كلمات قليلة تحمل معانى كبيرة، هو الخطاب الأول للرئيس عدلى منصور الذى وجهه إلى الشعب بمناسبة الذكرى الأربعين لانتصار الجيش المصرى على العدو الإسرائيلى فى حرب العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر، الخطاب أذيع فى الموعد المحدد له فى الساعة التاسعة مساء الخميس واستغرق «10» دقائق فقط. وتضمن درساً إلى العالم بأن المصريين استحدثوا وسيلة جديدة من وسائل الديمقراطية هى احترام إرادة الشعوب فى تغيير المسار إذا اكتشفت أن النظام الحاكم اختار السير فى الطريق الخطأ الذى يؤدى إلى الهلاك، وهو ما فعله المصريون الذين خرجوا بالملايين فى الميادين لتصحيح مسار ثورة «25 يناير» بإجراءات تكميلية يوم «30 يونيو» ليقولوا بصوت واحد للحاكم: قف عندك انت خرجت عن أهداف الثورة ونحن لن نستمر فى الفشل لأن القطار الذى يخرج عن القضبان مهدد بالانقلاب وقتل من فيه. الرئيس منصور تحول إلى محلل نفسى وخرجت كلماته من قلبه وعقله فجاءت الكلمات معبرة عن الأحداث التى يواجهها الوطن فقال إن المصريين أعطوا درساً للعالم فى صناعة الأمل، الرئيس يريد أن يقول للعالم إن المصريين لايعرفون المستحيل، ويستطيعون تحويله إلى واقع، كما يجعلون البعيد قريباً، فالمصريون حولوا نكسة «67» إلى انتصار أسطورى عام «73»، وعندما اكتشفوا أن ثورتهم فى خطر، خرج «33» مليون مواطن إلى الميادين يدافعون عنها، ويعيدونها إلى الطريق الصحيح. الرئيس طمأن الشعب المصرى بالتزامه والتزام الحكومة الانتقالية بتحقيق الأمن والاستقرار بدون خوف أو فزع أو قتل الأبرياء. وقال: نحافظ على الثورة، ونبنى الوطن، ولن تكون الثورة من أجل تحسين الحياة فقط، ولكن لعودة مصر الى دورها ومكانتها، كما وجه رسالة إلى العالم بأننا نؤمن بالسلام ونمد أيدينا لأنصار السلام. وحذر الرئيس اللاعبين بالنار من خفافيش الظلام والإرهابيين والظلاميين قائلاً: لن نخاف ولن نسمح بأن يعيدنا أحد للخلف، والذين يريدون طريق الدماء يرفعون رايات خادعة وشعارات كاذبة ولن نسمح بالفوضى. وبضمير القاضى قال الرئيس إن إطار العدالة والمصالحة يتجه للجميع دون إقصاء أو استثناء، نعم نحن نؤيد المصالحة والعدالة الانتقالية، لكن ليس مع الذين تلوثت أيديهم بالدماء ولا مع الفاسدين والمزورين والإرهابيين والخائنين للوطن، لا نريد مصالحة على طريقة «قعدة عرب» نريد محاسبة كل من ارتكبوا جرماً فى حق الوطن وقتلوا الأبرياء، نحن مع المصالحة بأن يعود المعتصمون المغرر بهم فى رابعة والنهضة من مؤيدى الرئيس المعزول إلى دياهم دون مساءلة بشرط ألا تكون امتدت أيديهم إلى الأبرياء ومنشآت الدولة، ومن يدعو إلى خيار العنف ويخرج عن السلمية فلابد أن يؤخذ بالقوة.. نحن مع المصالحة بحيث تشارك كل الفصائل فى جميع الفعاليات الديمقراطية لبناء الوطن دون عزل لأحد، لكن لا مصالحة مع الخونة وتجار الدين، ونعدهم بمحاكمة عادلة أمام قضاء مصر المستقل. «منصور.. رئيس موفق من أول خطاب لكنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، القواعد الدستورية تخسرنا «رئيس مدنى» فى المستقبل.