السيسي يطلع على المؤشرات الأولية للأداء المالي 2024-2025.. الرئيس يوجه بتحقيق فائض أولي.. وزيادة الإنفاق على برنامجي "تكافل وكرامة" والصحة والتعليم والحماية الاجتماعية    القسام تستهدف موقع قيادة وسيطرة للعدو على محور صلاح الدين برفح    صالات المنيا تختتم معسكر القاهرة بعد خوض ثلاث وديات قوية (صور)    حملات تموينية مكثفة لضبط الأسواق في مدن وقرى كفرالشيخ (صور)    بلد بتاعة مهرجانات صحيح!    «الصحة»: فحص 8 ملايين و336 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع    الصين تقاضي كندا أمام منظمة التجارة العالمية بسبب رسوم الصلب    نائب: البيان العربي الإسلامي حمل ردًا حاسمًا حول مزاعم "إسرائيل الكبرى"    الدنمارك تدرس فرض عقوبات على إسرائيل    أعلى معدل نمو للإيرادات الضريبية أبرزها.. السيسي يتابع نتائج الأداء المالي 2024- 2025    إنفوجراف| ضوابط تلقي طلبات المستأجرين المنطبق عليهم شروط قانون الإيجار القديم    ضبط 10 أطنان من هياكل الدواجن غير الصالحة للاستهلاك الآدمي بكرداسة    منال عوض: اتخاذ إجراءات تطويرية خاصة بمحمية وادي دجلة لتعزيز حمايتها والحفاظ على مواردها الطبيعية    اليوم.. جامعة القاهرة الأهلية تُطلق التسجيل الإلكتروني لبيانات الطلاب تمهيدا للتنسيق    "حقوق أسيوط" تحتفي بمتفوقيها وتستعد لدعمهم ببرنامج تدريبي بمجلس الدولة    «شعرت بنفس الشعور».. سلوت يعلق على بكاء صلاح بسبب تأبين جوتا    «شرف ما بعده شرف».. مصطفى شوبير يحتفل بارتداء شارة قيادة الأهلي    نجم بيراميدز يتحدى الجميع: سننافس على كل بطولات الموسم.. ويورتشيتش «كلمة السر»    بعد حريق محطة الحصايا.. إعادة تشغيل الكهرباء بكامل طاقتها بمركز إدفو    محافظ بورسعيد يناقش آليات الارتقاء بمنظومة الصرف الصحي ومياه الشرب    تفاصيل إصابة 6 أشخاص في تصادم دراجات نارية علي طريق في الدقهلية    ضبط 35 شيكارة دقيق مدعم و150 قالب حلاوة طحينية مجهولة المصدر في كفر الشيخ    منذ بداية الحصاد.. 520 ألف طن قمح تدخل شون وصوامع المنيا    والدة الفنان صبحي خليل أوصت بدفنها بجوار والدها في الغربية    «حادث وادي الحراش».. إعلان الحداد الوطني وتنكيس الأعلام بعد مصرع 18 شخصًا في الجزائر (فيديو وصور)    انطلاق البطولة العربية الأولى للخماسي الحديث للمنتخبات والأندية تحت 15 عامًا    انطلاقة قوية لفيلم "درويش".. 