شهر يوليو دخل التاريخ، فقد اسقط الشعب حكم الإخوان، وبدأت خارطة طريق جديدة، بدستور جديد ثم انتخابات برلمانية ورئاسية، وخلال هذه الشهر تدفقات الاستثمارات الخليجية التى بلغت 5 مليارات دولار، ويتوقع أن تصل قبل نهاية هذا العام إلى 12 مليار دولار، فى الوقت التى ظلت مصر تتسول قرض الصندوق البلاغ 4.8 مليار دولار، إلا أن الوضع الاقتصاد مازال متأزماً، والأزمة المالية لن يقضى عليها إلا بعودة السياحة والاستثمارات من الخارج وتحرك عجلة الاقتصاد. هذه الوضع رغم جرعة التفاؤل يطرح العديد من التساؤلات فى القطاع المصرفى حول وضع البنوك الإسلامية وهل تتأثر بسقوط الإخوان؟ والمساعدات الخليجية ودورها فى ضبط سوق الصرف، وتلاشى السوق السوداء؟ وكيف نخرج من النفق المظلم وما هو المطلوب لدفع عجلة الاقتصاد وجذب الاستثمارات، وهل نحن فى حالة إلى تغيير الفكر الذى تربى على الخصخصة، وترك السوق لقوى العرض والطلب؟ «الوفد» التقت الخبير المتميز فى الاقتصاد والمصرفة الإسلامية عبدالحميد أبو موسى محافظ بنك فيصل الإسلامى المصري، أكبر بنك إسلامى فى مصر، للإجابة عن هذه التساؤلات. هل ستتأثر المصرفة الإسلامية برحيل نظام الإخوان المسلمين؟ - المصرفة الإسلامية فى مصر لن تتأثر برحيل نظام سياسي، فهى تخضع لرقابة البنك المركزى المصري، ولم يحدث فيها تغيير خريطة البنوك الإسلامية خلال العام الذى حكم فيه الإخوان المسلمين وكانت فترة عادية، كما أن المصرفة الإسلامية لا تتأثر بأى نظام حكم. كيف يخرج الاقتصاد المصرى من النفق المظلم؟ - عودة الثقة الى مصر، وهذا لن يأتى إلا بعودة الأمن والاستقرار السياسي، وأى مستثمر سواء محلياً أو عربياً أو أجنبياً لا يمكن أن يضخ استثمارات فى ظل عدم وجود رؤية واضحة للمستقبل فى مصر، وبعودة الاستقرار السياسى والأمني، واحترام القوانين وتنفيذها ستقوم غالبية الدول وخاصة دول الخليج بضخ الاستثمارات الكبيرة فى السوق المصري، إلى جانب عودة السياحة وبالتالى زيادة موارد الدولة من الاحتياطى الأجنبي. كيف ترى أموال الخليج التى دخلت مصر؟ وهل لها تأثير مباشر على سوق الصرف؟ - هناك دول لم تكن راضية عن الحكم خلال العام الماضي، وعندما تغيير النظام قامت هذه الدول بمساعدة الاقتصاد المصري، ولهذا يجب على أى نظام حاكم أن يحافظ على العلاقات الطيبة مع دول الخليج، بشكل يحقق التوازن والمصالح المشتركة مع هذه الدول والمساعدات من دول السعودية والإمارات والكويت ساهمت فى ضبط سوق الصرف، وتحسن الاحتياطى الأجنبى واستقرار الدولار وحل مشاكل البنزين والسولار. السوق السوداء للدولار بدأ ينحصر، هل سيستمر ذلك؟ - الدولار بعد المساعدات الخليجية تراجع فى السوق السوداء من 7.5 جنيه إلى ما يقرب من 7 جنيهات، وهذا يعنى أن سعر الصرف للدولار أصبح واحداً فى البنوك والسوق السوداء، وهو ما يعنى أن السوق السوداء انحسرت تماما، ولكن لا يمكن التوقع بأن ينزل الدولار خلال الوقت الراهن الى 6.5 جنيه، ولكن سيتحرك ما بين 7 جنيهات إلى 7.10 جنيه. تحويلات العاملين بالخارج لعبت دوراً فى هذا التراجع؟ - تحويلات العاملين بالخارج شهدت ارتفاعاً كبيراً خلال عام 2012 بنسبة 45% لتصل إلى 19.5 مليار جنيه مقارنة بنحو 12 مليار جنيه عام 2012، وخلال النصف الأولى من العام الحالى 2013 وصلت تحويلات العاملين إلى 13 مليار دولار، ويتوقع أن تصل إلى ما بين 24 و25 مليار دولار بنهاية العام الحالي، وهذه التحويلات كان لها دور كبير فى عدم تفاقم الأزمة المالية. هذا يعنى أن الخلل الذى حدث فى زيادة التعاملات على الدولار بعيدا عن البنوك سيعود إلى طبيعته؟ - خلال عام 2012 كان الفارق بين سعر الدولار بالبنوك وبالسوق السوداء قليل فكانت معظم التحويلات تدخل البنوك بنسبة 90%، والنسبة الباقية فى السوق السوداء، وخلال النصف الأولى من العام الحالى التى زادت تحويلات العاملين إلى 13 مليار دولار، حدث العكس للاستفادة من الفارق الذى زاد على 50 قرشا، وأصبحت التحويلات التى تدخل البنوك 15% فقط فى حين 85% منها يتم خارج البنوك، للاستفادة من هذا الفارق، مع تراجع الفارق بين البنوك والسوق سوف تعود الأمور إلى النمط الطبيعى ويتم معظم التعاملات داخل البنوك، هذا يساعد أكثر على الاستقرار فى سوق النقد الأجنبي، وتوظيف هذه التعاملات بما يخدم الاقتصاد المصرى ويزيد من الاحتياطى الأجنبى لمصر. لكن كثيرا ما تشهد العلاقات مع دول الخليج توتراً؟ يجب أن يراعى الخط السياسى فى مصر، أى ما كان العلاقات المتوازنة مع جميع الدول العربية ودول الخليج وان تكون علاقات قوية ومتوازنة مع الجميع، ومنها قطر يجب أن تكون العلاقات طبيعية، وهذه العلاقات المتوازنة والطبيعية تضمن لك استمرار التدفقات الاستثمارية وتجذب لك السياحة. إلى متى ستظل الدول العربية تدعمك؟ - مصر فى ظروف استثنائية وتلقى المساعدة يمكنها من عبور هذه الظروف التى أثرت على التدفقات الأجنبية لمصر مما أثر على الاحتياطى الأجنبي، وتراجع بهذا الشكل، ولهذا يجب على الحكومة التحرك بسرعة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحسن البيئة القانونية لجذب هذه الاستثمارات، والعمل على عودة السياحة، وضخ المزيد من الاستثمارات فى قطاع الصناعة لتحريك عجلة الإنتاج وتشغيل الشباب، ومحاربة البطالة، خاصة أن الدول لن تستمر فى مساعدة كل سنة، ولابد أن يكون هناك حلول عملية لتشغيل حركة الاقتصاد المصري. ماذا ينقص مصر لجذب الاستثمارات الخليجية؟ - المستثمرون الخليجيون يحبون مصر، ويفضلون الاستثمار، ويتطلب من الحكومة العمل على تهيئة المناخ بجذب هذه الاستثمارات سواء من دول الخليج أو من غيرها وذلك عن طريق الاستقرار الأمني، والعلاقات المتوازنة مع كافة الدول، وتهيئة البيئة التشريعية والقانونية، خاصة أن المستثمر ليس لديه الوقت للدخول فى مشاكل بيروقراطية مع الدولة، وأمامه العالم مفتوح ويسهل له كافة الإجراءات من أجل جذب استثماراته. إذا هناك معوقات أمام تدفق الاستثمارات لمصر غير البعد السياسي؟ - هناك معوقات كثيرة، منها بيروقراطية الجهاز الإداري، التى قد تؤدى الى دخول المستثمر فى أساليب ملتوية، أو بيروقراطية تعطل مشاريعه مما يزيد من تكلفة هذه المشاريع وغيرها، لهذا يجب علاج كافة المشاكل التى تواجه المستثمر سواء المحلى أو الخارجي، وأن يتم تطبيق القوانين واحترامها، والتخلص من البيروقراطية التى تفتح أبواب للفساد، والعمل على توفير الأراضى الزراعية والصناعية وكافة المرافق للمستثمر من كهرباء ومياه بما يمكنه من تشغيل مشروعه فى أقصر وقت ممكن. كيف يكون للبنوك دور فى خدمة الاقتصاد المصري؟ - البنوك تعمل بشكل مهنى وبعيدة عن السياسية ومن يحكم، لهذا استطاعت حماية أموال المودعين والمساهمة فى دعم الاقتصاد المصرى خلال الفترة الماضية، على الرغم من الصعوبات التى مر بها الاقتصاد بشكل عام، وتسعى إلى الاستمرار فى مهنيتها والابتعاد عن السياسة بما يمكنها من حماية المؤسسات المالية وأموال المودعين والاستمرار فى دورها فى خدمة الاقتصاد المصري؟ ولكن هناك قيادات بالبنوك بفكرها الحالى لا تصلح لخدمة الاقتصاد المصري، وتربة على فكر الخصخصة فى كل شىء؟ - هناك فكر لا يصلح لمصر فى الوقت الراهن، فلابد أن تدخل البنوك للمساهمة فى تنشيط حركة الاقتصاد المصري، سواء بتأسيس الشركات مع مساهمين وخاصة الشركات التى تخدم الاقتصاد، كما لابد من التدخل لمواجهة المشاكل التى تعانى منها مصانع القطاع العام حتى يتم تعويمها وتشغيلها بما يخدم الاقتصاد المصري. هذا يعنى أن تعود الدولة كتاجر وصناع؟ - الدولة لا تستطيع ضبط الأسعار إلا من خلال تدخلها فى ذلك، فنجد أن الأسعار عندما ترتفع فى العالم ترتفع فى مصر، وعندما تنخفض فى العالم لا تنخفض فى مصر، وفى هذا الحالة يجب أن تدخل الدولة من خلال الشركات التى تمتلكها فى مجال التجارة والمجمعات الاستهلاكية التى تمتلكها وتزيد على 2500 منفذ، لضبط الأسعار، فعندما تقوم باستيراد هذه السلع وبيعها بالأسعار المخفضة ستجبر كل السوق على خفض الأسعار.