هو صريح وعلى الصحفيين تقدير ذلك، متحدثة البيت الأبيض تبرر وصف ترامب لمراسلة ب"خنزيرة"    فلسطين.. قوات الاحتلال تعتقل شابًا من طولكرم شمال الضفة الغربية    هشام حنفي: أتمنى تتويج المنتخب الثاني بلقب كأس العرب.. وأحمد الشناوي كان يستحق فرصة في مباراتي الفراعنة    زد يفاوض كهربا للعودة للدوري المصري عبر بوابته (خاص)    أخبار فاتتك وأنت نايم | إغلاق الطريق الصحراوي بسبب الشبورة.. قائمة منتخب مصر في كأس العرب    والدة هند رجب تبكي الحضور في افتتاح مهرجان الدوحة السينمائي 2025    محمد منصور: تحولت في يوم وليلة من ابن عائلة ثرية إلى طالب فقير ومديون.. ومكنتش لاقي فلوس آكل    رئيس مياه البحيرة يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات «حياة كريمة»    محافظ البحيرة تلتقى أعضاء مجلس الشيوخ الجدد وتؤكد على التعاون المشترك    أبرز مواجهات اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025 في مختلف الدوريات العالمية    الأزهر ينظِّم مهرجانًا ثقافيًّا للطفل المبدِع والمبتكِر    محافظة الإسكندرية تعلن إغلاق الطريق الصحراوي بسبب الشبورة    البابا تواضروس: مصر واحة الإيمان التي حافظت على وديعة الكنيسة عبر العصور    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    طلب هام.. تطور جديد بشأن «نورهان» قاتلة أمها في بورسعيد    المؤشر نيكي الياباني يتراجع بفعل هبوط أسهم التكنولوجيا    غلق الطريق الصحراوي بالإسكندرية بسبب شبورة كثيفة تعيق الرؤية    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    أسعار العملات أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    عراقجي يؤكد جاهزية إيران لهجوم إسرائيلي جديد بصواريخ مطوّرة    نجوم «صديق صامت» يتألقون على السجادة الحمراء بمهرجان القاهرة    «المهن التمثيلية» تحذر من انتحال اسم مسلسل «كلهم بيحبوا مودي»    فضل سورة الكهف يوم الجمعة وأثر قراءتها على المسلم    دعاء يوم الجمعة.. ردد الآن هذا الدعاء المبارك    ما الأفضل للمرأة في يوم الجمعة: الصلاة في المسجد أم في البيت؟    إصابة 4 أشخاص في انقلاب توك توك بطريق تمي الأمديد في الدقهلية    محمد رمضان يغنى يا حبيبى وأحمد السقا يشاركه الاحتفال.. فيديو وصور    عازف البيانو العالمي لانج لانج: العزف أمام الأهرامات حلم حياتي    لأسباب إنتاجية وفنية.. محمد التاجي يعتذر عن مشاركته في موسم رمضان المقبل    بعد 28 عاما على وفاتها، الأميرة ديانا تعود إلى "متحف جريفين" في باريس ب"فستان التمرد" (صور)    سرب من 8 مقاتلات إسرائيلية يخترق الأجواء السورية    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    إحالة المتهم بقتل مهندس كرموز ب7 رصاصات في الإسكندرية للمحاكمة