8 ملايين جنيه في أول 72 ساعة عرض    جريئة أمام البحر.. أحدث ظهور ل ياسمين صبري والجمهور يعلق (صور)    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    تنفيذ 47 ألف زيارة منزلية لعلاج لكبار السن بالشرقية    5 أطعمة تقلل من مستويات حمض البوليك في الجسم.. تناولها    بالتعاون بين الشركة المتحدة والأوقاف.. انطلاق أضخم مسابقة قرآنية تلفزيونية    التعليم: كتب وبوكليت مطبوع لتقييم الطلاب بالعام الدراسى 2026    محافظ بورسعيد يعلن قبول جميع المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال بنسبة 100%    بالفيديو: عبيدة تطرح كليب «ضحكتك بالدنيا»    علماء يلتقطون أول صور ثلاثية الأبعاد لزرع جنين داخل الرحم    لماذا يُستبعد الموظف من الترقية رغم استحقاقه؟.. 3 حالات يحددها قانون الخدمة المدنية    موقف غير متوقع يختبر صبرك.. حظك اليوم ل مواليد برج الدلو 16 أغسطس    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولتكن البداية بميزان العدل والحق!?    يسري جبر: يوضح حكم زيارة قبور أهل البيت والصحابة والدعاء عندها    إخلاء سبيل الشاب عبد الرحمن خالد، مصمم فيديو الترويج للمتحف المصري الكبير بالذكاء الاصطناعي    موعد تقليل الاغتراب لطلاب تنسيق المرحلة الثالثة 2025    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم.. قائمة كليات تقبل من 50%    في صورة انتقال حر.. بيرسي تاو ينتقل إلى نام دينه الفيتنامي    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    أمين الفتوى يوضح حكم من تسبب في موت كلاب بغير قصد وحقيقة طهارتها    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    بدائل الثانوية العامة محاصرة بالشكاوى.. أزمات مدارس «ستيم» تثير مخاوف العباقرة    وزارة الأوقاف تحدد 15 نقطة لاستغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.. اعرفها    الكيانات الشبابية في ثوب جديد.. «حماية جيل» مشروع قومي لتمكين 750 فتاة    عملة ترامب الرقمية ترتفع بنحو 2.3% على إثر قمة بوتين- ترامب    عمر طاهر عن الأديب الراحل صنع الله إبراهيم: لقاءاتي معه كانت دروسا خصوصية    وزير الدفاع الروسي: المزاج ممتاز عقب المفاوضات في ألاسكا    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    بالأسماء.. تفاصيل إصابة 10 أشخاص من أسرة واحدة باشتباه تسمم جنوب المنيا    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيسي‮:‬صناع الطغاة حولو السادات لفرعون
نشر في الوفد يوم 03 - 06 - 2011

شوف‮ يا بهاء‮.. أنا مش محتاج لدستور،‮ أنا بعمل الدستور ده،‮ علشان اللي‮ جاي‮ بعدي‮. يرد أحمد بهاء الدين‮:‬
يا ريس سلطات رئيس الجمهورية في‮ الدستور،‮ واسعة جداً،‮ فيرد الرئيس السادات‮: يا بهاء‮.. هو أنت فاكر إنني‮ وعبدالناصر كنا محتاجين لدستور علشان نحكم‮.. آمال إيه‮ يا ريس؟‮.. لا‮ يا بهاء‮.. دستور إيه؟ أنا وعبدالناصر آخر الفراعنة‮!.. هو فيه فرعون‮ يحكم بدستور؟‮! »‬ميبقاش‮« فرعون‮.‬
