استعدادات انتخابات مجلس النواب 2025.. إجراء الكشف الطبي ل 5 بمستشفى قفط التخصصي    بعد اجتيازهم الاختبارات.. تدريب المقبولين بمسابقة 30 ألف معلم ببورسعيد    السيارات الهجينة أم الكهربائية؟.. اعرف الفرق لو ناوي تشتري عربية    إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قرية كفر عين شمال رام الله    انتشار الجيش السوري في أحياء خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية بحلب    في أحد الموانئ الأوروبية.. الاستخبارات الروسية: لندن تخطط لاستفزاز جديد ضد موسكو    42 ناشطا من «أسطول الصمود» يضربون عن الطعام داخل السجون الإسرائيلية    الرئيس السيسى يتلقى تهنئة من نظيره التونسى بمناسبة انتصارات أكتوبر ويتفقان علىً تعزيز التعاون    استدعاء ثنائي المصري فادي وائل وسيف الجبالي لمعسكر منتخب مصر 2008 استعدادًا لبطولة كأس العالم    تجارب عملية لمواجهة الأمطار والسيول والأحداث الطارئة في الشتاء بمحافظات القناة    مدير تعليم سوهاج يشدد على أهمية بناء قاعدة بيانات شاملة لجميع المدارس الخاصة    تأجيل استئناف المتهم بقتل شقيقه فى الجيزة على حكم المؤبد لجلسة 6 نوفمبر    «معلومات الوزراء»: «العناني» اكتسح انتخابات اليونسكو بعدد غير مسبوق من الأصوات    سوسن بدر للوثائقية: الجبهة الداخلية هى الجبهة الأولى فى ضهر قائدها    وزير الثقافة يفتتح معرض الزمالك الأول للكتاب بالمركز القومى للمسرح    من الطفولة إلى ذاكرة الوطن.. حكاية بطل سطر التاريخ ب متحف السادات ميت أبو الكوم    «سي السيد».. رجال 4 أبراج مسيطرين بزيادة    أمين الفتوى: أكتوبر ليس مجرد نصر عسكري بل يوم عظيم من أيام الله    هل يحق للزوج الحصول على أموال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    تدهور الحالة الصحية للدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر    آية سويلم تحصد الذهب في بطولة نيويورك للقوة البدنية    نعم، ولكن !    بدء اجتماع تحالف الأحزاب المصرية لحسم الخلافات الداخلية بشأن انتخابات النواب    نجاح فريق طبي بوحدة الجراحات الميكروسكوبية في إنقاذ يد شابة بعد بتر شبه كامل    سلة – الأهلي يهزم الأولمبي في دوري المرتبط    ذا أثلتيك تكشف طبيعة إصابة ريس جيمس    نائب رئيس جامعة أسيوط يتفقد سير العمل بقطاع المكتبات الجامعية    «البترول» تستعد لحفر بئر جديدة في البحر المتوسط    سر صفاء الذهن..عشبة صباحية تمنحك تركيزًا حادًا وذاكرة قوية    أسعار الحديد في أسيوط اليوم الإثنين 6102025    "Taskedin" تطلق مبادرة لدعم 1000 رائد أعمال بالتزامن مع انطلاق قمة "تكني سميت" بالإسكندرية    آخر مستجدات مصير فيريرا مع الزمالك    الأهلي يحدد 16 أكتوبر موعدا مبدئيا لرحلة بوروندي    دينا زهرة: خالد العناني المرشح الأوفر حظاً لمنصب المدير العام لليونسكو    موعد عرض مسلسل المدينة البعيدة الحلقة 32 والقنوات الناقلة في مصر    الجريدة الرسمية تنشر عدة قرارات لرئيس مجلس الوزراء    خطوات التسجيل في برنامج الهجرة العشوائية إلى أمريكا 2026.. كل ما تحتاج معرفته عن اللوتري الأمريكي    وزارة الشباب والرياضة تُحيي اليوم العالمي للشلل الدماغي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة الأقصر    شاهد فرحة 2735 نزيلا مفرج عنهم بعفو رئاسى فى ذكرى انتصارات أكتوبر    «العمل» تعلن 720 فرصة عمل بسلسلة محلات شهيرة    ممثلًا عن إفريقيا والشرق الأوسط.. مستشفى الناس يشارك بفريق طبي في مؤتمر HITEC 2025 العالمي لمناظير الجهاز الهضمي العلاجية المتقدمة    مصرع طفل سقط من علو في إمبابة    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير ورفع كفاءة نفق "كوبري السمك" بحي غرب شبين الكوم    نجم الزمالك السابق يعتذر لمحمد مجدي أفشة    الأكاديمية السويدية تعلن فوز مارى إى برونكو وفريد رامسديل وشيمون ساكاجوتشى بجائزة نوبل للطب 2025    «الداخلية»: ضبط متهم بالنصب على مواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    نائبا رئيس الوزراء يشهدان اجتماع مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية.. تفاصيل    «عبد الغفار» يشارك في ختام «مهرجان 100 مليون صحة الرياضي»    رئيس الوزراء الفرنسي بعد استقالته: لا يمكن أن أكون رئيسًا للوزراء عندما لا تستوفي الشروط    كجوك والخطيب: القطاع الخاص المصرى مرن وإيجابي وقادر على التطور والنمو والمنافسة محليًا ودوليًا    مياه القناة: تجارب عملية لمواجهة الأمطار والسيول والأحداث الطارئة في الشتاء    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو يُظهر اعتداء على مواطن وأسرته بدمياط    لماذا يستجيب الله دعاء المسافر؟.. أسامة الجندي يجيب    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    هل يتجاوز محمد صلاح أحزانه في ليفربول ليحقق حلم الصعود للمونديال مع الفراعنة ؟    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    يلا كورة بث مباشر.. مشاهدة السعودية × النرويج YouTube بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | مباراة ودية دولية 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غرائب وعجائب السياسة
نشر في الوفد يوم 11 - 00 - 2013

يتعلم أي دارس للعلوم السياسية في سنواته الدراسية الأولى أن السياسة تعتمد على الحسابات الدقيقة والرشادة والعقلانية والمنطق، واستنادا إلى ذلك فإنه يمكن وبدرجة كبيرة من المصداقية توقع سلوك الخصم، أو توقع رد فعله، أو توقع تطور ظاهرة سياسية معينة، لكن في بعض الأحيان يحدث غير المألوف وغير المتوقع وتحدث تناقضات غريبة وفي فترة زمنية قصيرة مما يجعل من الظواهر السياسية في حركتها تسبق القدرة على التنظير والتوقع في بعض الحالات مما يعكس عجائب وغرائب السياسة.
وقد شهدت مصر في الآونة الأخيرة نماذج لهذه التطورات المتسارعة وغير المتوقعة، والتي تثير الكثير من التساؤلات والتناقضات، ففي خلال فترة تقدر بثلاثة عقود من الزمان كانت المنافسة السياسية والصراع السياسي في مصر يدور بين طرفين هما الحزب الوطني والإخوان المسلمين، وكانت الصورة التي يتم تصديرها للغرب وللعالم الخارجي أن الإخوان هم البديل الوحيد للحزب الوطني وهو ما يبرر التدخل للتأثير على نتيجة الانتخابات خوفا من هذا البديل وهو ما لم يجد رد فعل معاكساً من الولايات المتحدة والدول الغربية وهي دول تعتنق الأيديولوجية الليبرالية ومع ذلك لم تجد غضاضة في التعاون والإبقاء على نظام سلطوي طالما يحقق مصالح الولايات المتحدة مما يعكس تغليب المصالح على المبادئ المعلنة، ولذلك تم التعامل مع جماعة الإخوان باعتبارها جماعة محظورة.
كما عمل الإخوان على إيجاد قنوات اتصال مع نظام الحزب الوطني رغم ما بينهما من تناقضات ورغم كونهم جماعة محظورة من أجل تحقيق مكاسب سياسية تتمثل في فوزهم بعدد من مقاعد البرلمان أو عدم تقديمهم لمرشحين في الدوائر التي يخوض الانتخابات فيها رموز من الحزب الوطني، ولقد بلغ هذ الأمر قمته في انتخابات 2005 حيث تمكن الإخوان من الحصول على 88 مقعدا في البرلمان بنسبة تقترب من 20% من إجمالي مقاعد البرلمان رغم كونهم جماعة محظورة، بينما لم تتمكن أحزاب المعارضة الشرعية أن تحصل سوى على 3% فقط من مقاعد هذا البرلمان مما يعكس جانباً آخر من جوانب الغرابة في السياسة المصرية.