الجنائية    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    نائب رئيس الألومنيوم يعلن وفاة مدرب الحراس نور الزاكي ويكشف السبب    سبب غياب راشفورد عن تدريبات برشلونة    تجديد حبس سيدتين بسبب خلاف على أولوية المرور بالسلام    تجديد حبس المتهمين بسرقة طالب بأسلوب افتعال مشاجرة بمدينة نصر    أسامة كمال: نتنياهو يتجول في جنوب سوريا.. وحكومتها لا هنا ولا هناك تكتفي ببيان «انتهاك خطير».. وبس كده!    بنك مصر والمجلس القومي للمرأة يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الشمول المالي وتمكين المرأة    كاسبرسكي تُسجّل نموًا بنسبة 10% في المبيعات وتكشف عن تصاعد التهديدات السيبرانية في منطقة الشرق الأوسط    الكويت تدين بشدة الهجمات الإسرائيلية على غزة وتدعو لتحرك دولى عاجل    مستوطنون يشعلون النار فى مستودع للسيارات بحوارة جنوبى نابلس    "عائدون إلى البيت".. قميص خاص لمباراة برشلونة الأولى على كامب نو    ضياء السيد ل dmc: الرياضة المصرية بحاجة لمتابعة دقيقة من الدولة    كأس العرب .. الننى والسولية وشريف على رأس قائمة منتخب مصر الثانى    ستارمر يستعد لزيارة الصين ولندن تقترب من الموافقة على السفارة الجديدة بدعم استخباراتي    وزير الرياضة يطمئن على وفد مصر في البرازيل بعد حريق بمقر مؤتمر المناخ    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    غلق باب الطعون الانتخابية بعدد 251 طعنا على المرحلة الأولى بانتخابات النواب    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    هل عدم زيارة المدينة المنورة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح    احتفالية مستشفى الناس بحضور سفراء ونجوم المجتمع.. أول وأكبر مركز مجاني لزراعة الكبد بالشرق الأوسط "صور"    أطعمة تعيد التوازن لأمعائك وتحسن الهضم    الجبهة الوطنية يكلف عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة عقب استقالة الدالي    رئيس الوزراء: مشروع الضبعة النووي يوفر 3 مليارات دولار سنوياً    محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب وعدد المترشحين بها    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيسي‮:‬صناع الطغاة حولو السادات لفرعون
نشر في الوفد يوم 03 - 06 - 2011

شوف‮ يا بهاء‮.. أنا مش محتاج لدستور،‮ أنا بعمل الدستور ده،‮ علشان اللي‮ جاي‮ بعدي‮. يرد أحمد بهاء الدين‮:‬
يا ريس سلطات رئيس الجمهورية في‮ الدستور،‮ واسعة جداً،‮ فيرد الرئيس السادات‮: يا بهاء‮.. هو أنت فاكر إنني‮ وعبدالناصر كنا محتاجين لدستور علشان نحكم‮.. آمال إيه‮ يا ريس؟‮.. لا‮ يا بهاء‮.. دستور إيه؟ أنا وعبدالناصر آخر الفراعنة‮!.. هو فيه فرعون‮ يحكم بدستور؟‮! »‬ميبقاش‮« فرعون‮.‬