دار هذا الحوار ما بين الرئيس السادات والكاتب الراحل أحمد بهاء الدين أثناء مناقشة تعديل دستور‮ 71.‬‮ والذي‮ يعيد النظر فيما ذكره السادات،‮ سيجد إنه لا‮ يجد حرجاً،‮ في‮ أن‮ يوصف نفسه بالفرعون‮. وكان‮ يعتقد أنه سيكون الفرعون الأخير،‮ غير أن‮ »‬رابطة صُناع الطغاة‮« - كما‮ يسميها الكاتب صلاح عيسي‮ - صنعت لنا فرعوناً‮ آخر هو الرئيس مبارك،‮ وكانت تواصل مشوارها في‮ صناعة فرعون للمستقبل القريب هو جمال مبارك،‮ غير أن‮ »‬مبارك‮« وبعد‮ 30‮ سنة‮ »‬سقط‮« و»جمال‮« قبل أن‮ يصل إلي‮ كرسي‮ »‬الفرعنة‮« سُجن‮!!‬
ذهبت إلي‮ الكاتب الكبير صلاح عيسي‮ وسألته‮: هل كان السادات‮ »‬فرعون جاهز«؟ أم نحن‮ - كالعادة‮ - »‬اللي‮ فرعناه؟ فقال‮: حتي‮ يناير‮ 77‮ كان السادات نصف فرعون،‮ لكن بعد هذه الأحداث تحول إلي‮ »‬فرعون‮« كامل،‮ ومتكامل‮.. واحنا‮ - برضه‮ - اللي‮ فرعناه‮.‬
وإلي‮ نص الحوار‮:‬
‮ في‮ البداية‮.. هل كان السادات فرعونا أم‮ »‬إحنا اللي‮ فرعناه«؟‮
‮- الرئيس أنور السادات قال في‮ مذكراته،‮ إنه بعد قليل من قيام ثورة‮ يوليو،‮ كان هناك خلاف في‮ مجلس القيادة‮. هل تعود للثكنات وتترك الحكم أم لا؟ وانقسم المجلس إلي‮ قسمين‮. قسم‮ يطالب بترك السلطة للمدنيين وآخر قال‮: لا‮. وعلي‮ الثورة أن تستمر،‮ وإن الثورة قامت لتغيير المجتمع وليس عزل الملك فقط‮. وإن تجارب الشعوب تقول إنه لا‮ يمكن بناء مجتمع دون سلطة قوية مركزية وحاكم قوي‮.‬
‮ والسادات كان مع أي‮ اتجاه؟
‮- مع الاتجاه الثاني،‮ وهو بقاء الجيش في‮ الحكم وكان معجباً‮ بالعسكرية الألمانية،‮ ومعروف قصة العلاقة التي‮ كانت بينه وبين المخابرات الألمانية،‮ وكان أيضاً‮ معجباً‮ برجل العسكرية المصرية عزيز المصري‮. وهذه الاتجاهات تكشف لك عن المناخ الثوري‮ الذي‮ نشأ فيه السادات‮.‬
‮ إذن اتجاهات السادات كانت واضحة منذ البداية؟
‮- كانت واضحة جدا،‮ وعندما تعود لاجتماعات مجلس قيادة الثورة،‮ في‮ مراحلها الأولي،‮ تجده كان مندهشاً‮ من طريقة التصويت في‮ مجلس القيادة،‮ وذات مرة اعترض عليها،‮ وامتنع عن حضورها،‮ وقال إنه‮ يضع صوته في‮ جيب جمال عبدالناصر‮.‬
‮ لماذا؟
‮- لأن الفكرة التي‮ كانت في‮ ذهنه،‮ هي‮ أنه طالما اخترنا جمال عبدالناصر،‮ فعلينا أن نترك له الفرصة ليقرر ما‮ يشاء‮. وهو ظل أيام عبدالناصر صامتاً،‮ لا‮ يعارض أي‮ قرار،‮ رغم أنه ثبت بعد ذلك،‮ أن هناك الكثير من القرارات كان‮ يعارضها‮.‬
‮ لكن لماذا لم‮ يعلن معارضته؟
‮- لأنه أقر من البداية،‮ أنه طالما اخترنا جمال عبدالناصر رئيساً‮ لمجلس قيادة الثورة وللثورة كلها،‮ فينبغي‮ أن نتركه‮ يعمل كما‮ يريد‮. وبالمثل عندما‮ يأتي‮ أي‮ أحد منكم مكانه،‮ فعلينا أن نتعامل معه بنفس الأسلوب‮. ولا‮ يعارضه أحد،‮ وهذا ما فعله بعد‮ 1971‮ مع بقية ورثة عبدالناصر‮.
‮ تقصد مراكز القوي؟
