تلقيت الرسالة التالية من باحثين برلمانيين يؤيدون فيها نظام المجلسين البرلمانيين ويرفضون إلغاء مجلس الشوري. السيد.. هناك توجه عالمي للأخذ بنظام الثنائية البرلمانية، حيث تزايد عدد الدول المطبقة لنظام المجلسين البرلمانيين من 45 دولة عام 1970 الي 77 دولة عام 2010، ولايزال هذا الرقم في تصاعد مستمر، وهناك العديد من الدول تسعي الي تطبيق هذا النظام عن طريق تطوير وتعديل دساتيرها تلبية واستجابة لمعطيات التطورات الاجتماعية والاقتصادية للشعوب، وكذا التعاطي مع التغير والتطور في أدوار ووظائف الدولة في العصر الحديث. ويتيح نظام المجلسين ادخال عناصر ذات خبرة وكفاءة في السلطة التشريعية للاستفادة منها في وضع التشريعات، ويتيح هذا النظام امكانية استيعاب ممثلي فئات ومصالح هامة في المجتمع، قد تنأى بنفسها لأسباب عدة عن خوض غمار التنافس الحزبي والمعارك الانتخابية علي الرغم من قدرتها علي المشاركة الايجابية في الحياة العامة، وعلي الرغم من حاجة المجتمع لمساهماتها الفكرية العلمية في وضع السياسات والقرارات، كما يؤدي نظام المجلسين الي منع التسريع في إصدار القوانين والي تقليل ما قد يكتنفها من أخطاء أو غموض أو عدم واقعية وعدم الحاجة إلي التعديل المتسارع للقوانين بعد فترة وجيزة من صدورها. ويعكس النظام البرلماني الثنائي الرغبة والحاجة إلي ترسيخ وتطوير النظم الديمقراطية من خلال عملية التمثيل، كما يعكس عملية التكامل بين كافة القطاعات السكانية عن طريق انشاء مجلسين في كل دولة. كما يوفر هذا النظام اطارا كافيا لعملية اللامركزية الجارية في معظم الدول كما يقوم بدور فاعل في انشاء معايير قانونية وترسيخ سلطة القانون، ويعمل كآلية حديثة لتنفيذ مبدأ الفصل بين السلطات في الدول التي لاتزال تتأرجح بين متطلبات نظام الأغلبية، وبغض النظر عن السلطات الخاصة التي يتمتع بها المجلسان فإن الثنائية تضمن اعلام الرأي العام والمواطنين في اطار الشفافية. ولكي يحقق نظام المجلسين أهدافه لابد من اختلاف صورة كل مجلس عن الآخر من حيث التكوين والتوازن في الاختصاصات، وعلة ذلك أن المجلس الأول يعكس روح الغلو والاندفاع في حين يترجم المجلس الآخر روح الدراسة المتعمقة والتدقيق وكلاهما يكمل نقص الآخر. والأصل أن يتمتع كلا المجلسين بجميع اختصاصات السلطة التشريعية بمعني أن لكل مجلس الحق في اقتراح القوانين وحق المناقشة لمشروعات القوانين واقرارها بصفة مستقلة عن المجلس الآخر، وهنا يلزم موافقة المجلسين علي مشروعات القوانين حتي تتحول الي تشريعات نافذة، لكن هذا الأصل العام لم تأخذ به كثير من الدساتير اذ فرقت بين المجلسين من حيث الاختصاص التشريعي لكل منهما فقد منحت بعض الدول مجلس النواب سلطات أوسع من المجلس الآخر بينما أعطت دول أخري المجلس الأعلي مهام دستورية عليا لا يخول للمجلس الآخر القيام بها، مثل صلاحية محاكمة رئيس الدولة التي يمنحها الدستور الأمريكي لمجلس الشيوخ دون مجلس النواب. وتفضل بعض الدول التي تطبق نظام الثنائية البرلمانية أن يجمع المجلس الأعلي بين الانتخاب والتعيين كما حدث في تشكيل مجلس الشيوخ في مصر في ظل دستور «23» وكذلك في تشكيل مجلس الشوري في ظل دستور «71» وتعديلاته، وغالبا ما يتضمن المجلس التشريعي الثاني في الدول المتقدمة نسبة من المعينين، ويرجع السبب في تعيين بعض أو كل أعضاء المجلس الثاني الي الرغبة في أن يتضمن تشكيل هذه المجالس شخصيات بارزة متخصصة في مجالات مختلفة كالعلماء وأساتذة الجامعات والمفكرين والكتاب وغيرهم من الشخصيات التي تعزف عن المشاركة في الانتخابات. أضع هذه الرسالة أمام لجنة ال 50 لتعديل الدستور،. وقلت رأيي في مجلس الشوري قبل ذلك، وهو أن يتم منح هذا المجلس اختصاصات دستورية واضحة تمكنه من القيام بدور مفيد واعتباره غرفة ثانية للبرلمان أو ان يتم إلغاؤه توفيرا للوقت والنفقات.