دار هذا الحوار ما بين الرئيس السادات والكاتب الراحل أحمد بهاء الدين أثناء مناقشة تعديل دستور‮ 71.‬‮ والذي‮ يعيد النظر فيما ذكره السادات،‮ سيجد إنه لا‮ يجد حرجاً،‮ في‮ أن‮ يوصف نفسه بالفرعون‮. وكان‮ يعتقد أنه سيكون الفرعون الأخير،‮ غير أن‮ »‬رابطة صُناع الطغاة‮« - كما‮ يسميها الكاتب صلاح عيسي‮ - صنعت لنا فرعوناً‮ آخر هو الرئيس مبارك،‮ وكانت تواصل مشوارها في‮ صناعة فرعون للمستقبل القريب هو جمال مبارك،‮ غير أن‮ »‬مبارك‮« وبعد‮ 30‮ سنة‮ »‬سقط‮« و»جمال‮« قبل أن‮ يصل إلي‮ كرسي‮ »‬الفرعنة‮« سُجن‮!!‬
ذهبت إلي‮ الكاتب الكبير صلاح عيسي‮ وسألته‮: هل كان السادات‮ »‬فرعون جاهز«؟ أم نحن‮ - كالعادة‮ - »‬اللي‮ فرعناه؟ فقال‮: حتي‮ يناير‮ 77‮ كان السادات نصف فرعون،‮ لكن بعد هذه الأحداث تحول إلي‮ »‬فرعون‮« كامل،‮ ومتكامل‮.. واحنا‮ - برضه‮ - اللي‮ فرعناه‮.‬
وإلي‮ نص الحوار‮:‬
‮ في‮ البداية‮.. هل كان السادات فرعونا أم‮ »‬إحنا اللي‮ فرعناه«؟‮
‮- الرئيس أنور السادات قال في‮ مذكراته،‮ إنه بعد قليل من قيام ثورة‮ يوليو،‮ كان هناك خلاف في‮ مجلس القيادة‮. هل تعود للثكنات وتترك الحكم أم لا؟ وانقسم المجلس إلي‮ قسمين‮. قسم‮ يطالب بترك السلطة للمدنيين وآخر قال‮: لا‮. وعلي‮ الثورة أن تستمر،‮ وإن الثورة قامت لتغيير المجتمع وليس عزل الملك فقط‮. وإن تجارب الشعوب تقول إنه لا‮ يمكن بناء مجتمع دون سلطة قوية مركزية وحاكم قوي‮.‬
‮ والسادات كان مع أي‮ اتجاه؟
‮- مع الاتجاه الثاني،‮ وهو بقاء الجيش في‮ الحكم وكان معجباً‮ بالعسكرية الألمانية،‮ ومعروف قصة العلاقة التي‮ كانت بينه وبين المخابرات الألمانية،‮ وكان أيضاً‮ معجباً‮ برجل العسكرية المصرية عزيز المصري‮. وهذه الاتجاهات تكشف لك عن المناخ الثوري‮ الذي‮ نشأ فيه السادات‮.‬
‮ إذن اتجاهات السادات كانت واضحة منذ البداية؟
‮- كانت واضحة جدا،‮ وعندما تعود لاجتماعات مجلس قيادة الثورة،‮ في‮ مراحلها الأولي،‮ تجده كان مندهشاً‮ من طريقة التصويت في‮ مجلس القيادة،‮ وذات مرة اعترض عليها،‮ وامتنع عن حضورها،‮ وقال إنه‮ يضع صوته في‮ جيب جمال عبدالناصر‮.‬
‮ لماذا؟
‮- لأن الفكرة التي‮ كانت في‮ ذهنه،‮ هي‮ أنه طالما اخترنا جمال عبدالناصر،‮ فعلينا أن نترك له الفرصة ليقرر ما‮ يشاء‮. وهو ظل أيام عبدالناصر صامتاً،‮ لا‮ يعارض أي‮ قرار،‮ رغم أنه ثبت بعد ذلك،‮ أن هناك الكثير من القرارات كان‮ يعارضها‮.‬
‮ لكن لماذا لم‮ يعلن معارضته؟
‮- لأنه أقر من البداية،‮ أنه طالما اخترنا جمال عبدالناصر رئيساً‮ لمجلس قيادة الثورة وللثورة كلها،‮ فينبغي‮ أن نتركه‮ يعمل كما‮ يريد‮. وبالمثل عندما‮ يأتي‮ أي‮ أحد منكم مكانه،‮ فعلينا أن نتعامل معه بنفس الأسلوب‮. ولا‮ يعارضه أحد،‮ وهذا ما فعله بعد‮ 1971‮ مع بقية ورثة عبدالناصر‮.
