أخيراً أسدل الستار عن الصفقة الأكثر جدلاً في تاريخ الخصخصة في مصر. بعد مرور أكثر من 6 سنوات علي بيعها حسم القضاء الإدارى صفقة عمر أفندى برفض الطعن المقدم من جميل القنبيط المستثمر السعودي علي حكم بطلان عقد بيع الشركة الصادر في 7 مايو 2011، لتبدأ من الآن صفحة مختلفة في تاريخ الشركة التي شهدت منذ 2005 وقت الإعلان عن بيعها أحداثاً هي الأكثر إثارة وجدلاً في تاريخ عمليات بيع شركات قطاع الأعمال العام إلي مستثمرين والمعروفة بالخصخصة. فلم تحظ صفقة بهذا الكم من الجدل والبلاغات إلي الجهات المعنية منذ بلاغ المهندس يحيي حسين عبدالهادي الشهير ضد تقييم الشركة ومن يومها والصفقة محور اهتمام الجميع ثم بدأت سلسلة الانتهاكات لعقد بيع الشركة. ودخلت الدولة مع المستثمر السعودي في قضية فسخ عقد البيع والتحكيم في القضية حتي تم رفع دعوى بطلان عقد بيع الشركة نظراً لما تسبب فيه المستثمر السعودي من مخالفات، وتوقع الكثيرون أن يكون الحكم لصالح بطلان العقد، خاصة أن تقرير هيئة مفوضي الدولة قد أوصى بعودة الشركة إلي حوزة الدولة وبطلان عقد البيع، بالإضافة إلي أن جميع الدفوع وشهادة الشهود في الدعوى كانت تصب في اتجاه واحد يرى أن العقد مخالف لتوصيات النائب العام وقرارات الجمعية العمومية للشركة في 25-9-2006 ولقرارات الجمعية العمومية في 29-11-2007 التي تحظر جميعها الإضرار بنشاط الشركة والعمالة وتمنع التصرف في أصول الشركة. ورغم صدور الحكم ببطلان عقد البيع وعودة الشركة إلي الدولة وتسلم الدولة بالفعل للشركة في سبتمبر 2011، إلا أن التباطؤ كان سيد الموقف وأرجع عزت محمود رئيس مجلس إدارة الشركة ذلك إلي أن الجميع كان في انتظار ما يسفر عنه الطعن الذي قدمه المستثمر السعودى. رئيس الشركة أضاف أن خطط تنمية الشركة وإنقاذها معدة سلفاً ولكن لم يكن من السهل دخولها حيز التنفيذ ومصير الشركة معلق. الأمر اختلف الآن وبعد حكم القضاء الإدارى الأخير برفض طعن «القنبيط» علي حكم بطلان عقد البيع أصبحت عودة الشركة إلي الدولة نهائية وبالتالى فهناك أوضاع جديدة علي أرض الواقع تتطلب التعامل معها. سألت رئيس الشركة ما مستقبل الشركة بعد الحكم الأخير وكيف تنظر إليه إدارة عمر أفندى؟ - الحكم أنهى سلسلة طويلة من الانتظار وأصبحت الأمور أكثر وضوحاً ورغم استعدادنا لأي سيناريو قبل الحكم إلا أن رفض طعن القنبيط يعني أن الحكم أصبح نهائياً ولابد من تنفيذه، وتلك المسئولية تقع علي الشركة القومية للتشييد والتعمير وعلي إدارة عمر أفندي وعلي الحكومة لأن المسألة ليست سهلة حتي يتم تطبيق الحكم بكل تفصيلاته. ما وجه الصعوبة في تنفيذ الحكم؟ - المسألة صعبة ولكنها غير مستحيلة لأن أول خطوة هي الوفاء بالالتزامات التي كانت علي الشركة وعلي جميل القنبيط خاصة الشركة كجهة إدارية تواجه العديد من الجهات أمام القضاء للمطالبة بحقوق لهم وحتي يمكن أن تنهض الشركة فعلينا أن نقطع الطريق علي كل النزاعات مع البنوك والضرائب والتأمينات لأن جميع تلك الجهات ممكن أن تدفع الشركة إلي معترك قانوني لو دخلت فيه لتسبب ذلك في «وقوع» الشركة والوضع الحالى يتطلب سرعة إنقاذها. معنى هذا أن عمر أفندي تتحمل كل الالتزامات التي ترتبت علي الإدارة السيئة وقت الخصخصة؟ - لا بالطبع لدينا خط فاصل بين ما تم خلال فترة الخصخصة وخضوع الشركة لإدارة جميل القنبيط وبين تاريخ تسلمنا للشركة في 29-9-2011، كما أن لدينا قوائم مالية معتمدة من قبل إدارة المستثمر السعودي ومدققة من مجلس الإدارة خلال رئاسته له وتلك القوائم تشير إلي أن الالتزامات علي الشركة تبلغ 715 مليون جنيه ولن يستطيع أحد الطعن عليها وهذه الأمور المالية مرصودة لأنه في حالة طلب عمل أي مقاصة مع المستثمر فنحن جاهزون لذلك. ولكن لدينا مشكلات عاجلة لابد من حلها، فهناك تأخر في سداد التأمينات الاجتماعية وبدونها سيارات الشركة سوف تتوقف عن العمل في حين أن القطاع الخاص يرفض الذهاب إلي مناطق في الوجهين القبلي والبحري الآن وإذا وافق تكون التكلفة مرتفعة جداً وهذا الأمر يشل حركة الشركة عن العمل كذلك هناك نحو 77 مليون جنيه مستحقات للموردين. القصة أننا لابد أن نتعامل مع الديون التي ترتبت علي إدارة المستثمر والحكم ينص علي إجراء مقاصة بين ما أداه المستثمر للدولة وبين ما حصل عليه من ديون هو دفع 589 مليوناً و400 ألف جنيه ثمن الصفقة، وقام بضخ أموال وأدت إدارته ناتج لتصرفات أقامها علي أرض الواقع منها الأجور والديون من البنوك. وما الحل المقترح الآن؟ - الحل أن يعود ثمن الصفقة الذي دخل إلي وزارة المالية إلي الجهة الإدارية التي يتبعها عمر أفندي وهي الشركة القومية للتشييد والتعمير ويتم تكوين مجموعات عمل من الوزارات المعنية لبحث أفضل السبل لسداد المستحقات وإفاقة الشركة، ويتم إنهاء النزاع بطريق مهني وهناك مشكلة مع البنك الأهلي له عند الشركة 58 مليون جنيه مديونية نتيجة تمويل سابق حصلت عليه الشركة في نفس الوقت للشركة نسبة 10٪ من الصفقة مودعة في البنك، بالإضافة إلي عوائدها ممكن عمل مقاصة ما بين المبلغين كذلك بنك مصر له 770 ألف جنيه وهذا البنك مهم للشركة وعملها لأنه منتشر في كل فروع الجمهورية ويمكن التعامل معه في الإيرادات والسحوبات وحل تلك المشكلات المعلقة مع البنوك تفتح أمام الشركة فرصة إعادة التمويل البنكي علي أي نشاط. وماذا يحدث لو لم تتم تلك الحلول؟ - سنكون أمام إشكالية صعبة لأن انتظار النزاعات في المحاكم يسبب خسائر للشركة 100 مليون جنيه سنوياً، للأسف ممكن فعلاً أن تكون الأمور صعبة ولكنها غير مستحيلة والاسترخاء في الحل يعرضنا للخسائر والتراجع أكثر, فنحن حتي الآن نحصل علي رواتب العاملين ومصروفات التشغيل من الشركة القومية، ونحصل علي نحو 5 ملايين جنيه شهرياً أجور وعلاج وإيجارات وكهرباء وتطوير ومن المنتظر أن يناقش اجتماع مجلس إدارة القومية للتشييد القادم هذا الأمر. هل هناك خطط بديلة في الشركة الفترة القادمة؟ - نستعد للإعلان عن أكبر مشروع مشاركة مع القطاع الخاص في الفترة القادمة بعد الحصول علي الموافقة من الجهة الإدارية لتطبيقه, المشروع يشمل استغلال عدد من الفروع المملوكة والمخازن واستغلال الأراضي غير المستغلة فلدينا 9 آلاف متر في أسيوط وألف متر خلف فرع عرابي وأراض ومخازن منتشرة والطرح كان معداً قبل الحكم ولكن كان علينا الانتظار لحين نظر الطعن، كما أن استقرار الأوضاع في البلاد سيساعد كثيراً في تنفيذ المشروعات المقترحة.