مصر الآن في مرحلة تعافٍ من اجراء جراحة دقيقة وخطيرة استدعت تغيير دمها الفاسد بدم نقي جديد. عند توقيع المصالحة الفلسطينية كان يطغي شعور بالقلق عن طبيعة الضربة التي ستحاول اسرائيل توجيهها لمصر لعودة مصر لدورها في القضية الفلسطينية بنزاهة وشرف ولا يوجد ميدان أكثر سهولة من ميدان الفتنة الطائفية لكي يتحرك فيه أي متآمر خاصة بعد إعلان رئيس المخابرات الإسرائيلية علناً أن من اهم انجازات الموساد هو اثارة الفتنة الطائفية بمصر، ففي ذكري النكبة تزامنت دعوي الزحف من اجل فلسطين وكذلك اشتعال الفتنة والعنف الطائفي أمام ماسبيرو وتوجيه الأقباط للتوجه للسفارة الأمريكية طلباً للحماية ومحاولة الوقيعة بين الشعب من جهة والجيش والشرطة وهذا الانفلات الأمني المريب وهروب السجناء وانتشار البلطجة وقطع الطرق وانتشار الاضرابات والمطالبات الفئوية واصابة قطاع الصناعة بالشلل وفزاعة السلفيين واعتصامات لا تتوقف وأزمات الدقيق وأنابيب البوتاجاز والسولار كل هذه الأزمات في ظل أذناب نظام سابق فاسد، كنا ومازلنا نتعامل معه كأكبر تشكيل عصابي في التاريخ لا تكمن خطورته فقط في رؤوس العصابة التي سقط بعضها و لن تقف صامتة أبداً علي ضياع مصالحها، أولئك هم الذين أشعلوا امبابة في ظلمة الليل لحرق أمة عاشت قروناً طويلة متسامحة.. كل ذلك في وقت مصر في مرحلة تعاف من اجراء جراحة دقيقة وخطيرة استدعت تغيير دمها الفاسد بدم نقي جديد.. ان ما حدث بامبابة هو تعبير حقيقي عن خلل يسيطر علي العقل المصري وثمرة فاسدة من أرض عفنة لم تنبت سوي التعصب والكراهية والجهل فالواقع الذي ينبغي الاعتراف به الآن هو ان الخلل ينبع منا نحن لأننا نشأنا في مناخ فاسد ورضعنا الكراهية والانغلاق، وكلانا سوف يحرق وطناً نعيش علي أرضه تعصباً للدين وتعصباً للرأي وتعصباً للرياضة التي تحولت الي ميدان معارك كل هؤلاء المتطرفين الجدد لم يعرفوا حدود مكانهم من التاريخ والجغرافيا علي أرض هذا البلد وكل ما عرفوه هو كيف يثأر كل منهم لجهله وحماقته لا المكان ولا الزمان ولا كاميليا ولا عبير يلزمها مليونية تصلي امام الكاتدرائية ولا ماسبيرو، ان المليونيات الحقة منتجة مؤثرة والمليونيات الكاذبة كالحمل الكاذب لا تنتج ولا تثمر سوي الخسران المبين المليونية تكتمل باكتمال أسبابها بسمو وعلو معانيها التي تخرج من أجلها الجماهير كثورة 25 يناير. ان ما نراه هو خوف الجميع من فلول النظام القديم وخوف الأقباط من المسلمين عامة وخوف المسلمين من الاقباط للجوئهم للسفارة الأمريكية وخوف النخبة العلمانية من الإسلاميين حين صُوِت بنعم »77٪« ورفضها »22٪« في الاستفتاء وأسوأ ما في هذه المخاوف انها زعزعت ثقة الناس في مستقبل الثورة وصرفتهم عن مشروعها الأساسي للدفاع عن الحرية والعدالة الاجتماعية وتحولت هذه الحزمة من المخاوف الي عناصر توحي بعدم استقرار المجتمع والدعوة الي استمرار المجلس العسكري في السلطة والتحول عن طلبات الثورة بإقامة حاجز نفسي بين الجميع. يا أيها المصريون... لن يعز الله عز وجل الإسلام ولن يعز المسيحية بعبير وانما سيذل المصريين جميعاً بفتنة الغباء وسيتركنا نحرق أنفسنا بالتطرف والتعصب يا من لا تعلم من هي مصر؟؟ مصر انا وانت وهو وهي والآباء والأجداد.. مصر هي كائن حي تفرح لفرحنا وتحزن لحزننا وتتألم اذا أصبناها بالجراح والوجيعة.. مصر هي الأم الحنون التي كانت تصرخ علي أولادها وهم يتقاتلون وكلهم ابناء مصر الذين تربوا في رعايتها ثم تحول خلافهم بينهم الي قصم ظهرها في مرحلة النقاهة التي تمر بها البلاد. ان التحدي الذي يواجه الوطن الآن هو كيف يمكن ان يتفق الجميع علي العيش المشترك الذي يتجلي في روح الانصهار بين ابناء الوطن كنسيج وطني قهر الاباطرة ويستعصي علي كل الأعداء والمؤامرات والذي تمثل أمامنا جميعاً في ثورة 1919 وحرب أكتوبر وثورة »25 يناير« كان الانتصار بالانصهار بين أبناء الوطن كي يخرج البلد من أزمته الراهنة حتي ينجلي هذا الضباب الذي يحجب الرؤية عن كل أبناء مصر حتي يروا مصر القادمة. يا من لا تعلم من هي مصر القادمة؟ مصر القادمة هي جمهورية حرة مستقلة مدنية عربية اسلامية ديمقراطية قوية بجيشها حامي الحدود والدستور،وشرطة تحمي القانون وأساس الحكم فيها العدل واحترام القانون واحترام الكرامة الانسانية، مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص والتسامح مع الاخر دون تمييز والكل حكومة وشعباً يهتم بالتعليم ويأخذ بالعلم والتكنولوجيا وللعلماء فيها مكانة منذ فجر التاريخ شيدت الاهرامات وحفظت المومياوات بالعلم كأمة عظيمة، الاعلام فيها حر نابع مع نبض الشارع في ظل دولة حرة مستقلة في قرارها السياسي والاقتصادي لديها الاكتفاء الذاتي لا تخضع لهيمنة قوي أجنبية ولا اقليمية ولا تسمح لكائن كان بالتدخل في شئونها أو هويتها الاسلامية والعربية وحضارة المصريين مسلمين ومسيحيين الذين علموا العالم كله منذ فجر التاريخ التسامح والحب، الأمة فيها هي مصدر السلطات تختار حكامها ونوابها بحرية وتحاسبهم عبر البرلمان والمجالس المحلية الشعبية تتحدث وتحاسب باسم ونبض الشارع الأمة فيها فوق الحكومة، والقضاء فيها مستقل تماماً والعدل فيها أساس الملك وأحكامه محل التقديس والاحترام ما لم يخالف الشرع أو الدستور أو القانون هنا فقط يمكننا أن نقول... ارفع رأسك فوق انت مصري... ومصر هي أمي.. وياحبيبتي يامصر يامصر...