‮ تقصد مراكز القوي؟
‮- بالضبط‮. ويومها‮ - لأنهم كانوا بدأوا المعارضة له‮ - قال لهم‮: لماذا تعارضونني‮ وأنتم لم تكونوا تعارضون عبدالناصر‮.. القاعدة العامة والمتفق عليها‮ - علي‮ الأقل ضمنياً‮ - هي‮ أن من‮ يتولي‮ منا الرئاسة،‮ لا‮ يعارض‮.‬
‮ وإذا عارض أحد؟
‮- المعارضة في‮ عقيدة‮ يوليو،‮ تعني‮ الانسحاب‮. إما أن توافق لتستمر،‮ كما حدث مع السادات أيام عبدالناصر‮. أو تعارض فتنسحب أو تستبعد كما حدث مع آخرين‮. وهذه القاعدة طبقتها ثورة‮ يوليو بشكل عام‮.‬
‮ معني‮ ذلك أنه كان لديه استعداد نفسي‮ وفكري‮ ليكون فرعونا؟
‮- طبعاً‮.. والسادات في‮ بداية حكمه وجد معارضة من ورثة عبدالناصر الذين أطلق عليهم‮ »‬مراكز القوي‮«. وسبب الخلاف،‮ هو اتجاهه لحل قضية الصراع العربي‮ الإسرائيلي‮ عبر أشكال من الحلول السلمية،‮ حيث كان متردداً‮ في‮ موضوع الحرب جداً،‮ وكان لديه ميل لفتح صفحة جديدة من العلاقات الأمريكية‮. وعندما احتكم الصراع بينهما،‮ قرر اللجوء للشعب،‮ وأظهرهم أمام الشعب أنهم ضد الحريات العامة والديمقراطية‮.‬
‮ لكن الخلاف لم‮ يكن حول الديمقراطية؟
‮- نعم‮.. لأنه لو قال للشعب‮ غير ذلك،‮ فكان سيخسر المعركة،‮ والذي‮ نصحه بذلك هو الأستاذ هيكل‮. وقال له إن طرح الخلاف كما لو كان حول عودة العلاقات مع أمريكا أو عدم عودتها،‮ فأنت ستخسر المعركة‮.‬
‮ واقترح الاستاذ هيكل علي‮ السادات أن‮ يلعب بورقة الديمقراطية ليقض علي‮ مراكز القوي؟
‮- بالضبط كده‮.. لأن موضوع الديمقراطية تكسب به الشارع،‮ الذي‮ كان‮ يعاني‮ من فترة حكم الرئيس عبد الناصر وبالتالي‮ الشارع هيكون معاك‮. وهذه اللعبة لعبها كل ثوار‮ يوليو مع بعضهم البعض علي‮ حساب الديمقراطية وعلي‮ حساب البلد نفسه‮.‬
‮ إزاي؟
‮- استخدام سلاح الديمقراطية،‮ بين رجال‮ يوليو،‮ والصراع علي‮ السلطة،‮ كان تقليداً‮ شائعاً‮ فحين اختلف محمد نجيب مع عبد الناصر قال محمد نجيب إنهم ديكتاتوريون‮.‬
‮ وهو كان ديمقراطياً؟
‮- لا‮.. هو لم‮ يكن كذلك‮.‬
‮ محمد نجيب؟
‮- أيوة‮.. كان نفس الموضوع‮.. ولكن عند الاختلاف كانت تخرج‮ »‬الديمقراطية‮« علي‮ طريقة‮ »‬احنا دفنينه سوا‮«! وهذا ما فعله عبد الحكيم عامر في‮ اختلافه مع عبد الناصر وطبع الاستقالة،‮ وكان قد سبق وتقدم بها سنة‮ 1962،‮ ووزعها كمنشور،‮ ليظهر ان سبب الهزيمة هو ديكتاتورية عبد الناصر‮. وإنه أي‮ عبد الحكيم عامر لم‮ يكن موافقاً‮ علي‮ ما‮ يفعله،‮ وسبق له ان طالب بالديمقراطية‮. وهذا ما فعله كمال الدين حسين وعبد اللطيف البغدادي‮ عندما اختلفا مع عبد الناصر‮.‬
‮ قالوا أيضاً‮ ان الخلاف سببه الديمقراطية؟
‮- قالا ذلك‮. هم كانوا‮ يشعرون من البداية ان موضوع الديمقراطية هو الموضوع الذي،‮ اذا ما اختلف اي‮ واحد منهم مع الاخر،‮ فإنه‮ يستطيع ان‮ يكسب الشارع في‮ به صفه‮.‬
