حقيقة فشل الرئيس المعزول أصبحت بل صارت واقعاً لا يقبل الجدل أو المراء فحيث استنهض أهله وعشيرته وجعلهم يركبون الثورة، ودفع بالشباب الثائر إلي الصفوف الخلفية بل ومطاردتهم وإلقاؤهم في غياهب السجون مع تمكين إخوانه من الفشلة وأصحاب اللحي الخادعة من مفاصل الدولة وحرصه علي إقصاء الكفاءات والاستعانة بأهل الثقة والولاءات، والذين لا يفهمون شيئاً من الأمور السياسية بل وثبت جهلهم الفاضح أيضاً في الأمور الدينية والدنيوية التي كانوا يتشدقون بها صباح مساء لخداع العامة والبسطاء، بل ووصل الأمر بذلك المعزول في خطابه قبل الأخير بتفويض الوزراء والمحافظين وجميعهم من الإخوان بإقصاء من يرونه غير صالح وبإلغاء تراخيص محطات البنزين، فهب المذكورون لذلك وقاموا بالبطش بكل من لا يدين لهم بالسمع والطاعة فاهتزت أركان الدولة وأوشكت مؤسساتها علي الانهيار وبلغ الغضب الشعبي مداه مع تفريط المعزول في أرض مصر الطاهرة، بوعد للسودان، وكذا حقوقها المشروعة من مياه النيل، وبسط غطاء سياسي علي أعوانه من الإرهابيين في سيناء وإخفاء المعلومات حول أسماء من قتل الجنود الستة عشر، ومن خطف السبعة الآخرين ومن أخفي الضباط الثلاثة وأمين الشرطة، ومنع القوات المسلحة من الاستمرار في عملياتها العسكرية لتمشيط سيناء والقضاء علي ما فيها من بؤر إرهابية وإرهابيين، كما أفرج بنفسه عن قادتهم الذين كانوا مودعين السجون والمحكوم عليهم سلفاً بأحكام المؤبد والإعدام. كل ذلك ناهيك عما انتهت إليه محكمة الإسماعيلية من كونه قد ثبت تخابره مع دولة أجنبية وجماعات إرهابية للإضرار بالأمن القومي المصري وتعريض مصالح ومقدرات الوطن لخطر داهم لا تحمد عقباه، ولا يمكننا أن ننسي خطاباته التهديدية الأخيرة باستعمال العنف وسفك الدماء التي كانت بمثابة إشارات تحريضية لأعوانه علي الولوج في طريق الفوضي والعنف وإشاعة أجواء الإرهاب. حاصرت كل تلك الأفعال والأعمال ذلك المعزول، فكتب بخط يده نهايته التي أعقبها هبة جماهير الشعب المصري العظيم بالملايين في كل أرجاء البلاد في 30 يونية وقد تحقق للشعب ما أراد، ولكن لأن المتأسلمين من قادة الإخوان الإرهابيين قد أفجعتهم الثورة وأفقدتهم صوابهم صاروا يعيثون في الأرض فساداً وإرهاباً وشحذوا الهمم في النفوس المريضة المتعبة من قواعدهم البائسة وصاروا يهيمون علي وجوههم، علي غير هوي في الشوارع والميادين قطعاً للطرق وإغلاقاً للكباري وقتلاً للأبرياء وتحطيماً لسيارات المدنيين وإتلافاً للمحلات التجارية مستخدمين الأعيرة النارية والخرطوش بل والحجارة وذلك لقتل الفرحة في نفوس المصريين بعدما استعادوا مصرهم الغالية التي قاموا باحتضانها وانطلقت الأغاني تغرد في سماء المحروسة منتشية بالخلاص من براثن تلك الجماعات الإرهابية وبعظمة جيشها البطل وبقائده الجسور، وظلت مصر من أقصاها إلي أقصاها تغني وتطلق الزغاريد منشدة «تسلم الأيادي.. تسلم يا جيش بلادي». ولأن تلك الأفراح لم تلق قبولاً لدي مؤيدي المعزول عقدوا العزم علي الاستمرار في إشاعة الفوضي والعنف بل والاستقواء بالخارج وطلب نجدتهم ظناً منهم وهو ظن كاذب بأنهم بمحاولاتهم تلك سوف تعيدون مرسي ليجلس مرة أخري علي الكرسي، ولكن ذلك أصبح كعشم إبليس في الجنة! غير واعين ولأنهم فقدوا الصواب بأن عقارب الساعة لا يمكن بل يستحيل أن تعود إلي الوراء، وأن علي مرسي وأعوانه أن يدركوا أن الشعب المصري قد استيقظ من سباته وانتفض كالمارد الجبار للدفاع عن مكتسباته وأن ما يسعي إليه المخربون من المتأسلمين لعودة المعزول ليست سوي أضغاث أحلام أو أنه كان حلماً من خيال فهوي وأن علي الباغي لفشله تدور الدوائر.