يوم الخميس الموافق 27 يناير 2011، اليوم الذى يسبق جمعة الغضب فى ثورة 25 يناير، كتبت مقالا بعنوان: «أيها السيد: ارحل»، خاطبت فيه الرئيس محمد حسنى مبارك وطالبته بالرحيل، عددت فى المقال بعض انجازات مبارك ثم طالبته بالرحيل، وأذكر يومها أن رئيس التحرير طلب منى عن طريق أحد الزملاء أن أخفف من حدة المقال، كما طالب إن احذف كل ما يخص الرئيس وأولاده، وللحق وجهة نظر رئيس التحرير أيامها لم تكن تمثل الحزب ولا الجريدة، بعد فترة من الحوار اتفقنا على تغيير كلمة الرئيس أو مبارك بكلمة النظام، وتم حذف بعض الفقرات، اليوم أعيد نشر هذا المقال لاننى لا أرى فرقا جوهريا بين مبارك ومرسى، اللهم سوى ان مبارك كان له انجازات وتاريخ على ارض الواقع: ما الذى يجعل الرئيس مبارك يتمسك بالحكم إلى هذه الدرجة؟، لماذا يصر على البقاء رغم رفض الشعب المصرى له؟، لماذا فضل البقاء فى منصبه على جثث الشباب الذين قالوا له: ارحل؟، ما الذى قدمته إلى مصر لكى تبقى رغم أنف المصريين؟، ما الذى يجعل مصر أن تضحى بشبابها ومستقبل أبنائها لكى تبقى فى منصبك؟، لماذا تسفك أجهزتك دماءنا ودماء أولادنا من أجلك؟، لماذا تنفق مصر ربع دخلها القومى لحمايتك؟، ما الذى تريده منا؟. لا أحد ينكر ما قدمه حسنى مبارك إلى مصر، فقد قدم وبحق الكثير، شارك فى الحروب التى دخلتها مصر مع إسرائيل، وساهم بشكل كبير فى نصر أكتوبر المجيد، وفى إعادة سيناء إلى حضن الوادي، حسنى مبارك الرئيس الوحيد الذى اهتم بالبنية الأساسية للبلاد، الكهرباء، التليفونات، مياه الشرب، الصرف الصحي، الطرق، المطارات، الموانئ، التوسع فى المدن الجديدة، الانترنت، حسنى مبارك وبحق فتح منافذ عدة للدخل القومى بفضل الاستقرار الذى زرعه فى البلاد بعد محاربته للإرهاب، نشاط سياحي، بعض الصناعات الخفيفة والتجميعية، التبادل التجاري، كما كان لحسنى مبارك الفضل فى إعادة مصر إلى الحضن العربى، وسيذكر التاريخ لحسنى مبارك أنه أول رئيس فتح باب الحريات الكلامية، وشهدت الصحافة الحزبية والمستقلة فى عهده حرية نقد غير مسبوقة، قد نذكر لحسنى مبارك هذا وغيره الكثير مما قدمه لنا ولمصر، وقد لا تسعفنا الذاكرة على استدعاء الكثير مما قدمه لهذا الوطن، لكن هل هذا يكفى لكى تبقى أيها السيد طوال العمر فى كرسيك؟، هل هذا يمنحك الحق أن تظل رغم رفض الشعب لك؟، هل ما قدمته أفضل من دماء شبابنا التى تسفك الآن برصاص أجهزتك الأمنية؟، هل وظيفتك وكرسيك أهم من حياة ومستقبل الملايين من الشباب؟، أيها السيد الذى يجلس بجوار المدفأة فى قصر العروبة: أنت قضيت على أجيال عديدة من شبابنا وأولادنا بسبب البطالة والفساد والقهر والديكتاتورية، أيها السيد: نذكرك بأن هذا الوطن منذ سنوات أصبح سجنا كبيرا للمصريين، يديره ويتحكم فى نزلائه أجهزتك الأمنية، يسمح للنزلاء الجوعى فقط بالصراخ وبالسب وبالنقد فى فضاء أصم وأبكم، أيها السيد الذى يجلس بجوار المدفأة فى منتجعك بشرم الشيخ: الملايين من الأسر المصرية لا تجد ما يسدون به جوعهم سوى الخبز والماء، والملايين منها يفتقدون لمستشفيات وعلاج وأطباء مهرة، والملايين يجدون مشاكل فى التعليم، فقد أنهكتهم مصروفات الدروس الخصوصية، والملايين منهم قد أنهكتهم الضرائب، أيها السيد: الملايين من شبابنا وأسرنا لا تمتلك مقدم غرفة فى شقة بالمدن الجديدة، أيها السيد الذى شاخ على كرسيه: انتبه فأنت قمت بتوزيع أراضى هذا الشعب على مجموعة من المقربين إليك ولأولادك، أيها السيد الذى يشعر بآلام فى مفاصله، وصعوبة فى التقاط أصوات من يتحدثون معه: أنت تسعى إلى توريث وظيفتك لابنك، ونحن لا نجد فرصة عمل بمائة جنيه لأولادنا، أيها السيد: ارحل لم نعد نريدك.