‮ وماذا فعل السادات بعدما تخلص من مراكز القوي؟
‮- »‬ساق فيها‮« كان من اول القرارات التي‮ اتخذها قبل هذا الصراع،‮ هو وقف التنصت علي‮ التليفونات والافراج عن المعتقلين السياسيين،‮ وذهب الي‮ فناء وزارة الداخلية،‮ وأقام احتفالا كبيرا‮ يومها،‮ واحرق علناً‮ امام الصحفيين شرائط التنصت في‮ 1971،‮ وفي‮ عام‮ 1975‮ افرج عن المسجونين السياسيين وكان معظمهم من الاخوان المسلمين المحكوم عليهم في‮ قضية‮ »‬سيد قطب‮«.‬
‮ طيب‮.. كل هذا‮ يصب في‮ اتجاه الحريات العامة؟
‮- هذا صحيح‮.. في‮ هذه المرحلة ظهر وكأنه ادرك انه‮ يكسب الشارع بالديمقراطية ويعد هذا احد انجازاته المهمة في‮ الواقع،‮ لانه ساهم في‮ تحطيم الطابع الشمولي‮ للدولة الذي‮ اقامته ثورة‮ 23‮ يوليو‮. وسمح بالحرية بعض الشيء والنقد في‮ الصحف‮. لكن هذا الاتجاه لم‮ يستمر‮.‬
‮ لماذا؟
‮- لأنه بعد فوزه علي‮ مراكز القوي،‮ بدأت رابطة صناع الطغاة كما اسميها أنا تظهر وهذه الرابطة تتكون من فصائل وتيارات اجتماعية معادية للنظام الذي‮ سقط وتحاول ان تدفع النظام الجديد،‮ في‮ اتجاه ان‮ يتبني‮ مصالحها الاجتماعية والسياسية‮.‬
‮ وهل حدث هذا مع أنور السادات؟
‮- طبعاً‮.. ففي‮ موجة شديدة من النفاق السياسي‮ قام بها الاعلام وكان كله رسميا وقتها السادات وخرج مجموعة من المضطهدون في‮ العهد الماضي‮ مثل مصطفي‮ امين وعلي‮ امين وغيرهما من اليمين المصري‮ الذي‮ كان مقموعاً‮ في‮ عهد عبد الناصر‮. خرجوا من تحت السطح،‮ وبدءوا عملية النفاق وطبعت كتب عنوانها مثلاً‮ »‬مايو حبيبي‮«.‬
‮ وهل كتب احد كتاباً‮ بهذا الاسم؟
‮- آه‮.. طبعاً‮.. كتبه‮ »‬انور زعلوك‮« كان موجوداً‮ في‮ السجن في‮ ذلك الحين وكتب بعض اساتذة الجامعة كتبا عنوانها‮ »‬أنور السادات رائدا للتأصيل الفكري‮«. وموجة من النفاق السياسي‮ العارم‮.‬
‮ أستاذ صلاح‮.. ألا تتفق معي‮ أن شيء‮. من هذا النفاق السياسي‮ يحدث الآن بعد ثورة‮ 25‮ يناير؟
‮- اتفق طبعاً‮.. ولو عدت بعد سقوط الملك فاروق ستري‮ هذا النفاق أيضاً‮.. فالصحف التي‮ كانت قبل‮ يوليو‮ 1952‮ تنطق باسم الملك والسرايا،‮ كيف تحولت إلي‮ نشر فضائحه‮.
‮ كان منها في‮ ذلك الوقت‮ »‬أخبار اليوم«؟
‮ - »‬أخبار اليوم‮« وغيرها‮ .. ونشرت هذه الصحف فضائح الملك؟ والاقتراب والالتفاف بثوار‮ يوليو وقتها‮.‬
‮ إذن الظاهرة متكررة في‮ التاريخ؟
‮- آمال أنت فاكر إيه‮.! هذه ظاهرة متحركة في‮ التاريخ،‮ تتحول فيما بعد إلي‮ ما أسميه‮ »‬رابطة صُناع الطغاة‮«. وهي‮ تتشكل بعد سقوط أي‮ نظام‮.‬
‮ وعلي‮ أي‮ الأسس‮ يقوم فكر أصحاب هذه الرابطة؟
‮- علي‮ فكرة مصر لابد أن‮ يحكمها فرعون‮. وإننا‮ - كرابطة‮ - نساهم في‮ تشكيل هذا الفرعون،‮ لكني‮ نستفيد من ورائه،‮ عندما‮ يستتب الأمر له وينفرد بالسلطة‮.‬