‮- بالضبط‮. ويومها‮ - لأنهم كانوا بدأوا المعارضة له‮ - قال لهم‮: لماذا تعارضونني‮ وأنتم لم تكونوا تعارضون عبدالناصر‮.. القاعدة العامة والمتفق عليها‮ - علي‮ الأقل ضمنياً‮ - هي‮ أن من‮ يتولي‮ منا الرئاسة،‮ لا‮ يعارض‮.‬
‮ وإذا عارض أحد؟
‮- المعارضة في‮ عقيدة‮ يوليو،‮ تعني‮ الانسحاب‮. إما أن توافق لتستمر،‮ كما حدث مع السادات أيام عبدالناصر‮. أو تعارض فتنسحب أو تستبعد كما حدث مع آخرين‮. وهذه القاعدة طبقتها ثورة‮ يوليو بشكل عام‮.‬
‮ معني‮ ذلك أنه كان لديه استعداد نفسي‮ وفكري‮ ليكون فرعونا؟
‮- طبعاً‮.. والسادات في‮ بداية حكمه وجد معارضة من ورثة عبدالناصر الذين أطلق عليهم‮ »‬مراكز القوي‮«. وسبب الخلاف،‮ هو اتجاهه لحل قضية الصراع العربي‮ الإسرائيلي‮ عبر أشكال من الحلول السلمية،‮ حيث كان متردداً‮ في‮ موضوع الحرب جداً،‮ وكان لديه ميل لفتح صفحة جديدة من العلاقات الأمريكية‮. وعندما احتكم الصراع بينهما،‮ قرر اللجوء للشعب،‮ وأظهرهم أمام الشعب أنهم ضد الحريات العامة والديمقراطية‮.‬
‮ لكن الخلاف لم‮ يكن حول الديمقراطية؟
‮- نعم‮.. لأنه لو قال للشعب‮ غير ذلك،‮ فكان سيخسر المعركة،‮ والذي‮ نصحه بذلك هو الأستاذ هيكل‮. وقال له إن طرح الخلاف كما لو كان حول عودة العلاقات مع أمريكا أو عدم عودتها،‮ فأنت ستخسر المعركة‮.‬
‮ واقترح الاستاذ هيكل علي‮ السادات أن‮ يلعب بورقة الديمقراطية ليقض علي‮ مراكز القوي؟
‮- بالضبط كده‮.. لأن موضوع الديمقراطية تكسب به الشارع،‮ الذي‮ كان‮ يعاني‮ من فترة حكم الرئيس عبد الناصر وبالتالي‮ الشارع هيكون معاك‮. وهذه اللعبة لعبها كل ثوار‮ يوليو مع بعضهم البعض علي‮ حساب الديمقراطية وعلي‮ حساب البلد نفسه‮.‬
‮ إزاي؟
‮- استخدام سلاح الديمقراطية،‮ بين رجال‮ يوليو،‮ والصراع علي‮ السلطة،‮ كان تقليداً‮ شائعاً‮ فحين اختلف محمد نجيب مع عبد الناصر قال محمد نجيب إنهم ديكتاتوريون‮.‬
‮ وهو كان ديمقراطياً؟
‮- لا‮.. هو لم‮ يكن كذلك‮.‬
‮ محمد نجيب؟
‮- أيوة‮.. كان نفس الموضوع‮.. ولكن عند الاختلاف كانت تخرج‮ »‬الديمقراطية‮« علي‮ طريقة‮ »‬احنا دفنينه سوا‮«! وهذا ما فعله عبد الحكيم عامر في‮ اختلافه مع عبد الناصر وطبع الاستقالة،‮ وكان قد سبق وتقدم بها سنة‮ 1962،‮ ووزعها كمنشور،‮ ليظهر ان سبب الهزيمة هو ديكتاتورية عبد الناصر‮. وإنه أي‮ عبد الحكيم عامر لم‮ يكن موافقاً‮ علي‮ ما‮ يفعله،‮ وسبق له ان طالب بالديمقراطية‮. وهذا ما فعله كمال الدين حسين وعبد اللطيف البغدادي‮ عندما اختلفا مع عبد الناصر‮.‬
‮ قالوا أيضاً‮ ان الخلاف سببه الديمقراطية؟
‮- قالا ذلك‮. هم كانوا‮ يشعرون من البداية ان موضوع الديمقراطية هو الموضوع الذي،‮ اذا ما اختلف اي‮ واحد منهم مع الاخر،‮ فإنه‮ يستطيع ان‮ يكسب الشارع في‮ به صفه‮.‬
‮ وماذا فعل السادات بعدما تخلص من مراكز القوي؟