وبقيام ثورة 25 يناير تردد الإخوان في البداية في المشاركة في الثورة والتي كان محركها ووقودها الشباب وكان رأيهم في البداية التعقل وعدم تعريض أنفسهم لمجابهة مباشرة مع النظام وبمرور عدة أيام من الثورة وميل الكفة لمصلحة الثوار قرر الإخوان النزول بثقلهم للمشاركة في الثورة، وعقب سقوط مبارك أصبح الإخوان هم الطرف الرئيسي المؤثر على نحو ما حدث في الانتخابات البرلمانية وانتخابات الشورى حيث حصل الإخوان وحلفاؤهم من التيار الديني على أغلبية المقاعد، ثم جاءت قمة هذه التطورات السياسية بفوز مرشح الإخوان في الانتخابات الرئاسية في يونية 2012، وتحولت الجماعة المحظورة إلى جماعة محظوظة معبرة بذلك عن جانب آخر من جوانب الغرابة والعجب في السياسة المصرية وخصوصا أنه قد ارتبط بذلك تراجع في دور شباب الثورة وعدم تمثيلهم تمثيلا مرضيا في المؤسسات السياسية المختلفة التي أعقبت ثورة يناير بل بدأت تنهال سهام النقد والاتهام على الكثير منهم وتم تصوير الأمر كما لو أن ثورة يناير هي ثورة الإخوان وهم الذين خططوا لها ونفذوها، وتم القبض على رموز الحزب الوطني ومحاكمتهم ابتداءً من رئيس الجمهورية الأسبق ورئيس الوزراء والوزراء ورجال الأعمال في عهده وقيادات الشرطة والحزب الوطني مما يعني وصول الإخوان إلى الحكم ودخول من كانوا في الحكم إلى السجن في تبادل أدوار سياسية غريب.
وخرجت حشود الشعب المصري في 30 يونية 2013 للمطالبة بخلع الرئيس الإخواني المنتخب بعد مرور عام من توليه السلطة وهي أكبر حشود تشهدها مصر وربما العالم وتفوق الحشود التي خرجت في ثورة 25 يناير، وتتمثل جوانب الغرابة والعجب في ذلك في قيام الشعب المصري بثورتين متتاليتين في فترة زمنية قصيرة مقدارها عامان والنصف بإسقاط نظامين هما نظام الحزب الوطني ونظام الإخوان وتزداد الأمور غرابة نتيجة لتصوير بعض الأطراف داخليا أو خارجيا لما حدث في مصر باعتباره انقلاباً رغم الحشود الهائلة التي شاركت في اسقاط النظام، كذلك من جوانب العجب والغرابة أن يتم القبض على رموز وقيادات الإخوان وإيداعهم في نفس السجون التي يتم فيها إيداع رموز الحزب الوطني مما يعني الجمع بين النقيضين خلف القضبان، وتصل المفارقة والعجب إلى القمة عندما يتم محاكمة رموز الحزب الوطني ورموز الجماعة في نفس اليوم وفي نفس التوقيت.
ويلاحظ أن المفارقات والغرائب السياسية لم تقتصر على المستوى المحلي فقط بل امتدت أيضا إلى المستوى الدولي والمستوى الإقليمي، فالولايات المتحدة على سبيل المثال والتي كان لها موقف متشدد تجاه التيارات الدينية عقب الثورة الإيرانية وعقب أحداث سبتمبر ظهرت مؤيدة لموقف الإخوان ومدافعة عن صندوق الانتخابات وأرسلت عددا من أعضاء الكونجرس الأمريكي إلى مصر وربما أوعزت أيضا إلى الاتحاد الأوروبي ببذل مساعيه في هذا الشأن، كما تتجه الولايات المتحدة أيضا بالتأييد إلى المعارضة الإسلامية في سوريا، ويزداد الموقف غرابة عندما نلاحظ أن بعض الدول العربية المؤثرة والتي أيدت الحكومة المصرية ضد التيار الإسلامي، هي نفسها تتخذ موقفا معاكسا في الأزمة السورية وتؤيد المعارضة الإسلامية ضد الحكومة السورية.
كذلك من المفارقات السياسية أن الحجج التي تسوقها الولايات المتحدة للتدخل في سوريا عسكريا والمتمثلة في حماية المدنيين يمكن أن تؤدي إلى العكس تماما من حيث زيادة القتلى والمصابين من المدنيين وزيادة الخراب في سوريا وتوجد أمثلة عديدة تؤكد ذلك من أفغانستان والصومال وليبيا والعراق واليمن وغيرها حيث أدى التدخل العسكري إلى زيادة هائلة في انتهاك حقوق المدنيين بما في ذلك حق الحياة، ويضاف إلى تلك المفارقات ما يتعلق بالجامعة العربية والتي كان الهدف من نشأتها حل القضايا والأزمات العربية في إطار إقليمي عربي وتحقيق الوحدة والتجانس على المستوى العربي وتحولت من الناحية الواقعية إلى مرآة تنعكس عليها الخلافات العربية. حقا إنها السياسة وما تنطوي عليه من عجائب وغرائب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.