‮ إذن هذه الفكرة موجودة دائماً؟
‮- موجودة طوال الوقت،‮ حتي‮ عندما‮ يكون الحاكم في‮ بدايته نصف فرعون فنأتي‮ نحن ونحوله إلي‮ فرعون كامل‮. والسادات حتي‮ نهاية فترة رئاسته الأولي‮ أنجز إنجازاته الأساسية‮. حيث حطم الطابع الشمولي‮ وحرب أكتوبر‮. والانفراجة الديمقراطية الجزئية التي‮ حدثت،‮ ووصلت ذروتها في‮ عام‮ 1976،‮ وهي‮ كانت سنة من أعجب السنوات في‮ تلك الفترة‮.‬
‮ لماذا؟
‮- لأننا رأينا فيها ما كنا نراه خلال العامين الأخيرين من حكم مبارك،‮ كل‮ يوم وقفة احتجاجية أمام مجلس الوزراء ومطالب فئوية وحرية صحافة بعض الشيء،‮ والجامعة تحولت لما‮ يشبه ميدان التحرير اليوم،‮ وفي‮ مجتمع الجامعة خرجت بيانات وصحف حائط تهاجم الرئيس وزوجته ومطالبات بالإصلاح السياسي‮ والدستوري‮ وأنا أتذكر أننا في‮ 15‮ نوفمبر‮ 1976‮ خرجنا في‮ مظاهرة من جامعة القاهرة إلي‮ مجلس الشعب وكان فيها ما لا‮ يقل عن‮ 12‮ ألف مواطن تحركت من الجامعة وانضم إليها الناس في‮ الشارع‮. وكانت مطالب‮ - مثل التي‮ نطالب بها اليوم‮ - مثل ربط الأجر بالإنتاج وإطلاق الحريات‮.‬
‮ حتي‮ هذه اللحظة كان السادات نصف فرعون،‮ فكيف تحول إلي‮ فرعون كامل؟‮!‬
‮- حتي‮ 18‮ و19‮ يناير‮ 1977.‬‮ قبل هذا التاريخ كان للسادات إيجابيات من الإنصاف أن نذكرها له‮. ورغم محاولات ضغوط رابطة‮ »‬صناع الطغاة‮« عليه،‮ إلا أنه ظل متماسكاً‮. وقال لي‮ ذات‮ يوم المرحوم محمد عبدالسلام الزيات وكان مقرباً‮ للسادات،‮ وكان الأمين العام لمجلس الأمة في‮ الوقت الذي‮ كان فيه السادات رئيساً‮ لمجلس الأمة‮. قال لي‮: إن السادات في‮ بداية حكمه،‮ التقت به السيدة جيهان السادات وقالت له‮ »‬خصيمك النبي‮ يا محمد‮.. لو سمعت أي‮ حاجة‮ غلط حد بيعملها باسم الريس أو حد بيمارس فساد أو حاجة الناس بتقولها علينا تقول للريس وتقول لي،‮ علشان نصلح روحنا‮. احنا لا نريد أن نقع في‮ الأخطاء التي‮ وقع فيها من سبقنا‮«.‬
‮ ولكن رغم هذا التحذير وقعوا؟
‮- للأسف هذا ما حدث‮. وبعد‮ يناير‮ 1977‮ هناك‮ »‬سادات‮« مختلف،‮ وتحول إلي‮ فرعون بشكل حقيقي‮. وبدأت سلسلة من الأخطاء،‮ وأنا أذكر أننا كنا نحاكم بتهمة التحريض علي‮ أحداث‮ 18‮ و19‮ يناير،‮ وكان لا‮ يكف طوال المحاكمة علي‮ أن‮ يخطب‮ - والمحاكمة قائمة‮ - ويقول سأظل وراءهم حتي‮ آخر الدنيا وآخر الزمن‮.‬
‮ ليضغط علي‮ المحكمة؟
‮- كانت حاجة مش ممكن‮. وأنا الآن أترحم علي‮ القاضي‮ الذي‮ كان‮ يحاكمنا المرحوم‮ »‬حكيم منير صليب‮« لأنه برغم كل هذه الهستيريا،‮ لم‮ يتأثر،‮ ولم‮ يحول المحاكمة إلي‮ محاكمة سياسية‮.. وقال للمحامين هذه قضية من الناحية القانونية لا‮ يوجد أي‮ اتهام حقيقي‮. وطلب منهم أن تكون القضية قانونية وليس سياسية‮.‬
‮ واستمر السادات في‮ اتجاهه نحو‮ »‬الفرعنة«؟
