خلال ثمانية عقود مضت ظلت أزمات جماعة الإخوان المسلمين عبارة عن صدام مع السلطات القائمة قبل وبعد ثورة 1952 وحتى سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك, أما القادم من الأيام فسوف يشهد سقوطاً تاريخياً لهذه الجماعة ليطويها النسيان وتدفن في ركن مظلم من أركان التاريخ الأسود للجماعات السرية التي انقلبت على أوطانها.. وأكاد أري في هذه اللحظة أحداث ليلة سقوط الإخوان وسقوط صقورها المرشد ونائبه وانهيار حكم الرئيس الإخواني وعودة الحياة بكل تفاعلاتها لشوارع مصر التي ستستعيد حريتها من هذا الاحتلال البغيض للوطن والهوية والتاريخ والمزاج المصري النيلي الذي لا مثيل له في العالم والذي يحتضن سمات عبقرية الشخصية المصرية التي كتب عنها الرائع جمال حمدان.. والحقيقة أنا لا أري فارقا يذكر بين أبشع الأنظمة العنصرية في التاريخ وبين حكم الإخوان والعامل المشترك بين هذا وذاك أن هناك أقلية تتصور أن بمقدورها السيطرة على وطن وشعب وتاريخ لصالح أفكارها المريضة وأهدافها الخبيثة. ليلة سقوط الإخوان في مصر والعالم أيضاً سيطل فجرها من هنا عندما يثأر هذا الشعب العظيم لكرامته وتاريخه وفنونه وآدابه من جماعة احترفت الكذب والتضليل والتجارة بالدين والأوطان استجابة لقسم خادع وفاجر بأن الجماعة فوق الوطن والمرشد فوق التاريخ وأن شعبا بكامله لا ينتمي لفكر هذه الجماعة هو شعب من الغرباء والخارجين علي ملة الإخوان ورسالة الحاكم باسم الإخوان إما أن يدخل الشعب في بيت طاعة المرشد ويولي وجهه شطر المقطم أو يستبدل هذا الشعب بميليشيات تحترف القتل والإرهاب والترهيب بعضها من خارج الحدود من مرتزقة الإسلام السياسي والبعض الآخر من داخل الحدود من أباطرة السجون والمعتقلات ومحترفي القتل باسم الدين والكذب باسم الكتب السماوية. أكاد أري مقر الإخوان المسلمين ليلة سقوط الإخوان عندما يتحول إلى مزار للثوار والأحرار الذين اقتلعوا أفاعيه وفتحوا أبوابه لكل من يريد أن يرى ويتذكر كيف كانت تدار دولة من داخل هذا المقر البابوي الذي سكنه الكهنة وتصوروا أن من داخله قد ولد حلم الخلافة الاسلامية وأنه ليس مهما لا مصر ولا شعب مصر و«طظ» فيهما كما قال الكاهن السابق مهدي عاكف – المهم الحلم المريض حتى لو كان ثمن تحقيقه بيع مصر في مزادات التآمر والكذب والنخاسة الدولية.. المهم الحلم.. حتى لو كان الثمن احتقار القانون ودهسه تحت أقدام إعلانات دستورية باطلة مستبدة.. حتى لو كان الثمن أن يخاطب رئيس مصر الإخواني رئيس إسرائيل بالصديق الوفي الذي يتمني لبلده إسرائيل كل الخير والأمن والأمان.. حتى لو كان الثمن فقدان النيل وقناة السويس والاقتصاد وكل الأصدقاء - فليذهب العالم كله إلى الجحيم فيكفي الجماعة صداقة الدولة الكبرى حاكمة العالم والكون الامبراطورية القطرية الديمقراطية العظمي.. أكاد أري ليلة سقوط الإخوان عندما تهرب فئران الجماعة التي تنطعت طوال الشهور الماضية على شاشات الفضائيات تستعرض عضلات جماعتها التي استولت على الحكم في مصر عن طريق الصندوق الأسود الذي سيفتح يوما وتقك رموزه لتفضح هذه الجماعة التي زورت وزيفت كل شيء في مصر من أجل السلطة والسلطان حتى وصل الجرم الإخواني إلى حد السماح لآلاف الإرهابيين بالاستيطان في سيناء وعلى الحدود الغربية لمصر كذخيرة جاهزة للتدمير والقتل حال سقوط النظام،وهذا ما يجعلني أري أو أكاد أري المحاكمة العلنية للقيادات الإخوانية بتهمة الخيانة العظمي وليس هناك أبشع في الخيانة من بيع الأوطان وتمزيقها وبث الفرقة بين أبنائها.. وأري أو أكاد أري القاضي العادل يسأل أكبر قيادات الإخوان كيف سمحتم لأنفسكم بسجن شعب بكامله وإطلاق سراح عتاة الإرهابيين من السجون والمعتقلات.. كيف جوعتم شعبا بكاملة من أجل إشباع شهواتكم ونزواتكم السياسية وغير السياسية.. كيف أضعفتم مصر بعد ثورة تاريخية وبدلا من أن تدخل تاريخ القوياء والأغنياء تآمرتم عليها وأفقرتموها وقزمتموها وأهنتم شعبها أمام نفسه والعالم.. أري أو أكاد أري ليلة سقوط الإخوان عندما يقبض المصريون على وعيهم وتاريخهم ويستردون جينات الكرامة والثورة التي حاول النظام الإخوانى البائد أن يسرقها يدمرها بكل أسلحة الكذب والتضليل.. بكل أسلحة الدمار الشامل التي يجيدون تصنيعها من أوراق الكتب الصفراء التي كتبت بحبر أوهام الأولين واللاحقين.. أيها المصريون اقتربت لحظة الحرية فلا تدعوها تهرب من بين أيديكم حماية لمصر التي نعشقها ونفهمها وليست مصر الصحراء التي يحلم بها الإخوان.