‮- »‬ساق فيها‮« كان من اول القرارات التي‮ اتخذها قبل هذا الصراع،‮ هو وقف التنصت علي‮ التليفونات والافراج عن المعتقلين السياسيين،‮ وذهب الي‮ فناء وزارة الداخلية،‮ وأقام احتفالا كبيرا‮ يومها،‮ واحرق علناً‮ امام الصحفيين شرائط التنصت في‮ 1971،‮ وفي‮ عام‮ 1975‮ افرج عن المسجونين السياسيين وكان معظمهم من الاخوان المسلمين المحكوم عليهم في‮ قضية‮ »‬سيد قطب‮«.‬
‮ طيب‮.. كل هذا‮ يصب في‮ اتجاه الحريات العامة؟
‮- هذا صحيح‮.. في‮ هذه المرحلة ظهر وكأنه ادرك انه‮ يكسب الشارع بالديمقراطية ويعد هذا احد انجازاته المهمة في‮ الواقع،‮ لانه ساهم في‮ تحطيم الطابع الشمولي‮ للدولة الذي‮ اقامته ثورة‮ 23‮ يوليو‮. وسمح بالحرية بعض الشيء والنقد في‮ الصحف‮. لكن هذا الاتجاه لم‮ يستمر‮.‬
‮ لماذا؟
‮- لأنه بعد فوزه علي‮ مراكز القوي،‮ بدأت رابطة صناع الطغاة كما اسميها أنا تظهر وهذه الرابطة تتكون من فصائل وتيارات اجتماعية معادية للنظام الذي‮ سقط وتحاول ان تدفع النظام الجديد،‮ في‮ اتجاه ان‮ يتبني‮ مصالحها الاجتماعية والسياسية‮.‬
‮ وهل حدث هذا مع أنور السادات؟
‮- طبعاً‮.. ففي‮ موجة شديدة من النفاق السياسي‮ قام بها الاعلام وكان كله رسميا وقتها السادات وخرج مجموعة من المضطهدون في‮ العهد الماضي‮ مثل مصطفي‮ امين وعلي‮ امين وغيرهما من اليمين المصري‮ الذي‮ كان مقموعاً‮ في‮ عهد عبد الناصر‮. خرجوا من تحت السطح،‮ وبدءوا عملية النفاق وطبعت كتب عنوانها مثلاً‮ »‬مايو حبيبي‮«.‬
‮ وهل كتب احد كتاباً‮ بهذا الاسم؟
‮- آه‮.. طبعاً‮.. كتبه‮ »‬انور زعلوك‮« كان موجوداً‮ في‮ السجن في‮ ذلك الحين وكتب بعض اساتذة الجامعة كتبا عنوانها‮ »‬أنور السادات رائدا للتأصيل الفكري‮«. وموجة من النفاق السياسي‮ العارم‮.‬
‮ أستاذ صلاح‮.. ألا تتفق معي‮ أن شيء‮. من هذا النفاق السياسي‮ يحدث الآن بعد ثورة‮ 25‮ يناير؟
‮- اتفق طبعاً‮.. ولو عدت بعد سقوط الملك فاروق ستري‮ هذا النفاق أيضاً‮.. فالصحف التي‮ كانت قبل‮ يوليو‮ 1952‮ تنطق باسم الملك والسرايا،‮ كيف تحولت إلي‮ نشر فضائحه‮.
‮ كان منها في‮ ذلك الوقت‮ »‬أخبار اليوم«؟
‮ - »‬أخبار اليوم‮« وغيرها‮ .. ونشرت هذه الصحف فضائح الملك؟ والاقتراب والالتفاف بثوار‮ يوليو وقتها‮.‬
‮ إذن الظاهرة متكررة في‮ التاريخ؟
‮- آمال أنت فاكر إيه‮.! هذه ظاهرة متحركة في‮ التاريخ،‮ تتحول فيما بعد إلي‮ ما أسميه‮ »‬رابطة صُناع الطغاة‮«. وهي‮ تتشكل بعد سقوط أي‮ نظام‮.‬
‮ وعلي‮ أي‮ الأسس‮ يقوم فكر أصحاب هذه الرابطة؟
‮- علي‮ فكرة مصر لابد أن‮ يحكمها فرعون‮. وإننا‮ - كرابطة‮ - نساهم في‮ تشكيل هذا الفرعون،‮ لكني‮ نستفيد من ورائه،‮ عندما‮ يستتب الأمر له وينفرد بالسلطة‮.‬
‮ إذن هذه الفكرة موجودة دائماً؟
