مازال الدعم يؤرق المسئولين بسبب الأعباء التي تتحملها الموازنة العامة للوفاء به نظراً لضخامة الرقم البالغ 130 مليار جنيه، ووفقاً للتقرير الأخير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فقد تزايد الدعم بنسبة 75٪ على مدى ال 5 سنوات الأخيرة وشهدت الطاقة زيادة في الدعم بلغت 204٪ والمواد الغذائية 170٪ وبقراءة للتقرير يتضح أن الطاقة تستحوذ على نسبة كبيرة من الدعم وصلت الى 99 مليار جنيه والمواد الغذائية على 32 مليار جنيه. ورغم الجدل الذي أثير بشأن إلغائه من عدمه أو تحويله لدعم نقدي الا أن الاقتصاديين أجمعوا على استمراره مع إحداث تغيير جذري في منظومة الدعم وخاصة في قطاع الطاقة بهدف خفض العبء على الموازنة العامة وضمان وصوله لمستحقيه. أكد محمد المصري، رئيس غرفة بورسعيد التجارية، أهمية استمرار الدعم معتبراً الحديث عن إلغائه خاصة في الوقت الحالي من «الكبائر». وأوضح لكن لا مانع من اعادة النظر في توزيعه وتحديد كيفية وصوله لمستحقيه بأسلوب أكثر دقة وعدالة وذلك يتأتى في ظل وجود حكومة قوية وأوضاع اقتصادية أكثر استقراراً. وأضاف أنه من مؤيدي الغاء الدعم العيني واستبداله بالدعم النقدي رغم أنها فكرة لا تلقى قبولاً من الجميع مع استمرار دعم الخبز كسلعة مهمة واستمراره بسعر مخفض ضمانة للسلم المجتمعي، وقال: إن المواد التموينية تتعرض لمشاكل عديدة خلال الشحن والتوزيع لذلك في حالة الاصرار على استمرارها من الأهمية تقليل نسبة الفاقد فيها. وأوضح المصري أن تعديل منظومة الدعم ضرورة ملحة لضمان استمرار الدولة في تقديم الدعم ووصوله لمستحقيه وفقاً للعدالة الاجتماعية وذلك يتطلب دراسة جيدة يتوافق عليها الجميع يتم إعدادها من كل حزب الى أن يتوصلوا لصيغة محددة تقلل العبء على الحكومة ولا تضر بالمواطن محدود الدخل، وذلك بحاجة لقرار من حكومة قوية وترغب في وصول الدعم لمستحقيه. وأشار الى أهمية وجود حزمة من الاجراءات التي تعيد للاقتصاد قوته وتستطيع الحكومة من خلال عدة مصادر انتاجية استعادة مواردها السيادية سواء في صورة زيادة الاستثمارات أو توسيع القاعدة الانتاجية وعودة السياحة معتبراً افتقاد الحكومة لكل هذه المؤهلات ستصبح عاجزة عن استمرارها في الدعم لأنه سيصبح عبئاً عليها وعلى موازنتها العامة. وأوضح جلال عمران، نائب رئيس شعبة مواد البقالة بغرفة القاهرة التجارية، أن الدعم ضرورة لقطاع كبير من المواطنين، لكن للأسف الشديد فهو لا يصل لمستحقيه سواء للمواد الغذائية أو المواد البترولية ولذلك من الضروري اعادة النظر فيه بأن يستمر وفقاً لسياسات وضوابط محددة بهدف مضاني وصوله لأطرافه بعدالة. ورفض عمران فكرة الغاء الدعم العيني واستبداله بدعم نقدي نظراً لأن المواطن بحاجة لدعم سريع وفعلي من خلال الحصول على السلعة. ولذلك من الضروري وضع خطة تضمن وصوله وفقاً لاجراءات وحزم تقضي على فساد المنظومة لضمان التوزيع وتبدأ من التعاقد ما بين متعهدي التعبئة والتاجر وصولاً للمواطن. وأكد الدكتور حمدي عبد العظيم، رئيس أكاديمية السادات للعلوم الادارية الأسبق، أهمية الدعم لمحدودي الدخل ولكن يتضح من الأرقام أن دعم محدودي الدخل من الخبز والسلع الغذائية لا يتعدى 32 مليار جنيه على حين يصل دعم الطاقة الى 100 مليار جنيه تستحوذ البضائع الكثيفة الاستخدامات للطاقة على النسبة الأكبر منه مثلاً مانع كالأسمنت والحديد تحصل على دعم كبير على حساب الفقراء وتحقق أرباحاً خيالية تفوق أصحاب الصناعة بالأسواق الخارجية والتي تحصل على الطاقة وفقاً للسعر العالمي، وأشار الى الفساد في منظومة دعم المواد التموينية والخبز والمواد البترولية والتي تؤدي الى عدم حصول المواطنين علي السلع بالدعم الذي تتبعه الحكومة. ويشكك «عبد العظيم» في قدرة الدعم النقدي على حل المشكلة والعكس، الدعم العيني يحد من ارتفاع أسعار السلع لأن جزءاً من المواطنين يشترون سلعهم الغذائية بعيداً عن السوق مما يؤثر في سعر التداول ويحد من الارتفاعات بما يعني أن توزيع المواد التموينية على شريحة كبيرة من المواطنين وفقاً للإحصائيات الأخيرة تصل الى 40 مليون مواطن وهو أمر يحدث توازناً بالسوق. ويوضح أن هناك قواعد وأساليب بدأت تتبعها الحكومة ومثلاً في الفترة الأخيرة عندما تم تعديل منظومة توزيع الخبز وفصل الإنتاج عن التوزيع حد من تسريب الدقيق للخارج ووفرت في الأشهر الأولى للتطبيق أكثر من 5 مليارات جنيه بالإضافة الى تطبيق نظام الكروت الذكية للمواد التموينية فهو مهم لضمان وصول الدعم لمستحقيه. وأكد الدكتور عبد المنعم السيد، الخبير الاقتصادي، أن الموضوع بحاجة لاعادة هيكلة فمثلاً الدعم الكلي المقدم من الحكومة يبلغ 130 مليار جنيه منها 100 مليار لقطاع الطاقة تستحوذ المصانع الكثيفة الاستخدام للطاقة على نحو 70٪ من حجمه بحصولها على مازوت وسولار وغاز وهذه الصناعات لابد من اعادة النظر في الدعم المقدم لها بأن تمنح الطاقة وفقاً للسعر العالمي فيما يخص بالجزء الذي يتم تصديره ويصل الى 60٪ من انتاجها أما ال 40٪ والتي يتم طرحها بالسوق المحلي يتم دعمها، ولكن بما يتناسب مع اسعارها بالخارج بالاضافة الى أهمية الغاء الدعم المقدم لها من صندوق دعم الصادرات والتي تصل الى 7.5٪ من حجم مبيعات الخارج وبذلك يصبح بمقدورها أن توفر حوالي 60٪ من منظومة الدعم لافتاً الى أهمية ترشيد الدعم المقدم للسلع الغذائية لضمان وصولها لمستحقيها من خلال توزيع المواد التموينية والخبز بالكروت الذكية حتى لا تتسرب هذه السلع للخارج.