قضية وضع العمال والفلاحين فى الدستور من القضايا المزمنة تظهر مع كل تعديلات دستورية جديدة، يتعصب لها البعض من أعضاء لجنة إعداد الدستور بحجة الدفاع عن نصيب العمال والفلاحين أمام الرأسمالية المتوحشة التى تحاول الاستيلاء على جميع المقاعد البرلمانية، ويرى البعض الآخر انها نوع من الكوتة أو المحاصصة لا داعى لاستمرارها ويقترحون ترك الناخبين يختارون نوابهم، حسب ميولهم وهم قادرون على التوازن بين العمال والفلاحين والفئات الأخرى داخل البرلمان، وفى كل تعديلات دستورية يتفوق الرأى المؤيد لنسبة ال«50٪» عمال وفلاحين. وأثبتت تجربة العامل والفلاح الطويلة فى البرلمان والتى تزيد على«50» عاماً فشلها ولم تفرز الفصول التشريعية الماضية ممثلين حقيقيين للعمال والفلاحين، دافعوا عن حقوق بنى مهنتهم، ومازال الفلاح يعانى حالياً كما كان يعانى فى السابق من ارتفاع مستلزمات الإنتاج، وعدم وجود أسواق لتصريف انتاجه بسعر عادل، ونقص مياه الرى وغيرها من المشاكل المزمنة، كما يعانى العامل من عدم حصوله على أجر عادل، أو ساعات عمل مناسبة، أو تأمين صحى وغيرها من المشاكل، ويرجع السبب فى عدم تحقيق ال«50» أهدافها إلى التعريف الفاشل للعامل والفلاح الذى يتم وضعه فى الدستور والقانون، وقد أصاب السيد عمرو موسى رئيس لجنة ال«50» لتعديل الدستور عندما قال: جميعنا أبناء عمال وفلاحين، ويهمنا أن تكون الأمور منضبطة، ولا نكون أسرى لتعريف معين للعامل والفلاح، ويرى موسى أنه من السهل أن نقر نسبة العمال والفلاحين، ولا ينول من تلك الحصة إلا أقلية من العمال والفلاحين الحقيقيين، كلام موسى يرمى الى أن عدم دقة تعريف العامل والفلاح تسبب فى وصول أساتذة جامعات وضباط وفئات أخرى الى البرلمان يحملون صفة عامل أو فلاح عن طريق استغلال الثغرات. المشرع فشل فى وضع تعريف دقيق للعامل والفلاح فأيام النظام الأسبق كان يقصد بالفلاح من تكون الزراعة عمله الوحيد ومصدر رزقه الرئيسى، ويكون مقيماً فى الريف ويشترط ألا يحوز هو وزوجته وأولاده القصر، ملكاً أو إيجاراً، أكثر من عشرة أفدنة، ويعتبر عاملاً من يعتمد بصفة رئيسية على دخله بسبب عمله اليدوى أو الذهنى فى الزراعة أو الصناعة أو الخدمات، ولا يكون منضماً الى نقابة مهنية أو يكون مقيداً فى السجل التجارى أو من حملة المؤهلات العالية، وتم التلاعب بهذه التعريفات المطاطة، وحصل على مقاعد نسبة ال«50٪» من لا يستحقها، وساعدهم اتحاد العمال والجمعيات الزراعية فى بعض الأوقات، لمنح من لا يستحق هذه الصفة عن طريق التحايل. وعندما أثيرت هذه النسبة خلال نظام حكم الإخوان، واحتدم النقاش داخل لجنة المائة، تم وضع نسبة العمال والفلاحين كمادة انتقالية، فى الدستور لدورة واحدة مع تعديل تعريف العامل والفلاح وأصبح العامل فى الدستور المعطل من يعمل لدى الغير بأجر، ويعتبر فلاحاً كل من عمل بالزراعة «10 سنوات» على الأقل. أن وضع تعريف دقيق للعامل والفلاح لمنع الالتفاف عليه واحترامه أمر صعب، وإذا استمرت نسبة ال«50٪» فى الدستور الحالى فسيكون مصيرها الفشل، نريد التخلص من الكوتة والمحاصصة نهائياً، لا نريد تقسيمة للعمال والفلاحين وأخرى للمرأة وثالثة للأقباط، نريد احترام رأى الناخب، فهو الذى يحقق التمثيل المناسب فى البرلمان عن طريق اختياراته للعمال والفلاحين والشباب والمرأة والأقباط وأساتذة الجامعات والفئات الأخرى، ويتم ذلك عن طريق تثقيف الناخبين، كما يستطيع سكان المناطق الزراعية اختيار المرشح الفلاح، والمناطق العمالية تختار العامل، والمناطق الحضرية أمامها المرأة والشباب والمثقفون الى آخر هذه الفئات، كما يمكن حل هذه المشكلة عن طريق إجراء الانتخابات بالقائمة النسبية، وعن طريقها يتم ترشيح كل فئات المجتمع فى قائمة واحدة من فلاحين وعمال ومثقفين ومرأة وشباب وغيرهم، كما يستطيع العمال والفلاحون تكوين أحزاب تدافع عن مصالحهم، كما أن أى نائب فى البرلمان، هو نائب عن الأمة بالكامل وهو مسئول على تبنى كل المشاكل التى تواجه كافة الطوائف بدون استثناء والعمل على حلها.