‮- موجودة طوال الوقت،‮ حتي‮ عندما‮ يكون الحاكم في‮ بدايته نصف فرعون فنأتي‮ نحن ونحوله إلي‮ فرعون كامل‮. والسادات حتي‮ نهاية فترة رئاسته الأولي‮ أنجز إنجازاته الأساسية‮. حيث حطم الطابع الشمولي‮ وحرب أكتوبر‮. والانفراجة الديمقراطية الجزئية التي‮ حدثت،‮ ووصلت ذروتها في‮ عام‮ 1976،‮ وهي‮ كانت سنة من أعجب السنوات في‮ تلك الفترة‮.‬
‮ لماذا؟
‮- لأننا رأينا فيها ما كنا نراه خلال العامين الأخيرين من حكم مبارك،‮ كل‮ يوم وقفة احتجاجية أمام مجلس الوزراء ومطالب فئوية وحرية صحافة بعض الشيء،‮ والجامعة تحولت لما‮ يشبه ميدان التحرير اليوم،‮ وفي‮ مجتمع الجامعة خرجت بيانات وصحف حائط تهاجم الرئيس وزوجته ومطالبات بالإصلاح السياسي‮ والدستوري‮ وأنا أتذكر أننا في‮ 15‮ نوفمبر‮ 1976‮ خرجنا في‮ مظاهرة من جامعة القاهرة إلي‮ مجلس الشعب وكان فيها ما لا‮ يقل عن‮ 12‮ ألف مواطن تحركت من الجامعة وانضم إليها الناس في‮ الشارع‮. وكانت مطالب‮ - مثل التي‮ نطالب بها اليوم‮ - مثل ربط الأجر بالإنتاج وإطلاق الحريات‮.‬
‮ حتي‮ هذه اللحظة كان السادات نصف فرعون،‮ فكيف تحول إلي‮ فرعون كامل؟‮!‬
‮- حتي‮ 18‮ و19‮ يناير‮ 1977.‬‮ قبل هذا التاريخ كان للسادات إيجابيات من الإنصاف أن نذكرها له‮. ورغم محاولات ضغوط رابطة‮ »‬صناع الطغاة‮« عليه،‮ إلا أنه ظل متماسكاً‮. وقال لي‮ ذات‮ يوم المرحوم محمد عبدالسلام الزيات وكان مقرباً‮ للسادات،‮ وكان الأمين العام لمجلس الأمة في‮ الوقت الذي‮ كان فيه السادات رئيساً‮ لمجلس الأمة‮. قال لي‮: إن السادات في‮ بداية حكمه،‮ التقت به السيدة جيهان السادات وقالت له‮ »‬خصيمك النبي‮ يا محمد‮.. لو سمعت أي‮ حاجة‮ غلط حد بيعملها باسم الريس أو حد بيمارس فساد أو حاجة الناس بتقولها علينا تقول للريس وتقول لي،‮ علشان نصلح روحنا‮. احنا لا نريد أن نقع في‮ الأخطاء التي‮ وقع فيها من سبقنا‮«.‬
‮ ولكن رغم هذا التحذير وقعوا؟
‮- للأسف هذا ما حدث‮. وبعد‮ يناير‮ 1977‮ هناك‮ »‬سادات‮« مختلف،‮ وتحول إلي‮ فرعون بشكل حقيقي‮. وبدأت سلسلة من الأخطاء،‮ وأنا أذكر أننا كنا نحاكم بتهمة التحريض علي‮ أحداث‮ 18‮ و19‮ يناير،‮ وكان لا‮ يكف طوال المحاكمة علي‮ أن‮ يخطب‮ - والمحاكمة قائمة‮ - ويقول سأظل وراءهم حتي‮ آخر الدنيا وآخر الزمن‮.‬
‮ ليضغط علي‮ المحكمة؟
‮- كانت حاجة مش ممكن‮. وأنا الآن أترحم علي‮ القاضي‮ الذي‮ كان‮ يحاكمنا المرحوم‮ »‬حكيم منير صليب‮« لأنه برغم كل هذه الهستيريا،‮ لم‮ يتأثر،‮ ولم‮ يحول المحاكمة إلي‮ محاكمة سياسية‮.. وقال للمحامين هذه قضية من الناحية القانونية لا‮ يوجد أي‮ اتهام حقيقي‮. وطلب منهم أن تكون القضية قانونية وليس سياسية‮.‬
‮ واستمر السادات في‮ اتجاهه نحو‮ »‬الفرعنة«؟
