إن البشرية مارست الصوم منذ القدم، وإن كان التاريخ لم يحدد لنا بدقة أول صوم منظم عرفته البشرية، فقد مارس: المصريون القدماء، والهنود، والصينيون، وبلاد الإغريق، وعرب الجاهلية – الصوم بطرق مختلفة كل حسب معتقداته، ولقد فُرض الصوم على بني إسرائيل وعلى النصارى الذين يصومون في أوقات محددة بأساليب مختلفة، بيد أن صوم داوود – عليه السلام – كما ذكر الرسول – صلى الله عليه وسلم -:"أفضل الصيام صيام داوود – عليه السلام – كان يصوم يومًا ويفطر يومًا". (يا أيها الذين آمنوا كتبوا عليكم الصوم كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)، قال رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -:" صومرا تصحوا"، هكذا فُرض علينا الصوم، وأصبح ركنًا من أركان الدين الإسلامي. ذكر المهتمون بالطب أن الإنسان ليس هو الكائن الوحيد الذي يصوم؛ بل إن جميع الكائنات الحية في الكون تمرُّ بفترة صوم اختباري مهما توافر الغذاء في البيئة من حولها، ولقد أثبت العلماء أن الكائنات الحية تخرج من فترة الصوم أكثر نشاطًا وحيوية وتزداد نموًا. عجبًا لمن مع عقله، ويدعى أن الصوم سبب الضعف والهزل؛ بسبب الإمساك عن الطعام والشراب. فكيف يكون الصوم سبب الضعف والهزل ويخوض قادة المسلمين معظم حروبهم في أثناء الصوم؟!. خاض رسولنا – صلى الله عليه وسلم – غزوة بدر الكبرى، كذلك القائد بيبرس الذي خاض معظم حروبه مع الصيلبيين في أثناء الصوم، والتاريخ كان شاهدًا على ذلك، وفي عصرنا هذا خاضت مصر أكبر معركة لها في التاريخ ضد العدو الصهيوني سنة 1973فكذب من ادعى هذا الافتراء. وليعلم كل إنسان ومعه عقله أن الذي فرض علينا الصوم هو الرحيم الحكيم، فلابد من الخير والمنفعة فيما فرضه الله علينا؛ حتى وإن لم نكن نعرف الحكمة من ذلك، وليعلم كل شخص له لبٌّ أن الصيام يراعي فائدة الجسم وصحة الروح ولاسيما نقاء النفس، بالإضافة إلى مواصلة الحياة الطبيعية بنشاط وحيوية. الصوم فطرة الله التي فطرها للكائنات الحية منذ القدم( فلن تجد لسنة الله تبديلًا ولن تجد لسنة الله تحويلًا)، فصوم هذه الكائنات مرتبط بوظائف الأعضاء وعوامل البيئة؛ لذا عدَّ العلماء الصوم ظاهرة عامة لكل الكائنات الحية.