اتخذت لجنة الخمسين المُكلفة بتعديلات الدستور المُعطل وفقاً لخارطة المستقبل التي وضعتها القوات المسلحة إبان ثورة 30 يونيو قراراً بحظر إنشاء الأحزاب على أساس ديني أو مرجعية إسلامية. ورحب عدد من السياسيين بهذا القرار الذي اعتبروه ملاذاً آمناً للمصريين من بطش وتجارة القائمين على هذه الأحزاب باسم الدين، دون مراعاة لمصلحة الوطن والشعب والذين كادوا أن يفرطوا في أرض الوطن على أيدي جماعة الإخوان المسلمين أثناء سيطرتهم على الحكم. وأكد خبراء سياسيون ضرورة تغيير الأحزاب ذات المرجعية الدينية لبرامجها ولوائحها الداخلية للتناسب مع الدستور والمرحلة الفاصلة في تاريخ مصر بناء على الرغبة الشعبية التي خرجت في 30 يونيو. وعلى الرغم من تصاعد المخاوف من تحايل عدد من تلك الأحزاب على مادة الحظر والعودة إلى العمل السري من جديد والتي اعتاد عليه جميع الإسلاميين منذ عقود ماضية، أكد سياسيون أن الحكومة ولجنة شئون الأحزاب منوطان بمراقبة عمل هذه الأحزاب ومتابعة جميع التصريحات التي تصدر عنها ومتابعة الاجتماعات التي تتم داخل الأحزاب وخارجها للتأكد من نوعية العمل داخل كل حزب قديم غير برنامجه وفقاً للدستور وكل حزب جديد ينشأ قد يحمل هوية دينية غير معروفة. وفي نفس السياق، لقى قرار «الخمسين» بمنع العمل الديني ارتياحاً واسعاً بين المواطنين الذين عانوا منذ إباحة نشأة الأحزاب على هذا الأساس ووقوع عدد من المواطنين ما بين فرائس وضحايا لهذه الأحزاب نظراً لما يتمع به المصريون من الوازع الديني المشهود له، ولكن استغلال هذه الجماعات للدين بطريقة خاطئة للوصول إلى السلطة جعل الشعب يجتمع على ضرورة فصل الدين والمتاجرة به عن العمل السياسي. وعن هذا القرار أعرب البدري فرغلي البرلماني السابق عن سعادته البالغة بإقرار هذه المادة في نص دستوري، مطالباً الأحزاب الدينية بتغيير برنامجها الحزبي كي لا تصطدم بالدستور الجديد، في حال موافقة الشعب على هذه التعديلات. وأكد خطورة استمرار العمل الحزبي على أساس ديني لأنها تشكل خطورة على الهوية المصرية لأنهم أثبتوا للجميع أنهم لا يعترفون بكلمة الوطن، مشيراً إلى تفريط جماعة الإخوان في الأراضي المصرية ووعودها لبعض الدول بمنحهم قطعاً من مصر. وعن تجربة عمل الأحزاب ذات المرجعية الدينية وصفها فرغلي بالمريرة لما عاناة المصريون منذ صعود الإسلام السياسي إلى سُدة الحكم بداية من البرلمان وحتى الرئاسة وانفرادهم بالحكم وحتى تصدي الشعب لهم من خلال ثورة جديدة. وعلى نفس النحو توقع فرغلي أن تُصر بعض الأحزاب على الدينية على برامجها ولائحتها التي تنص على المرجعية الإسلامية وتتخذ مواقف تصعيدية لعدم إقرار التعديلات أو الانسجاب من لجنة الخمسين اعتراضاً على المادة «54»، وأضاف أن البعض الآخر سيعود للعمل السري لفترة موضحاً أن الحكومة ستلاحق هذه الأحزاب أياً كانت قوتها. وفي نفس السياق رحب المهندس باسل عادل البرلماني السابق والقيادي بحزب الدستور بقرار لجنة الخمسين بحظر إنشاء الأحزاب على أساس ديني، لافتاً إلى المعاناة التي عاشها المصريون طوال اكثر من عامين منذ بداية إنشاء الأحزاب على هذه الشاكلة والتي تكشف للعامة مدى متاجرة هؤلاء بالدين والتشدق به. وأكد القيادي بحزب الدستور أن المادة رقم «54» في تعديلات الدستور المُعطل تبيح للدستور ولجنة شئون الأحزاب بمتابعة ومراقبة عمل الأحزاب، لافتاً إلى احتمالية عودة العمل السري لبعض الأحزاب الدينية بمقتضى هذه المادة، موضحاً: هذه الرقابة هي للوائح ونشاطات الأحزاب وبرامجها ورقابة عمل الأحزاب على أرض الواقع من خلال ما يصدره أعضاء الحزب ومسئولوه من تصريحات وبيانات بحسب رؤيتهم للأحداث السياسية، مؤكداً أن هذه الرقابة كفيلة بحل الأحزاب القديمة ومنع قيام أحزاب جديدة على أساس ديني. ومن جهته طالب الدكتور نبيل عبد الفتاح مدير مركز الأهرام للدرسات التاريخية الأحزاب القائمة على مرجعية دينية بتوفيق أوضعها قبل إقرار تعديلات الدستور المُعطل وتعديل برنامجها ولائحتها للتوافق مع التزامن السياسي الجديد والمرحلة التي طالب بها ملايين الشعب المصري وهو عدم إقحام الدين في السياسة والمتاجرة به. وأضاف أن السياسة لا تعرف الخلط بالدين وأن الدولة هي من ستراقب عمل الأحزاب عن طريق الدستور وبالتالي ستكون الدولة هي المسئولة عن فصل العمل الديني والدعوي عن السياسة، موضحًا أن الدولة ستتعامل بحزم مع العمل الحزبي في الفترة القادمة وبعد إقرار التعديلات الدستورية ومن شأنها أيضاً متابعة متابعة وملاحقة الأحزاب التي يُثبت أنها تعمل سرياً باسم الدين وبالتالي سيتم حل هذه الأحزاب فوراً وحظر العمل بها. وأشار أن المصريين في فترة ما قبل 25 يناير كانوا يتعاطفون مع العمل السري ل «لمحظورة» نظراً لما كانوا يتعرضون له بما كانوا يسمونه قمع لهذه الفئة والتي أثبت الوقت الأيام خطورة هذه الفئة على الوطن، وأشار إلى أن المصريين هذه المرة هم من سيتصدون للعمل السري بجانب الحكومة والدولة بعد أن انكشف الوجهة القبيح للمتاجرة بالدين. وشدد عبد الفتاح على أهمية استغلال هذه الفرصة لحظر النشاط الديني السياسي بموجب هذه المادة، مطالباً الحكومة بضرورة تطبيقها فعلياً وإنفاذ أحكام الدستور على الجميع.