رأى الكاتب الأمريكي "توماس فريدمان" أن الوضع السوري بات أكثر فوضوية وارتباكا مما كان عليه في أي قت مضى، لاسيما عقب تلويح أمريكا بتوجيه ضربة عسكرية أمريكية ضد سوريا، ثم طرح المبادرة الروسية الجديدة. وقال الكاتب الأمريكي - في مقال له أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء - "شهد اليومان الماضيان وضعا جديدا تمثل في المبادرة الروسية التي تقضي بتسليم سوريا مخزونها من الأسلحة الكيميائية للمراقبة الدولية، والتي قبلها الرئيس الأمريكي باراك أوباما وحلفاء واشنطن والصين، بينما قوبلت بشكل مبهم من قبل النظام السوري. ورجح فريدمان أنه لا يزال هناك احتمال حقيقي بأن الروس والسوريين يسعون لكسب المزيد من الوقت بالمماطلة والمراوغة لتفادي توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا، لاسيما وأن مهلة الأسبوع لا تكفي لتأمين الأسلحة الكيميائية في سوريا بسرعة وبشكل كامل في ظل وجود عقبات لوجستية وسياسية هائلة ينبغي التعامل معها. واعتبر فريدمان أنه في حال صدقت المبادرة الروسية، وسلم النظام السوري مخزونه من الأسلحة الكيميائية، فإن هذا الأمر سيكون نهاية جيدة للأزمة على المدى القريب، مما سيكون بداية جيدة كي يقع استخدام الغاز السام تحت المحرمات العالمية، وسيجنب أمريكا التورط في استخدام القوة العسكرية ضد سوريا، وهو أمر يستحق من أجله أن يؤجل أوباما والكونجرس الأمريكي عملية التصويت على استخدام القوة العسكرية، لحين إثبات حسن نية الروس والسوريين. ويبدو أن هذا الوضع أصبح أكثر فوضوية وتشويشا مما هو عليه، وقد ساهم أوباما وفريقه في خلق المزيد من الفوضى عن طريق فائض التصريحات والتحذيرات التي يدلون بها دون اتخاذ رد فعل حقيقي على حد قول فريدمان. وتابع قوله :"كما أن هناك أيضا أسبابا هيكلية لذلك، فأوباما أجبر على التعامل مع العالم العربي بطريقة لم يواجهها أي رئيس حديث، فحتى عام 2010 كانت الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط مستقرة نسبيا منذ 35 عاما، ولكن اندلاع شرارة ثورات الربيع العربي في تونس عام 2011 اثار العديد من التساؤلات الجديدة والمزعجة التي يجب مواجهتها والتعامل معها". وأوضح فريدمان أن المشكلة الحقيقة تكمن في عدم القدرة على تصور حل للأزمة السورية بدون تدخل عسكري في الأراضي السورية، رغم الرغبة الأمريكية في عدم الوصول إلى مثل هذه النقطة، فضلا عن ذلك، عدم وجود فصيل يحظى بالثقة الكافية لتولى السلطة، ولو بصورة انتقالية، عقب الإطاحة بالنظام الحالي. واستطرد:"إن سوريا في حاجة إلى مانديلا جديد أو سلطة عسكرية ذات ثقة -على غرار مصر- لتولى حكم البلاد خلال المرحلة الانتقالية وتسليم السلطة إلى نظام جديد، ونظرا لافتقار سوريا لكلا الأمرين، فإنها ستحتاج إلى التدخل الخارجي، مما سيجبر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نهاية المطاف على معالجة هذا الواقع ، وإلا فإن سوريا سوف تصبح أفغانستان أخرى على البحر المتوسط". وهناك أيضا بعض التساؤلات المحيرة كنوعية القيم التي يروج لها العرب في الشرق الأوسط، فهناك آلاف الشباب العرب والمسلمين الذين تجمعوا من بلدان بعيدة، مثل أستراليا، للانضمام للميليشيات الجهادية في سوريا يقاتلون من أجل إقامة دولة إسلامية سنية هناك، ولكن كم هو عدد الشباب العربي والمسلم الذين توافدوا إلى سوريا للقتال مع عناصر الجيش السوري الحر من أجل إقامة دولة ديمقراطية تضمن التعددية السياسية والطائفية؟. وأردف فريدمان "وبينما أعلن زعماء دول الخليج عن دعم التحرك الأمريكي لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، فإن الجميع يعلم أن المساجد والجمعيات الخيرية في هذه البلدان العربية تمول الجهاديين؛ لذا يجب الانتباه: إلى أنه مع انتهاء فزاعة الاتحادالسوفيتي، فالأمريكيون لن ينفقوا اليوم الدماء والمال للدفاع عن أشخاص وأماكن في العالم العربي لا يشاركوهم قيمهم، كما أنهم ليسوا مستعدين للتضحية من أجلهم. واختتم الكاتب الأمريكي "توماس فريدمان" -مقاله- قائلا "إنه سيكون من الصعب الاستمرار في مواجهة من وصفهم بأمثال هتلر في الشرق الأوسط بدون وجود الكثير من تشرشل على الجانب الآخر".