‮- استمر‮.. وطلع بعد ذلك قانون‮ »‬العيب‮«. وهو قانون‮ »‬مكارثية‮« 100٪‮. ومحاولة تحويل نقابة الصحفيين إلي‮ ناد،‮ ومطاردة المعارضة المصرية التي‮ كانت تعمل بالخارج لدرجة أنه اسقط عنهم عضوية النقابة وكان‮ يريد اسقاط الجنسية عنهم،‮ لكنه تراجع وأعلن وقتها قائلاً‮: من دخل نقابة الصحفيين فهو آمن‮« وهنا الفرعونية لديه وصلت لحالة‮ غريبة،‮ جعلته‮ ينسب لنفسه قول للنبي‮ عليه الصلاة والسلام وهو داخل مكة‮. وبدأت تنتشر خطاباته السياسية التي‮ ركز فيها علي‮ »‬الأنا‮«!‬
‮ إزاي؟
‮- يعني‮ يقول‮ »‬شعبي‮« »‬جيشي‮« »‬الصحفيين بتوعي‮« »‬الجنرالات بتوعي‮« كان‮ يقول ذلك في‮ خطاباته العلنية،‮ حيث كان‮ يضيف‮ »‬ياء‮« الملكية لكل ما في‮ البلد‮. وتعبيرات من نوعية البلد بقي‮ لها سعر‮.‬
‮ وماذا كان‮ يقصد بأن لها سعراً؟
‮- هو في‮ هذه الفترة كان بدأ‮ يسقط في‮ أيدي‮ الانفتاحيين الجدد‮. حيث كانوا‮ يسعون إلي‮ صناعة فرعون‮ يدافع عن الانفتاح‮ »‬سداح مداح‮« والمكاسب‮ غير المشروعة التي‮ كونوها من تجارة السلع الفاسدة والاتجار في‮ العملة،‮ وكل عمليات النهب التي‮ بدأت وقتها‮ - طبعاً‮ نهب الأراضي‮ بدأ في‮ عهد مبارك‮ - فهؤلاء كانوا‮ يحتاجون إلي‮ فرعون،‮ وقد شكلوا أنور السادات الفرعون طبعاً‮ لما أرادوا‮. وانظر إلي‮ قرار زيارته للقدس،‮ بصرف النظر عن الخلاف والاتفاق عليه‮.‬
‮ علي‮ ماذا‮ يدل هذا القرار؟
‮- يدل علي‮ أنك لست أمام دولة لها مؤسسات،‮ إنما أنت أمام حاكم فردي‮ يأخذ قراراً‮ استراتيجياً‮ بهذا الحجم،‮ ويعلنه في‮ خطبه،‮ وهو أمام مجلس الشعب،‮ ويفاجئ به الجميع‮. وهذا‮ يؤكد أن هذا هو الفرعون بعينه‮. لذلك أقول إن الفترة الثانية من حكم السادات هي‮ فترة حكم الفرعون‮.‬
‮ لكن الرابطة‮ - رابطة صُناع الطغاة‮ - ساهمت في‮ فرعنته أليس كذلك؟
‮- طبعاً‮.. شوف هو كان لديه الميل‮ »‬للفرعنة‮« لكن هذا الميل‮ يزيد عندما‮ يجد من‮ يساعده في‮ التخلص من مراكز القوي‮ التي‮ تعارضه،‮ عندما‮ يجد من‮ يغير له الدستور مثل السيدة‮ »‬فايدة كامل‮« أو تذهب وتقول له ذلك ويتغير الدستور بما‮ يسمح ب‮ »‬مدد‮« رئاسية أخري‮ وليس‮ »‬مدة‮« أخري‮. عندما‮ يجد عالم دين مثل الشيخ أحمد حسن الباقوري‮ يلقي‮ خطبة شهيرة،‮ يتحدث فيها عن أن فقهاء المسلمين‮ يحظرون علي‮ المسلمين أن‮ ينتقصوا من قدر بغلة السلطان‮.‬
‮ لماذا؟
‮- لأن الانتقاص من قدر‮ »‬البغلة‮« هو أنتقاص من قدر‮ »‬السلطان‮« ذاته‮.‬
‮ وماذا كان‮ يقصد الشيخ الباقوري‮ من وراء تلك الخطبة؟
‮- هو حماية رئيس الجمهورية مما كان‮ يسمي‮ حين ذلك‮ »‬بطول لسان طلاب الجامعة‮« وقتها ومطالباً‮ الرئيس السادات بأن‮ يمد المدة التي‮ كانت أشرفت علي‮ نهايتها‮. ويرشح نفسه مرة ثانية‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.