‮- استمر‮.. وطلع بعد ذلك قانون‮ »‬العيب‮«. وهو قانون‮ »‬مكارثية‮« 100٪‮. ومحاولة تحويل نقابة الصحفيين إلي‮ ناد،‮ ومطاردة المعارضة المصرية التي‮ كانت تعمل بالخارج لدرجة أنه اسقط عنهم عضوية النقابة وكان‮ يريد اسقاط الجنسية عنهم،‮ لكنه تراجع وأعلن وقتها قائلاً‮: من دخل نقابة الصحفيين فهو آمن‮« وهنا الفرعونية لديه وصلت لحالة‮ غريبة،‮ جعلته‮ ينسب لنفسه قول للنبي‮ عليه الصلاة والسلام وهو داخل مكة‮. وبدأت تنتشر خطاباته السياسية التي‮ ركز فيها علي‮ »‬الأنا‮«!‬
‮ إزاي؟
‮- يعني‮ يقول‮ »‬شعبي‮« »‬جيشي‮« »‬الصحفيين بتوعي‮« »‬الجنرالات بتوعي‮« كان‮ يقول ذلك في‮ خطاباته العلنية،‮ حيث كان‮ يضيف‮ »‬ياء‮« الملكية لكل ما في‮ البلد‮. وتعبيرات من نوعية البلد بقي‮ لها سعر‮.‬
‮ وماذا كان‮ يقصد بأن لها سعراً؟
‮- هو في‮ هذه الفترة كان بدأ‮ يسقط في‮ أيدي‮ الانفتاحيين الجدد‮. حيث كانوا‮ يسعون إلي‮ صناعة فرعون‮ يدافع عن الانفتاح‮ »‬سداح مداح‮« والمكاسب‮ غير المشروعة التي‮ كونوها من تجارة السلع الفاسدة والاتجار في‮ العملة،‮ وكل عمليات النهب التي‮ بدأت وقتها‮ - طبعاً‮ نهب الأراضي‮ بدأ في‮ عهد مبارك‮ - فهؤلاء كانوا‮ يحتاجون إلي‮ فرعون،‮ وقد شكلوا أنور السادات الفرعون طبعاً‮ لما أرادوا‮. وانظر إلي‮ قرار زيارته للقدس،‮ بصرف النظر عن الخلاف والاتفاق عليه‮.‬
‮ علي‮ ماذا‮ يدل هذا القرار؟
‮- يدل علي‮ أنك لست أمام دولة لها مؤسسات،‮ إنما أنت أمام حاكم فردي‮ يأخذ قراراً‮ استراتيجياً‮ بهذا الحجم،‮ ويعلنه في‮ خطبه،‮ وهو أمام مجلس الشعب،‮ ويفاجئ به الجميع‮. وهذا‮ يؤكد أن هذا هو الفرعون بعينه‮. لذلك أقول إن الفترة الثانية من حكم السادات هي‮ فترة حكم الفرعون‮.‬
‮ لكن الرابطة‮ - رابطة صُناع الطغاة‮ - ساهمت في‮ فرعنته أليس كذلك؟
‮- طبعاً‮.. شوف هو كان لديه الميل‮ »‬للفرعنة‮« لكن هذا الميل‮ يزيد عندما‮ يجد من‮ يساعده في‮ التخلص من مراكز القوي‮ التي‮ تعارضه،‮ عندما‮ يجد من‮ يغير له الدستور مثل السيدة‮ »‬فايدة كامل‮« أو تذهب وتقول له ذلك ويتغير الدستور بما‮ يسمح ب‮ »‬مدد‮« رئاسية أخري‮ وليس‮ »‬مدة‮« أخري‮. عندما‮ يجد عالم دين مثل الشيخ أحمد حسن الباقوري‮ يلقي‮ خطبة شهيرة،‮ يتحدث فيها عن أن فقهاء المسلمين‮ يحظرون علي‮ المسلمين أن‮ ينتقصوا من قدر بغلة السلطان‮.‬
‮ لماذا؟
‮- لأن الانتقاص من قدر‮ »‬البغلة‮« هو أنتقاص من قدر‮ »‬السلطان‮« ذاته‮.‬
‮ وماذا كان‮ يقصد الشيخ الباقوري‮ من وراء تلك الخطبة؟
‮- هو حماية رئيس الجمهورية مما كان‮ يسمي‮ حين ذلك‮ »‬بطول لسان طلاب الجامعة‮« وقتها ومطالباً‮ الرئيس السادات بأن‮ يمد المدة التي‮ كانت أشرفت علي‮ نهايتها‮. ويرشح نفسه مرة ثانية‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.