يجب ألا نذهب بعيدا في تفسير موقف الرئيس الامريكي «أوباما» المنحاز كلية لحكم الاخوان رغم تجدد ثورة المصريين وتزايد الانقسام داخل البيت الابيض، فقد سبق أن نشرت صحيفة «واشنطن بوست» حديثا منسوبا للمتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين فى الغرب كمال الهلباوي ان أمريكا سوف تركع على ركبتيها للاخوان وأن الاخوان فى كل مكان داخل الإدارة الامريكية في مؤسساتها وفى وزارة الدفاع والبيت الأبيض ووكالة الاستخبارات المركزية والأمن الوطني ومكتب التحقيقات الاتحادي، وغيرها. وفي أعقاب هذا التصريح الصادم عكفت العديد من دوائر البحث الامريكية على رصد تصاعد الوجود الإخواني في إدارة أوباما، فمنذ وصوله للبيت الابيض ويختار أوباما عناصر اخوانية فى ادارته كان اولهم مازن الأصبحي المحامي الامريكي من أصل عربي، وعينه كمستشار التوعية الديمقراطي ليكون همزة الوصل مع العرب والمسلمين في الولاياتالمتحدة، وفى ظروف غامضة قدم «الأصبحي» استقالته بسبب معلومات فضفاضة عن علاقته بالإخوان المسلمين. ومن ضمن العناصر الإخوانية الاخرى التى حوتها إدارة الرئيس «عارف علي خان، مساعد وزير الأمن الداخلي، محمد الابياري عضو في المجلس الوطني الاستشاري للأمن والذى تتلمذ على افكار سيد قطب،وحسين رشاد المبعوث الأميركي الخاص لمنظمة المؤتمر الإسلامي، سلام الزوبعي المراياتي المؤسس المشارك لمجلس الشئون العامة، الإمام محمد ماجد رئيس الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية، إيبو باتيل وهو عضو في المجلس الاستشاري لأوباما، داليا مجاهد أول امرأة محجبة تعمل في البيت الأبيض وتم تعيينها فى إدارة المجلس الاستشاري للأمن الداخلي، رشاد حسين المستشار المساعد لأوباما ويتركز عمله على الأمن القومي ووسائل الإعلام الجديدة كذلك قضايا العلم والتكنولوجيا». ومن أكثر العناصر المثيرة للجدل فى ادارة أوباما هوما محمود عابدين مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، بالاضافة الى حصول حسن عابدين شقيق هوما على منصب رفيع فى الادارة الامريكية . وعلاقة أوباما بالإخوان المسلمين بدأت قبل وصوله الى الرئاسة ، حسب تأكيد صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية التي اشارت إلى أن يوسف ندا وهو قيادي اخواني قام بالتبرع لحملة أوباما الانتخابية، واوضحت الشبكة ان الرئيس الامريكي كان يتلقى التبرعات غير القانونية للحملة عن طريق الإنترنت، وقد سعى الاخوان لشراء أوباما. من هنا كان لزاما على الرئيس الأمريكي أن يرد الجميل للجماعة التي طلبت الاستقواء به بعدما فشلت في ترويض الشارع المصري، والشعب المصري مثل الأسد، لَدَيه قوَّة وعِزة، وتاريخ وقيادة ينفرد به عن الآخرين، والأسد ملك الغابة، ليس لكونه الحيوان الأقوى فقط بل لأنه لا يأْكُل من صيد غيره أيضا، فقد جمَع بين القوة والعِزة، ومن هنا استحقَّ لقب «الملك»، وهو ما ينطبق على الشعب المصري الذي يرفض الاملاءات الامريكية وربط حريته بمعونة البيت الأبيض. ومعروف أن «ترويض الشعوب» عمليَّة قديمة قَدِم البشريَّة، ولكنَّها تَختلف بوسائلها وطُرقها بحسب تطوُّر العلم البشري والتقني، ولكنَّها في الإجمال لا تَخرج عن خمس مراحل: تحديد عناصر القوَّة والضَّعف لدى الشعب، تَحطيم مصادر القوَّة أو إضعافها بكلِّ الوسائل المُمكنة؛ بالاضافة إلى إشغال الشعب بما يَمنعه من التفكير في الترويض، وهذا له عدة صُورٍ؛ أبرزها إشغاله بطلب تأمين لُقمة العيش الكريمة، ، وتحطيم الرُّوح المعنويَّة، وبث رُوح اليأس بين أفراد الشعب. ولا يختلف اثنان على أن الشارع المصري خضع خلال السنة الماضية لعملية ترويض مركبة، سواء من قبل المروض «الإخواني» الذي اتخذ من الأزمات الاقتصادية والسياسية سلاحا للتأثير على توجهات الشعب، أو من قبل المروض «الأمريكاني» الذي راح يزلزل الأرض والحدود أسفل أقدام المصريين ليقبلوا بحكم الاخوان ويتفرغ هو لإعادة ترسيم وتقسيم المنطقة، ولكن انتفاضة الشارع المصري قلبت الموازين وأصبح الشعب هو المروض حاليا لمشروع الاخوان والامريكان حيث بات مستقبله مرهونا بقدر ما ستسمح به حركة الثوار المصريين.