منذ بدء الصراع المسلح الدائر في سوريا منذ نحو عامين ونصف العام، حيث تصدي الفيتو الروسي والصيني ثلاث مرات في السابق لمحاولات إصدار قرارات من المجلس بشأن سوريا. ويؤكد تبنى مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه القرار الذي حمل الرقم «2118» أثر الاتفاق الأمريكي/الروسي، الذي كان من شأنه إبعاد خطر توجيه ضربة عسكرية أمريكية للنظام السوري، فيما يؤكد صعود الدور الروسي في الساحة الدولية. غير أن القرار الأخير يشير إلي إنزال عقوبات بالنظام السوري حال تراجعه عن تعهداته بنزع أسلحته الكيميائية، ومن ثم يتطلب الأمر إصدار قرار جديد من مجلس الأمن، وهو ما يمكن أن تواجهه روسيا والصين بفيتو يمنع صدور القرار، وهو الأمر الذي مثل نقطة اتفاق جوهرية بين الولاياتالمتحدةوروسيا، بعد التوصل إلي هذه الصيغة التوافقية التي تؤكد الإرادة الدولية، وتبرر «التراجع» الأمريكي عن ضرب سوريا، وفي نفس الوقت تحتفظ لروسيا بفرصة استخدام حق الفيتو ضد أي قرار لاحق من المجلس بضرب سوريا. ولا شك أن خبرة الرئيس الروسي بوتين تفوقت في الملف السوري علي جهود الرئيس الأمريكي أوباما، الذي بدا غير واثق من دعم الكونجرس له، كما فشل في جمع تحالف دولي كبير يدعم توجهه نحو ضرب سوريا، وتجسد هذا الفشل جلياً في رفض بريطانيا، الحليف التقليدي الأول للولايات المتحدة، مشاركة الولاياتالمتحدة في التدخل العسكري في سوريا. ويبقي الأمر محل تساؤلات مشروعة، ليس أهمها ما يتعلق بتحديد الطرف الذي أقدم علي استخدام السلاح الكيميائي في سوريا، بعد أن خلا قرار مجلس الأمن الأخير من الإشارة إلي الفاعل الحقيقي، وليس أقل تلك التساؤلات قيمة، ما يتعلق بحقيقة الدوافع الأمريكية، وقد أمسكت بالسلاح، وأهملت الجاني والضحية، حيث لا يشكلان خطراً حقيقياً علي إسرائيل، فيما يظل السؤال الأكثر وطأة علي النفس يتمحور حول جدوى بعض الأنظمة العربية، وإلي من تعود هذه الجدوى؟!. «الوفد»