أكتب والوطن يفتح سماءه لعصافير الحرية لتزقزق من جديد، وجوه مشرقة، وجباه شامخة وأرواح طاهرة ترفرف رافضة الاستبداد والقمع. احتملت مصر طغاة، وعرفت خونة، ومر بها قتلة ولصوص لا حصر لهم، وشهدت زخات ظلام، ورشات دم، وسنوات ظلم وقهر عديدة، ورغم كل ذلك ظلت خضراء وارفة الظلال محتضنة للسماحة، مختلطة بالطيبة، مفعمة بالمحبة، لكن ما عاصرته مصر فى العام المنصرم أكبر من مجرد نظام فاسد شائخ مترهل وأخطر من حاكم ضعيف تابع.. إن ما جرى ويجرى تشويه متعمد لوجه مصر وحضارتها وقيمها وتماسكها، ومسخ لشخصيتها، واستبدال لمشروعها. ما هذه المسخ بلادى؟.. ما ذلك الوطن وطنى!.. هذا وطن يخونه حكامه وسلاطينه ومسئولوه وموظفوه وطبالوه وزماروه كل يوم فيصعدون، ويحبه أهلوه وبسطاؤه وأنقياؤه فيطردون ويتهمون بالكفر والجنون، هذا وطن يمنح اللصوص والقتلة نياشين التقدير، ويقود العقلاء والشرفاء إلى زنازن القهر.. وطن يطارد العصافير ويرفض الورود، يصفق للقبح ويمنع الموسيقى، يحتفى بالقرود والخنازير وقطعان الماشية ويخاصم الصقور والأسود. خبا القمر المطل على سمائنا، وأجهضت أحلام الفقراء، وصار الوطن سجادة استقبال يطأها كل عميل وخائن ومرتزق ويستبيحها كل قاتل ومجرم، صودر المشروع المصرى لحساب المشروع الحمساوى والسودانى والإثيوبى، وبعد كل هذا يسألنا المرجفون لم تخرجون على الرجل المنتخب؟ إن الصمت على الخيانة خيانة، والسكوت على العهر قوادة، وما يجرى وما يحدث وما يدبر يضعنا فى موقف لا بديل له هو مواجهة هذا النظام الفاسد الكاذب وازاحته عن جثمان مصر. لو كان لديهم نصف عقل، وربع فهم، ومللى متر دم ما أوصلونا لما نحن فيه، لو كانوا يبغون رفعة الإسلام حقاً لعلموا أن دولة الإسلام تقام فى النفوس لا فى الشوارع والميادين، لو كانوا يعون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى يقول إن أحد الثلاثة الذين لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم «رجلٌ أمَّ قوماًً وهم له كارهون»، لطالبوا مندوبهم فى قصر الرئاسة بالتنحى، لو كانوا حريصين على دين الله ما شوهوه واشتروا به ثمناً قليلاً. تقول صديقتى المبدعة أحلام مستغانمى: أيها الوطن: يا وجعنا الموروث. لا تطرق الباب كل هذا الطرق فلم نعد هنا، فاعارضها قائلاً: أيها الوطن: لا تطرق الباب علينا، فنحن أنت.. ولن نقبل اعتقالك فى زنازن الإخوان.. لذا فالثورة واجبة.